اطبع هذه الصفحة


دعوى الحُرِّيَّة

عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


الحرية الفكرية ليست مقيدة ، و من قيدها فهو يهتك حرمتها بقلة فهمه و عقله ، الحرية تعني عرض الفكر و تعني مناقشته و تعني رده و نقضه ، من أساء عومل بقدر سوء تصرفه ، و من أحسن كذلك ، لكن أن تكون معاملة المدافع أو المحاوِر أسوأ من معاملة المحاور الآخر فهذا يعني أن الحرية مفهومة بخلل و عِلل . حتى نثبت قيمة الحرية لا بد من مناقشة ما لدى الآخر بعلم و أدب ، و ألا نتجرأ على المقدسات مهما كانت ، من لم يعجبه ذلك فليرتحل فليست الحرية مكانا لتفريغ الشحنات ، لكل شخص مقدساته ، فيجب احترامها ، و من تعرض للمقدسات بالاستهزاء يجب أن يوقف عنده حدوده ليعرف أن هذا المكان لا يسع إلا الجادين . كل دينٍ سماوي سليم من الخلل في أصله ، و لا خلل إلا في أتباعه ، فعليهم الخطأ و إليهم يوجه النقد ، أنبياء الأديان سليمون فيما يتعلق بالدين ، و الأديان تواكب معطيات زمانها ، فهذه مقدسات ، في كوني مسلماً أتقبل الآخر على أي طيف و دين إلا أنني لن أسب عيسى و لا موسى و لا أنتقدهما لأنهما مرسلان من الرب الذي أرسل محمداً ، و لكنني قد أعيب شيئا في أتباعهما كما أعيب في أتباع نبيي محمد ، فالأديان و الأنبياء و الله مقدسات عند كل الدينيين ، و أما الأتباع فلا . مقبول عرض المقدسات للحوار حولها بالعلم و الأدب لا بصورة السخرية و الاستهزاء ، و المستهزيء ينال ما يستحقه ، لكن أن يستهزيء اثنان من فكرين فيعاقب المدافع و يترك المتعرض فهذا خلل في فهم الحرية ، بل القائم بعملية المعاقبة مدعٍ للحرية و لا يفهم شيئاً عنها . حين يقوم شخص بطرح فكر ليُلزم بأن وجهة نظره صحيحة فإذا حُوْوِرَ لم تكن لديه الحجة فهنا الحرية دعوى لا بينةَ لها .
 

عبدالله العُتَيِّق
  • مقالات
  • كـتـب
  • خواطر
  • أدبيات
  • كَلِمَات طـَائِرَة
  • الصناعة البشرية
  • منتقيات
  • للتواصل مع الكاتب
  • الصفحة الرئيسية