اطبع هذه الصفحة


حكم التضحية عن الميت؟

عبد الرحمن بن صالح السديس
@assdais

 
 بسم الرحمن الرحيم


الحمد لله، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وسلم تسليما، أما بعد
فيجوز أن يُضحى عن الميت، وتنفعه إن شاء الله، وهو من البر به، قال بهذا: جمهور العلماء، وهو اختيار ابن تيمية، وابن القيم، ومن المعاصرين: ابن باز، واللجنة الدائمة وغيرهم.

واختار الشيخ محمد العثيمين أنها غير مشروعة عن الميت إن لم يكن أوصى بها، لكنه نص على أنه: «ينتفع بها ويأتيه الأجر إن شاء الله». اهـ. ([1]).

من أهم ما احتج به من قال لا تشرع: أنه مات في حياته  صلى الله عليه وسلم  جمع من: زوجاته، أولاده، أقاربه، أصحابه، ولم يُحفظ عنه أنه خص أحدهم بأضحية.

ويجاب عنه: بأن النبي  صلى الله عليه وسلم  حين ذبح قال: «اللهم تقبل من محمد، وآل محمد» ([2])، وجاء من حديث أبي سعيد وجابر وغيرهما رضي الله عنهم  أن النبي  صلى الله عليه وسلم   حين ذبح قال: «هذا عني، وعمَّن لم يضحِّ من أمتي»([3]).

وهذا يشملهم، وعدم التخصيص قد يكون لسبب؛ ككثرتهم أو لأنه لم يتيسر له، أو خشي إن فعل؛ فعلوا مثله، فيشق على الناس، أو اكتفى بدعائه لهم، أو غير ذلك من الأجوبة.

وهو كذلك  صلى الله عليه وسلم  لم يخصهم بصدقة أو وقف أو بناء مسجد أو غيره من أبواب البر، ولا يمكن أن يقال ترَكه؛ لأنه غير مشروع!

وما سيجيبون به عن هذا= هو الجواب عن الأضحية.
وإذا صح إشراكهم في الأضحية ونفعهم ذلك= فالتخصيص مثله ولا فرق؛ بل أولى، وعدم الفعل لا يدل على عدم المشروعية، إذا كانت النصوص الكثيرة تدل على صحة الأصل، وهو انتفاع الميت بما يعمله عنه الحي من البر.

ومَن منع من التخصيص وجوَّز الإشراك= لم يصنع شيئًا في الحقيقة، فمكان ذبح الرجل أضحية عنه وأخرى عن أمه مثلًا، يذبح اثنتين ويقول في كل واحدة: عني وعن أمي.

والنصوص الصحيحة دلت على انتفاع الميت بالصدقة عنه، والحج، والصيام، والدعاء، والأضحية من جنسها، فهي نوع من الصدقة عنه، ومن جوَّز هذه ومنع الأضحية= لم يذكر فرقًا بينها، ولعدم وجود الفرق= طَرَدَ جمهور العلماء أصلهم؛ فجوزوا الجميع؛ لأن الباب واحد، فهي أعمال صالحة خُص بها الميت المسلم= فتنفعه بإذن الله، وهي من الإحسان إليه. والله أعلم.
 

----------------------------------------------
([1]) «مجموع فتاوى ابن تيمية» 26/306، و«الروح» 2/352، و«فتاوى ابن باز» 18/40، و«فتاوى اللجنة الدائمة» 10/414، و«فتاوى ابن عثيمين» 17/267.
([2]) رواه مسلم (1967) من حديث عائشة <.
([3]) حديث جابر  رضي الله عنه  رواه أحمد (14837)، وأبو داود (2810)، والترمذي (1521)، وحديث أبي سعيد  رضي الله عنه  رواه أحمد (11051)، وانظر تفصيل تخريجها وشواهدها في حاشية المسند في هذه المواضع.

 

عبد الرحمن السديس
  • مقالات متنوعة
  • فوائد حديثية
  • مسائل فقهية
  • فوائد تاريخية
  • مسائل عقدية
  • الصفحة الرئيسية