اطبع هذه الصفحة


الإرهاب الجديد : قتل الفضيلة ونشر الرذيلة

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد الله الأول والآخر ، والباطن والظاهر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي القاهر ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المطهر الطاهر ، صلوات ربي وسلامه عليه ما طار في الجو طائر ، وغار في الأرض غائر ، وعلى آله وأصحابه أولي البصائر ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم تبلى السرائر . . أما بعد :
فلا يخفى على كل ذي لب وعقل أن الإرهاب هو تخويف الآمن ، وترويع المستأمن ، لقد رفض الغرب اليوم أن يكون هناك تعريف واحد للإرهاب ، لأنهم يريدون تكييفه كيفما يشاءون .
فالإرهاب عندهم هو كل ما يصدر من المسلمين من غير السلام ، بل ربما فسروا بعض طرق السلام بالإرهاب .
قتلوا ملايين المسلمين في العراق وأفغانستان والسودان والصومال وفلسطين والشيشان وبورما وغيرها من الدول التي تحوي أقليات مسلمة ، ومع ذلك لم يصدر منهم ما يعبر عن الإرهاب أو تعريفه .
ولما دافع المسلمون عن أراضيهم ومقدراتهم وأعراضهم ، ألصقوا بهم تهمة الإرهاب والإرعاب ، فسبحان الله العظيم كيف يكيلون للمسلمين بمكيالين ، ويطففون المكيال والميزان ، حشفاً وسوء كيل .
من هو الإرهابي ؟ أهو الذي يدافع عن وطنه وعرضه ، أم المعتدي على حقوق الآخرين ، ومن يريد احتلال بلادهم ، والتمتع بمقدراتهم ، والنيل من أعراضهم ، وأخذ حقوقهم ؟
إني لأرجو من كل منصف على وجه الأرض أن يجيب على هذا التساؤل ، وإن كان جوابه سهلاً يسيراً .
حديثي ليس عن هذا النوع من الإرهاب ، الذي يكون فيه القتل والغدر عياناً بياناً ، بل حديثي عن أنواع أخرى من الإرهاب لم ينتبه إليها كثير من الناس ، بل غفلوا تماماً عنها ، إما جهلاً ، وإما إعراضاً .
نعم أيها الأخوة هناك أنواع أخرى من الإرهاب لا تتناول سفك الدماء ، ولا نشر الأشلاء ، ولا تمزيق الأعضاء ، بل هناك إرهاب آخر خطير ، خطير جد خطير ، لو تُرك لأكل الأخضر واليابس ، لو انتشر ولم يؤخذ على يديه لأهلك البشر ، ليس نوعاً واحداً بل أنواع كثيرة .
نحن اليوم ندرك تماماً خطورة الإرهاب العالمي المعروف بالتفجير والقتل والتدمير ، والظلم والعدوان والجور والهلاك ، لكن ثمة أنواع أخرى منه سنذكرها للحذر منها ، فكما أن الدولة هنا _ في السعودية _ قد قضت على نزعة الإرهاب المتمثل في المغُرر بهم من شباب الإسلام ، فأخذ يفجر ويدمر ويقتل ويكفر ، ولا ريب أن هذا إرهاب لا ينكره أحد من عقلاء البشر ، أقول : إن الدولة حفظها الله ورعاها متمثلة في قادتها وأمرائها وعلمائها وشعبها قد اتفقت على أنه يجب اجتثاث جرثومة هذا الخطر من أصلها ، واستئصالها من شأفتها ، وهذا هو المتأمل منهم رعاهم الله ووفقهم للحق ، وسدد على الخير خطاهم ، حتى إن دول العالم سعت جرياً وراء التدابير والخطط التي عملتها الدولة وفقها الله ، للعمل بها من أجل القضاء على الإرهاب .
فكما أن الدولة قضت على هذا النوع من الإرهاب ، فإنه يجب عليها أن تمضي قدماً للقضاء على أنواعه الأخرى ، حتى لا يستشري داؤها ، وينتشر مرضها ، ثم يصعب بعد ذلك القضاء عليه .
إن كل فرد من أهل هذه البلاد الآمنة المطمئنة ، بلاد الحرمين الشريفين ، مهبط الوحي ، ومنبع الرسالة ، وكل مقيم بها ، يكن لحكامها وعلمائها كل حب وتقدير ، على ما يبذلونه من أجل راحة الجميع ، ومن أجَلِّ ذلك ما يولونه من عناية فائقة وكبيرة لبيت الله الحرام بمكة المكرمة ، والمشاعر المقدسة ، والاهتمام بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة النبوية .
ألا وإن من أهم ما قامت به الدولة حفظها الله ورعاها ، الاهتمام بأمن المواطن والمقيم ، والتفاني من أجل ذلك ، وإنفاق الملايين للذود عن حياض الدين والدولة ، من شمالها إلى جنوبها ، ومن غربها إلى شرقها ، فالأمن قوام الحياة ، إذ لا حياة بلا أمن ، قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4) } [ سورة قريش ] .
ومتى ما تمسكت الدولة _ وهي متمسكة _ بشرع الله تعالى ، وتطبيقه بين الناس ، وحفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وتحكيمها ونشرها بين الناس ، فمتى فعلت _ وقد فعلت ولا تزال تفعل _ ذلك ، استحقت الأمة الأمن والرشاد ، والهداية والسداد ، قال الله تعالى : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } [ الأنعام82 ] .
ولهذا نجد الكثير من الدول حولنا تحسدنا على هذه النعمة العظيمة ، ألا وهي هذا الأمن والاستقرار في ربوع بلادنا الحبيبة الغالية ، وما ذاك إلا نتيجة واقعية ، وثمرة حقيقية لتطبيق شرع الله تعالى ، وتأمل قوله تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [ النور55 ] .
وعد الله بالنصر والتمكين في الأرض ، عباده الذين آمنوا به وعملوا الأعمال الصالحة ، بأن يورثهم أرض المشركين ، ويجعلهم خلفاء فيها ، مثلما فعل مع أسلافهم من المؤمنين بالله ورسله , وأن يجعل دينهم الذي ارتضاه لهم _ وهو الإسلام _ دينًا عزيزًا مكينًا إلى يوم الدين ، وأن يبدل حالهم من الخوف إلى الأمن ، ومن الشدة إلى الرخاء ، ومن الشقاء إلى السعادة ، إذا عبدوا الله وحده ، واستقاموا على طاعته ، وحكموا دينه ، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يشركوا معه شيئًا ، ومن كفر بعد ذلك الاستخلاف والأمن والتمكين والسلطنة التامة ، وجحد نِعَم الله عليه ، كما الحال اليوم في كثير من الدول التي تدعي الإسلام ولا تطبقه بين الناس ، بل استبدلته بقوانين بشرية فيها من الضعف والاختلال والاعتلال ما لا يخفى على كل ذي عقل ، فأولئك هم الخارجون عن طاعة الله ، ومن خرج عن طاعته سبحانه ، وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فناهيك عما يحصل له من الشر والفتن والمحن ، وما يُبتلى به من الكوارث والمصائب ، فما هذه الزلازل والبراكين والأمراض المستعصية ، التي أعيت الأطباء عن إيجاد علاج لها ، إلا بسبب البعد عن المنهج الإلهي ، والنهج النبوي المصطفوي .
فالأمن من أعظم نعم الله على عباده ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
ومن أراد أن يدرك ذلك ، فلينظر إلى الدول من حوله ، والشعوب التي يتخطفها الإجرام والإرهاب ، حتى أن النازحين خوفاً من القتل ، وفراراً من العذاب والنكال ، بلغوا ملايين البشر من دولة واحدة فقط ، فما بالك بجميع الدول اليوم التي تعاني مرارة الانقسام والتفرق والخوف والهلع من أجل مصالح شخصية بحتة .
فنحمد الله جل وعلا على نعمه وأفضاله ، وما منَّ به علينا من نعمة الأمن والأمان ، والصحة في الأبدان ، ونحمده على نعمة الإسلام والإيمان والإحسان ، ونحمده سبحانه على ولاة أمرنا الذين أقاموا صرح هذه الدولة الشامخ ، على أساس صحيح وسليم مستمد من كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
وبعد هذه المقدمة ، أعود لأذْكُرَ لكم أنواع الإرهاب الجديد الذي ملأ أركان الفضائيات والصحف والمجلات ، والمؤتمرات والاجتماعات إنه : إرهاب الأعراض ، الذي ينذر بوقوع خطر داهم ، وشر دائم ، وضرر قائم ، وربما عقوبة إلهية ربانية إذا لم يتدارك ولاة الأمور والعلماء ذلك الأمر ، ويخرسون الألسن ، ويكسرون الأقلام ، ويسمرون الأعين ، فإنه والله فساد في الأرض وأيما فساد ، قال رب العباد : { إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ المائدة33 ] .
ولعل ما يحدث اليوم من هزات وبراكين وريح ورياح عاتية ، وأتربة من كل مكان آتية ، لعل ذلك شيئاً من التخويف الرباني ليعود الناس إلى دينهم .
وإليكم أنواع الإرهاب الجديد ، الذي لا يقل أهمية عن إرهاب الخوارج ، بل ربما أفرزت نتائج هذا الإرهاب الجديد ، إرهاب الخوارج ، والمُضَللين من أبنائنا المغرر بهم ، فمن ذلك :

أولاً : التطاول على مقام الألوهية :
ويحصل هذا كثيراً في الصحف وعبر الفضائيات ، من أُناس يدعون أنهم من أهل هذه البلاد ، وأنهم يدين بدين الإسلام ، وأقوالهم تخالف ادعاءهم ، يستهزئون بشرع الله تعالى ويطالبون بإلغائه واستبداله بالقوانين الوضعية الغربية ، لتحقيق مآربهم ومخططاتهم الشهوانية البهيمية ، تطالوا على مقام الخالق جل جلاله وهو يمهمل لهم لعلهم يتوبوا ويعودون ، وإلا فالعاقبة خطيرة عليهم ، فلقد فعل الله بأسلافهم من منكري الربوبية ما قصه لنا في الكتاب والسنة ، ففرعون وقارون وهامان ، وعاد وثمود ، وقوم سبأ ، وقوم لوط ، وقوم شعيب وغيرها من ممن تطاولوا على مقام الربوبية قد نالهم من العذاب والنكال في الدنيا والقبر والآخرة ما تقشعر منه الأبدان ، ويخاف منه الإنسان ، قال تعالى : { فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ العنكبوت40 ] .
فيا أيها المتطاول على دين الله تعالى ، وعلى ربك الذي خلقك ، وهو قادر عليك ، احذر أن تكون عبرة للمعتبرين ، ويبقى اسمك معلقاً في الذاكرة بما أهلكك الله به من العقوبة في الدنيا ، على ما يُدخر لك من العذاب في قبرك ، ويوم تلقى الله تعالى يوم القيامة ، اعتبر بما فعل الله بفرعون الذي تطاول على مقام ربه ، فقد أغرقه الله عز وجل وجعله آية للمعتبرين منذ آلاف السنين فقال القوي المتين : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ } [ يونس 90-92 ] .
عودوا إلى رشدكم معاشر العلمانيين ، فقد ولدتكم أُمهاتكم على الفطرة السوية ، والشرعة النقية _ دين الإسلام _ فلماذا تمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية ، أرضيتم بالكفر والنار ، بدل الإسلام والجنة ؟ فاحذروا الشيطان والشهوات والشبهات ، قال تعالى : { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [ البقرة268 ] .
وإني لكم من الناصحين . . فتوبوا إلى الله ، وارعوا حرمات أهليكم وإخوانكم المسلمين والمسلمات ، فالحياة قصيرة مهما طالت ، والموت آت لا محالة ، فاحرصوا أن تلقوا الله بحسنات لتدخلوا الجنة بسلام ، وإلا كانت النار مصيراً لكم ، قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } [ محمد12 ] .

ثانياً : الاستهزاء بسنن النبي صلى الله عليه وسلم :
لقد كتبت بعض الصحف كتابات فيها إساءة للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولست بصدد تحديد تلك الإساءات وإنما أنا هنا للحديث والتحذير لمن يكتبون ويشترون بكفرهم ثمناً قليلاً ، وأُنذرهم بقول الله تعالى : { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ{64} وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ{65} لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ{66} الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{67} وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [ التوبة ] .
وكم هي صور الاستهزاء بسنن النبي صلى الله عليه وسلم في صحفنا _ وللأسف الشديد _ كالاستهزاء باللحية ، وتعدد الزوجات ، وغيرها من السنن المحمدية المصطفوية .

ثالثاً : المطالبة بإلغاء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
هذه الشعيرة التي لولاها لفسد كثير من الناس على ما عليه الكثير من الفساد ، هذه الشعيرة التي يغبطنا عليها شرفاء الناس وعقلاؤهم من الشرق والغرب ، هذه الشعيرة التي أمر الله بها في كتابه حتى جعلنا خير أمة أخرجت للناس ، لأننا نقوم بها ونمارسها ، فنأمر بالمعروف ، وننهى عن المنكر ، فانقصر عنا شر كثير ، وضرر كبير ، فالعلماء ورجال الهيئات يقومون بواجبهم في هذا المجال على أكمل وجه وأحسنه فلله درهم ، وسدد على الخير خطاهم ، فلا يروم منكراً إلا أنكروه وغيروه ، وهكذا كان السلف الصالح من هذه الأمة يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، حتى فتحوا الأمم شرقاً وغرباً ، وعلت أسماؤهم وحفرت بماء الذهب ، وخلدتها الكتب والعقول ، وفي كل مكان يُحمدون ويجلون ، والنصوص الشرعية الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جداً .
ونحن نحمد الله تعالى على ما أولانا به من حكومة رشيدة قامت على أساس الدين منذ تأسيسها على يد المؤسس الأول الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله وغفر له ، والذي أولى هذه الشعيرة العظيمة كل جهده ، وأشاد بها ، وأعرض عمن رماها بسوء ، لأنه يطبق شرع الله في أرض الله ، وهكذا سار الملوك من أبنائه من بعده ، يقدرون لأهل هذه الشعيرة قدرهم ، ويعرفون لهم مكانتهم ، حتى استتب الأمن والاستقرار في ربوع البلاد والحمد لله على ذلك كله .
فكيف تأتي طائفة من الناس يريدون أن يبدلوا كلام الله تعالى ، ويغيروا حكمه وأمره ، ويطالبون بإلغاء هذا الجهاز أو الحد من قدراته ، لهو حرب لله ولرسوله ، ودعوة واضحة مكشوفة لانتشار الجريمة ، وظهور الفساد ، فهؤلاء قوم ضلوا ، وأضلوا كثيراً ، وضلوا عن سبيل الله ، ابتعدوا كثيراً عن منهج الله تعالى ، ومنهاج رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعن سلف الأمة الصالح ، وحاربوا دستور هذا البلاد القائم على إظهار هذه الشعيرة ، فحق عليهم قول الله تعالى : { إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ المائدة33 ] .
لأنهم قوم طبلوا كثيراً في هذا المجال ، كتابة في الصحف ، وكلاماً في الفضائيات ، يلبسون على السذج والسفهاء والجهلاء من الناس ، يلبسون عليهم دينهم ، لكنهم ولله الحمد باءوا بالفشل الذريع ، فكل الناس لا يرضى بمحاربة الله ورسوله ، بل كل من في هذه البلاد يحب الله ورسوله ، ويطيع الله ورسوله ، فكانت قاصمة الظهر للعلمانيين وأسيادهم ، { يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } [ الصف8 ] .

رابعاً : المطالبة بحل قيود الشريعة عن المرأة :
ما هي هذه القيود التي يطالبون بفكها عن المرأة السعودية المسلمة المحتشمة العفيفة النظيفة ، التقية النقية ؟ بنت القبائل والحمائل ، ما هي الحرية التي يستميتون لأجل تحقيقها للمرأة ، إنها مطالب هدامة إليكم بعض أقسامها :
الأول : المطالبة بالاختلاط :
المتأمل في واقع حال المجتمع اليوم ، وما يطالب به أهل التغريب والعلمنة من خروج المرأة من بيتها _ وهذا هو أساس ما يريدونه _ سواءً عملت المرأة أم لم تعمل ، المهم لديهم أن المرأة تخرج من بيتها ، وتصبح أُلعوبة في أيدي العابثين بالأعراض ، يفعلون كما فعل أشياعهم من قبل _ اليهود والنصارى _ حتى أصبحت المرأة مهانة ذليلة دنيئة خسيسة لا قيمة لها ، إنما متاع يُتمتع بها ثم تُرمى ، وتستخدم أداة عارية في الإعلانات التجارية والأفلام وغيرها .
والعقلاء من الغرب رجالاً ونساءً يطالبون بفصل الذكور عن الإناث في كل مجال لاسيما مجال التربية والتعليم ، فهو غير قابل أبداً للاختلاط لا شرعاً ولا عرفاً ولا فطرةً ، وما كثرت الجريمة وتعددت ألوانها ، وانتشر أولاد الزنا إلا بسبب الاختلاط ، حتى أصبح للمرأة الواحدة أكثر من عشيق ، وللرجل أكثر من عشيقة ، فساد المجتمع ألوان الفساد ، وحلت بهم العقوبة الإلهية لمعصيتهم وخروجهم عن الحق ، فظهرت البراكين والزلازل والفيضانات والأمراض المهلكة التي لا علاج لها ، وذلك تصديقاً لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله " [ رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ، وقال الألباني : حسن لغيره ، انظر صحيح الترغيب والترهيب 2 / 179 ] .
فتعقلوا معاشر المسلمين ، واثبتوا على دينكم ، واتقوا ربكم ، ويوم القيامة تسركم أعمالكم ، فتدخلوا الجنة مع الأنبياء والصحابة والتابعين والعلماء وجميع المؤمنين والمسلمين ، اصبروا على طاعة الله ، وتمسكوا بدينكم فما هي إلا سنوات وإذا بالموت قد حل ، والجسد قد ارتحل ، وإلى القبر ينقل ، يشيعه أهله وماله وعمله ، فيرجع أهله وماله ، ويبقى عمله ، فطوبى لمن طال عمره وحسن عمله ، وويل لن طال عمره وساء عمله ، فاعملوا لذلك اليوم العظيم الرهيب ، اعلموا لأول ليلة في القبر ، عندما يأتي منكر ونكير ، وتذكر شدة العذاب لمن فسد في الدنيا ، وتتبع الشهوات ، ودخل في الشبهات ، لمن اشترى الدنيا وباع الآخرة .
وتدبروا هذا الحديث في عذاب القبر :
قال صلى الله عليه وسلم : " إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فلولا أن لا تدافنوا ؛ لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه " ، قال زيد : ثم أقبل علينا بوجهه فقال : " تعوذوا بالله من عذاب النار " ، قالوا : نعوذ بالله من عذاب النار ، فقال : " تعوذوا بالله من عذاب القبر " ، قالوا : نعوذ بالله من عذاب القبر . قال : " تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن " ، قالوا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن . قال : " تعوذوا بالله من فتنة الدجال " ، قالوا : نعوذ بالله من فتنة الدجال . " [
تدافنوا : أي خشية أن يفضي سماعكم إلى ترك أن يدفن بعضكم بعضاً ، ومن فوائد الحديث : إثبات عذاب القبر ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع ما لا يسمع الناس ، وأن سؤال الملكين حق ، وإن فتنة الدجال فتنة عظيمة ، وإن أهل الجاهلية الذين ماتوا قبل بعثته عليه الصلاة والسلام معذبون بشركهم وكفرهم .
فاحذروا يا من بلغتكم دعوة القرآن والسنة ، وعلمتم الحق من الباطل ، احذروا الغي والطغيان ، وعقوبة النيران .

الثاني : المطالبة بالتبرج والسفور وخلع الحجاب :
هناك خلاف في تغطية المرأة وجهها بين العلماء ، لكنه خلاف غير معتبر ، خلاف لا ينبغي ، ولا وجه له ، والصحيح الذي لا مراء فيه ولا جدال ، أن تغطية المرأة لوجهها واجب وأمر من الله ، وأمر من رسوله صلى الله عليه وسلم ، والأدلة على ذلك كثيرة وفيرة .
وحذر الله تعالى من التبرج فقال للنساء عامة ، ولنساء النبي خاصة : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } [ الأحزاب33 ] .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة تبع لهن في ذلك، فقال مخاطباً لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن إذا اتقين الله كما أمرهن ، فإنه لا يشبههن أحد من النساء ، ولا يلحقهن في الفضيلة والمنزلة ، وقوله تعالى: { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } .
قال مجاهد : كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية .
وقال قتادة : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } يقول: إذا خرجتن من بيوتكن وكانت لهن مشية وتكسر وتغنُّج فنهى الله عن ذلك .
وقال مقاتل بن حيان : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } والتبرج: أنها تلقي الخمار على رأسها، ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها، ويبدو ذلك كله منها، وذلك التبرج، ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج " [ دار الرسالة ص / 1087 ] .
وقال ابن جرير الطبري في تفسيره : " حدثني ابن زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا داود _ يعني ابن أبي الفرات _ حدثنا علي بن أحمر، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس قال: تلا هذه الآية: { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } . قال: كانت فيما بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل، والآخر يسكن الجبل. وكان رجال الجبل صباحا وفي النساء دَمَامة. وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجلا من أهل السهل في صورة غلام، فآجر نفسه منه، فكان يخدمه واتخذ إبليس شيئًا مثل الذي يُزَمّر فيه الرِّعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمَع الناس مثله، فبلغ ذلك من حوله، فانتابوهم يسمعون إليه، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة، فيتبرَّجُ النساء للرجال. قال: ويتزيَّن الرجال لهن، وإن رجلا من أهل الجبل هَجَم عليهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصَبَاحتهن، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن، فنزلوا معهن وظهرت الفاحشة فيهن، فهو قوله تعالى: { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } .
إن المرأة المتبرجة لا يرغب في الزواج منها كثير من الرجال ، ولا يحترمها أحد ، ولا يقدرها أحد ، لأنها خلعت ثوب الحياء من الله ومن عباده ، وتميزت بقلة الأدب ، وعرضت نفسها للسخرية منها وبها .
قال الشاعر :
بنيةُ إنْ أردتِ ثيابَ حسنٍ --- تزينُ منْ تشا جسماً وعقلاً
فانبذي عادةَ التبرجِ نبذاً --- فجمالُ النفوسِ أسمى وأعلى
ألا وإن للتبرج أضرار كثيرة منها :
1- أن التبرج دليل ضعف إيمان المتبرجة وقلة حيائها .
2- أن التبرج من أعمال الجاهلية .
3- التبرج يعرض المتبرجة لهمز وغمز اللاعثين وراء الشهوات ، واللاعبين بالأعراض .
4- أن التبرج من أسباب إشاعة الفاحشة .
5- أن التبرج تشبه بالكافرات .
6- التبرج يقلل من رغبة الإنسان المسلم في الارتباط بالمتبرجة ، ويزهده في الزواج بها .
7- التبرج يحرم المتبرجة من نعمة الله لما فيه من معصية الله وعصية رسوله .
8- المتبرجة تعرض نفسها لطمع الطامعين ونهش الناهشين .

الثالث : المطالبة باستقلال المرأة عن ولي أمرها :
الولي أمر شرعي لابد منه للمرأة ، فهو الذي يحميها ويدافع عنها ، وهو الذي يتولى الكثير من شؤونها ، فلا تسافر إلا بمحرم ، ولا تخرج من بيتها إلا بمحرم ، ولا تحج ولا تعتمر إلا بمحرم ، ولا تذهب إلى السوق إلا بمحرم ، والمحرم كالزوج والأب والولد والأخ ونحو ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر امرأة إلا مع محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلا مع محرم " [ رواه الطبرانى ، والبيهقى في شعب الإيمان عن ابن عباس ] .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَقُولُ : " لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ ، وَلاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ " [ رواه البخاري ومسلم ] .
فكيف تستقل المرأة عن محرمها ، كيف يحاربون أمر الله تعالى ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويخالفون شرعة الله تعالى ، ويطلبون من المرأة أن تسافر بدون محرم ، وتسكن الفنادق بلا محرم ، ولهذا جاء أمر آخر ، وهو إخراج المرأة للبطاقة الشخصية الخاصة بها ، حتى تتكشف أمام الناس في كل مكان ليطابقوا صورتها بالحقيقة ، وهي خدعة جديدة ، وخبث مكين ، حتى انخدعت بعض النساء فسارعن إلى فروع الأحوال المدنية ، وتسابقن للسكن في الغرف بلا محرم ، فأصبحن فرائس سهلة ، شعرن بذلك أم لم يشعرن ، لكنها الحقيقة التي لا مناص منها .
فلا يمكن للمرأة أن تسير في طريق أو تخرج إلى أي مكان بأمان ما لم يكن معها محرم ، هذا شرعنا ، ومن لم يرض به ، فلا مكان له بيننا ، فنحن في بلاد هبط فيها الوحي من الله ، وأرسل فيها خاتم الرسل وأفضلهم ، وشرع فيها أعظم الشرائع ، والمهيمن على الأديان والناسخ لها ، إنه الإسلام يا أمة الإسلام ، ومن ابتغى ديناً غيره فهو من أصحاب النار ، قال تعالى : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [ آل عمران85 ] .
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ " [ رواه مسلم ] .

الرابع : المطالبة بقيادة المرأة للسيارة :
وأي فساد بعد هذه المطالبة المبطنة ، يراها الجاهل مطلب مهم ، وهي في الحقيقة انقضاض على أعراض المسلمين ، لم تسلم الفتيات الصغيرات والأطفال من براثن أهل النزوات والشهوات ، فكيف إذا قادت المرأة السيارة وتعرضت للكثير من المضايقات ، بل وفعل الفاحشة بها قسراً ، ووالله لو قادت المرأة سيارتها لوقعت الأمة في محنة ومصيبة ليس لها من دون الله كاشفة ، فاربعوا على أنفسكم يا بني علمان ، فما أنتم إلا أذناب لأسيادكم الغربيون ، تنفذون أجندتهم ، وفي كل واد تهيمون ، فاحذروا عباد الله ، احذر أيها المسلم ، احذري أيتها المسلمة أن تنخدعوا وتنجرفوا وراء تيار التغريب والكفر ، فالعاقبة وخيمة ، والنهاية أليمة ، قال تعالى : { وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } [ البقرة120 ] .
وتأملوا هذا الحديث العظيم الذي يصور واقع العلمانيين وما يدعون إليه من تغيير دين الله تعالى ، فقد حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً من الزمان ، فتأملوه :
قال أَبو إدريس الخولاني : إنه سمع حذيفة - رضي الله عنه قال : " كان الناس يسألون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنتُ أسأله عن الشر مخافةَ أن يدركَني ، فقلتُ : يا رسولَ الله ، إنَّا كنا في جاهليةِ وشرِّ ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخيرِ من شرِّ ؟ قال : نعم ، قلتُ : وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : نعم ، وفيه دخن ، قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يَستَنُّون بغير سُنَّتي ، وَيهْدُون بغير هَدْيي ، تَعْرِفُ منهم وتُنْكِرُ ، فقلت : فهل بعد ذلك الخيرِ من شرِّ ؟ قال : نعم ، دُعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها ، فقلت : يا رسول الله ، صِفْهم لنا ، قال : [ نعم من جِلْدتنا ، ويتكلَّمون بألسنتنا ] فقلتُ : يا رسول الله ، فما ترى - وفي رواية : فما تأمرني - إن أدركني ذلك ؟ قال : تَلْزَم جماعة المسلمين وإمامَهم ؟ قلتُ : فإن لم يكن لهم جماعةُ ولا إمام ؟ قال : فاعتزل تِلك الفِرَقَ كُلَّها ، ولو أن تَعَضَّ بأصلِ شجرة ، حتى يدرككَ الموتُ وأنت على ذلك " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
وَعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلاَبِىِّ رضي الله عنه قال : إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : " ضَرَبَ اللهُ مَثلاً صراطًا مُستقيمًا ، وعن جَنَبتي الصِّراط سورانِ فيهما أَبْوابٌ مُفَتَّحةٌ ، وعلى الأبْوابِ ستُورٌ مُرْخَاةٌ ، وعندَ رَأْسِ الصِّراطِ داع يقول : استقيموا على الصراط ولا تَعْوَجُّوا ، وفوقَ ذلك داعٍ يَدْعو كُلَّما همَّ عَبْدٌ أَنْ يَفْتَحَ شيئًا من تلك الأَبواب ، قال : ويْحَكَ ، لا تفْتَحْهُ ، فإنك إِن تفتحه تَلِجْه ُ. ثم فسَّره فأَخبر : أَنَّ الصّراط : هو الإِسلام ، وأَن الأبواب المفتَّحة ، محارمُ الله ، وأَنَّ السُّتورَ المُرْخاةَ : حُدودُ الله ، والدَّاعي على رَأْسِ الصراطِ : هو القُرآنُ ، وأَنَّ الدَّاعِي منْ فوقِهِ : هو واعظُ الله في قلْبِ كُلِّ مؤمنٍ " [ رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني ] .

الخامس : ظهور المرأة عبر الشاشات :
لا يمكن لفتاة سعودية الأصل والمنشأ ، مسلمة أبية ، أن يقبل أهلها أو أقاربها أو جماعتها أن تظهر بمظهر العري والسفور عبر الشاشات كمذيعة مثلاً ، أو عارضة أزياء ، أو ممثلة أو أُلعوبة في إعلان تجاري ، فذلك مما ينافي أخلاق المسلم والمسلمة ، وذلك مما ينافي ما جاءت به الشريعة من حفظ الأعراض ، فليس من حفظ الأعراض أن تعرض الفتاة أو المرأة عرضها أمام ملايين الناس ، ليفتتنوا بها ، أو يضرونها ، إن كانت هناك وظائف كمثل هذه الوظائف فالأحق به الرجال لا النساء ، لأن المرأة كلها عورة أمام الرجال الأجانب ، والنساء الأجنبيات ، فلا تُظهر للنساء الأجنبيات إلا وجهها وكفيها فقط ، وما عدا ذلك فهو حرام ، أما أمام محارمها فلها أن تُظهر ما جرت العادة بكشفه ، كالوجه والشعر والكفين والقدمين ، وما عدا ذلك فلا يجوز لها كشفه ، المرأة عورة ، كمثل الحلوى إذا تكشفت وقع عليها الذباب ، فكذلك المرأة إذا تكشفت وقع عليها سقط الناس وسفلتهم .
فللمرأة عملها الخاص بها ، وللرجل عمله الخاص به ، ولن تعجز دولة الخير والنماء والبركة ، أن تجعل للرجال أماكنهم الخاصة بهم ، وللنساء أماكنهن الخاصة بهن ، كالمستشفيات والجامعات والكليات ، وغير ذلك من مطالب الحياة ، للفصل بين الجنسين ، حتى نبتعد عن أسباب الجريمة ، ووقوع الفاحشة ، وتأملوا قول الله عز وجل عندما قال : { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } [ الإسراء32 ] ، قال : لا تقربوا الزنا ، ولم يقل : لا تزنوا ، لأن دواعي الزنا ، سبب للوقوع في الزنا .
وإني سائل كل مشاهد ومشاهدة عن أولئكم النساء اللاتي يظهرن عبر الشاشات ، أهن سعوديات الأصل والبلد ؟
الجواب : لا ، وألف لا ، فأي فتاة مسلمة ترضى بأن تكون ألعوبة بأيدي العابثين بالأعراض ، تبقى مختلطة بالرجال في كل وقت وحين ، وولي أمرها ينام قرير العين ، ألا لا نامت أعين الجبناء .
هؤلاء النساء مستوردات مستأجرات ، يأتون بهن من خارج دولة الإسلام ، ليغرين فتيات الإسلام ، بنات هذه الدولة المباركة ، ليعتقدن أنهن من بنات هذا الوطن المعطاء ، أقول : لا ، لسن من بنات هذا البلد ، بل إماء للشهوة ، دعاة للرذيلة ، يسعون لنشر الفاحشة بين المسلمين والمسلمات من أبناء وبنات دولة الإسلام ، فعليهم من الله ما يستحقون ، ولقد توعدهم الله بوعيد شديد ، وعذاب أكيد ، قال سبحانه وتعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [ النور19 ] .
ثم إني أتساءل كما يتساءل كل غيور ، أليس هناك شباب عاطلون عن العمل ؟ أليس الرجل هو المخول بالإنفاق على الزوجة ؟ هل قلَّ الرجال حتى يُزج بالنساء في مثل هذه الأعمال المخلة بالأدب ، القاتلة للعفة والفضيلة .
فإذا كانت الإجابات كلها ، نعم هناك آلاف الشباب عاطلون عن العمل ، نعم الرجل هو من ينفق على الزوجة ، إذن لابد من قمع مثل هذه الظاهر الغريبة على ديننا ، وعدم السكوت عليها ، ولابد من إنكار المنكر كل حسب طاقته ، كما أنه يجب الأخذ على أيدي أولئك السفهاء الذين مسكوا زمام الإعلام ، الذي هو وسيلة من أعظم وسائل التوجيه والإرشاد والتثقيف بين العامة والخاصة .
فكيف تجرأ من يمثل دولة الإسلام على نقض مرسوم ملكي فيه : أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج كاشفة الوجه أمام الرجال الأجانب ، وفيه : أنه لا يجوز للمرأة أن تختلط بالرجال الأجانب .
فمن هم الذين مع هذه المذيعة وقارئة الأخبار ، أهم الأقارب أم الأجانب ؟
لاشك أن كل عاقل يعلم جواب ذلك ، إن هذا التخطيط العلماني الشيطاني لا يخفى على كل مسلم ومسلمة عاقل وعاقلة ، وسوف يلقى جناته وبغاته عقوبة عاجلة غير آجلة ، بحول الله وقوته .
فانتبه أيها المسلم والمسلمة فأنت على خطر ، وإياكم أن تبيعوا دينكم بعرض من الدنيا زائل لا محالة .
فاحفظوا أعراضكم ونساءكم فالله سائلكم عن ذلك يوم يقوم الناس لرب العالمين .

السادس : الكتابة عن المرأة السعودية عبر الصحف المحلية :
في صورة سخيفة ودنيئة ، يكتبون : فتاة سعودية تقود سيارة صديقها ، فتاة سعودية تتسبب في وقوع حادث ، فتاة سعودية تشتكي والدها لحقوق الإنسان ، وهكذا دواليك من هذه التهم الباطلة للفتاة السعودية الشامخة الأبية ، بنت الرجال الأبطال ، أهل العفة والغيرة ، يريدون من وراء ذلك أن يستمرئ الناس ذلك الأمر ويصدقونه ، فيألفونه ولا ينكرونه ، ثم تتقبله قلوبهم ، ومن ثم يشجعون ويطبلون لمن قامت بذلك ، ومن ثم يشجعها أهلها على معصية الله ، ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم .
فأهمس في أذن كل فتاة أُبتليت بأهل لا يخافون الله ، أن تتق الله تعالى في نفسها ، ولا تطيع أحد في معصية الله عز وجل .
فالله الله بالحياء فهو شعبة من شعب الإيمان ، إذا فقد ، فقدت المرأة عفتها وكرامتها ، ولتتأمل كل مسلمة هذه الآية التي بين الله فيها آداباً للمرأة المسلمة وأمرها بها ، فقال تبارك وتعالى : { يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } [ الأحزاب32 ] .
إنها آداب شرعية ، وحقوق مرعية أمر الله بها نساء الأمة عامة ، ونساء النبي خاصة .
وقوله تعالى : { فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } .
قال السُّدِّي وغيره : يعني بذلك : ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال؛ ولهذا قال: { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } أي: دَغَل وخبث وسوء نية ، { وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا } : قال ابن زيد : قولاً حسناً جميلاً معروفاً في الخير .
ومعنى هذا : أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم ، أي : لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها .
بل الواجب اليوم مع هذا الفساد المنتشر في قلوب بعض المسلمين _ هداهم الله _ الواجب على المرأة ألا تخرج من بيتها إلا ومعها ذي محرم ، لأنها ولا ريب سوف تتعرض لمضايقات التجار أو السفهاء من الشباب المرضى بأمراض الشهوة والنزوة .
وقوله : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } أي : الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة .
ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ _ غير متطيبات _ " [ رواه مسلم ] ، وفي رواية : " وبيوتهن خير لهن " .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعود رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " صَلاَةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي حُجْرَتِهَا وَصَلاَتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا " [ رواه أبو داود ، وقال الطبري : هذا إسناد جيد ] .

السابع : التصوير الجماعي مع فتيات مستوردات مأجورات :
وهذا مما يحز في النفس ، ويحزن القلب ، ويدمي الفؤاد ، أن يقوم أحد الشخصيات البارزة في مجتمعنا المسلم المحافظ الطاهر العفيف الحيي ، ثم يقوم بالتصوير مع بنات لا يجوز له التصوير معهن أو حتى الاجتماع بهن ، لما في ذلك من فتنة مضلة ، ومصيبة عظيمة ، واختراق لحدود الله تعالى .
نعم نحن نعلم علم يقين أنهن مستأجرات ، لبث الفتنة في أوساط المسلمات وأن ذلك أمر لا بأس به ، فتقلدهن في ذلك العفيفات الطاهرات من بنات هذا البلد الطاهر النظيف .
لكن هيهات هيهات أن تنطلي مثل هذه الترهات والخرافات والشبهات على بناتنا ، فهن أعقل من ذلك ، وأعف منه .
فهذا الفعل المشين القبيح لا يفعله إلا الفسقة من الرجال والنساء ، ألا فليحذر أولئك المرتزقة من عقوبة الله العاجلة أو الآجلة ، فالعقوبة عظيمة وخطير وكبيرة ، والعذاب لا تتحمله الجبال الراسيات ، فانتبهوا وعودوا إلى الله الواحد القهار ، العزيز الجبار ، فقد قال الله تعالى : { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ الأعراف28 ] .
وقال سبحانه وتعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [ النور 19 ] .

الثامن : النوادي النسائية :
في هذه النوادي أضرار كبيرة منها :
1- خروج المرأة من بيتها وتركه للخادمات أو غيرهن للعبث به ، وترك الأبناء والزوج دون رعاية أو اهتمام ، وفي ذلك من الخلل ما لا يخفى على أحد ، فربما انحرف الأولاد والزوج وهذا ما يريده أعداء الملة والدين ، وأعداء المرأة المسلمة .
2- كشف العورات في التمارين الرياضية والسباحة ، وهذا أمر منع منه الشرع المطهر ، فالمرأة لا تظهر من جسدها أمام غير المحارم ولو كن نساءً إلا الوجه والكفين والقدمين ، أما غير ذلك فلا يحل لها كشفه .
3- تصوير الجاهلات بكاميرات خفية وابتزازهن بعد ذلك ، وعرض أعراضهن عبر البلوتوث أو الإنترنت ، فالعفاف والحياء والقرار في البيوت خير لهن .
4- المرأة مكانها بيتها ، وهذا ما جرت عليه العادة منذ زمن موغل في القدم ، ليس على المرأة من رياضة ، وإذا أرادت ذلك فهناك بدائل عفيفة نظيفة كريمة ، تحفظ لها كرامتها وعرضها ، كالسير الكهربائي ، أما خروج المرأة من بيتها للملاعب والنوادي فليست من دين الله في شيء ، بل هي من خطوات إخوان الشياطين من العلمانيين والليبراليين ، فاحذرن معاشر المسلمات فالخطر محدق بكن من كل جانب ، ولن يهدأ أولئكم النشاز من الناس حتى يمسكوا بزمام أموركن ، والواقع خير شاهد ، فكل من خرجت من بيتها تعرضت للسلب والثلب ، وانتهك عرضها ، وأصبحت بين أهلها وجماعتها وجيرانها ومجتمعها منبوذة مذمومة مرفوضة مبغوضة ، فالسلامة خير لكن ، واتباع كتاب ربكن وسنة نبيكن خير معين لكن ، والتزمن ما التزمنه نساء النبي والصحابة رضوان الله عليهم ، فكن خير جيل وأفضل النساء على الإطلاق ، الناس يهربون من كل حدب وصوب إلى هذه الدولة لتمسكها بتعاليم الشريعة ، ومن ذلك المحافظة على أعراض المسلمات من هتكها واستغلالها ، والمنافقون يسعون في الأرض فساداً ، ولن يتحقق لهم ما يصبون إليه ، مادام في أجسادنا عرق ينبض .

خامساً : المخالفة الصريحة لولي الأمر فيما يأمر به أو ينهى عنه :
لقد خالفت وسائل الإعلام المختلفة أمر ولي الأمر بمنع ظهور صور النساء عبر الصحف والمجلات ، مخالفة صريحة واضحة ، بل وصل الأمر إلى الحث على الخروج على ولاة الأمر في هذه البلاد ، ومن ورائهم دول لا تخفى علينا ، دينهم غير ديننا ، ومنهجهم غير منهجنا ، وتوجههم غير توجهنا ، ومرادهم غير مرادنا ، فهم يهدفون لنزع الدين من قلوب المسلمين ، حتى يحيق بهم مكر الله عز وجل ، يصرحون تارة ، ويلمحون تارة أخرى بحرية المرأة ، مطالب مقيتة ، قديمة مميتة ، لم يعد لها صدىً لدى الشرفاء والنبلاء والفضلاء من أهل هذه البلاد المباركة ، متناسين أن الناس هنا ولدوا على فطرة الإسلام ، آباءً وأجداداً لا يزعزعهم عن دينهم وعقيدتهم مطالب العلمانيين المتهالكين من المتردية والنطيحة ، وسبحان ما فتح العلمانيون باباً للفساد إلا وأصده الله بمهمة الرجال الأبطال ، والنساء الشريفات العفيفات ، فهلا يذهبون عنا ويتركوننا وشأننا وديننا ، نعبد ربنا حتى يأتينا اليقين .
الحقيقة أن الكلام يطول في هذا الميدان في محاربة بني علمان ، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ، ومن السوار ما أحاط بالمعصم ، والعاقل يعرف الحق والباطل ، فيتبع الحق ، ويترك الباطل ، فقد ظهر الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقاً ، وقال تعالى : { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } [ الأنبياء18 ] .
وأخيراً أحمد الله تعالى بما منَّ به علينا من نعمة الأمن والأمان والاستقرار ، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا ذا الطول والإنعام ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله ر بالعالمين .



كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك


 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية