اطبع هذه الصفحة


فقيه الأدباء وأديب الفقهاء علي الطنطاوي رحمه الله (1)

وضاح بن هادي
@wadahhade

 
بسم الله الرحمن الرحيم

 

📌
المجموعة الأولى من تغريداتي حول حياة ومسيرة وتآليف الشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله ••


كتبها : وضاح بن هادي
خبير فن صناعة القراءة


📍
حين نتحدث عن الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله فنحن نتحدث عن قامة علمية، تربوية، أدبية، ثقافية، اجتماعية، إصلاحية.

📍
أثنى عليه مشايخه منذ وقت مبكر، حتى قال عنه أستاذه الشيخ محمد بهجة البيطار : (نابغة الشام)، وهو لا زال دون الثلاثين من عمره.

📍
الشيخ علي الطنطاوي لم يكن أديبا فحسب، بل نجما من نجوم الدعوة والخير والجمال، كان يجمع في عظاته وتآليفه بين العلم والأدب، وبين الإقناع والإمتاع.

📍
استحق أن ينال اللقب الذي لقب به الجاحظ - خطيب المعتزلة - : (أديب الفقهاء .. وفقيه الأدباء).

📍
يتحلى هذا فيما سطره من كتب ومقالات، وما فاض به لسانه من خطب ومحاضرات، أو دروس وإفتاءات كان يرتجلها لتوه، ولا يكتبها أو يحضرها.

📍
علي الطنطاوي رحمه الله كان عالم موسوعة، بل دائرة معارف متنوعة، أو (معلمة) كما كان يحب أن يسميها = موسوعة.

📍
ولد رحمه الله فجر يوم الجمعة الثالث والعشرين من جمادى الأولى، سنة ١٣٢٧ هجرية، عام ١٩٠٩ ميلادية.

📍
نشأ الشيخ في أسرة علمية عريقة؛ بدءا من جده محمد، ثم جده أحمد، ثم أبيه مصطفى، مما أثر عليه وعلى إخوته.

📍
فأخوه (ناجي) وهو كالشيخ فقيه وأديب، وقد حقق معه كتاب صيد الخاطر، ثم (عبدالغني) وهو أول من نال درجة الدكتوراه في الرياضيات بالشام كلها، ثم (سعيد) وهو عالم موسوعي.

📍
أبوه مصطفى بن أحمد الطنطاوي؛ كان أحد علماء دمشق، فيقصده الناس في منزله ومسجده لدروس العلم، وكان هو مدير المدرسة التجارية، ثم تركها ليتولى أمانة الإفتاء عند مفتي الشام آنذاك (أبو الخير عابدين).

📍
يقول عن أبيه في (الذكريات ج٧١/١) : 'كنت منذ وعيت أجد - إذا أصبحت - مشايخ بعمائم ولحى يقرؤون على أبي، وكنت أدخل بالماء أو بالشاي، فألتقط كلمة لا أفهم معناها، ولكن تبقى في نفسي ذكراها ...'.

📍
وكان - أي أبوه - معدودا من فقهاء المذهب الحنفي في الشام.

📍
وجده (أحمد) كان إمام طابور في الجيش العثماني، وقد ورث الشيخ علي عن جده هذا النظام والعسكرية في المواعيد خاصة.

📍
ويحكى عنه - أي الشيخ علي - أنه إذا تأخر عليه زائر عن الحضور ربع ساعة مثلا، أجلسه في غرفة الضيوف، وتركه ربع ساعة ينتظر وحده، معاقبة له على تأخره!!.

📍
أما (الطنطاوي) الذي ينسبون إليه؛ فهو (محمد بن مصطفى)، لقب بالطنطاوي نسبة إلى بلده الأصلي (طنطا) أو (طنتدا) كما كان يسميها الشيخ علي.

📍
وكذلك من جهة أمه؛ فأخواله هم (آل الخطيب)، الأسرة العلمية الشهيرة، التي انحدرت من العراق، ثم استوطنت دمشق، والتي ما تزال إلى الآن تتوارث خطابة الجامع الأموي.

📍
فخاله (محب الدين الخطيب) عالم وداعية ومناضل شهير، صاحب المطبعة السلفية، وصاحب المجلتين الشهيرتين (الفتح) و(الزهراء)، وله في الجهاد ومقاومة الاستعمار الفرنسي مواقف مذكورة.

📍
مر الشيخ الطنطاوي رحمه الله بمواقف أليمة في مقتبل عمره؛ بدءا بوفاة والده، وعمره آنذاك ست عشرة سنة، مما جعله يترك المدرسة ويتفرغ لكسب لقمة العيش.

📍
ثم وفاة أمه وهو في الثانية والعشرين من عمره، فكانت تلك واحدة من أكبر الصدمات التي تلقاها في حياته.

📍
يقول حفيده مجاهد مأمونة : 'ولقد شهدته مرارا يذكرها ويذكر موتها - وقد مضى على موتها ستين سنة - وأشهد ما تحدث بذلك إلا وفاضت عيناه'.

📍
وإن شئتم أن تتعرفوا على تلك المشاعر التي كان يكنها عن أمه، فاقرؤوا الفصل الذي وصف فيه موتها (الذكريات ج١٢٤/٢).

📍
ولا تنسوا - وأنتم تقرؤون قصة وفاتها رحمها الله - أن تحملوا معكم المناديل لتمسحوا بها عن دموعكم التي لن تملكوا لها حبسا ولا ردا.

📍
كان الشيخ علي يقول عن نفسه : 'إن أول من ظهر في الشام من تلاميذ المدارس جامعا مع دراسته القراءة على المشايخ هو (علي الطنطاوي).

📍
يعتبر رحمه الله من أوائل الذين جمعوا بين طريقي (التلقي على المشايخ) و(الدراسة في المدارس النظامية).

📍
درس في الشام، وانتقل بعدها لمصر، ثم عاد إلى دمشق والتحق بكلية الحقوق، وتقلبت به الأيام ما بين التعليم والقضاء، حتى وصل إلى درجة مستشار بمحكمة النقض العليا.

📍
كان اهتمامه رحمه الله بحلقات المساجد، والقراءة على المشايخ، يسير جنبا إلى جنب مع الدراسة النظامية، وقد حفظ منذ وقت مبكر الكثير من المنظومات والقصائد الشعرية.

📍
وقد تحدث في غير ما موضع عن شيوخه، سواء بالشام أو مصر أو العراق (اقرأ المزيد في الذكريات ج٧٦/١).

📍
وقد حفظ آنذاك ألفية ابن مالك في النحو، والجوهر المكنون في البلاغة، والجوهرة في العقيدة، والزبد في الفقه.

📍
وحفظ مئات القصائد من الشعر الجاهلي، والشعر الإسلامي، والأموي، والعباسي، وقرأ الكثير من كتب الأدب والتاريخ وعلوم الدين والثقافة والفلسفة وغيرها.

📍
شارك الشيخ وهو طالب في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسوريا، وكانت له جهود كبيرة في ذلك، فكان يحرض الطلاب، ويحرك الجماهير، ويسير المظاهرات، ويلهب الحماس بخطبه النارية.

📍
وقد أصابه جراء هذا الكثير من الأذى، واعتقل وأودع السجن مرات عدة، حتى وهو طالب في المرحلة الثانوية.

📍
مما لا يعرفه الكثير؛ أن الشيخ علي رحمه الله كان يوقع مقالاته الأولى في صحيفة (فتى العرب) بكنيته (أبو الهيثم)، أو (محمد علي الطنطاوي)، أو حرف (ع ..)، أو (الطنطاوي)، أو (ع.الطنطاوي)، أو (علي ...)، وربما كتب المقال دون أن يذيله بإسم.

📍
وكان أول كتاب نشر للشيخ الطنطاوي (الهيثميات)، وهو مجموعة مقالات أو سلسلة قصصية كان يكتبها في مجلة (الناقد)، ويوقعها بكنيته (أبو الهيثم).

📍
علما بأن الشيخ رحمه الله لم يرزق بالابن الذي يحمل اسمه، وإنما كل ولده بنات (عنان، وبنان، وبيان، وأمان، ويمان).

📍
و(بنان) هذه التي اغتيلت في ألمانيا عام ١٩٨١، من قبل المخابرات السورية، وهي زوجة الداعية المعروف عصام العطار، الذي كان مستهدفا من قبل مخابرات حافظ الأسد (عليه من الله ما يستحق هو وابنه الخسيس).

📍
وقد بكاها الشيخ علي الطنطاوي - في برنامجه التلفزيوني (نور وهداية) أمام الملايين من المشاهدين - بكاء مرا أليما، فقد كان يحبها حبا جما رحمها الله.

📍
قضى الشيخ عمره كله ما بين مهنة التعليم، والصحافة، والقضاء.

📍
تعد وظيفة التعليم أول وظيفة عمل بها الطنطاوي، فلقد مارسها وهو لا يزال طالبا في الثانوية عام ١٩٢٥، وعمره ثمانية عشرة سنة، بعيد موت والده.

📍
وقد مر بأطوار ومواقف وأحداث عصيبة جدا في هذه المهنة جراء صدعه بكلمة الحق في وجوه المسئولين، مما جعله في تنقل مستمر، من مدينة إلى قرية، ومن دولة إلى دولة (اقرأ المزيد في الذكريات ج١٨٦/١).

📍
كان من أوائل كتبه التي نشرها، كتاب بعنوان (بشار بن برد) وهو في الحادية والعشرين من عمره، وهو عبارة عن محاضرات أدبية قدمها للطلبة في الكلية العلمية الوطنية بدمشق.

📍
إلا أن الكتاب لم يعد طباعته؛ بحجة أن فيه من الآراء ما لا يرتضيه الآن، وسواء رضيه أم لم يرضاه؛ إلا أنه من حق الباحثين أن يدرسوه وينظروا فيه، كونه يمثل مرحلة فكرية مهمة من مراحل الشيخ رحمه الله.



✋🏻
للحديث تتمة في مجموعة ثانية وثالثة بإذن الله


 

وضاح هادي
  • القراءة
  • التربية والدعوة
  • مشاريع قرائية
  • قراءة في كتاب
  • تغريدات
  • أسرة تقرأ
  • الصفحة الرئيسية