اطبع هذه الصفحة


النار دار الكفار

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ذي العزِّ المتين والبطش الشديد، المنتقم ممَّن عصاه بالنار بعد الإنذار بها والوعيد، المُكرِم مَنْ خافه واتَّقاه بدارٍ فيها من كل خيرٍ مزيد، مَنْ عمل صالحًا فلنفسه ومَنْ أساء فعليها وما ربُّك بظلاَّمٍ للعبيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أهلُ الحمد والثَّناء والتَّمجيد، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبده ورسوله الدَّاعي إلى التوحيد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه صلاةً وسلامًا لا يزالان في تجديد ، أما بعد: فيا أيها

المسلمون: اتقوا الله حقَّ تقاته، وبادروا بالسَّعي إلى مرضاته: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }
عباد الله : " اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ : يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضاً ، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ ، نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ _ البرد _ " [ متفق عليه ] ، إنها النار يا عباد الله ، خلقها الله ، وجعلها داراً للكفار ، والعصاة والفجار ، ذكرها أرق الصالحين ، وأوجف قلوب المتقين ، وأظمأ نهار العابدين ، وأطال ليل الخائفين ، { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُون َرَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا } ، في النار جبالٌ وأوديةٌ وأنهرٌ وشعاب ، فيها دركاتٌ ومنازل ، هي سوداء مظلمة ، قاتمةٌ معتمة ، لها صوتٌ يسمع من بعيد ، تشهق وتزفر و { تًرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَاَلَةٌ صُفْرُ وَيْلٌ يَوَمَئِذٍ لِلْمُكَذِبِين } ، الحزن فيها دائمٌ وطويل ، وللناس فيها صياحٌ وعويل ، يقول نبيُّ الهدى صلى الله عليه وسلم : " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ

بِيَدِهِ ، لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً " قَالُوا : وَمَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ " [ رواه مسلم ] ، فكم هلت العبرات ، وترادفت الزَّفرات ، خوفاً من النار ، روى الإمام أحمد أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : " مَا لِي لَمْ أَرَ مِيكَائِيلَ ضَاحِكاً قَطُّ ؟ قَالَ : مَا ضَحِكَ مِيكَائِيلُ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ " ، النار ! فيها من العذاب والآلام ، ما تعجز عن وصفه الألسن والأقلام ، فيها من الأهوال والأحزان ، ما تتقاصر دون تصوره الأذهان : { إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } ، خوف الله بها ملائكته المقربين فقال : { وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ } ، وقال لرسوله الكريم : { لاَ تَجْعَلََْ مَعَ اللهِ إِلَهً آَخَرَ فَتُلْقَى فِيْ جَهَنَمَ } ، وخوف الرسول بها صحابته وأمته فأنذرهم النار وقال : " أنذرتكم النار ، أنذرتكم النار " ، فيا الله من يأمن بعد هذا من النار ؟


عباد الله : تجتمع الخلائق يوم القيامة للحساب ، ويمتد بهم الانتظار ، ويؤتَى بجهنَّم تُقاد ، ولها غيظ وغضب ، حينئذ تجثوا الأمم على الركب ، ويوقن المجرمون بالعَطَب، ويتذكَّر الإنسان ما اكتسب : { يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } ، وتعظم الحسرة والندامة ، إذا رأوا النار يوم القيامة ، قَالَ صلى الله عليه وسلم : " يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا " [ رواه مسلم ] ، فويل لمن رغب في هذه الدار من النار ، قال الواحد القهار : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، { هذِهِ جَهَنَّمُ الّتي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ } ، يدخلونها بأشد خطاب ، ثم توصد عليهم الأبواب : { نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ } ،

وقودها الناس والحجارة ، لا تنطفئ نارها ، ولا يخبو أوارها { كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا } ، وهم مع ذلك مقيدون مسلسلون : { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً } ، { إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } ، ويضربون ويهانون { وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } ، لباسهم من النار { وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ* سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ } وفي سورة الحج : { فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } ، أرأيتم كيف يُشوَى اللحم على النار ، فهكذا في جهنم حال الكفار { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا } ، أما طعامهم فعذاب ، وشرابهم عذاب : { لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ } ، شوكٌ

لا يستساغ : { إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ } ، والزقوم : شجرة تخرج في أصل الجحيم ، طلعها كأنه رؤوس الشياطين ، قَالَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي دَارِ الدُّنْيَا لأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ " [ رواه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] ، أما شرابهم فالغسلين والغساق ، وهو عصارة أهل النار : { وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ } ، { وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ } ، { وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } ، ثم تُغلق عليهم الأبواب، ويعظم هناك الخطب والمصاب، فيخيم عليهم البكاء والحزن ، فيصيحون بُكِيًّا من شدَّة العذاب ، وهم في فجاج جهنم وشعابها وأوديتها يهيمون وينادون : { يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ } ، فحزنهم دائمٌ لا يفرحون،

ومقامهم محتومٌ لا يبرحون ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أهل النار ليبكون ؛ حتى لو أجريت السُّفن في دموعهم لجرت، وإنهم ليبكون الدم " ؛ يعني مكان الدمع [ أخرجه الحاكم ] ، ينادون ويصطرخون : { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } ، { رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ } ، { رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} ، { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } ، ينادون إلهًا طالما خالفوا أمره ، وانتهكوا حدوده ، وعادوا أولياءه ، ينادون إلهًا حقَّ عليهم عقابه ، ونزل بهم سخطه وعذابه : { قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } ، لا يُرحم باكيهم ، ولا يُجاب داعيهم ، قد فاتهم مرادهم ، وأحاطت بهم ذنوبهم، ولا يزالون في رجاء الفرج والمخرج حتى ينادي منادٍ : " يا أهل الجنة خلودٌ لا موت ، ويا أهل النار خلودٌ لا موت " ، فهناك كل مطلوب لا يفوت ، وكل نفس لا تموت : { لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ

عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } ، { إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى } ، ويتلاومون ويتلاعنون ويتقابلون ويتكاذبون : { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا } ، يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضًا، ويقول القرين لقرينه : { يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ }، فهناك تنقطع الأمنيات ، وهيهات هيهات : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا } ، ولن ينفعهم ذلك؛ لأنهم في العذاب مشتركون، ولكلٍّ ضعفٌ ولكن لا تعلمون ، تلكم هي النار فيها تخويف ووعيد ، وتهديد وتشديد ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } اللهم أجرنا من النار ، اللهم أجرنا من النار ، اللهم أجرنا من النار ، ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ، عباد الله : أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب وخطيئة ، فاستغفروه وتوبوا إليه ، إنه هو الغفور

الحمد لله الواحد القهار ، القوي الجبار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الغفار ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار ، صلى الله وسلم عليه وعلى المهاجرين والأنصار ، ومن تبعهم بإحسان إلى دار القرار . . وبعد :
أيها المسلمون : إن من كمال عدل الله عز وجل ، أن لا يساوي بين المطيع والعاصي ، والمصلح والمفسد : { أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } ، { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } ، وإن الله تعالى وصف لنا عقابه ؛ فليس للعاصي على الله حجة ، فالكفر والنفاق سبب للخلود في النار : { وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ } ، ومن عارض أمر الله لرأيه وشهوته ، فليسمع قول الله عز وجل : { ألم يَعْلَموا أنه من يُحَادِدِ اللهَ ورسولَه فأن له نارَ جهنمَ خالدًا فِيِهَا

ذَلِكَ الخِزْيِ العَظِيِم } ، وويلٌ ثم ويلٌ لتارك الصلاة حين يسأل : { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ } ، وأكل الربا ، وأكل أموال اليتامى ظلماً موجبٌ لدخول النار : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } ، وويل للمتكبرين والمتغطرسين والمتعالين ، ففي صحيح مسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله تعالى : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدة منهما أدخلته النار " ، والقاتل في النار : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } ، وأكل أموال الناس بالباطل والانتحار ، سبب لعذاب النار ، قال العزيز الجبار : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إًنَّ اللّهَ كَانَ بًكُمْ رَحًيماً وَمَن يَفْعَلْ ذَلًكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلًيهً نَاراً وَكَانَ ذَلًكَ عَلَى اللّهً يَسًيراً } ، واليمين الكاذبة لاقتطاع أرض مسلم ؛ والركون إلى الظَّلَمة والميل معهم مَرَدٌ إلى النار : { وَلاَ

تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ } ، ومن أهل النار ما قَالَه صلى الله عليه وسلم : " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا " [ رواه مسلم ] ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الاِسْتِغْفَارَ ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ " ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ _ ذات رأي _ وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ؟ قَالَ : " تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ " [ رواه البخاري ومسلم ] ، وأما المراءون فهم أول من تُسعَّر بهم النار يوم القيامة كما صح في الصحيحين , وقل للذين يطلقون ألسنتهم وأقلامهم عبر الصحف والمنتديات ، يحاربون دين الله ، ويستهزئون بسنة رسول الله ، ويؤذون المؤمنين والمؤمنات ، قل لهم : يقول الله عز وجل : { فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ

أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ } ، وقل لهم : يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ
عباد الله : النار موعودٌ بها قاطع الرحم ، والمصدِّق بالسحر ، والنمام ، ومن اقتطع مال أخيه بيمينٍ فاجرة فليتبوأ مقعده من النار ، النار دار الزناة والزواني ، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى مثل التنور ، فيه لغطٌ وأصوات ، وفيه رجالٌ ونساءٌ عراةٌ ، يأتيهم لهبٌ من أسفل منهم فيصيحون ، قال : هؤلاء هم الزناة والزواني ، ألا فاحذروا يا أصحاب المعازف والأغاني ، ويا من يبيع الحرام للمسلمين يقول رب العالمين : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } ، فيا أيها الناس ، أنقذوا أنفسَكم وأزواجَكم وأولادكم ، ومن تحت ولايتكم من النار، واعلموا أن التشبهَ بالكافرين والكافرات ، والفاجرين والفاجرات ، والنظرَ إلى

المحرمات عبر القنوات ، والتبرجَ والسفور ، وشربَ الخمور ، كلّها من عمل أهل النار ، وكل معصية لله ورسوله فهي من عمل أهل النار ، فاتقوا النارَ عباد الله ، يقول تبارك وتعالى : { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَـٰلِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } .
عباد الله : يقول الله جل في علاه : { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } ألا وإن الإيمان والعمل الصالح هو والله طريق الفوز والفلاح ، ووعد الله ووعد رسوله صدق ، فلن يلج النار رجلٌ بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ، وعينان لن تمسهما النار : عينٌ بكت من خشية الله ، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله ، وللتقوى منزلة عظيمة : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } ، وللصبر مكانة رفيعة ، { وَلَا يُلَقَّاهَا _ الجنة _ إِلَّا الصَّابِرُونَ } ، ومن صام يومًا في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ، وفي رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار ، ولله في كل

ليلة عتقاء من النار ، والدعاء والاستعاذة بالله بابٌ عظيمٌ للنجاة ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلاَثًا قَالَتِ الْجَنَّةُ : اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ، وَمَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ ثَلاَثاً قَالَتِ النَّارُ : اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ النَّارِ " [ رواه أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح ] ، اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار ، اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار ، اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار ، اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد ، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم من أرادنا وأراد بلادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه ورد كيده في نحره ،

اللهم ادفع عن الغلا والوبا ، والربا والزنا ، والزلازل والمحن ، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم وفق ولي أمرنا لهداك ، واجعل عمله في رضاك ، اللهم أصلح بطانته ، اللهم أصلح بطانته واصرف عنه بطانة السوء يارب العالمين ، اللهم ووفقه ولي عهده ونائبه الثاني لما تحبه وترضاه ياسميع الدعاء ، اللهم انصر المستضعفين من المسلمين ، اللهم انصرهم في فلسطين وفي كل مكان يارب العالمين ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم انصر من نصر الدين ، واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين ، اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين ، وفك أسر المأسورين ، واقض الدين عن المدينين ، واشف مرضانا ومرضى المسلمين ، اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا ويسِّرْ أمورنا وبلغ فيما يرضيك آمالنا ، اللهم بلغنا رمضان ، اللهم بلغنا رمضان ووفقنا فيه لما يرضيك من العمل الصالح ، وتقبل منا ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام ، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة

حسنةً وقنا عذاب النار ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .

 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية