اطبع هذه الصفحة


مقدسات المسلمين بين الامتهان والإذعان

يحيى بن موسى الزهراني

 
الحمد لله الذي خلق الخليقة وأعمالها ، وردها بنور الهداية عن الغواية وأمالها ، أحمده حمد من احتسى من النعم زلالها ، واكتسى سِربالها ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة تثبت الأقدام إذا زلزلت الأرض زلزالها ، وأخرجت الأرض أثقالها ، وقال الإنسان مالها ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أرسله والجاهلية تشرع ضلالها ، فلم يزل صلى الله عليه وسلم يكثر جدالها ، ويضيق مجالها ، ويدعو رجالها ، حتى عرفت حلالها وحرامها ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما خالفت الجَنوب في الهُبوب شَمالها ، وسلم تسليمًا كثيرًا . . وبعد :
اليوم يزحف العالم الكافر بمدنيته وبليته إلى العالم الإسلامي في محاولة مستميتة لطمس معالم هويته الذاتية، وجره إلى تقليد الأنماط الغربية في جميع النواحي الحياتية، العقدية والفكرية والاجتماعية والأخلاقية وغيرها، يقول جل وعلا في كتابه المبين : { وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء } [ النساء89 ] ، وقال سبحانه : { وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ إِيمَـٰنِكُمْ كُفَّارًا } [ البقرة109 ] ، وقال تعالى : { وَدَّت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ } [ آل عمران69 ] ، ويقول جل في علاه : { إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوء وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ } [ الممتحنة2 ] .
إنهم يودون ذلك ، ويسعون إلى تحصيله وتحقيقه بكل ما يستطيعون ، { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ } [ البقرة217 ] ، { وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } [ البقرة120 ] .
يقول جل في علاه لنبيه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } [ الإسراء73 ] .
حقد دفين ، وخوف رهيب ، يملآن صدور أهل الكفر والعناد ، ويدفعانهم إلى محاربة الإسلام ، ومحاولة القضاء عليه وعلى أهله { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ } [ الصف8 ] .
ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ، يقول أحدهم : " متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب ، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيداً عن محمدٍ وكتابه " .
هذا مكرهم ، { وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ } [ آل عمران118 ] ، وصدق الله : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً } [ النساء122 ] ، { وَكَانَ ٱلْكَـٰفِرُ عَلَىٰ رَبّهِ ظَهِيراً } [ الفرقان55 ] .
لقد جنّد أعداء الإسلام كل ما وصلوا إليه من اختراع واضطلاع لحرب الإٍسلام وأهله ، وغزو بلاد المسلمين عقدياً وفكرياً ، ليحكموا القبضة عليها ، ويستولوا على مقومات الحياة فيها ، ولسان حالهم قول قائلهم : " كأس وغانية تفعلان بالأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع ، فأغرقوها في حب المادة والشهوات " .
حاصروا بلاد الإسلام بثورة إعلامية ، وتقنية اتصال عالمية ، وهاجموها بقنوات فضائية شهوانية شيطانية ، سم زعاف ، يقضي على الكرامة والعفاف ، وريح عاصف ، ومكر قاصف ، وهجمة شرسة مستعرة ، تتعرض لها أجيالنا الحاضرة ، تُفجّر غرائزهم ، وتدمر أخلاقهم ، وتشيع الرذيلة في صفوفهم ، وتجعلهم هائمين على وجوههم ، يبحثون عن سبيل مشروع أو غير مشروع لتصريف ما أثير من شهواتهم .
وأغرقت أسواق المسلمين بكثير من المحرمات والمنكرات ، ولم تسلم المرأة المسلمة من تلك الهجمة الحاقدة ، فحاربوا حجابها وجلبابها ، وسعوا في إغوائها وإغرائها بما تصنعه دور الأزياء الخليعة ، وبيوتات الموضة المنحلّة ، ودعوها إلى الاختلاط ، وأقلقوها وأهانوها ودنسوها.
وجاءت الدعايات المضللة تدعو المسلمين إلى السياحة والترفيه في بلاد الكفر والفجور ، بلاد خادعة للعقول، وغادرة للألباب ، ليس فيها إلا مصائد هلاك ، وفخوخ تلف ، وحياة عابثة صاخبة .
فإن كانت هذه هي حقيقة حياة المسلمين اليوم ، وهي الحقيقة فعلاً ، فعلى الأمة السلام ، لقد أوثقوا منا الأيدي والأقدام ، وكمموا الأفواه وسفهوا الأحلام ، واخذوا بالتلابيب والأكمام ، يبثون إلينا ما يريدون ، ويرسلون ما يرغبون ، أثقلونا بالشائعات ، وحشونا بالاختلاقات ، أكاذيب وافتراءات ، أفسدوا العقول ، وقادوا للمجهول ، شبابنا وقع في الفخاخ ، وأحكمت حولهم الحلقات ، والأمة تنظر بدهشة مشدوهة ، كمن يحلم في اليقظة ، نقلد ولا ندري ما نقلد ، نحاكي ولا نعرف من نحاكي .
