اطبع هذه الصفحة


لا تكن صغيراً

 شائع بن محمد الغبيشي
@0555599


عتبة بن غزوان رضي الله عنه أسلم سابع سبعة في الإسلام ، هاجر إلى الحبشة ، ثم شهد بدراً والمشاهد , وكان أحد الرماة المذكورين ، ومن أمراء الغزاة فتـح الأبُـلّـة بالشام ، وهو الذي اختط البصرة وأنشأها , استخلف عتبة على البصرة أحد إخوانه وخرج حاجّاً، ولمّا قضى حجّه توجه الى المدينة، وحاول أن يعتذر عن الإمارة، ولكن لم يرضى عمر أن يعفيه عن الإمارة ، أطاع عتبة أمير المؤمنين واستقبل راحلته ليركبها راجعاً الى البصرة، ولكن قبل ركوبها دعا ربه ضارعاً ألا يرُدَّه الى البصرة ولا إلى الإمارة، واستجيب دعاؤه فبينما هو في طريق عودته أدركه الموت، وفاضت روحه الى بارئها.
عتبة بن غزوان رضي الله عنه له خطبة بليغة فوصف فيها حاله مع النبي صلى الله عليه و سلم و حاله بعد فقال: ( قد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار ) ثم دعا بدعوة عجيبة فقال : ( وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا ) رواه مسلم

و لنا مع هذا الدعاء وقفات :

أولاً : قاعدة عظيمة ينبغي أن يدركه السائر إلى ربه عز وجل و هي :
متى كان العبد عظيماً عند الله كان عظيماً في السموات و في الأرض و الدنيا و الآخرة و متى كان العبد صغيراً عند الله ، كان صغيراً في السموات و في الأرض و في الدنيا و الآخرة .
فنعوذ بالله أن يكون الواحد منا عظيماً في نفسه صغيراً عند الله .

ثانياً : متى يكون العبد عظيمة عند الله ؟

يكون العبد عظيماً عند الله إذا كان من أهل طاعته و من أبرز تلك الطاعات :

1/ الإقبال على القرآن تلاوة و حفظاً و سماعاً و تدبراً :
قال تعالى :{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }
و قال صلى الله عليه و سلم : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) رواه مسلم
و القرآن كلام الله من عظمه عظمه الله و من أحبه أحبه الله قال ابن جب رحمه الله : من أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من النوافل كثرة تلاوة القرآن وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم قال حبان بن الأرت لرجل تقرب إلى الله تعالى ما استطعت واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء هو أحب إليه من كلامه ... يعني القرآن لاشيء عند المحبين أحلي من كلام محبوبهم فهو لذة قلوبهم وغاية مطلوبهم قال عثمان رضي الله عنه : لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم ...

2/ الحرص على الذكر و المداومة عليه :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ...) رواه البخاري
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ : ( سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ ) قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ ) رواه مسلم
فالذاكر لله يذكره الله و يثني عليه فيعظم عند الله عز وجل و عند خلقه و يسبق إلى أعالي الدرجات و أشرف المقامات ، تأمل قول الإمام ابن القيم رحمه الله : الذكر يسير العبد هو في فراشه وفي سوقه وفي حال صحته وسقمه وفي حال نعيمه ولذته وليس شيء يعم الأوقات والأحوال مثله حتى يسير العبد وهو نائم على فراشه فيسبق القائم مع الغفلة فيصبح هذا وقد قطع الركب وهو مستلق على فراشه ويصبح ذلك الغافل في ساقة الركب وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

3/ المواظبة على الصلوات و الإكثار من النوافل :
عن ثوبان قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة ، وحط بها عنك خطيئة ( رواه مسلم
عن ربيعة بن كعب قال : كنت أبيت مع النبي صلى الله عليه وسلم آتيه بوضوئه وحاجته ، فقال : ( سلني ) ، فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة ، فقال : (أو غير ذلك ؟ ) فقلت : هو ذاك ، فقــال : ( أعني على نفسك بكثرة السجود ( رواه أحمد ومسلم
و من أشرف تلك الصلوات صلاة الليل و قال تعالى : (كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } وقال صلى الله عليه و سلم : ( واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل, وعزه استغناؤه عن الناس) رواه الحاكم و صححه ووافقه الذهبي و صححه الألباني .

4/ طلب العلم و الدعوة إلى الله عز وجل و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :
قال تعالى : {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
يقول الإمام ابن القيم : فمن طلب العلم ليحيي به الإسلام فهو من الصديقين و درجته بعد درجة النبوة
و قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ارفع الناس منزلة عند الله من كان بين الله و بين عباده و هم الأنبياء و العلماء.
و هذا الفضيل بن عياض رحـمه الله يكشـف جـانب العظمة للعالم الـداعية إلى الله عظيماً فيقول :( عالم عامل معلم يدعى كبيراً في ملكوت السموات ) رواه الترمذي
و ما معنى أن يكون كبيراً في ملكوت الســموات يكشــف ذلك المبارك فوري رحــمه الله فيقول : و المعنى أن أهل السماوات يدعونه كبيراً لكبر شأنه لجمعه العلم و العمل و التعليم ...
و تأملوا إلى هذه القصة العجيبة التي يروى الإمام الزهري حيث قال: قدمت على عبد الملك بن مروان فقال: من أين قدمت يا زهري؟ قلت من مكة. قال: فمن خلفت بها يسود أهلها؟ قلت: عطاء بن أبي رباح ، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: وبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية، قال: إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا. قال: فمن يسود أهل اليمن؟ قال قلت: طاوس بن كيسان قال فمن العرب أم من الموالي؟ قال قلت: من الموالي. قال وبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء قال: إنه لينبغي. قال: فمن يسود أهل مصر؟ قال قلت يزيد بن أبي حبيب قال فمن العرب أم من الموالي ؟ قال قلت: من الموالي. قال فمن يسود أهل الشام؟ قال: قلت: مكحول. قال فمن العرب أم من الموالي؟ قال قلت: من الموالي عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل ؟ قال: فمن يسود أهل الجزيرة ؟ قلت: ميمون بن مهران. قال فمن العرب أم من الموالي؟ قال قلت من الموالي، قال: فمن يسود أهل خرسان؟ قال قلت: الضحاك بن مزاحم ، قال فمن العرب أم الموالي؟ قال قلت: الموالي. قال فمن يسود أهل البصرة؟ قال قلت: الحسن بن أبي الحسن، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قال قلت: من العرب قال: ويلك يا زهري فرجت عني والله ليسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها، قال قلت: يا أمير المؤمنين إذا هو أمر الله ودينه، من حفظه ساده ومن ضيعه سقط .

5/ التواضع
قال صلى الله عليه وسلم )ما نقصت صدقة مِن مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله ) رواه مسلم .
قال القاضي عياض في قوله صلى الله عليه وسلم : وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله: فيه وجهان: أحدهما: أنَّ الله تعالى يمنحه ذلك في الدُّنْيا جزاءً على تواضعه له، وأنَّ تواضعه يُثْبِتُ له في القلوب محبَّةً ومكانةً وعزَّةً.
والثَّاني: أن يكون ذلك ثوابه في الآخرة على تواضعه
و عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملكٍ فإذا تواضع قيل للملك : ارفع حكمته وإذا تكبر قيل للملك: دع حكمته) رواه الطبراني في الكبير و حسنه الألباني .

تواضع تكن كالنجم لاح لناظر *** على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه *** على طبقـــات الجو وهو وضيــع.

و ما جمل قول القائل :

ملئ السنابل ينحنين تواضعاً *** والفارغات رؤوسهن شوامخ

قال كعب الأحبار: "ما أنعم الله على عبدٍ من نعمةٍ في الدنيا شكرها لله وتواضع بها لله إلا أعطاه الله نفعها في الدنيا، ورفعه بها درجة في الآخرة".
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "من تواضع لله تخشعاً رفعه الله يوم القيامة، ومن تطاول تعظماً وضعه الله يوم القيامة".

6/ الفقر إلى الله عز وجل هو أقرب طريق إلى الرفعة في الدنيا و الآخرة فما زاد العبد فقراً إلى الله و حاجة إلى الله و خشية و تقوى له إلا رفع الله و عظمه في الدنيا و الآخرة { يا أيها لناس أنت القراء إلى الله ...
قال ابن القيم رحمه الله: الفقر إِلى الله عز وجل هو عين الغنى به- فأَفقر الناس إِلى الله أَغناهم به، وأَذلهم له أَعزهم، وأَضعفهم بين يديه أَقواهم، وأَجهلهم عند نفسه أَعلمهم بالله وأَمقتهم لنفسه أَقربهم إِلى مرضاة الله ...

ثالثاً : متى يكون العبد صغيراً عند الله ؟


1/ إذا هجر القرآن و غفل عن ذكر الله .

قال تعالى : {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205]
قال الإمام السعدي رحمه الله : {وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فإنهم حرموا خير الدنيا والآخرة، وأعرضوا عمن كل السعادة والفوز في ذكره وعبوديته، وأقبلوا على من كل الشقاوة والخيبة في الاشتغال به .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت» . متفق عليه

2/ مقارفة الذنوب و المعاصي
و الأصر عليها فإنها تورث صاحبها الذل و الهوان و الخيبة و الخسارة قال تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} الشمس: 7 –10
عن حُذَيْفَةُ رضي الله قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُوداً عُوداً، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّاً كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ) رواه مسلم
فالذنوب تصيب القلب فيغشاه السواد و لا تزال تنكت فيه السواد حتى يعلوه السواد و توجب له الذل و الهوان و الوحشة بينه و بين الخلق .
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِنَّهُمْ وَإِنْ طَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ، وَهَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ، إِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ لَا يُفَارِقُ قُلُوبَهُمْ، أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ :

رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ ... وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ ... وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا


3/ الكبر :

الكبر أول ذنب عصي الله به فنال به الشيطان الخزي و الذل و الهوان قال تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)} البقرة: 34
و الكبر سبب للحرمان من الجنة فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ) رواه مسلم 1/ 93
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الخَبَالِ» روه الإمام أحمد و الترمذي و حسنه الألباني و شعيب الأرنؤوط

كم جاهلٍ متواضعٍ *** سترَ التواضعُ جهلَه
ومميزٍ في علمِه *** هدم التكبرُ فضلَه
دعِ التكبرَ ما حييتَ *** ولا تصاحبْ أهلَه
الكِبْرُ عيبٌ للفتى *** بدًا يُقبِّحُ فعلَه
 

4/ سوء الخلق :
عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (إن أحبكم إلي و أقربكم مني أحاسنكم أخلاقا و إن أبغضكم إلي و أبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقا الثرثارون و المتشدقون المتفيهقون) رواه البيهقي و الطبراني و حسنه الألباني
قال الأحنف بن قيس: ألا أخبركم بأدوأ الداء ؟ قالوا : بلى , قال:الخلق الدني ,واللسان البذي
وصدق شوقي إذ يقول :

وإذا أصيب القوم في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتما وعويلا


5/ معاداة العلماء و الدعاة و أهل الخير :

العلماء ورثة الأنبياء و المبلغون عن عز وجل ينشرون الوحي بن الخلق و يذلون الخير للناس فمن عاداهم عاداه الله عز وجل كما في الحديث القدسي يقول الله تعالى : ( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ ... ) رواه البخاري
و ختاماً فإن الطاعات و أعمال البر تجعل العبد عظيماً كبيراً عند الله و عند خلقه ، و المعاصي و الأثار تجعل العبد صغيراً حقيراً عند الله و عند خلق ، تأمل قول ابن القيم رحمه الله : الْعَاصِي يَدُسُّ نَفْسَهُ فِي الْمَعْصِيَةِ، وَيُخْفِي مَكَانَهَا، يَتَوَارَى مِنَ الْخَلْقِ مِنْ سُوءِ مَا يَأْتِي بِهِ، وَقَدِ انْقَمَعَ عِنْدَ نَفْسِهِ، وَانْقَمَعَ عِنْدَ اللَّهِ، وَانْقَمَعَ عِنْدَ الْخَلْقِ، فَالطَّاعَةُ وَالْبِرُّ تُكَبِّرُ النَّفْسَ وَتُعِزُّهَا وَتُعْلِيهَا، حَتَّى تَصِيرَ أَشْرَفَ شَيْءٍ وَأَكْبَرَهُ، وَأَزْكَاهُ وَأَعْلَاهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهِيَ أَذَلُّ شَيْءٍ وَأَحْقَرُهُ وَأَصْغَرُهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَبِهَذَا الذُّلِّ حَصَلَ لَهَا هَذَا الْعِزُّ وَالشَّرَفُ وَالنُّمُوُّ، فَمَا أَصْغَرَ النُّفُوسَ مِثْلُ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَمَا كَبَّرَهَا وَشَرَّفَهَا وَرَفَعَهَا مِثْلُ طَاعَةِ اللَّه

شائع محمد الغبيشي
مشرف تربوي بإدارة التربية و التعليم بمحافظة القنفذة
جوال : 0555599624
البريد الإلكتروني :   shaei1406@gmail.com

 

شائع الغبيشي
  • مقالات تربوية
  • الصفحة الرئيسية