كان ولا يزال " المركز الإعلامي " إحدى الأمنيات التي سعيت سعياً حثيثاً
لإنزالها وتحقيقها على أرض الواقع .
فبحكم التخصص والهوى والميل الإعلامي أجد في فكرة مراكز المعلومات الإعلامية
المجال الخصب في توظيف الأحداث والمواقف وتأريخها فيما يخدم أهدافنا ويحقق
مصالحنا .
ولست أخفي سعادتي واغتباطي لهذه الخطوة
الرائدة لمنتدى السقيفة بتدشينه لهذا المركز على الشبكة العنكبوتية التي
أعتبرها لبنة أساس تترى بعدها اللبنات في بناء مشروع إعلامي متميز مستقل بإذن
الله .
ثمة قضايا - للأسف الشديد - غيبت قسرا عن
ساحة العمل الإسلامي ومشاريعه ، ومن أبرزها المشروع الإعلامي .. فعلى الرغم من
القاعدة الجماهيرية الواسعة والمتعطشة بمختلف شرائحها العمرية والفكرية ، و على
الرغم من وجود المظلات الرسمية الداعمة ، وعلى الرغم من الانفتاح التقني
والمعلوماتي ... إلا أن مشروعنا الإعلامي مازال ينظر من طرف خفي .
والمفارقة التي تبرهن على ماذكرت آنفا ، أنه
على الرغم من هذه " الرجعية الإعلامية " فإن الإعلام الإسلامي إذا ماقارناه
بالمشاريع الإعلامية المؤدلجة من ناحية البعدين الزماني والمكاني سنجده قد تفوق
وأثبت جدارته وقدرته على إقحام نفسه كمنافس يحتل قصب السبق في كثير من
الأحيان.. وهذا لاينفي عنا التأخر وعدم إدارك عظم المهمة ، لكنه دليل على وجود
القدرة وعدم استحالتها .
ومن هذا المنطلق .. أورد بعضا من الإشارات
التي تساعد على إقامة مشروع إعلامي ناجح - وفقا لوجهة نظري القاصرة - :
1- تفعيل دور التخصصات من خلال تحديد
الشرائح المستهدفة : الإعلام في حقيقته
ليس بالتخصص الدقيق بل هو وعاء له القدرة على احتواء التخصصات الأخرى أيا كانت
.
ولست اتفق مع من ينتقص الإسلاميين في عدم
وجود المتخصصين الأكاديميين في المجال الإعلامي ، فهذا في حقيقة الأمر ليس
بلازم ، فالإعلام إنما هو موهبة وقدرة وعطاء قد يحترفه الطبيب والمهندس والقاضي
، ويبدعون فيه ويحققون ما عجز عن تحقيقه كثير من الأكاديميين المتخصصين .
ولهذا .. يمكن تفعيل التخصصات المختلفة في
ساحة العمل الإسلامي فيما يخدم المشروع الإعلامي الواحد ، وذلك بتحديد طبيعة
المشروع الذي يلزم معه تحديد الشريحة المستهدفة .
فهناك العديد من التخصصات التي أتخمت
واقتحمت من قبل أفراد الحركة الإسلامية بمختلف توجهاتهم ، فبإمكاننا تفعيل تلك
التخصصات من خلال المجال الإعلامي .. فتبث الفكرة السامية من خلال الوسيلة
الإعلامية المتناولة لذلك التخصص ، فضلا عن إبرازها لتلك الكوادر أمام المجتمع
كنماذج متميزة في تخصاصتها.
وكم أبرزت وسائل الإعلام الأخرى العديد من
الشخصيات ، ونفخت فيهم حتى غدا المجتمع يعدهم من القدوات ومن يفتخر بهم
وبعطائهم سواء أكان مغنٍ ماجن أو لاعب كرة أو كاتب ومفكر ...
أفلا يستقيم لنا كما استقام
لهم ؟
2- يعاب على أصحاب المشروع الإعلامي
الإسلامي
تطبيقهم لمقولة العرب عن الناقة ( مشت وإلا
بركت ) فهم بين مد وجزر بين التطوير والجمود في المشروع الإعلامي .
ففيما يتعلق في المطبوعة الإعلامية المقروءة
نجدهم قد أثبتوا حضورهم تجديدا وتطويرا ، لكن العقلية الغير قابلة على التوسع
الأفقي والتطوير تشكل عقبة فيما سوى ذلك .
فالعزوف عن الإذاعة الرقمية ، والبث الفضائي
، ومراكز البحوث والإعلام تشكل عثرة في المشروع الشمولي .. مع يقيني بأن أمثال
تلك المشاريع تشكل هاجسا عند الكثيرين ، لكن رضاهم بالمستوى الذي وصلوا إليه
أعاقهم عن التقدم ، فضلا عن تضخيم لجانب الصعوبات التي ستكتنفهم إن اقبلوا على
تلك المشاريع .
إن الذي جعلنا نتخطى تلك الأسطوانة التي
كانت تتلى على مسامعنا في بداية مشاريعنا الإعلامية المقروءة ؛ سيجعلنا كذلك
نتخطى الأسطوانات الأخرى اليوم التي كثرت مع كثرة الناعقين .
3 – في ظل المؤسسات الإعلامية المتخصصة التي
صنعتها الخبرة الحرفية ذات الباع الطويل ؛ على الإعلام الإسلامي أن لا يستعجل
أمامها الثمرة على حساب والأهداف المطالب بتحقيقها .
إن التروي والحكمة مطالب بها في كثير من
المشروعات ، وتزداد أهميتها في المشروع الإعلامي دون غيره من المشاريع .. فلست
الوحيد في الساحة ، بل هناك المنافس والرابح والخاسر .
وفي هذا المشروع المطروح ، حري بالمشرفين
عليه أن يتحلوا بطول النفس ، وبعد الرؤية ، والروح التجديدية الارتجالية ،
والاستفادة من تجارب المدارس الإعلامية الأخرى ...
بارك الله في جهودكم ، ونفع بمشروعكم ..
ونحن معكم على الطريق ردءا نصدقكم ونعاونكم .