اطبع هذه الصفحة


المصطفى صلى الله عليه وسلم .. لـ : نزار قباني

عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


تَوْطِئَةٌ
كَم هي رائعة هي القصائد التي تنبعثُ من قلبٍ محبٍّ ، نحو مديحٍ خالصٍ لحبيبٍ له في القلب مقامٌ سامٍ ، تهفو النفوسُ المتفقةُ بالحبِّ نحو هاتيك القصائد ، حيثُ حَكَتْ ما يختلج القلوبَ ، و حيثُ حَبَكَتْ أسراراً من المعاني تُدركها أفئدة تُنْصِتُ بأُذُنِ القلبِ ، فينقلُ اللفظُ القلبَ المُدرِكَ للمعنى في آفاقٍ بعيدةٍ لا يُدركها إلا مَن عرفَ لغةَ القلبِ .
هذه قصيدةٌ ، لم أملك دمعتي حيثُ قرأتها ، مِن شاعرٍ له في الشعرِ سابقةُ الإبداع ، بغضِّ النظرِ عن الشاعرِ ذاتاً و سلوكاً ، و لكنَّها بحقٍّ رائعة ، لا أكاد أشك في أنه كان في أعلى الهرمِ في الشوقِ لذاك الحبيب الأعظم صلى الله عليه و سلم ، و لا غَرْوَ فإنه صلى الله عليه و سلم قد سلَبَ ألبابَ مَن لم يُؤمنوا به ، و جذَبَ قلوبَ من كرهه ، فكيف بمن كان محباً له ؟!
و أحسبُ هذه من قلبٍ محبٍ صادقٍ ، لم يُخالط القصيدةَ شئٌ من الدعوى ، يُدركُ ذلك ذوي الذوقِ للأشعار ، فلله درها من قصيدةٍ عصماء .
أُسجلُ إعجابي بها ، و أفتخرُ بقراءتي إياها ، كما افتخر الشاعرُ بالممدوحِ ، و كلنا ذاك المُفْتَخِرُ بذاك العظيم .

تذوَّق كما تذوقتُ ، تُدركُ ما أدركتُ ، و أنثُرُ ما قرَضَه الصنعاني : مَن عرفَ ما عرفنا ذاقَ ما ذُقْنا .


عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق
7/8/1428هـ
20/8/2007م
الرياض

المصطفى
صلى الله عليه وسلم
نزار قباني

عز الورودُ وطال فيك أوامُ
وأرقت وحدي والأنام نيامُ
ورد الجميع ومن سناك تزودوا
و طردت عن نبع السنى وأقاموا
ومنعت حتى أن أحوم ولم أكد
وتقطعت نفسي عليك وحاموا
قصدوك وامتدحوا ودوني أغلقت
أبواب مدحك فالحروف عقامُ
أدنو فأذكر ما جنيت فأنثني
خجلا تضيق بحملي الأقدام
أمن الحضيض أريد لمسا للذرى
جل المقام فلا يطال مقام
وزري يكبلني ويخرسني الأسى
فيموت في طرف اللسان كلام
يممت نحوك يا حبيب الله في
شوق تقض مضاجعي الآثام
أرجو الوصول فليل عمري غابة
أشواكها ... الأوزار والآلام
يا من ولدت فأشرقت بربوعنا
نفحات نورك وانجلى الإظلام
أأعود ظمآناً وغيري يرتوي
أيرد عن حوض النبي هيّام
كيف الدخول إلى رحاب المصطفى
والنفس حيرى والذنوب جسام
أو كلما حاولت إلماما به
أزف البلاء فيصعب الإلمام
ماذا أقول وألف ألف قصيدة
عصماء قبلي ... سطرت أقلام
مدحوك ما بلغوا برغم ولائهم
أسرار مجدك... فالدنو لمامُ
ودنوت مذهولا أسيرا لا أرى
حيران يلجم شعري الإحجام
وتمزقت نفسي كطفل حائــر
قد عــاقه عمن يحب زحـام
حتى وقفت أمام قبرك باكيـاً
فتدفق الإحساس والإلهــام
وتوالت الصور المضيئة كالرؤى
و طوى الفؤاد سكينة وسـلام
يا ملء روحي وهج حبك في دمى
قبس يضيء سريرتي وزمـام
أنت الحبيب وأنت من أورى لنـا
حتى أضاء قلوبنا الإسـلام
حوربت لم تخضع ولم تخش العدى
من يحمه الرحمن كيف يضام
وملأت هذا الكون نورا فاختفت
صور الظلام وقوضت أصنام
الحزن يملأ يا حبيب جوارحي
فالمسلمون عن الطريق تعاموا
والذل خيم فالنفوس كئيبة
وعلى الكبار تطاول الأقزام
الحزن أصبح خبزنا فمساؤنا
شجن وطعم صباحنا أسقام
واليأس ألقى ظله بنفوسنا
فكأن وجه النيرين ظلام
أنى اتجهت ففي العيون غشاوة
وعلى القلوب من الظلام ركام
الكرب أرقنا وسهد ليلنا
من مَهدهُ الأشواك كيف ينام
يا طيبة الخيرات ذل المسلمون
ولا مجير و ضيعت أحلام
يغضون إن سلب الغريب ديارهم
وعلى القريب شذى التراب حرام
باتوا أسارى حيرة وتمزق
فكأنهم بين الورى أغنام
ناموا فنام الذل فوق جفونهم
لا غرو وضاع الحزم والإقدام
يا هادي الثقلين هل من دعوة
تدعى بها يستيقظ النوامُ

 

عبدالله العُتَيِّق
  • مقالات
  • كـتـب
  • خواطر
  • أدبيات
  • كَلِمَات طـَائِرَة
  • الصناعة البشرية
  • منتقيات
  • للتواصل مع الكاتب
  • الصفحة الرئيسية