اطبع هذه الصفحة


خطبة همُّ الليل والنهار

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله العلي الأعلى ، خلق فسوى ، وقدر فهدى ، أحصى على العباد أفعالهم وأقوالهم ، في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، أحمد سبحانه وأشكره شكراً مزيداً ، وأتوب إليه وأستغفره كثيراً ، له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، تقدس وتعالى ، جلت عظمته ، وعمت قدرته ، وتمت كلمته صدقاً وعدلاً ، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ، وأشهد أن نبينا

وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله ، صفياً مجتبىً ، بعثه ربه بالحق والهدى ، فما ضل وما غوى ، وما نطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، صلى الله وسلم وبارك عليه ليلاً وضحىً ، وعلى آله وأزواجه أهل الخير والتقى ، وصحابته مصابيح الدجى ، ونجوم الهدى ، والتابعين لهم بإحسان في الآخرة والأولى . . . أما بعد : فاتقوا الله أيها المسلمون ، وعظِّموا شعائره وحُرُماته ، وابتغوا بتوقيرها غفرانَه ومرضاته { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ } .
أيها المسلمون : دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ المَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ ، فَقَالَ : يَا أَبَا أُمَامَةَ ! مَا لِي أَرَاكَ جَالِساً فِي المَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ ؟ قالَ : هُمُومٌ لَزِمَتْنِي ، وَدُيُونٌ يَا رسولَ الله ، قالَ : " أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَماً ، إِذَا أنت قُلْتَهُ ، أذْهَبَ الله هَمَّكَ ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ؟ قال : قُلْتُ : بَلَى يَا رسولَ الله ، قال : " قُلْ

إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَأعوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ والْبُخْلِ ، وَأعوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ ، قالَ : فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ، فَأَذْهَبَ الله هَمِّي ، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي " [ أخرجه أبو داود من حديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه ] ، نعم يا عباد الله ، الديْن هَمٌّ بالليل ، مَذَلَّةً بالنهار ، لما فيه من شغل القلب والبال ، والهَمِّ اللازم في قضائه ، والتذلّل للغريم عند لقائه ، وتحمّل مِنَّته بالتأخير إلى حين أوانه ، وربّما يَعد من نفسه القضاء فيُخلف ، أو يحدِّث الغريم بسببه فيكذب ، أو يحلف له فيحنث ؛ ولهذا كان عليه الصلاة والسَّلام يتعوّذ من المأثم والمَغْرَم ، والمغرم الديْن ، فقيل له : يا رسول الله ، ما أكثر ما تتعوّذ من المغرم ؟ فقال : " إن الرجل إذا غَرِم ، حدّث فكذب ، ووعد فأخلف " ، فربما مات المدين ، ولم يقضِ الدين ؛ وكل هذه الأسباب مَشائن في الدِّين ، تذهب جمالة ، وتنقص كماله .

أمة الإسلام : إن دين الآدمي في نظر الإسلام أمانة عظمى ، ومسؤولية كبرى ، يقع بسببها العذاب والنكال ، والإثم والوبال ، يوم البعث والنشور ، وفي حياة القبور ، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه ، عنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " مَن أخَذَ أموالَ الناسِ يُريدُ أداءَها أدّى اللهُ عنه ، ومَن أخَذَها يُريدُ إتلافَها أتْلَفَهُ الله " [ أخرجه البخاري ] ، فتذكر أيها المديون ، تربص ريب المنون ، تذكر ضائقتك ، ومن وقف بجانبك ، من صديق أو قريب أو جار ، وقد كنت قبل محتار ، فبذل لك ماله ، لانتشالك من الذلة والمهانة ، فيسر عليك وأقرضك ، ومن الضيق أنقذك ، فواجب عليك أيها الملهوف ، أن تقابل المعروف بالمعروف ، وتذكر قول الرحيم الرؤوف : { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } ، وكما قيل : إذا أكرمت الكريم ملكته ، وإذا أكرمت اللئيم تمرداً ، فمن أخذ أموال الناس كسلف ودين ، فهي في ذمته إلى يوم الدين ، ولا تبرأ ذمته منها ، حتى يؤديها إلى أهلها ، فاتَّقوا الله تعالى حقَّ

تقواه ، واكتسبوا من الطاعات والصالحات ما يحبّه ويرضاه ، وتجافَوا عن كلّ ما يسخطه ويأباه ، تفوزوا في الدنيا وتغنموا ، وتسعدوا في أخراكم وتنعموا .
أيها الأخوة في الله : كم من الناس من تصيبه نوائب الدهر ، وحاجات العصر ، وليس لديه ما يستعين به على النوازل واللوازم ، فيذهب مكرهاً للدين ، وفي نيته الخالصة ، ونفسه الصادقة ، الوفاء بدينه ، خوفاً من الله وعقوبته ، فهذا موفق معان ، وعن العذاب مصان ، أخرج الحاكم وصححه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : سمعتُ رسولَ الله صَلَّـى الله عَلَـيْهِ وَسَلَّـمَ يقولُ : " مَا مِنْ عبدٍ كانتْ لهُ نِـيَّةٌ فـي أَدَاءِ دَيْنِهِ ، إلا كانَ لهُ مِنَ الله عونٌ " ، فمن أصابته الحاجة ، ونزلت به الفاقة ، فليلحقها بالله خالقه ، ويتجه لكريم عطائه ، ويتعرض لنفحاته وسخائه ، فالله يسمع الدعوى ، ويعلم النجوى ، ويقضي الشكوى ، قال جل وعلا : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ

دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } فخذوا العبر ، واحذروا تغير المحاسن والصور ، ففي القبر أعظم معتبر ، والنار أخوف مستقر .
أمة التوحيد والتمجيد : هناك من الناس من يستدين لأمور تافهة ، عن فطنته تائهة ، فيستدين ، ويوهن كاهله بالدين ، يهين نفسه ، ويريق ماء وجهه ، من أجل غرض دنيوي زائد عن حاجته ، أو أمر كمالي خطأ برمته ، كمن يستدين ليدخل بورصة الأسهم ودنيا المال ، أو يستدين لشراء أثاث منزلي من باب المفاخرة والمجاراة ، أو يشتري سيارة فارهة ، غالية فاخرة ، وفيما لديه كفاية ، لكنه ترك طريق الهداية ، فلم يوفق لحسن الغاية ، فمن كان هذا غرضه ، وذاك عرضه ، فربما استدان ومات ، وحبس عن دخول الجنات ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " صَاحِبُ الدَّيْنِ مَأْسُورٌ بِدينِهِ ، يَشْكُو إلَى اللَّهِ الْوَحْدَةَ " [ أخرجه الطبراني في الأوسط ] ،

وأخرج النسائي والطبراني في الأوسط ، والحاكم وصحح إسناده ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَاعِداً حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ قِبَلَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ خَفَضَ بَصَرَهُ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ، فَقَالَ : " سُبْحَانَ اللَّهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا أُنْزِلَ مِنَ التَّشْدِيدِ " ، فَقُلْنَا : مَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نَزَلَ ؟ قَالَ : " فِي الدَّيْنِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ قُتِلَ رَجُلٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ عَاشَ ، ثُمَّ قُتِلَ ، ثُمَّ عَاشَ ، ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ، مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى دَيْنُهُ " ، ولكن مع شديد الأسى والأسَف ، أنّ كثيرًا من الناس قد غفل عن ذلك وانصرَف ، فاستدان من هذا وذاك واستلف ، ونسي يوم المزدلف .
إخوة الإيمان : أطول آية في كتاب الله ، آية الدين ، لعظم أمره ، وشدة خطورته ، وسوء خاتمته ، ووخيم عاقبته ، لقد كان في بداية عصر الإسلام ، لا يُصلي النبي صلى الله عليه وسلم على من مات وعليه دين ، جزاءً لإهماله ، وحفظاً لمال غيره ، عَنْ أَبِي

هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : " كَانَ يُؤْتَىٰ بِالرَّجُلِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ، فَيَسْأَلُ : " هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ ؟ " فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّىٰ عَلَيْهِ ، وَإِلاَّ قَالَ : " صَلُّوا عَلَىٰ صَاحِبِكُمْ " ، فَلَمَّا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ : " أَنَا أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ " [ متفق عليه ] ، فالدين يحرق الجلود ، وعذابه ممدود ، إلى اليوم الموعود ما لم يوف بالوعود ، فسارعوا يا رعاكم الله بالسداد ، وتذكروا يوم المعاد ، عن جابر رضي الله عنه قال : توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه ، فخطا خطىً ثم قال : " أَعَلَيْهِ دَيْنٌ " قلنا : ديناران ، فلم يصل عليه ، فقال أبو قتادة : الديناران عليّ يا رسول الله ، فصلى عليه ، فما لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما لقي أبا قتادة يقول : " ما فَعَلَ الدِّينارَانِ " فقال : إنما مات بالأمس ، حتى لقيه ذات مرة ، فقال : قد

قضيتهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الآنَ بَرَّدَتْ عَلَيْهِ جِلْدَهُ " [ أخرجه أحمد ] ، والعجب العجاب ، وما يثير الاستغراب ، أن هناك ثلة من اللئام ، أميط عن طوياتهم اللثام ، ظنوا خطأً أنهم أذكياء ، وإذا بهم أغبياء أدنياء ، أكلوا الأموال عدواناً وظلماً ، كذباً وجوراً ، قال تعالى قولاً كريماً : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً } ، بارك الله لي ولكم فيما أنزل من كتاب ، ونفعنا بما فيه من آيات وخطاب ، وجعلنا متبعين لسنة النبي الأواب ، أقول ما سمعتم ، فما كان من حق وصواب ، فالحمد لله الواحد التواب ، وما كان من خطأ غير مقصود ، فأستغفر الله المعبود ، واستغفروا ربكم ذو الكرم والجود ، إنه هو الغفور الودود .


الحمد لله الذي لم يزل عزيزا قهّارًا ، بارك ما شاء من عباده حكمةً منه واختيارًا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أعلى لمن عظِّم حُرُماتِه أقدارًا ، وأنزل للعابثين بالأموال أدواراً ، وأشهد أن نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله خير من رجا لله وقارًا ، صلى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه مهاجرين وأنصارًا ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أمة الإسلام : في خضم تداعيات الحاجة ، وكثرة الناس المحتاجة ، يجب التذكير بقول العلي الكبير : { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : " . . . وَمَنْ يَسَّرَ عَلَىٰ مُعْسِرٍ ، يَسَّرَ اللّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ . . . " [ أخرجه مسلم ] ، فاعلموا رحمكم الله أن التيسير على المعسر خيره كثير ، وأجره كبير ، وثوابه وفير ، ولهذا كان من أعظم أنواع التيسير على

الخلق ، إسقاط كامل الحق ، فيا أيها الغني الموسر ، تنازل عن دينك للمعسر ، أو ضع منه جزءاً وادخر ، وتذكر الثواب واصطبر ، ففي الحديث تسلية للمدكر ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " كان تاجِرٌ يُداينُ الناسَ ، فإذا رأَى مُعسِراً قال لِفتيانهِ : تجاوَزُوا عنهُ لعلَّ الله أن يَتجاوَزَ عنّا ، فتَجاوَزَ الله عنه " [ متفق عليه واللفظ للبخاري ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من أنظر معسراً ، أو وضع عنه ، أظله الله في ظله ، يوم لا ظل إلا ظله " [ أخرجه مسلم ] ، فأحسنوا أيها الأغنياء ، إلى المعسرين والفقراء ، وارعوا المعوزين والضعفاء ، تعرضوا لنفحات ربكم ، واشكروه على نعمه التي بين أيديكم ، فقد قال بارئكم : { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } .
أمة الإسلام : الدين هم مفزع ، مقلق مفجع ، محزن موجع ، يشغل البال ، ويغير الحال ، يسهر النائم ، وكل في بحره عائم ، وفي حسرته هائم ، فكان لابد لهذا الهم من زوال ، ولزواله

من نوال ، قلق جارف ، واكتئاب مترادف ، خوفاً من المجهول ، لنيل المأمول ، فلما كان الأمر بهذه الخطورة ، وتلكم الصعوبة ، فهذه باقة عطرة يافعة ، وحديقة نبوية يانعة ، نقتطفها من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ليطمئِنَّ في ربوعها المعسر القلِق ، ويأمَنَ في جنَباتها المديون الفَرِق ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ مُكَاتَباً جَاءَهُ ، فَقَالَ : إنِّي عَجَزْتُ عَنْ مُكَاتَبَتِي فَأَعِنِّي ، فَقَالَ : أَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ ثَبِيرٍ دَيْناً ، أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ : قُلِ : " اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلاَلِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ " [ أخرجه الترمذي وحسنه الألباني ] ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذٍ : " أَلاَ أُعَلِّمُكَ دُعَاءً تَدْعُو بِهِ ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ دَيْناً أَدَّاهُ اللَّه عَنْكَ ؟ قُلْ يَا مُعَاذُ : " اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ ، إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ

قَدِيرٌ ، رَحْمنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا ، تُعْطِيهِمَا مَنْ تَشَاءُ ، وَتَمْنَعُ مِنْهُمَا مَنْ تَشَاءُ ، ارْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ " [ أخرجه الطبراني في الصغير بإسناد جيِّد ، وحسنه الألباني ] ، فحافظوا يا رعاكم الله على هذه الأوراد ، واحفظوا هذه الأذكار ، فهي بإذن الله تعالى تُزيل الهم ، وتُذهب الغم ، وتشرح الصدر ، وتبسم الثغر ، لاسيما من لزمته الديون والهموم ، وتعلقت به حقوق العموم ، ثم صلوا وسلموا على البشير الهادي ، علا ذكره في كل سهل ووادي ، فقد أمركم ربكم بذلك فنادى المنادي ، فقال يا عبادي : " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً " ، اللهم صل وسلم على المصطفى الحبيب ، وعلى آله وصحبه وكل مؤمن بعيد أو قريب ، أنت الحسيب ، وللدعاء مجيب ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم استر عيوبنا ،

وتجاوز عن سيئاتنا ، واعف عن زلاتنا وهفواتنا ، برحمتك يا أرحم الرحمين ، اللهم اغفر لنا جميع الذنوب والخطايا ، وابسط يديك لنا بالخير والعطايا ، وجنبنا الآثام والرزايا ، اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها ، ونعوذ بك من النار ولهيبها ، اللهم انصر اخواننا المسلمين المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم اكتب لهم التمكين ، يا قوي يا متين ، اللهم كن لهم مؤيداً ونصيراً ، ومعيناً وظهيراً ، يارب العالمين ، اللهم عليك بأعداء الملة والدين ، اللهم أزهق نفوسهم ، وشل أركانهم ، وأفسد عقولهم ، اللهم أخرجهم من بلاد المسلمين ، أذلة صاغرين ، يا قوي يا عزيز ، اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك ، وأيده بتأييدك ، واجعل عمله في رضاك ، اللهم وفقه لكل خير وصلاح ، وارزقه بطانة التوفيق والإصلاح ، يا فالق الإصباح ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ، برحمتك يا عزيز يا غفار ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .


 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية