اطبع هذه الصفحة


خطبة الأضحى1428هـ

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم

الله أكبر (9) ، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله ، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد ، الحمد لله يمنّ على من يشاء من عباده بالقبول والتوفيق ، أحمده تبارك وتعالى وأشكره على أن منّ علينا بحلول عيد الأضحى وقرب أيام التشريق ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدانا لأكمل شريعة وأقوم طريق ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله ذو النسب الشريف والعريق ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والتصديق ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما توافد الحجيج من كل فج عميق ، آمِّين البيت العتيق ، وسلم تسليمًا كثيرًا ، أما بعد : فأوصيكم عبادَ الله ، بتقوى الله ، فإنها سعادةُ الأبرار ، وقوامُ حياةِ الأطهار ، تمسَّكوا بوثائقها ، واعتصموا بحقائقها .
أخوة الإيمان : العقيدة العقيدة ، يا أهل العقيدة ، فلا دين بلا عقيدة ، من أجل العقيدة وترسيخها ، بعث الله الرسل ، وأنزل الكتب ، قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } .
أمة الإسلام : جريمة الجرائم ، وعظيمة العظائم ، التي لم تحل في دين أبداً ، ويأباها العقلاء ، إنها فاحشة الزنا ، وفعل الخنا ، حذر منها ربنا تبارك وتعالى ، فقال جل وعلا : { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } ، الزنا مضاد لصفات المؤمنين ، ومنافرٌ لمسالك الأبرار والمتقين ، قال رب العالمين : { ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " .
أخوة العقيدة والدين : جاء حَبْرٌ من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه إذا كان يوم القيامة ، جعل الله السماوات على إصبع ، والأراضين على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، والخلائق على إصبع ، ثم يهزهنّ ثم يقول : أنا الملك ، أنا الملك ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تعجبًا وتصديقًا لقوله ، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قول الله جل وعلا : { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } ، إن ذلك من دلائل عظمة المولى ، وقدرته جلّ وعلا ، قال صلى الله عليه وسلم : " أُذِنَ لي أن أُحدّث عن مَلَكٍ من ملائكة الله تعالى ، من حملة العرش ، إن ما بين شحمةِ أُذُنه إلى عاتقه ، مسيرةُ سبعمائة عام " [ رواه أبو داود وصححه الألباني ] ، فكيف بخالق هذا الملك ، فسبحان ذي العظمة والجبروت ، والكبرياء والملكوت ، لا إله إلا هو الحيّ الذي لا يموت ، نصوص تدل على آيات الله الظاهرة ، وقدرته القاهرة ، وعظمته الباهرة ، فهل قَدرْنا الله حق قدره ، وهل عظمناه حق تعظيمه ؟ هل قمنا بحقه جلّ وعلا علينا، ونحن خلقه وعبيده ، ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واهنَؤوا بعيدكم ، والزموا الصلاحَ وأصلحوا ، فالعيد يومُ فرَح وسرورٍ ، ويومُ ابتهاجٍ وتهانٍ وحبور ، يومُ عفوٍ وإحسان لمن عفَا عمّن هفا ، وأحسَن لمن أسَاء ، يومُ عيدٍ لمن شَغَله عيبُه عن عيوبِ النّاس، فالزَموا حدودَ ربِّكم ، وصوموا عن المحارِمِ كلَّ دَهركم ، تكُن لكم أعيادٌ في الأرض وأعيادٌ في السماء ، ثم اعلموا يا رعاكم الله أنه لا عيد لمن عقَّ والدَيه فحُرِم الرّضَا في هذا اليومِ المبارَك السعيد ، وليس العيدُ لمن يحسُد الناسَ على ما آتاهم الله من فَضله ، وليس العيدُ لخائنٍ غشّاش كذّاب ، يسعى بالأذَى والفسادِ ، والنميمةِ بين العباد ، كيف يسعَد بالعيد من تجمَّلَ بالجديد ، وقلبُه على أخيهِ أغلظ من الحديد ؟ كيف يفرح بالعيدِ من أضاع أموالَه في الملاهِي المحرَّمة والفسوقِ والفجور ، يمنَع حقَّ الفقراء والضعفاء ولا يخشى البعثَ والنشور؟ لا يعرِف من العيدِ إلا المآكلَ والثوبَ الجديد ، ولا يفقَه مِن معانيه إلاّ ما اعتاده من العاداتِ والتقاليد ، ليس لهم منَ العيد إلا مظاهرُه ، وليس لهم من الحظِّ إلى عواثِرُه .
أمة الإسلام : ألا وإن من أظلم الظلم ، وأعظم الإثم ، الكفر بالله العظيم ، والخروج عن دينه القويم ، فاحذروا وسائل الكفر وطبائعه ، وطرقه وذرائعه ، واعلموا أن العلم بها طريق الخلاصِ منها ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " إنما تنقض عرى الإسلام ، عروةً عروةً ، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية " ، إلا وإن من نواقض الإسلام الظاهرة اليوم ، الذهاب إلى السحرة والمشعوذين ، والكهنة والرّمالين ، وأهل الأبراج والعرافين ، وقُرَّاءُ الكف والفنجان والمنجمين ، الذين يدعون علم المغيبات ، والكشف على المضمرات ، فإنهم أهل غش وتدليس ، وخداع وتلبيس ، يهرفون بما لا يعرفون ، يقولون ما لا يعلمون ، يستعينون بالجن وبهم يستغيثون ، ولهم يتقربون ، وبربهم يكفرون ، يطلبون ممن يأتيهم ذبح حيوانات ، بألوان وصفات ، يلطخون بدمها الأجساد والحيطان والعتبات ، تقرباً للجان ، وعبادة للشيطان ، وشركاً بالرحمن ، وقد قال الواحد الديان : { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لعن الله من ذبح لغير الله " [ رواه مسلم ] ، ومن تلبيسهم وتدليسهم ، إعطاؤهم من يأتي إليهم أشياء تُدفن وتُغرق ، وأخرى تُخفى وتُحرق ، إلى غير ذلك من دخائلهم الكدرة ، ودفائنهم القذرة ، فاحذروا عباد الله إتيانهم أو سؤالهم أو تصديقهم ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " [ رواه مسلم ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " [ رواه أحمد ] ، وعن عمران بن حصين مرفوعًا : " ليس منا من تطير أو تُطير له ، أو تكهن أو تُكهن له ، أو سحر أو سُحر له " [ رواه البزار ] ، وما هذه القنوات الفضائية السحرية ، التي تبث عبر الفضائيات القمرية ، إلا حرب على الإسلام وأهله ؟ فالتوجه إلى غير الله في الملمات والخطوب ، وكشف المعضلات والكروب ، وسؤالهم شفاء المرضى وقضاء الحاجات ، وجلب المنافع ودفع المضار والكربات ، كل ذلك شرك وضيع ، وجرم فظيع ، وخطر شنيع ، إنه الذنب الذي لا يغفر ، والكسر الذي لا يجبر ، قال من لا يُقهر : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً بَعِيداً } .
أيها المسلمون : لقد جنّد أعداء الإسلام كل ما وصلوا إليه من اختراع ، وتقنية واضطلاع ، لحرب الإٍسلام وأهله ، وغزو بلاد المسلمين عقدياً وفكرياً ، ليحكموا القبضة عليها ، ويستولوا على مقومات الحياة فيها ، فأغرقوها في حب المادة والشهوات ، حاصروا بلاد الإسلام بثورة إعلامية ، وتقنية اتصال عالمية ، وهاجموها بقنوات فضائية ، شهوانية شيطانية ، سم زعاف ، يقضي على الكرامة والعفاف ، وريح عاصف ، ومكر قاصف ، وهجمة شرسة مستعرة ، وقع فيها أصحاب قلوب متعثرة ، هجمة تتعرض لها أجيالنا الحاضرة ، تُفجّر غرائزهم ، وتدمر أخلاقهم ، وتشيع الرذيلة بينهم ، الكل فيها هائم ، وفي غفلته عائم ، وعن عدوه نائم ، وما حوادث القتل والسرقة والرعب ، والاعتداء والإجرام والغصب ، إلا نتاج سيء لتلكم القنوات الفاضحة ، فواجع ومواجع ، أقضت المضاجع ، وزادت البلاقع ، فأعملوا العقول ، وتدبروا تلكم النقول ، تخرجوا منها بسلام ، فاللهم سلم سلم .
أيها الأخوة الكرام : وإن مما يشار إليه بأنامل الاتهام ، إغراق أسواق المسلمين بكثير من المحرمات والمنكرات ، وكانت المرأة المسلمة ، على رأس القائمة ، هجمات جارفة ، وحرب حارقة ، حاربوا المسلمة وجلبابها ، والعفيفة وحجابها ، وسعوا في إغوائها وإغرائها ، وفي الفساد إغراقها ، بما تصنعه دور الأزياء الخليعة ، وبيوتات الموضة المنحلّة الفظيعة ، دعوها إلى الاختلاط ، وعدم القرار في البيوت ، أوهموها وأقلقوها ، وأهانوها ودنسوها ، حتى بدت عورتها ، وانكشفت سوأتها ، فيا الله ! ما هذه الفتن ، وما تلكم المحن ؟ نساء وبنات ، كاسيات عاريات ، قال عنهن نبي الهدى والرحمات : " لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها " فرحماك ربنا رحماك ، إن موارد الخسار ، ومشارع البوار ، إنما هي في طاعة الكفار ، وتقليد الفجار ، يقول الواحد القهار : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَـٰبِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَـٰسِرِينَ } .
عباد الله : اللهَ اللهَ في الصلاةِ مع الجماعةِ ، فإنها نعمتِ الطاعة والبضاعَة ، واعلموا أنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ، أمر الله بها في كتابه ، ووصى بها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ، وحث عليها وهو يجود بنفسه الطاهرة ، وهو في النزع الأخير من حياته ، فكان يقول وهو على فراش الموت : " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم " ، من ترك الصلاة متعمداً كفر ، ومن تركها متهاوناً بها واستخفافاً كفر على القول الصحيح من أقوال أهل العلم ، قال صلى الله عليه وسلم : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " ، فيا أيها المسلمون هذا دينكم ، وشرع ربكم ، وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم بين أيديكم ، تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، فوالله وبالله وتالله لن يصلح آخر هذه الأمة ، إلا بما صلح به أولها ، وإياكم والمحدثات من الأفكار والأهواء ، والطرق والآراء ، فإن خير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، والعياذ بالله ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، اللهمّ إنَّ السرورَ بك هو السرور ، والفرحَ بغيرك هو الغرور ، اللهمّ بابَ فضلك نقرع ، وإليك نلجأ ونفزع ، اللهم أصلحَ أحوالَ المسلمين في كلّ مكان ، وهيّئ لهم من أمرهم رشَدًا بمنك وكرمك ، إنك خير مسؤول ، وأكرم مأمول ، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافّة المسلمين من كلّ ذنب ، فاستغفروه وتوبوا إليه ، إنه كان للأوابين غفورًا .
الله أكبر (8) الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الحمد لله حمدا كثيراً طيباً مباركاً كما يحب ربنا ويرضا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، وحبيبه وخليله، وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه وصفوته من رسله، أرسله الله هاديا، ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وإخوانه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً.
أمة الإسلام : مُروا بالمعروف أمرًا رفيقًا ، وانهوا عن المنكر نهيًا حليمًا حكيمًا رقيقًا ، فالحِسبة قِوام الدين ، وبها نالت الأمّة الخيرية على العالمين ، هي صمام الأمان في الأمة ، فكونوا لها أوفياء ، وبأهلها أحفياء ، حتى لا تغرقَ سفينة الأمة ، احفَظوا أقدارَ العلماء ، وصونوا أعراضَ أهلِ الحسبة والدعاة الفُضَلاء ، أطيعوا أمرَ من ولاّه الله من أموركم أمرًا ، وحذار أن تقربوا من الفتنة شرَرًا ولا جمرًا ، وعليكم بالصدق والوفاء بالعهد ، والأمانة والحشمة والصيانة ، وبرِّ الوالدين وصلةِ الأرحام ، تسامحوا تراحموا ، تعاطفوا تلاحموا ، وكونوا عبادَ الله إخوانًا ، احذَروا الغشّ وقولَ الزور والكذب والخيانةَ ، فإنها بئست البطانة ، واحذروا الربَا والرشوةَ ، واجتنبوا المسكِرات والمخدّرات ، فإنها من الكبائرِ ، وسببُ البلايا والجرائر، وإياكم والنميمةَ والغيبةَ والظلم والبهتان والشائعات والتساهلَ في حقوق العباد ؛ فإنها مجلبةٌ لغَضَب الجبار ، والذلّةِ والصغار ، وحَطِّ الأقدار ، بل هي الآثام والأوزار ، أجارنا الله وإياكم من ذلك كلِّه ، فاجتنبوا المسالكَ المعوجَّة ، والطرقَ الملتوِية ، واحذروا مخالفةَ الأحكام القرآنيّة ، وعليكم بالأوامر الربانية ، والتوجيهاتِ النبويّة ، والقواعدِ الشرعية ، بها ينجو الراعي والرعية .
أيتها المسلمات : اتقين الله عز وجل في أنفسكن، حافظن على العفاف والحياء والحجاب والحشمة ، كنّ مسلمات مؤمنات قانتات ، حافظات للغيب بما حفظ الله، أنتن في الإسلام درر مصونة ، وجواهر مكنونة ، فكن على حذر مما يدسه أعداء الإسلام، الذين يريدون جرّكن إلى السفور والتبرج والاختلاط والتحرر والإباحية ووأد المثل والفضائل والقيم، قمن برسالتكن في التربية والتنشئة لأجيالنا الصاعدة خير قيام .
عباد الله : إن من أعظم ما تتقربون به إلى الله في هذه الأيام الأضاحي ، يقول عز وجل : { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ } ، ويبدأ وقت ذبحها من بعد صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق ، ويجزئ من الإبل ما تم له خمس سنين ، ومن البقر ما تم له سنتان ، ومن المعز ما تم له سنة ، ومن الضأن ما تم له ستة أشهر ، وتجزئ الشاة عن الرجل وأهل بيته ، والبدنة والبقرة عن سبعة من المضحين ، وأفضل كل جنس أثمنه وأغلاه وأسمنه ، والسنة أن يذبحها المضحي بنفسه ، ولا يجوز أن يعطي الجزار أجرته منها ، ولا يجزئ في الأضاحي المريضة البين مرضها ، ولا العوراء البين عورها ، ولا العرجاء التي لا تطيق المشي مع الصحيحة ، ولا الهزيلة التي لا مخ فيها ، فاذبحوا ضحاياكم على بركة الله ، وبسم الله ، وكلوا منها واهدوا وتصدقوا ، قال تعالى : { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } ، هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله ، على الرحمة المهداة ، والنعمة المسداة ، نبيكم محمد بن عبد الله ، فقد أمركم بذلك ربكم جل في علاه ، فقال تعالى قولاً كريماً تدبرناه وقرأناه : { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً } ، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله ، وارض اللهم عن آله الأطهار وصحابته الأبرار المهاجرين منهم والأنصار ، وعنا معهم بمنك وكرمك يا واحد يا قهار ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، ودمر أعداء الملة والدين ، اللهم انصر من نصر الدين ، واخذل من خذل عبادك المؤمنين ، اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم من أراد بلادنا بسوء فأشغله بنفسه ، واجعل تدبيره تدميراً عليه ، الله أكفنا شر الأشرار ، وكيد الفجار ، وطوارق الليل والنهار ، إلا طارق يطرق بخير ياقهار ، اللهم أحفظ على بلادنا وبلاد المسلمين أمنها وطمأنينتها ورخاءها يارب العالمين ، اللهم انصر إخواننا في العراق على المتحزبين ، اللهم انصر إخواننا في فلسطين على الصهاينة المعتدين ، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، الذين يجاهدون لإعلاء كلمتك يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم يا قوي يا عزيز ، يا جبار السموات والأرض ، يا من لا يعجزه شيء ، ولا يغيب عنه أمر ، ولا يفوته مطلوب ، اللهم عليك بأمريكا وأعوانها ، واليهود وحكامها ، والرافضة وملاليها ، اللهم شتت شملهم ، وأدر الدائرة عليهم ، اللهم أضعف قوتهم ، واجعل بأسهم بينهم ، اللهم اكفنا والمسلمين شرهم ، اللهم اشدد وطأتك عليهم ، وأنزل بأسك بهم ، واجعل الذل والصغار شعارهم ، اللهم احفظ ولي أمرنا بحفظك ، وأيده بتأييدك ، وسدد على الخير خطاه ، اللهم هيئ له البطانة الصالحة ، والمشورة الناصحة ، اللهم وفقه وإخوانه وأعوانه لما فيه رضاك ، يارب العالمين ، اللهم إنا نسألك الجنة ، ونعوذ بك من النار ، واغفر لنا بالليل والنهار ، يا عزيز يا غفار ، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا ، وما أسررنا وما أعلنا ، وما أنت أعلم به منا ، اللهم توفنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين ، غير خزايا ولا مفتونين برحمتك يا أرحم الراحمين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين.

 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية