اطبع هذه الصفحة


تفكك المسلمين

يحيى بن موسى الزهراني

 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . . وبعد :
لقد ساد الحقد والحسد أرجاء المسلمين ، لقد تفشى الغضب ونفذ الصبر بين المسلمين ، لقد طغت الأنانية وحب الذات معاقل المسلمين ، فكانت النتيجة المتوقعة أن يفرح الأعداء ، فتكالبوا على المسلمين وتحالفوا ، فدب الذعر والهلع في الأمة وتناشبوا ، وياللفضيحة والعار ، وياللخزي والشنار ، عندما ترى المسلم أخو للكافر عدو لأخيه المسلم ، والله تعالى يقول : " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض : ويقول جل شأنه في حق الكافرين : " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " ولقد حذر الله تعالى عباده المؤمنين الموحدين من العاقبة الوخيمة من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين وتوعدهم بالدرك الأسفل من النار لأنهم في ظاهرهم الإسلام وفي باطنهم النفاق فقال تعالى : " بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً * الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً " وقال أيضاً : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً " وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " بل بين الشارع الكريم في محكم التنزيل أن من اتبع الأعداء الذين يكيدون للمسلمين العداء ويناصبونهم البغضاء ، أنهم للكفر أقرب من الإيمان فقال : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى " فوالله مهما بذل المسلم للوقوف جنبناً إلى جنب مع الكافر ضد أخيه المسلم فلن يحيق المكر السيء إلا بأهله ، فمن كان للكفار ظهيراً ، وللمسلمين معادياً ، خوفاً وذلة ، وجبناً ومهانة ، من أجل البقاء على كرسي ورئاسة التي لو دامت لغيره لما وصلت إليه ، فأولئك يقول فيهم ربهم تبارك وتعالى : " إن يثقفوكم ـ أي الأعداء ـ يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون * لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير " . إلى كم سيعيش ذلك الإنسان عشرات أم مئات من السنين ، ثم ماذا بعد ذلك ؟ إنه الموت ثم ظلمة ووحشة في القبر ، ثم موازين وسجلات ودواوين ، ثم صراط وزلات وسقوط في نيران ملتهبات ، ثم عرض على عالم الخفيات رب البريات الذي لا يخفى عليه شيء من أمر الأرض والسموات ، فلا إله إلا الله ما المخرج من تلك الخطوب المدلهمات ، إنه لا مخرج إلا بالتمسك بالدين القويم والصراط المستقيم ، واتباع هدي النبي الكريم .

عباد الله : انتهكت الأعراض ، وسلبت الأراضي ، وأزهقت الأنفس ، وقتل الرجال ومثل بهم ، ويتم الأطفال ولا أحد يهتم بهم ، ورملت النساء وبقرت بطونهم ، كانت تلك نتائج لا بد منها بسبب ضعف الدين في القلوب ، ومجاملات ومداهنات عند الحاسب والمحسوب ، لقد أغتصبت الأراضي ، وهدمت المنازل الأسافل والأعالي ، وشرد الأهالي ، يجوبون القفار والفيافي ، بحثاً عن لقمة العيش ، بحثاً عن الناصر والمعين ، فمات الكبير والمسكين ، وربما تعرضوا للقصف والإبادة ، بأيدي الظلم والريادة والسيادة ، فهل بعد ذلك من عودة صادقة للدين ، ووالله لا عزة ولا نصر للمسلمين إلا بالتمسك بحبل الله المتين : " ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " .
 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية