اطبع هذه الصفحة


خطبة التذكير بأمر الفقير

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله منّ علينا بخير الشرائع وأوفاها، وعلِم جهر كل نفس ونجواها، وعظّم شأن أمْنِهَا تعظيمًا لا يتناها، وحفظ لها دينها وأنفسها وعقولها وأموالها مبدأها ومنتهاها ، أحمده تعالى وأشكره، عز ربًا وجلّ إلهًا، سبحانه من إله عظيم، ورب رحيم لا يُماثَل ولا يُضاها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من طهّر نفسه وزكاها، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، المبعوث بأشرف الملل وأزكاها، الذي قرر قواعد الملة وشيّد بِنَاها، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خيار الأمة وأتقاها، وأعلمها وأهداها، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا. . أمّا بعد :
فخير ما يتواصى به المؤمنون الكرام ، تقوى الملك العلام ، فتقواه حفظ للسالف والأمام ، قال رب الأنام : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } ، وقال المؤمن السلام : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } .
أيها المسلمون : الأمة اليوم تعاني ويلات الحروب المدمرة ، والكوارث المهلكة ، جراء تسلط الأعداء ، وتكالبهم على قصعتهم الواضح ، واعتدائهم على ثرواتنا الفاضح ، واستيلائهم على مواردنا ومقدراتنا ، ومع هذه المدلهمات ، والخطوب الملمات ، نحتاج لنصر قريب ، من الله الحسيب ، لكن يا عباد الله ! للنصر أسباب ، وللظفر أبواب ، وسنناقش في خطبتنا هذه أحد أسباب النصر والعزة ، والتمكين والكرامة ، أخرج البخاري في صحيحه من حديث مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعْفَائِكُمْ ؟ " ، فمن هذا المنطلق النبوي الكريم ، يحسن بنا التذكير ، والإيضاح والتنوير ، بأمر الضعيف الفقير ، وملاطفة اليتيم الصغير ، فالفقر يجلب الكَلَّ ، ويؤدي للفَلَّ ، ولذا فقد استعاذ منه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ " [ أخرجه أبو داود وأحمد ] ، ألم تروا إلى الفقير بين الناس منكسر الجناح ، حليف هموم وأتراح ، دون اقتراف إثم أو جناح ، فرحماك ربنا رحماك ، فقير قتله الجوع الماحص ، ومسكين أهلكه البرد القارص ، وعائل يتلمس الطعام ، ليشبع أبناءه الفئام ، وأرملة حول القمامة من الجوع تتضور ، لتطعم أطفالها الصغار القصَّر ، فيا غني تدبر وتصور ، قال الله المصور : { لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ } ، فيا أيها المسلمون الكرام ، أين الأخوة والوئام ، ونحن أمة الألفة والتراحم ، وأهل العطف والتلاحم ؟ ألسنا مسلمين ، أخوة متحابين ؟ ألم تقرءوا قول الحق المبين : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } ، أم عساكم لم تتأملوا قول نبيكم وخليلكم صلى الله عليه وسلم عندما قال : " ليس المؤمن الذي يبيت شبعاناً وجاره جائع إلى جنبه " [ أخرجه البيهقي والحاكم وصححه ] .
أمة الوفاء والإخاء : إن من إشراقات عظمة الإسلام وجلاله ، وسمو أخلاقه وكماله ، وبيان تكافله وجماله ، تلكم الأواصر الاجتماعية السامية ، والوشائج الروحية النامية ، والأخلاق الإنسانية الحانية ، لاسيما في زمن البخل الجموع ، وثراء اليد المنوع ، قال تعالى في صلب الموضوع : { هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء } ، فالبخل قتل للخير المشاع ، واغتيال للعطاء النَّفاع ، فهذه دعوة لبذل الخير المستطاع ، قال الله محذراً من البخل المناع : { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } .
أيها المسلمون : إن البذل والعطاء ، والإنفاق والسخاء ، خُلفٌ ونماء ، وصفةٌ لمالك الأرض والسماء ، قال تعالى : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ } ، وقال صلى الله عليه وسلم : " يد الله ملأى لا يغيضها نفقة ، سحاء الليل والنهار " [ متفق عليه ] ، لكن يا أخوة الإيمان ، لا يغيبن عن علمكم أن المال مال الله ، وأن الله مستخلفكم فيه ، فينظر كيف تعملون ، ثم اعلموا أن التفاوت في الأرزاق ، حكمة من المولى الرزاق ، { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } ، المال تمحيص للأغنياء ، وابتلاء للفقراء ، فكل يغدوا في ميدان التسابق ، ويجري في مضمار التلاحق ، ليبتلي الله الشاكر ، ويعلم الصابر ، فيا أيها الأغنياء الموسرين ، تفقدوا الفقراء المنكسرين ، والمساكين المعوزين ، تكونوا من الفائزين ، وتنالوا رضا العزيز العليم ، قال العلي العظيم : { الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } .
أيها الأخوة المؤمنون : هناك من الفقراء من لا تعرفونهم ، وبالكاد تتوسمونهم ، فاسألوا عنهم من تثقون بهم ، ويدرون بحالهم ، قال تعالى : { لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ } ، بيد أن هناك فئة ضلت الطريق القويم ، وانحرفت عن الصراط المستقيم ، وربما يُجزم الجازم ، والعارف الفاهم ، أنهم ليسوا بحاجة ، بل نتوءآت خرَّاجة ، ترمقهم أمام الساجد ، وعند أبواب المساجد ، ليس في وجوههم مزعة لحم ، تفاقم خطرهم وعم ، عن أَبي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ قال : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ " [ متفق عليه ] ، يتحيلون بكلمات معسولة ، وأجساد كسولة ، ووجوه مغسولة ، لاستدرار الأموال ، وحالهم أحسن الأحوال ، عن الحاجة بعيدين ، وعن الفقر شاسعين ، وقد بذل لهم الوصية ، خير البشرية ، ورحيم الإنسانية ، حيث قَالَ لهم صلى الله عليه وسلّم : " لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَداً ، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ " [ رواه البخاري ومسلم ] ، نعوذ بالله أن نقول زوراً ، أو نغشى فجوراً ، لكنها فئة ما فتئت تعبث ببيوت الله ، حتى غدت المساجد لهم مكسباً ، ولتسولهم مغنماً ، وإنما بنيت المساجد لإقامة شعائر الله وذكره ، وعبادته وشكره ، ثم اعلموا أيها الناس أن ما تقدمونه من أموالكم ستحاسبون عليه ، وتوقفون من أجله ، فتخيروا لأموالكم المساكين المحتاجين ، والمنكسرين المعوزين ، فالفقير المدقع ، والجائع المتوجع ، هو من تسأل عنه أنت ، وإذا رأيته لنت ، بيد أن المتسولين يجهشون بالبكاء ، ويشحذون بخبث ودهاء ، يستزيدون من جمر جهنم ، يرومون تجارة ومغنم ، ومكسباً محرم ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّراً ، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْراً ، فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ " [ متفق عليه ] .
أمة الإسلام : تذكروا أطفالاً أيتاماً ، مات عنهم آباؤهم إلزاماً ، فتذكروا حقهم إعظاماً ، كانوا بين الآباء والأمهات ، واليوم فقدوا الحنان والإخبات ، وحسن الرعاية والإنبات ، يرون الصغار حولهم سعداء ، وهم فقراء تعساء ، فأين اليد العطوف ، والقلب الرءوف ، الذي يمسح دمعة اليتيم ، ويرغب في الجنة والنعيم ، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ في الْجَنَّةِ هكذا ، وَأَشَارَ بالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى " [ أخرجه البخاري ] ، ألا لا تغفلوا عن الثكالى والأرامل ، فقد أثقلهن حمل الكواهل ، فالله الله أيها المؤمنون ، اكفلوا الأيتام المحتاجين ، وارعوا الأطفال الملتاعين ، أغنوهم عن السؤال المحرج الشديد ، وأفرحوهم بلبس الجديد ، فذلكم الفوز يوم المزيد ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " أَحَبُّ النَّاسِ إلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ علَى مُسْلِمٍ، تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْناً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً " [ أخرجه البزار والطبراني ] ، الصدقة فرصة عظيمة ، لإدخال السرور على شفاه الثكالى العُسَّر ، ومنة كريمة لإضحاك الأرامل والقُصَّر ، فأجر ذلك أعظم وأجزل ، وأكبر وأنبل ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " السَّاعِي على الأرملةِ والمسكينِ ، كالمجاهد في سبيلِ الله ، وكالقائمِ لا يَفْتُرُ، والصائِمِ لا يُفْطِرُ " [ أخرجه البخاري ومسلـم ] .
أيها المسلمون : هنيئاً لأناس فطناء باذلين ، أذكياء منفقين ، جعلوا الدنيا مزرعة للآخرة ، فغنموا منها المغانم ، واقتسموا فيها المقاسم ، طمعوا في الجنة العلية ، والعيشة الهنية ، بصدق وإخلاص نية ، قال رب البرية : { الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } ، فطوبى ثم طوبى للمتصدقين ، وهنيئاً هنيئاً للمعطين ، فالموعد جنات النعيم ، في جوار رب عظيم ، ونبي كريم ، اللهم أغننا بحلالك عن حرامك ، وبفضلك عمن سواك ، وأغننا اللهم عمن أغنيته عنا ، واجعلنا أغنا خلقك بك ، وأفقر عبادك إليك ، أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات ، من كافة الذنوب والخطيئات ، فاستغفروا رب البريات ، إنه كريم العطايا والهبات ، قريب مجيب الدعوات ، فيا فوز المستغفرين والمستغفرات .


الحمد لله الملك العلام ، الحي القيوم المؤمن السلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أنار من الظلام ، ووعد من أطاعه بالتمام ، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، خير من صلى لله وقام، وحج البيت وصام، عليه من الله أفضل صلاة وأزكى سلام ، وعلى آله وأصحابه هُداة الأنام، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المقام . . وبعد :
أيها المسلمون : هلا تذكرنا في لحظة النشوة والفرح والسعادة ، أن هناك أناس يعيشون حياة البؤس والحزن والألم والمرض وشدة الجوع ، ننعم بخير الأطعمة ، وأجود أنواع المشروبات ، وأفضل أنواع الألبسة ، فهلا تذكرنا في هذا الشتاء ، أن نتبرع للفقراء بالكساء ، الذي يقيهم برد الشتاء القارص ، ويحميهم بإذن الله من زمهريره وشدته ، وهلا تذكرنا شدة الحر ، حيث تلفح الشمس بحرارتها ، فيختبئ كل شيء من حرها ولهيبها ، إلا الفقراء المساكين ، الذين لا يجدون ما يقيهم حر الشمس ، وشدة القيظ ، فهلا اتخذنا من أموالنا ، ظلاً يستظل به من لا ظل له ؟ لنستظل يوم القيامة في ظل من لا ظل إلا ظله ، في ظل الرحمن جل جلاله ، فأنفقوا أيها الناس من أموالكم ، أطعموا البائس الفقير ، اكسوا العراة من المسلمين ، احملوا الحفاة منهم ، فالجنة هناك ، والعون من الله هناك ، قال صلى الله عليه وسلم : " من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " [ أخرجه مسلم ] ، وقال تعالى : { مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } ، فتذكروا عباد الله أن أمامكم أهوال مخيفة ، وأخطار مهيبة ، في القبور ، ويوم البعث والنشور ، وأذكرك بهذا الحديث العظيم ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم : " إنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْماً عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَداً صَالِحاً تَرَكَهُ ، أَوْ مُصْحَفاً وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِداً بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتاً لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهَراً أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ " [ رواه ابن ماجة بإسناد حسن والبيهقي ] ، فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ، والتزموا بآداب دينكم ، وأنيبوا إلى ربكم ، وأصلحوا ما فسد من أحوالكم ، وتمسكوا بكتاب ربكم ، وسنة نبيكم ، تفلحوا وتنجحوا ، ثم صلوا وسلموا رحمكم الله على صاحب الغرة والتحجيل ، المذكور في التوراة والإنجيل ، المنعوت بأعظم الأوصاف والتبجيل ، فقد قال العزيز الجليل ، في معجزة التأويل: { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً } ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد ، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين ، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، ووفق وليّ أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، واحفظه من كل سوء ومكروه ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ، اللهم اعصمنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم سلم الحجاج والمعتمرين ، ورجال الأمن الساهرين ، واحفظ ولاة أمر المسلمين ، يارب العالمين ، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين ، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في فلسطين على اليهود الغاصبين ، وفي العراق على النصارى المحتلين ، والرافضة الصفويين ، اللهم وانصر إخواننا المستضعفين في كل مكان يا رب العالمين ، ربنا آتنا في الدناي حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار عباد الله: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر ، والله يعلم ما تصنعون .

 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية