اطبع هذه الصفحة


الإسبال

يحيى بن موسى الزهراني

 
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، شهادة حق ورٍضى ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، نبي العدل والهدي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً …" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً " ، " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " … أماّ بعد :

فإنّ أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ظلالة ، وكل ظلالة في النار ، وعليكم بجماعة المسلمين ، فإن يد الله مع الجماعة ، ومن شذّ شذّ في النار عياذاً بالله .

أيها الناس .. لقد تفضل المولى جل وعلا وتكرم ، وأسبغ على عباده بوافر النعم ، فنعم الله تترا ، ولا يمكن أن تُحصى ، " وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار " ، ومن أعظم النعم ، ومن أجلها على الأخلاق نعمة اللباس الذي أنعم الله به على الناس ، فاللباس يستر العورات ، ويُجمّل الهيئات ، " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير " وإن أعظم لباس يلبسه العبد لباس التقوى ، فينبغي أن يتجمل به ، ويتزين به ، فالتقوى مطلب شرعي ، ومقصد ديني ، كيف لا وبها تنال الدرجات العُلى ، فالتقوى أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية ، بفعل الطاعات وترك المنكرات . نعمة اللباس نعمة عُظمى ، ومنّة كبرى تستحق من العبد مزيد الشكر ، والخوف في النعمة من الكفر .
وقال صلى الله عليه وسلم " تركت فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما ، كتاب الله وسنتي " ] رواه البزّار وله شواهد [

معاشر المسلمين : مع مر السنين ، وتقدم الزمان ، وانشغال كثير من المسلمين بالحياة الدنيا ، ومع ترك الدين تعلماً وتعليماً ، ومع ما يعيشه العالم الإسلامي من تقدم حضاري زائف ، مستمدٍ من حضارة المغضوب عليهم والضّالين ، مع ذلك كله وغيره ، عمّ الجهل بالدين أوساط المسلمين . فثلمت أحكام الدين ، واندرست بعض معالم الشريعة ، بسبب اتباع أحمق ، ورأي أخرق ، وسماع لكل ناعق ، فتساهل الناس في هذا الزمان باللباس ، ولم يكترث به كثير من الرجال ، حتى تعدوا حدود الله ، وعصوا رسوله ، وبدأت في هذا الزمان علامة من علامات الساعة تتحقق ، وأمارة من أماراتها تظهر ، إنها سنة الله تعالى في خلقه ، فاندرس العلم وقُبض ، بقبض العلماء الأجلاء ، حتى لم يبق الاّ الجهلاء ، فنشروا السقيم من الفتوى ، وعمّت الفوضى ، والعاقل بذلك لا يرضى ، فسبحان الله رب البريات . فأي إتباع لنبي الهدي هذا ، والله يقول " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " ، وأي إعتزاز بالإسلام هذا ، والناس لأوامره لم يذعنوا ، ولنواهيه لم ينزجروا ، " ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه " ، " أيبتغون عندهم العزة فإنّ العزة لله جميعاً " ، وقال عمر رضي الله عنه " كنّا أذلّةً فأعزنا الله بالإسلام " .

نعم يا عباد الله : من ابتغى العزة في غير الاسلام أذله الله تعالى على رؤوس الأشهاد ، وخاب وخسر على مرأى من العباد . قال صلى الله عليه وسلم " كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة " ، فالخيلاء هو التكبر ، وينشأ عن فضيلة يراها الإنسان في نفسه فيترفع بها على الناس ، فيتكبر عليهم ويتعاظم ، وأمواج المعاصي به تتلاطم ، ولم يعلم أن من تواضع لله رفعه ، ومن تعاظم على الله وضعه .
قال صلى الله عليه وسلم " أزرة المسلم إلى نصف الساق ، ولا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين وما كان أسفل الكعبين فهو في النار " ] حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وغيرهما [ ، لقد تجبر كثير من الناس ، وطغوا وبغوا ، وعن الحق زاغوا ، فارتكبوا محارم الله تعالى ، وتركوا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فهم للنواهي مرتكبين ، وللأوامر معرضين ، وعن الجنة راهبين ، وإلى النار راغبين . لقد تناس كثير من الناس حرمة الإسبال في اللباس ، فجزوّا ثيابهم حمقاً وجهلاً ، متناسين حرمة ذلك عليهم ، فقد جاء في الحديث أنّ أزرة المسلم ما بين الكعب إلى نصف الساق ، فمن أرخى ثوبه عن الكعب فقد وقع في الحرام ، وعرّض نفسه للعذاب والآلام ، ومن رفع ثوبه فوق نصف الساق فقد تنطع في دين الله ، وابتدع فيه ، وقال صلى الله عليه وسلم " هلك المتنطعون ، هلك المتنطعون " ] رواه مسلم [ . فإسبال الثياب في حق الرجال أمر محرم شرعاً ، لما يسببه من مفاسد تضر بالفرد والمجتمع ، من كبرٍ وعنادٍ وجرٍ للأوساخ وحملٍ للقاذورات .

أيها المسلمون : الإسبال خطره عظيم ، وذنبه جسيم ، فهو سبب لعدم قبول العمل الصالح ، وسبب لرد الدعاء ، قال صلى الله عليه وسلم " وإنّ الله لا يقبل صلاة رجل مسبل " حديث ضعيف ، يعضده حديث ابن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من أسبل إزاره في صلاته خيلاء ، فليس من الله في حل ولا حرم " . وأماّ في عدم قبول الدعاء ، " فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب ، يارب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغُذي بالحرام ، فأنّى يستجاب له " ] مسلم [ ، فاحذر يا من تسبل إزارك ، يا من تجر ثيابك ، احذر من عاقبة ذلك ، فإنه لا يقبل منك عمل ولا يرفع لك دعاء ، انتبه أيها المسبل فأنت على خطر عظيم ، ومُتَوعد بالعقاب الأليم ، وصلاتك وأنت مسبل إزارك محل نظر من حيث الصحة ، لأن الثوب الطويل الذي هو أسفل من الكعبين ثوب محرم ، والصلاة في الثوب المحرم غير صحيحة عند جمع من العلماء ، وصحيحه مع الإثم والذنب عند آخرين ، فالأمر عظيم ، والخطب جسيم ، فيا ويلك يا مسكين إن لم تُقبل لك صلاة ، ولم يُرفع لك دعاء ، ألم تعلم أنّ أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من أعماله الصلاة ، فإن صلحت صلح سائر عمله ، وإن فسدت فسد سائر عمله ، فكيف تعرض على ربك صلاة ناقصة مخدوشة ، فما فائدة الأعمال إن لم تقبل الصلاة . قال صلى الله عليه وسلم " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : المسبل إزاره ، والمنان فيما أعطى ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب " [ رواه مسلم ] ، وقال صلى الله عليه وسلم " من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " [ رواه البخاري ] ، في هذين الحديثين دلالة على تحريم إسبال الثياب ، وأن الله تعالى يعاقب على ذلك أشد العقاب ، وأن سبب الإسبال هو الكبر والعناد ، والإستهزاء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن كان السبب هو الخيلاء ، فيخشى على من فعل ذلك من العقوبة العاجلة قبل الآجلة ، ومن أسبل ثوبه مستهزئاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو كافر والعياذ بالله .

معاشر المسلمين : إن الإسبال في جميع الملابس حرام ، وجاء تحريمه على لسان أصدق البشر محمد صلى الله عليه وسلم مستمدّاً ذلك من شريعة رب البشر . إنّ أسباب الإسبال لا تخرج عن الخيلاء والكبر والتعاظم على الله وعلى خلقه ، فقد قال صلى الله عليه وسلم " إرفع إزارك إلى نصف الساقين ، فإنّ أبَييت فإلى الكعبين ، وإيّاك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة " ] حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والترمذي [ . إنها حقيقة مرة ، وواقعة مؤلمة ، يحاول الفرار منها كل مسبل لإزاره ، وكل جار لثوبه . قد يقول من لا نصيب له من العلم ولاحظ له من الفهم ، أنه يسبل ثوبه خشية من الناس وخوفاً ، والله تعالى يقول " أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين " . أو يقول : يسبل إزاره من الناس حياءً ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " فالله أحق أن يستحيا منه " . ومن الناس من يطيل ثوبه عادةً وتقليداً ، فقد كذب وما صدق ، فعن الحق حاد ، وإلى الباطل عاد ، العادة والعرف إذا خالفت الشرع المطهر ، لا حاجة إليها ، ولا داعي لها ، بل يضرب بها هنا وهناك . فأين تذهب من تلك الأدلة يا مسبلاً إزارك ، ويا جاراًّ لثوبك ، أتراك تدس رأسك كالنعامة في التراب ، أم تقول كما قالت اليهود " سمعنا وعصينا " ، فمسخهم الله قردةً وخنازير . ما أحرانا بالتمسك بالكتاب العزيز ، واتباع سنة سيد المرسلين ، ففيهما الفوز والنجاة . الفوز بالجنة والنجاة من النار . قد يقول قائلهم إن أبا بكر رضي الله عنه كان يجر ثوبه ، فنقول له : إن كنت تريد عن ذلك دليلاً للإسبال عليه تستند ومنه تستفد ، فكلامك حلواً يحمل سمّاً رعافاً ، ظاهره فيه الرحمة ، وباطنه من قبله العذاب ، نعم إن أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامه " فقال أبو بكر : إن أحد شقّ إزاري يسترضي إلا أني أتعاهده ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لست ممن يفعله خيلاء . فالنبي صلى الله عليه وسلم شهد لأبي بكر بالجنة وشهد له بأنه ممن لا يسبل إزاره خيلاء ، ولكنه كان رضي الله عنه رجلاً نحيفاً قليل اللحم لا يستقر عليه إزاره فيسترخي وكلما استرخى تعاهده مزقه .
فيا من تسبل إزارك وتطيل ثوبك : هل شهد لك النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ؟ هل زكاك النبي صلى الله عليه وسلم وشهد لك بعدم الخيلاء ؟ هل تتعاهد ثوبك كلما نزل عن كعبك ؟ .. لا أظنك إلاّ ستقول في قرارة نفسك لا ، وهذه هي الحقيقة .

أيها المسبل .. أيها الجار لثوبه خيلاء : يا من تُسبل إزارك خشية من الناس وحياءً .. أما آن لك أن تتوب إلى ربك ، أما آن لك تعود عن غيّك وتعود إلى رشدك ، إتق الله واستحي من الله ولا تخشى إلاّ الله ، ولا تأخذك في دينك لومة لائم ، ولا نعيق نائم ، ولا همهمة قائم . ما قيمة حياة لا تقبل فيها صلاة ، وما قيمة حياة لا يرفع فيها دعاء ، وما قيمة حياة ينتظر صاحبها البطش والعذاب في قبره ويوم محشره . واعلموا عباد الله أن الإسبال ليس في الثياب فقط ، بل في القميص وكم الثوب ، فلا يتعدى الرسغ ، هكذا كان كم النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي العمامة فلا تصل إلى الإلية بل تكون فوقها ، وأفضل من ذلك أن تكون في وسط الظهر ، قال صلى الله عليه وسلم " الإسبال في الإزار والقميص والعمامة ، من جر شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " ] حديث صحيح رواه أهل السنن إلاّ الترمذي [ . ومن الألبسة المحرمة على الرجال لباس الشهرة وهو اللباس الذي لم يتعهد الناس لبسه بينهم فهو حرام للنهي الوارد عنه . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون * إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار * أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
----
الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحمد في الأولى والأخرى ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله نبي العدل والهدى ، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً ، وعلى آله وأصحابه أهل المقامات العلى ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الموعد غداً . . . أما بعد :
فيا أخوة الإسلام : في الإسبال مفاسد عظيمة ، وعواقب وخيمة ، والمسبل في كل ذلك معرض نفسه للعقوبة ، ولا يحيق المكر السيء إلاّ بأهله .
المسبل عاصٍ لله ورسوله ، ومتعدٍ لحدوده ، فجاءه الوعيد من الله العزيز الحميد في محكم التنزيل " ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين " . المسبل ناقص الإيمان ، مخروم العقيدة ، قال صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " ] متفق عليه [ ، وأي إتباع للنبي صلى الله عليه وسلم لمن جر ثوبه وأسبل إزاره ، المسبل محتقر عند الله وعند خلقه ، بل يبغضه المسبل مثله . قال صلى الله عليه وسلم " بينما رجل يجر إزاره خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة " ] رواه البخاري [ ، المسبل ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن في الإسبال تشبه بلباس النساء . فالنساء مأمورات بتطويل ثيابهن حتى لا تنكشف عوراتهن . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة ، والمرأة تلبس لبسة الرجل " ] رواه أبو داود بإسناد صحيح [ ، فلا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسبل شيئاً من ثيابه أسفل من الكعبين ، لما في ذلك من الوعيد الشديد ، وإنه لا وعيد إلاّ على فعل محرم ، وارتكاب كبيرة من الكبائر . ومع الأسف أن بعض الرجال يتنازل عن رجولته ، ويهجر ما فيه كماله وتميزه ، من شهامة وكرامة ويشابه النساء في البستهن الخاصة بهن ، فسبحانك ربنا ما أحلمك على من عصاك .

معاشر المسلمين : دعا الإسلام إلى توقيره في نفوسهم وتعظيمه في قلوبهم ، وحذر من عاقبة الإستهزاء به أو تضييع أوامره أو إرتكاب نواهيه ، وإن مماّ يدل على عدم تعظيم قدر الدين في القلوب ما يفعله بعض المسلمين من إقبالهم على المساجد والصلوات بأردى الثياب واللباس ، فمن الناس من يأتي بثياب خاصة بالنوم أو شفافة لا تستر العورة أو ثياب بالية قذرة ، تنبعث منها روائح كريهة إن لم تكن مميتة . فأي تعظيم لله عز وجل في قلوب أولئك الناس ، وأي توقير لله تعالى في تلك النفوس . قال الله تعالى " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد " ، فهذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بأخذ الزينة عند القيام لأداء الصلوات ، أمام الناس وفي الخلوات . إن من الناس من إذا أراد مقابلة مسؤولٍ ما ، إستعد للمقابلة من وقت بعيد ، وتهيأ لها بكل جديد ، بأفضل الملابس ، وأجمل الثياب ، تجده مهتمّاً متأملاً مستمعاً منصتاً ، أماّ ملك الملوك ، ورب العباد ، الواحد القهار ، الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما ، فبعض الناس يهمل اللقاء معه ، ويضيع الوقوف بين يديه ، فيأتي إلى بيوت الله ويناجي ربه رافعاً يديه ، متضرعاً إليه ، وهو بثياب رثّة ، وألبسة بالية ، لأن النفوس ما شعرت بأهمية اللقاء ، وما إستمرأت عظم الموقف ، وإلاّ لكان اللقاء واللباس أجمل من ذلك وأعظم .

أيها المؤمنون .. عباد الله : وإن من اللباس المحرم على الرجال ، لباس الحرير والذهب ، فهما من لباس الزينة الخاص بالنساء دون الرجال وفيه تشبه بالنساء وإنزال للكرامة ، وإهانة للشهامة ، وقد جاء الوعيد الشديد والتحذير والتهديد ، لمن فعل ذلك من الرجال ، فجاء التحريم صريحاً ، عندما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم حريراً وذهباً فقال " هذان حرام على ذكور أمتي حلّ لإناثهم " ، ولماّ رأى النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه وقال " يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده " ] رواه مسلم [ ، وقد وُجد من الشباب من يشابه النساء في لبسهن ، بلبس الخاتم من الذهب أو ما يسمىّ بالدبلة ، أو يتخذ سلسالاً من الذهب وغيره فيعلقه في عنقه كما تعلق القلائد في ركاب الغنم ، أو يتخذ أزارير من ذهب أو ما شابه ذلك . فلبس الذهب للرجال من الكبائر والعظائم ، قال صلى الله عليه وسلم " من لبس الذهب من أمتي ( أي من الرجال ) فمات وهو يلبسه لم يلبس من ذهب الجنة ، ومن لبس الحرير من أمتي فمات وهو يلبسه ، حرم الله عليه حرير الجنة " ] رواه أحمد بإسناد صحيح [ . قال بعض العلماء : ومعنى لم يلبس من ذهب الجنة أي أنه لا يدخلها ، لمعصية الله تعالى وعدم الإنصياع لأوامره جل وعلا ، مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنما يلبس الحرير من لا خلاق له في الآخرة " ( أي لا نصيب له فيها ) ] متفق عليه واللفظ للبخاري [ .

 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية