اطبع هذه الصفحة


سرُّ البقاء

عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


الإنسان ليس لوناً واحداً .. د. سلمان العودة

الحياة متغيرة، فهذا سر كونها حياة، فالموت ليس له إلا صورة واحدة، و أما الحياة فهي صور كثيرة، تختلف الحياة و صورها باختلاف رؤية الأحياء لها، فكل إنسان له رؤية خاصة بحياته، و إلى حياته. و هناك سر آخر في الحياة، زائداً على رؤية الإنسان الفرد للحياة من ناحيته، و هو أن يكون مواكبا لذات الحياة بتقلباتها، فيكون متغيرا مع الحياة تغيرا يخدمه لا يهدمه. لأن البقاء على حالٍ واحدة يعني الموت في صورة الحياة، وما لا يتغير ينقرض بجموده.

أحداث الحياة تمر علينا كثيراً، فتصنع فيها رؤية أخرى للحياة، بل رؤى كثيرة، تجعلنا نغير سلوكياتنا في التعامل معها، و تجعلنا ننظر إلى مواقفنا بعين الفحص، بل ننظر إلى ما نخطط إليه في المستقبل، و من هنا كانت الحياة حياة. مثال قريب يشير إلى هذا السر، في القرآن يقول الله ربنا : ” و جعلنا من الماء كل شيءٍ حيٍ ” فالماء هنا هو الحياة، و لننظر إلى ما أحياه الماء، ليس نوعاً واحداً، و الماءُ نوع من أنواع الحياة، فالحياة بصورة عامة مجموعة من الأشياء التي تُحيي الإنسان، و حينما يواكبها الإنسان بالفعل و التطبيق يكون حياً. وهذا يعني أنه يكون متجدداً بحسب تلك الأحوال، فلا يكون دوما على تلك الصورة التي ألِفَها، و هذه المواكبة لا تكون إلا ممن لا يرضى بهوانِ البقاء، فلا يرضى بهوان البقاء على حالٍ واحدة شريفُ نفسٍ و كاملُ ذاتٍ، بل من خلا منهما.

إن النظر إلى المُحيياتِ في الوجود نظراً دون تطبيق له يعني عدمه الاهتمام بذلك، و من ترك النهوض أول مرةً لا ينهض أخرى، و لو أرادَ لتمكن منه العجزُ، ففرصة اغتنام الإحياء للذات و الروح الإنسانية لا تعوض، و ربما لا تتكرر، و لا ينظر الفرصَ إلا حي. و الميتُ لا أهمية له، إلا باحترامه كموجودٍ إنساني له أثرُ المرور لا تأثير الحضور. فأين أنت؟!



 

عبدالله العُتَيِّق
  • مقالات
  • كـتـب
  • خواطر
  • أدبيات
  • كَلِمَات طـَائِرَة
  • الصناعة البشرية
  • منتقيات
  • للتواصل مع الكاتب
  • الصفحة الرئيسية