اطبع هذه الصفحة


كيف تقضي المرأة وقتها (3)

سلمان بن يحي المالكي
slman_955@hotmail.com

 
العنصر الثالث : سرعة الزمن .
وسرعة الزمن كثيرا ما نتحدث عنها ، فنقول كثيرا ما أسرع الزمن وما أقصر الوقت ، وهذا القول له أصل في الحقيقة ، فالزمن سيفٌ بتّار ، وهو لا ينتظر الغافلين المعرضين حتى يستيقظوا ، بل إن كلَ نفَس يتنفسه الإنسان هو من عمُره ، وهو جوهرةٌ ثمينة ، وكلُ يوم تغيب شمسه لا يعود إلى الدنيا مرة أخرى ، كسِب فيه من كسب وخسر فيه من خسر ، وسيكونُ هذا اليومُ الغائب شاهدا للإنسان أو شاهدا عليه ، يُروى عن الحسن البصري رحمه الله تعالى أنه قال " ما من يومٍ ينْشقُّ يومه إلا وينادي ، يا ابن آدم : أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزود مني ، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة " وكلما كان الإنسانُ أيها الإخوة والأخوات سليما معافا كان الوقتُ في نظره أقصر ، وعلى كلِ حال فالزمن ماضٍ ، وكما قال الأول :

مرّت سنينٌ بالوِصالِ وبالْهَنـا *** فكأنها من قُصْرها أيــــام
ثم انْثنت أيامُ هجرٍ بعدهـــا *** فكأنها من طولها أعــــوام
ثـم انقضت تلكَ السُنونُ وأهلها *** فكأنها وكأنهم أحــــــلام

وما من شك أن الذين يُدركون اغتنام الزمن هم الذين يوفقهم الله تعالى لاغتنام ساعات العمر بما يفيد ، وإذا غاب شمس ذلك اليوم ولم يستفد منه تندم عله وتحسر ، يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غرُبت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزِد فيه عملي " ويُروى عن حكيم قولَه " من أمضى من عمره يوما في غيرِ حقٍّ قضاه أو فرض أداه أو حمد حصلّه أو خيرٍ أسسه أو علم اقتبسه فقد عقّ يومه وظلم نفسه "

العنصر الرابع : أن الوقت إذا لم يُقضَ بالخير قُضي بضده .
وهذه مسألة لا يتنازع فيها اثنان ، فالنفس إن لم تُشغلها بالخير شغلتك بالشر ، ومن الملاَحَظ أن الذين لا يستفيدون من أوقاتهم إنما يُهدرونها فيما يضرهم ولا ينفعهم ، والإنسان بطبعه لا يُمكن أن يقْعُد ويستكينَ عن الحركة ، لكن إن وجّه تلك الحركة فيما ينفع ويعود عليه بالفائدة عادت عليه وعلى أمته بالخير ، وإلا أصبح مرْتعا للشياطين يقلبونه كيف شاؤا ، ولذلك قال العلامة المَنَاويِّ رحمه الله تعالى " إن الإنسان إذا تعطَّل عن عمل يُشغلُ باطنه في مباح يستعين به على دينه ، كان ظاهره فارغا ، ولم يبق قلبُه فارغا ، بل يعشعش الشيطان ويبيض ويفرخ ، فيتوالدُ فيه نفسُه توالُدا أسرع من توالُدِ كلِ حيوان ، ومن ثَمّ قيل : الفراغُ للرجل غفلة وللنساء غُلْمة " [ إشارة إلى هيجان شهوة النكاح ] وهناك قضية لا بد للمسلم أن يعيها وهي : أن تفريط الإنسان في وقته قد لا تعود مغِبتُه على المضيِّعِ وحده ، بل ربما شمل غيره بذلك ، وهذا حاصل مع الأسف الشديد ، فكم هم العاطلون عن أوقاتهم يضيعون الأوقات على أنفسهم وعلى غيرهم .
 

سلمان المالكي
  • مـقـالات
  • رفقا بالقوارير
  • المرأة والوقت
  • الخطب المنبرية
  • إلى أرباب الفكر
  • وللحقيقة فقط
  • الهجرة النبوية
  • فتنة الدجال
  • الصفحة الرئيسية