اطبع هذه الصفحة


المربي والقراءة

وضاح بن هادي
@wadahhade

 
بسم الله الرحمن الرحيم


لو أردنا أن ننطلق من أرضية قطعية نلتقي عليها جميعا؛ كان لزاما أن نقول : أن هناك ارتباط إيجابي بين الرصيد المعرفي للمربي وفعاليته التربوية، وفرق بين من تقوم تربيته على معرفة وخبرة كافية، وبين من يرتجل أعماله وتربيته ارتجالا ..

والمربي اليوم وأمس وغدا مطالب باتساع المعرفة ليس على مستوى مجال التربية فحسب، بل حتى في المسائل التي تقع خارج إطار تخصصه، سواء على المستوى الشرعي أو الاجتماعي أو حتى الفكري والأدبي والسياسي ..

والدراسات تؤكد العلاقة الطردية بين مقدار المعرفة التي يتلقاها المربي في مجالات المعرفة المتنوعة، وبين الأداء والتأثير الذي يُضفى على العملية التربوية التي يمارسها ..

وحين نقول هذا، يأتي السؤال : لماذا؟
الإسلام دوما يتطلع لبناء أفراد أقوياء، سواء على المستوى الجسدي والمادي والعسكري، وأهم من ذلك القوة على المستوى المعرفي، وهذا مما يلحق بمعنى القوة في قول ربنا جلّ وعلا : "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ...".

تلك القوة المعرفية متى ما تملّكها المربي؛ انعكست لا محالة على أداءه التربوي، بل وتولّد من خلالها نتاج ومخرج مأمول على مستوى المتربي.

وليس جديد أن نقول : أن المتربي اليوم هو أكثر انفتاحا ومعرفة ونقاشا وجدالا من أي وقت مضى، فقد أضحينا في زمن اتسّم بالاتساع الكمي المعرفي، بل وتعددت فيه مصادر التلقي والمعرفة، ليتطلب مواكبة من قبل المربي لكل ذلك، وإلا – كما لحظنا – سنصل للوقت الذي يرفع فيه المربي رايته البيضاء، لأنه لم يعد لديه الجديد لإفادة مريديه وإشباع نهمهم.

في فترة ولا زالت كان التركيز التربوي يتمركز حول التحصين الشهواتي للمتربي، سواء من خلال التركيز على الجوانب الرقائقية الإيمانية، أو من خلال التذكير بفضائل الرقابة والعفة.. ألخ، إلا أن اليوم ارتفع منسوب الحرب على أبناء الجيل، لتضاف إلى حرب الشهوات (حرب الشبهات)، وتلك أشد تعقيدا في الممارسة والتعامل والمعالجة، وذاك يحتّم علينا أن نقول أن ذلك يتطلب كمّا معرفيا ليس هينا من قبل المربي، ليواكب وقاية أو معالجة تلك الشبهات الواقعة اليوم.

ولذا نقول : أن المربي اليوم مطالب بدور أكبر من أي وقت مضى، والواقع يؤكد أنه كلما اشتدت الأزمة - لبسا وظلمة – ارتفع منسوب الكُلفة والتحدي والعطاء من قبل المربي.

وهكذا؛ فالبناء الثقافي، والسعة المعرفية تُكسب الشخصية عموما، والمربي خصوصا توازنا وثباتا، على مستوى الفكرة أو الفكر أو حتى النظر للأزمات والأحداث التي تقع من حوله.

وقبل كل ذلك.. ما كان للمربي أن يرتقي بمريديه؛ إلا إذا كان هو في مستوىً – معرفي أخلاقي تفكيري – أعلى منهم، ليتمكّن حينها من أن يناولهم يده ليرتقي بهم إلى حيث أراد.

دمتم بود

 

وضاح هادي
  • القراءة
  • التربية والدعوة
  • مشاريع قرائية
  • قراءة في كتاب
  • تغريدات
  • أسرة تقرأ
  • الصفحة الرئيسية