شباب حول أعناقهم قلائد ، وأُحيطت معاصمهم بالسلاسل ، ناهيك عن الجنز الضيق ، وقبعات راعي البقر الأمريكي ، والله ثم والله إنها لمناظر تميت القلب كمداً ، وتهلك الغيور على الدين وعلى شبابه إهلاكاً ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
لقد انبطح أبناؤنا انبطاحاً عجيباً غريباً للغرب الكافر ، وأخذوا منه كل ما من شأنه أن يسيء للعقيدة والدين ، وتركوا أفضل اختراعاتهم ، وأحسن صناعاتهم ، فمن شبابنا من ذهب للدراسة ليعود وينفع أمته ، وإذا به يتقلب بين أحضان المومسات الزانيات ، ومنهم من رضع عادات الكفر الضارة المريضة ، فعاد إلينا بخفي حنين ، وياليته عاد وبقي في بيت أبيه وأمه ، ولم ينقل لنا حمى الغرب الكافر ، لكنه أتى بالعدوى ، فأصاب بها كل من عرفه وسار معه ، حتى أفسد أيما إفساد ، فتخرج من بين يديه ثلة من الشباب الذين ضربتهم حمى الغرب المفلس .
يرسلون إلينا من يدرب جيوشنا ، ومهندسينا ، وأطبائنا ، واقتصاديينا ، ويأخذون مقابل ذلك أموالاً طائلة ، يمكن أن تغيث الملهوفين من المسلمين ، والمستجيرين من رمضاء الفقر والفاقة ، ومع ذلك فهم ينقلون لنا أفكاراً غريبة ، وأشياء عجيبة ، ونحن نرسل لهم شباباً يستقون دينهم الفاسد ، ومعتقدهم البائد ، شبابنا هناك يغسلون الأطباق في المطاعم ، ويسجدون للنواعم ، يلمعون الأحذية ، ويغسلون السيارات والأبنية ، ويرون أنهم بذلك فعلوا ما لم يفعله عمرو بن العاص _ رضي الله عنه _ عندما فتح بيت المقدس ، بل إنهم مساكين يبذلون وينهكون في سبيل غاية دنيئة ، ومقصد رخيص ، فإلى متى تنساق الأمة وراء ترهات الأوهام ، وأضغاث الأحلام ؟ هل هؤلاء الشباب هم الذين سيحررون مقدسات المسلمين ؟ الجواب ستجده واضحاً جلياً عبر الشوارع والطرقات ، وفي المقاهي والملاهي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
كانت هذه المقدمة مهمة في صلب موضوع أهم ، فبيت المقدس اليوم يرزح تحت الاحتلال الصهيوني اليهودي منذ ستين عاماً ، ولم تُحل هذه القضية ، ولم يُسمح لمسلم أن يزور المسجد الأقصى ليصلي فيه صلاة واحدة ، مع ما ترتب على ذلك من الأجر والثواب ، ولمن منعنا أحفاد القردة والخنازير من الثواب ، فلهم العقاب ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ : إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَإِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَىٰ ، وَإِلَى مَسْجِدِي هٰذَا " [ متفق عليه ] .
وانتقدت "جمعية الأقصى" لرعاية الأوقاف والمقدسات الإسلامية، داخل فلسطين المحتلة منذ عام 1948، الصمت العربي والإسلامي "المخجل"، تجاه العدوان الصهيوني على المسجد الأقصى.
وأصدرت الجمعية بيانًا، استنكرت فيه قرار سلطات الاحتلال الصهيوني مواصلة عمليات الحفريات والبناء في باب وحارة المغاربة، معتبرة أن ذلك القرار يؤكد النيات والمطامع الصهيونية في المسجد المبارك والقدس الشريف.
وحملت الجمعية حكومة أولمرت المسئولية الكاملة عن تلك الجرائم، مؤكدة أن أولمرت من أسوأ الحكومات الصهيونية التي عرفها الكيان، ولا يماثلها في درجة السوء سوى حكومة الإرهابي "أرييل شارون".
وحول طبيعة الحفريات الصهيونية في محيط المسجد الأقصى، أشارت الجمعية في بيانها إلى أن بناء الجسر في منطقة باب المغاربة، معد لخدمة المستوطنين فقط، الذين استولوا على الحي بأكمله، نظرًا لأن باب المغاربة مغلق منذ 10 سنوات ولا يسمح للمسلمين باستخدامه والمرور منه على الإطلاق، وفق ما ذكرته وكالة القدس برس.
كما نبهت الجمعية في بيانها إلى ضرورة عدم الانخداع بالقرار الصهيوني الخاص بوقف بناء الجسر، مؤكدة أنه فور اكتمال التصاريح من بلدية الاحتلال سيباشر بالعمل فيه، مشيرة إلى ما تسرب من وثائق لوسائل الإعلام أن الشرطة اشترطت على موافقتها لبناء الجسر أن يصمم لاستيعاب دخول 300 شرطي في دفعة واحدة إلى باحة المسجد الأقصى، وسيبنى الجسر على نحو يستوعبهم، كما أن بعض الأوراق تتحدث عن تغيير معالم المنطقة وتوسيع حائط البراق.
وأضاف البيان، أن حكومة الاحتلال، تهدف إلى تعزيز مكانتها لدى المتطرفين الذي يعملون ليل نهار من أجل بناء الهيكل المزعوم، علمًا بأن اليهود يعتقدون أن باب الهيكل موجود في منطقة باب المغاربة، حسب وصفه.
وشددت الجمعية على أن الحركة الإسلامية في أراضي الـ48، "ستظل خط المواجهة الأول للدفاع عن شرف الأمة ومقدساتها, ولن تسكت أبدًا عن الضيم والظلم الذي يلحق بكل حجر من حجارة المسجد الأقصى".
يريدون إقامة دولة إسرائيل الكبرى، وأن تكون القدس عاصمةً لها، كما يطمحون ويطمعون إلى هدم المسجد الأقصى، وبناء هيكلهم المزعوم على أساسه، يريدون إبادة دولة التوحيد والقرآن ، وإنشاء دولة التوراة والتلمود على أنقاضها ، عليهم من الله ما يستحقون ، فعلى مبادرات السلام السلام ، مع قومٍ هذا ديدنهم عبر التأريخ، وتلك أطماعهم ومؤامراتهم .
ولعل ما شهدته الساحة الفلسطينية هذه الأيام من مشاهد مرعبة ومآسي مروِّعة حيث المجازر والمجنزرات، والقذائف والدبابات، جُثثٌ وجماجم، حصار وتشريد، تقتيلٌ ودمار، في حرب إبادة بشعة، وانتهاك صارخ للقيم الإنسانية، وممارسة إرهاب الدولة الذي تقوم به الصهيونية العالمية، مما لم ولن ينساه التأريخ، بل سيسجّله بمداد قاتمة، تسطّرها دماء الأبرياء، الذين رويت الأرض بمسك دمائهم، من إخواننا وأخواتنا على أرض فلسطين المجاهدة، الذين يُذبَّحون ذبح الشياه. عشراتُ المساجد دمِّرت، ومئات البيوت هُدّمت، وآلاف الأنفس أُزهقت، كم نساءٍ أيِّمت، وأطفالٍ يُتِّمت، ومقابر جماعية أقيمت، فإلى متى الذل والمهانة والضعف والهزيمة والاستسلام؟! أما آن لهذا الهوان أن ينتهي، وللضعف والذل أن ينقضي، وليلِ الليل الطويل أن ينجلي؟! فهل تفيق أمتنا من سباتها؟! نداءٌ حار إلى قادة المسلمين ، أن أدركوا فلسطين قبل أن تضيع ، واعملوا على إنقاذ الأقصى قبل أن يُستقصى ، واعملوا على رأب صدعكم ، ولم شملكم ، وحماية دينكم ومقدساتكم .
فاليوم يستفيد اليهود من تفكك المسلمين ، وتطاحنهم وتناطحهم ، مستغلين هذا الهياج في فلسطين والعراق ، في غفلة سرقوها ، وحيلة مرقوها ، وفي ذِروة تداعيات الأحداث في الأمة ، وفي ظل التهاب الأوضاع في المنطقة ، بل وفي خضمّ تفجّر القضايا في العالم ، ووسط هذا الصمت العالمي ، والتخاذل الدولي ، والغليان في الشارع الإسلامي ، قام اليهود بمحاولة لهدم المسجد الأقصى المبارك الذي بارك الله حوله ، أيدٍ قذرة ، وأصابع متسخة ، تهم بتهويد المسجد الأقصى ، وجعله أمراً قد انقضى .
وهم يعلمون أن الشعوب العربية ستخرج في مظاهرات ومسيرات غضب، وأن الجامعة العربية قد تندد، وأن الحكام العرب قد يصفونهم بالانتهازيين، ولكن في النهاية، ستنتهي ثورة الغضب العربية العقيمة، بعد أن تكون الجرافات الإسرائيلية قد أنهت مهمتها، وأخفت باب المغاربة للأبد من المسجد الأقصى، وبات الحائط الغربي للمسجد الأقصى مهدداً بالسقوط أكثر من أي وقت مضى.
الدعوات التي أطلقها على الفور الفلسطينيون، ستخمد هي الأخرى، بعد أن تجد آذاناً "مغلقة" وبعد أن تقرر حكومات بعض الدول أن هذا الأمر "لا يدخل ضمن أمنها الداخلي" فتمنع أي نوع من أنواع الدعم للفلسطينيين.
ولعل أكثر الدعوات تأثيراً، تلك التي أطلقها الشيخ تيسير رجب التميمي (قاضي قضاة فلسطين)، والذي قال: "إن الكيان الصهيوني يرتكب جريمة تطهير عرقي بحق المقدسيين وبيوتهم وأحيائهم الإسلامية، ويواصل إغلاق القدس بجدار الفصل العنصري بهدف تحويلها إلى مدينة يهودية خالصة، وكما يواصل التغلغل في الحي الإسلامي وبناء الكنس والتجمعات اليهودية هناك". وأضاف "أن (إسرائيل) ترتكب مذبحة بحق مدينة القدس المحتلة، وبحق الأماكن الأثرية والتراث العالمي" داعياً الجميع ليكون على أهبة الاستعداد للتصدي لمخططاتها وللدفاع عن المسجد الأقصى المبارك.
مع كل أسف، ليس هناك من أحد سيكون على أهبة الاستعداد للدفاع عن المسجد الأقصى، فالكل مشغول في أوضاعه الخاصة والداخلية، ولم يعد هناك من أحد يستعد للدفاع، فالدفاع بات "عملاً إرهابياً" والدعم المالي بات "دعماً للإرهاب" والنصرة باتت الإرهاب بذاته.
هذا هو واقعنا يا فلسطين ، وهذا هو واقعنا يا أقصى ، لك الله يا فلسطين ، ولك الله يا أقصى .
لن تحرر أيها الأقصى الشامخ إلا برجال يخافون الله ويتقونه ، ويطيعونه ولا يعصونه ، يرقبون الله عز وجل ، ولا يرقبون غيره من البشر ، رجال كعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وصلاح الدين الأيوبي رحمه الله ، أولئك هم الفرسان الأبطال الفاتحين .
فإذا عزت الأمة اليوم عن ولادة مثل أولئك الرجال الأشاوس ، فصل على الأمة صلاة الميت بأربع تكبيرات لا ركوع لها ولا سجود ، واسأل الله أن يهيئ للأمة أبطالاً أنجاباًً فرساناً أحراراً .
يتحررون من رق العبودية لأمريكا والخضوع لها ، يتحررون من خشية إسرائيل والانبطاح لها ، يتحررون من سجن الشهوات ، يتحررون من معتقل النزوات ، يتحررون من تكديس الأموال في البنوك العالمية ، ليعملوا لله الواحد القهار ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [ محمد7 ] .
وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [ المائدة51 ] .
وقال تعالى : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ } [ التوبة14 ] .
وتالله أيها المسلمون أنه يكفينا أن نبذل أقل عدد ، وأقل عتاد ، لنغلب الكفار ، مصداقاً لقول الله تعالى : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ آل عمران123 ] ، وقوله تعالى : { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ } [ البقرة249 ] .
ويوم أن كانت القوى المؤمنة أكثر من قوى الكفر في غزوة حنين ، واغترت بقوتها وعددها وعتادها ، منوا بالهزيمة ، قال تعالى : { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ } [ التوبة25 ] ، فالعبرة ليست بكثرة العدد ، ولا بمقياس القوة ، العبرة بقوة الإيمان ، ومدى التوكل على الواحد الديان ، الذي قال سبحانه : { إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [ آل عمران160 ] .
فإذا توكلنا على الله ، وانتهينا عن ذنوبنا ومعاصينا ، والتجأنا إلى المولى النصير ، حتماً سنحقق النصر والغلبة على الأعداء ، فيكفينا أن نبذل المستطاع ، والله تعالى سيكفينا العدو وهو ناصرنا بإذنه سبحانه ، فهو القوي العزيز ، وتأملوا قول الله تعالى : { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ } [ الأنفال60 ] .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، ووفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، ووفق جميع ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في فلسطين، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في فلسطين، اللهم انصرهم على اليهود الغاصبين، اللهم انصرهم على اليهود الغاصبين، اللهم إن اليهود قد طغوا وبغوا وأسرفوا وأفسدوا واعتدوا وأنت الله لا إله إلا أنت القوي العزيز، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم وألق الرعب في قلوبهم واجعلهم غنيمة للمسلمين، وعبرة للمعتبرين، يا رب العالمين ، اللهم وانصر إخواننا المستضعفين في الشيشان، اللهم وانصرهم في كشمير، اللهم وانصرهم في كل مكان يا رب العالمين .

كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك

 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية