اطبع هذه الصفحة


[] الموت []
22/5/2008
18/5/1429

عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


الموتُ ..
تحملُ معانيَ عديدة ، كلُّها تجتمعُ في هدأةِ الشيءِ ..
تحملُ :
( سُكون ) ..
فكثيرٌ سُكونٌ يعتريهم في حياتهم ، و السكونُ حالةٌ تطرأُ على الإنسانِ بَعْدَ جُهْدٍ و حركةٍ ، كحالةِ راحةٍ بعدها بَدْءٌ .
و الـ ( سكون ) الذميمُ ، اللازمِ أصالةً ، بلازمة العجزِ عن الشيءِ .
فهذا موتُ النشاطِ ، و موتُ الجُهد ..
و حياةُ ( السكون ) بعَوْدِ نشاطِ الروح ، لينْشَطَ الجسدُ ، فينشطَ الكَوْن ، فتكونُ حياةٌ ..
( النوم ) ..
و ( نوم ) العينِ موتٌ ، حين يكون في وقت اليقظة ..
و ( نوم ) القلبِ موتٌ عن درْكِ معارفِ و علومِ الحياةِ ، و هو قُفلٌ مُحْكَمٌ .
فالـ ( نوم ) موتٌ ، و كثيرٌ النُّوَّمُ ..
و حياةُ ( النوم ) صَحوةٌ ..
صَحوةُ العينينِ كمالٌ ، و صحوةُ العينِ الواحدةِ ذكاءٌ ، كصحوةِ الذئب ، و غباءٌ كصحوة الأعورِ ..
صحوةُ القلبِ أساسُ الصَّحواتِ ، لأنه ملكٌ آمرٌ مُطاعٌ أمينٌ ..
و بالصَحَواتِ في غَدَواتِ الأزمنةِ مُبادراتُ العطاءِ ، فعِنْدَ بُكورِ العقولِ مباركاتُ المُعطي ..
( البِلى ) ..
يبلى منَّا قلبٌ ، فيبلى جسدٌ ، فتبلى آثارٌ ، شيءٌ يُعاشُ يقيناً في كلِّ عينٍ تُرى ، و في جنسِ المرئياتِ بالياتٌ ..
التجديدُ حياةٌ من ( البِلى ) ، و التجديدُ سِمةُ كمالٍ و جمالٍ و جلالٍ و دلالٍ ..
و يأبى التجديدَ و يألفُ ( البلى ) بليُّ البالِ و الفَعال ..
هنا تَكْمُنُ أسرارُ الإحياءِ ، و أنوارُ السناءِ ، و آثارُ النماءِ ..
ففلسفةُ ( الموت ) تتمرْحلُ بـ ( سُكون ) عَن مهامِّ الحال ، بسببِ صُدودٍ عن صَنعةِ الانتهاضِ ، فيبدأُ بالإضعافِ لبَدَنِ العملِ ، و الـ ( سكون ) مَسْكَنَةٌ و تناوُمٌ ، ثُمَّ تعترِيْهِ حالةُ أشَدُّ تسكيناً و أعظمُ خطراً ، فيكون الـ ( نوم ) ؛ باطنيٌّ عَنْ استشعارِ الغاياتِ و إدراكِ القِيْمةِ ، و ظاهريٌّ في غَمضةِ العينِ عن إبصارِ نورِ الطريقِ ، و عن استبصارِ نقْصِ الشأنِ ، و لا يَرْتضي إلا ازدياداً في تنويمِ القلبِ لينتهي بـ ( بِلى ) الذاتِ و فناءِ الصفاتِ و حلولِ الآفاتِ ، فينقي الحالُ بـ ( الموت ) المعنوي ، و حياةُ الروحِ و المعنى أصلٌ لحياة الجسد و المبنى .


Abdullah.s.a
 

عبدالله العُتَيِّق
  • مقالات
  • كـتـب
  • خواطر
  • أدبيات
  • كَلِمَات طـَائِرَة
  • الصناعة البشرية
  • منتقيات
  • للتواصل مع الكاتب
  • الصفحة الرئيسية