اطبع هذه الصفحة


وللمتقين بشارات

سلمان بن يحي المالكي
slman_955@hotmail.com

 
قال الله تعالى " يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " كلمة التقوى تكررت في القرآن الكريم كثيرا ، وهي مشتقة من الوقاية ، أي حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره يقال : وقاه وقيا ووِقاية وواقِية أي صانه ، والتقوى والتُقى واحد ، والأصل في التقوى ، وقوى على وزن فعلى ، فقلبت الواو تاء من وقيته أقيه أي منعته ، ويقال بأن التقوى في أصل اللغة قلة الكلام كما حكاه ابن فارس ، والتُقى التقية والتقي المتقي وهو من جعل بينه وبين المعاصي وقاية تحول بينه وبينها من قوة عزمه على تركها وتوطين قلبه على ذلك ، والتقوى الكاملة الجامعة اجتناب كل ما فيه ضرر لأمر الدين وهو المعصية كما قال التابعي الجليل مجاهد رحمه الله تعالى في التقوى : أن يُطاع فلا يُعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر ، والتقوى كلمة عظيمة لها أهميتها في القرآن الكريم وقد وردت هذه الكلمة فيه على معان خمسة كما ذكر مؤلف كتاب [ بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ] فقال :
الأول : بمعنى الخوفِ والخشية " ياأيها الناس اتقوا ربكم "
الثاني : بمعنى الطاعةِ والعبادة " أفغير الله تتقون "
الثالث : بمعنى تركِ المعصية والزلة " وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله "
الرابع : بمعنى التوحيدِ والشهادة " يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا شديد "
الخامس : بمهنى الإخلاص والمعرفة " أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى "

أيها الأحبة :
نظرا لأهمية التقوى ومكانتها ، فإن الله أعدّ الله للمتقين مكانة عالية وبشارات كبيرة ، فكم علّق بها من خير ، وكم وعد عليها من ثواب ، وكم أضاف إليها من سعادة ، وإذا تأملت أخي الكريم في النصوص القرآنية التي تتحدث عن التقوى تجد أن الله تعالى رتّب على التقوى الشيء الكثير من خيري الدنيا والآخرة ، ومن أهمها :
أولا : بشرى المتقين في الدنيا والآخرة بالخير والكرامات والخير الدائم " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين أمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة " .
ثانيا : بشرى المتقين بالعون والنصرة والتوفيق والسداد " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون "
ثالثا : بشرى المتقين بتكفير السيئات ومغفرة الذنوب والأجر العظيم والثواب الجزيل " يا أيها الذين أمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم "
رابعا : بشرى المتقين بكفارة الذنوب وتعظيم الأجر وفي ذلك حصول المطلوب " ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويُعظم له أجرا"
خامسا : بشرى المتقين باليسر والسهولة في الأمور كلها " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا "
سادسا : بشرى المتقين بالخروج من الغم والمحنة والفرج من كل فرج ومشقة " ومن يتق الله يجعل له مخرجا "
سابعا : بشرى المتقين بالرزق الواسع من حيث لم يحتسبه ولم يخطر بباله " ويرزقه من حيث لا يحتسب "
ثامنا : بشرى المتقين بالنجاة من العذاب والعقوبة " ثم ننجي الذين اتقوا "
تاسعا : بشرى المتقين بالفوز المراد " وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم " " إن للمتقين مفازا "
عاشرا : بشرى المتقين بالفوز والعصمة " ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآت المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وأت الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون "
الحادي عشر : بشرى المتقين بالمحبة " إن الله يحب المتقين "
الثاني عشر : بشرى المتقين بالفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة " واتقوا الله لعلكم تفلحون "
الثالث عشر : بشرى المتقين بنيل الوصال والقربة " ولكن يناله التقوى منكم "
الرابع عشر : بشرى المتقين بالجزاء عند الصبر " إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين "
الخامس عشر : بشرى المتقين بقبول الصدقة " إنما يتقبل الله من المتقين "
السادس عشر : بشرى المتقين بالصفاء " فإنها من تقوى القلوب "
السابع عشر : بشرى المتقين بتمام العبودية " يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "
الثامن عشر : بشرى المتقين بالجنات والعيون " إن المتقين في جنات وعيون "
التاسع عشر : بشرى المتقين بالأمن من البلية " إن المتقين في مقام أمين "
العشرون : بشرى المتقين بزوال الخوف والحزن والعقوبة " فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
الحادي والعشرون : بشرى المتقين بالمنزلة العالية عند الله تعالى " إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر"
الثاني والعشرون : بشرى المتقين بالبشارة عند الموت .
الثالث والعشرون : بشرى المتقين بالعلم والحلم والهدى " واتقوا الله ويعلمكم الله "
وأعظم ما يناله المتقون هو الخير الكبير الذي ذكره الله في قوله " مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ، ومغفرة من ربهم "
هذه هي بعض معاني هذه الكلمة العظيمة ، وهذه بعض ثمراتها ، فعلينا بالتقوى في كل أمورنا ، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا جميعا من المتقين الذين يتقون الله في أمور دينهم ودنياهم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 

سلمان المالكي
  • مـقـالات
  • رفقا بالقوارير
  • المرأة والوقت
  • الخطب المنبرية
  • إلى أرباب الفكر
  • وللحقيقة فقط
  • الهجرة النبوية
  • فتنة الدجال
  • الصفحة الرئيسية