الجفاف الأخوي

وضاح بن هادي
@wadahhade

 
بسم الله الرحمن الرحيم

مؤسف أن تتلاقى تلك القيادات في ميدان الدعوة والتربية كل صباح ومساء، وربما كل أسبوع على طاولة واحدة للتباحث والتناقش في هموم مختلفة تختلطها أوراق وسرد للوائح وقرارات، ثم ما يلبث أن ينتهي كل ما يجمع ويؤلف بين ذلك الجسد الواحد، لتتحوّل تلك العلائق إلى طابع الجفاف والروتينية الأخوية ..
بعد ذلك بدهي أن لا تلحظ زيارات أخوية، أو تهنئات بمناسبة، أو تعازي في أخرى، أو سؤال عن حاجة، أو حتى إحساس بمحبة متبادلة ..

ولاشك أن هذه الصور من الإخاء لا تحقق أخوة، ولا محبة مرجوة، ولا حتى عمل بنّاء مأمول، بل ربما على العكس من ذلك فقد تصاب النفْس بضيق النفَس تجاه رأي أو نصيحة أو مشورة أو فكرة أو نظرة تصدر من هذا أو ذاك ..

ويا خسارة ما ستجنيه الدعوة والتربية بعد ذاك!!

وأحسب أن وراء ذلك الجفاف في العلائق الأخوية أسباب ظاهرة لا تخفى، منها على سبيل المثال :
- تفاوت الهمم والهموم في التحرك الدعوي أو التربوي بين القيادات.
- التشاغل بالإطارات الدنيوية خارج دائرة العمل الدعوي أو التربوي.
- انعدام اللقاءات الروحية والاجتماعية التواصلية خارج نطاق الأسوار الروتينية.
- جفاف الطبع، وغلبة التطبع أحيانا لدى بعض القيادات في محاولة كسب القلوب والتودد إليها.

وحين نود أن نضع أيدينا على الجرح لنلأمه، فلا بد أن نضع أحرفا متوائمة على نقاط متخلخلة؛ وهذه بعضا من الحلول المقترحة في هذا :
- شيوع المبادرات الذاتية بين القيادات أنفسهم لسد الخُلّة ورأب الفجوة، إما بزيارة أو اتصال أو سؤال أو حتى هدية.
- التذكير بحقيقة الأخوة وفضائلها وما يكتنفها في بداية أي لقاء يجمع بين قيادات العمل.
- ضبط نظام العمل دعويا كان أو تربويا بالجوانب الإيمانية؛ ليحقق معاني الأخوة، وحتى لا تتغلب الإداريات الصمّاء.
- تحديد شخصيات تقوم بتفعيل مشروع توائم بين الإِخوة؛ لنشر روح المحبة والمودة والتراحم، من خلال رسم برامج للتآلف والتوادد بين قيادات العمل.

وأخيرًا ..
«سُدُّوا الخَلَلَ، وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ، وَلا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ» [رواه أبو داود، وصححه الألباني].

وصلِّ اللهم على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.