اطبع هذه الصفحة


اْلْزِّنَا

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله شديد المحال ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده له شريك له الكبير المتعال ، وأشهد ان محمداً عبده ورسوله عظيم الخصال ، وعلى آله وأصحابه خير صحب وآل . . وبعد :
الزنا من أفحش الفواحش ، وأشد الجرائم ، وأبشع المعاصي ، وأقبح الذنوب .
الزنا دين إذا أقرضته كان الوفاء من أهلك عاجلاً أم آجلاً .
الزنا سواد في وجه صاحبه ، ووحشة بينه وبين الله ، وتفرقاً للناس عنه ، ألا وإن الزاني يجد ضيقة في صدره وحياته ، حتى أن الأرض بوسعها تضيق به بما رحبت ، الزاني يجد الفقر والذلة والهوان على الله وعلى الناس .
ومن آثار الزنا وعواقبه أن يورث الجرأة على معاص الله المختلفة فهو يوقع في المخدرات والخمور ، ويوقع في السرقة والاغتصاب والقتل ، وهي جرائم عظيمة من كبائر الذنوب ، ومن تلبس بها يُخشى عليه أن يختم الله على قلبه فيموت وهو مدمن لها جميعاً .
ومن أشد عواقب الزنا قتل الأطفال الأبرياء الذين يولدون سفاحاً ، والمصيبة أن قاتلهم هم آباؤهم وأمهاتهم الذين وقعوا فيما حرم الله ، فيضعون الطفل في القمامة أو المساجد أو غيرها ، حتى الموت ، وهؤلاء أعظم جرماً من غيرهم من القتلة ، لأنهم هم الذين ولدوهم وأنجبوهم حراماً وزناً وسفاحاً ثم قتلوهم ، والقاتل في النار ، قال الله تعالى : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } [ النساء93 ] .
ومن فعل ذلك فعليه الإثم والدية وصيام شهرين متتابعين .
ولسوف يأتي هذا الطفل يوم القيامة متعلقاً برقبة والديه اللذين قتلاه ويقول يارب : سلهما فيما قتلاني ؟ فعندئذ وقعت الواقعة ، وحلت النكبة والمصيبة ، والعياذ بالله ، إذ هو سؤال يصعب جوابه ، فما هو سبب قتل هذا البريء ؟
وقتل الأطفال الأبرياء ، يورث ضيقاً في الحياة الدنيا حتى ربما وقع أحدهم في الكفر إما باستحلال الزنا أو تماديه فيه أو بغيره حتى يقع في المعصيىة وينغمس فيها ويألفها فتودي به إلى المهالك وسوء الخاتمة والعياذ بالله ، كما جاء مصرحاً به في حديث ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ ، مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً " [ رواه البخاري ] .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما : " إِنَّ مِن وَرَطَاتِ الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفكُ الدَّم الحرام بغير حِلِّه " [ رواه البخاري ] .
فإذا أصاب دماً حراماً والعياذ بالله، فإنه قد يضيق بدينه حتى يخرج منه.
فالقتل عمداً سبب لأن يموت الإنسان على الكفر، والكفر سبب للتخليد في النار .
إلا وإن من صفات عباد الله المؤمنين المتقين أنهم لا يزنون مهما كانت الأسباب والدوافع فهم يحفظون فروجهم خوفاً من عقاب الله تعالى ، قال الله عز وجل : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً } [ الفرقان 68-71 ] .
فمن وقع في جريمة الزنا ، هذه الفاحشة البشعة ، التي لم تحل في ملة قط ، فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل فالله تعالى يحب التائبين ، ويفرح بتوبتهم ، ويغفر لهم ، بل وأعظم من ذلك كله إذا كان العبد صادقاً مخلصاً في توبته فإن الله يبدل سيئاته حسنات ، فهنيئاً للتائبين ، وطوبى للعائدين إلى ربهم بعد طول غياب في ظل المعاصي والمنكرات ، ما أعظم أن يتوب الإنسان قبل أن يموت .
يتفاوت إثم الزّنى ويعظم جرمه بحسب موارده ، فالزّنى بذات المحرم أو بذات الزّوج أعظم من الزّنى بأجنبيّة أو من لا زوج لها ، إذ فيه انتهاك حرمة الزّوج ، وإفساد فراشه ، وتعليق نسب عليه لم يكن منه ، وغير ذلك من أنواع أذاه .
فإن كان زوجها جاراً انضمّ له سوء الجوار ، وإيذاء الجار بأعلى أنواع الأذى ، وذلك من أعظم البوائق ، فلو كان الجار أخاً أو قريباً من أقاربه انضمّ له قطيعة الرّحم فيتضاعف الإثم ، وقد ثبت عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " [ رواه مسلم ] ، ولا بائقة أعظم من الزّنى بامرأة الجار.
فإن كان الجار غائباً في طاعة اللّه كالعبادة ، وطلب العلم ، والجهاد ، تضاعف الإثم حتّى إنّ الزّاني بامرأة الغازي في سبيل اللّه يوقف له يوم القيامة ، فيأخذ من عمله ما شاء ، عن بريدة رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلاً مِنَ الْمُجَاهِدِينَ في أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ ، إِلاَّ وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ ، فَمَا ظَنُّكُمْ ؟ " [ رواه مسلم ] ، أي ما ظنّكم أن يترك له من حسناته قد حكم في أنّه يأخذ ما شاء على شدّة الحاجة إلى حسنة واحدة ، فإن اتّفق أن تكون المرأة رحماً له انضاف إلى ذلك قطيعة رحمها ، فإن اتّفق أن يكون الزّاني محصناً كان الإثم أعظم ، فإن كان شيخاً كان أعظم إثماً وعقوبةً ، فإن اقترن بذلك أن يكون في شهر حرام ، أو بلد حرام ، أو وقت معظّم عند اللّه كأوقات الصّلوات وأوقات الإجابة تضاعف الإثم.
فهو أعظم إثماً وجرماً من الزّنى بغير ذات البعل والأجنبيّة.
الزاني ينزع الله من قلبه الإيمان فإن مات على الزنا مات على غير كمال للإيمان ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : " لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ " [ متفق عليه ] .
فالزنا يهدم صريح الإيمان ، ويبقى الإيمان فوق رأس الزاني والزانية .
كم من العار يجره الزنا إلى الأهل والأسر ، وكم من الفضيحة تتلطخ به البيوت ، حتى أن الناس لا يتزوجون ولا يزوجون أهل تلك البيوت .
لا أحد يرضى الزنا لأهله ، فكيف ترضاه أنت للناس ، أما علمت أن ذلك حرام ، استمع لهذا الحوار لعلك تخرج منه بتوبة نصوح تجب ما قبلها من المعاصي :
عن أبي أمامة : أن فتى من قريش أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ائذن لي في الزنا فأقبل القوم عليه وزجروه فقالوا : مه مه فقال : " ادنه " فدنا منه قريبا فقال : " أتحبه لأمك ؟ " قال : لا والله جعلني الله فداك قال : " ولا الناس يحبونه لأمهاتهم " قال : " أفتحبه لابنتك ؟ " قال : لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك قال : " ولا الناس يحبونه لبناتهم " قال : " أفتحبه لأختك ؟ " قال : لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك قال : " ولا الناس يحبونه لأخواتهم " قال : " أتحبه لعمتك ؟ " قال : لا والله يا رسول جعلني الله فداك قال : " ولا الناس يحبونه لعماتهم " قال : " أتحبه لخالتك ؟ " قال : لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك قال : " ولا الناس يحبونه لخالاتهم " قال : فوضع يده عليه وقال : " اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه " . قال : فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء " [ رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح ] .
الزنا دين فاحذر أيها المسلم من عواقبه الوخيمة ، ألا تخاف على زوجتك وبناتك وأخواتك أن يكون الوفاء من أعراضهن وأنت لا تدري ؟ إذاً فاتق الله ولا ترضى لنفسك الوقوع في أعراض إخوانك المسلمين ، فالمسلم أخو المسلم ، قَالَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم : " . . . فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ . . . " [ متفق عليه ] . فها هو صلى الله عليه وسلم يقول للمسلمين إن أعراضكم حرام عليكم فلا تنتهكوها ، ألا لا تبع جنة عرضها السموات والأرض بنعيمها ولذاتها ومتاعها الباقي ، لتشتري نار جهنم بسبب شهوة ونزوة لا تزيد عن ثوان معدودة ، ثم تندم ندماً عظيماً لا تطيقه ولا تستطيع تحمله .
وعليك بأمر الله تعالى ، وبوصية رسوله صلى الله عليه وسلم للشباب ، فهي وصية نافعة جامعة لمن خاف الله وجعل بينه وبين عذاب الله وقاية ، فإليك الأمر والوصية :
قال الله تعالى : { وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } [ النور33 ] .
فالله يأمر عباده الذين لا قدرة لهم على النكاح أو الزواج بالاستعفاف ، ولا يكون ذلك إلا بطاعة الله تعالى ، والابتعاد عن معصيته ، وعليهم بكثرة الصلاة والصيام وحضور حلقات الذكر والدروس العلمية واستماعها في البيوت ، وقراءة القرآن الكريم ومراجعته ، والبعد كل البعد عما يثير مكامن الغريزة والشهوة عند الإنسان ، كمشاهدة المسلسلات والأفلام والمواقع المحرمة في الإنترنت ، والحذر من الذهاب للأسواق وأماكن تجمع النساء ، فبذلك يستعفف العبد ويبتعد عما يحرك شهوته ، ويحفظ فرجه ودينه .
وما قيل في حق الرجل والشاب يقال في حق المرأة والشابة .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم : " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ _ القدرة _ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ _ وقاية من الحرام _ " [ متفق عليه ] .
ولما نزل قول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ الممتحنة12 ] .
قالت هند بنت عتبة : أو تزني الحرة ؟
ما كانت الحرة لتزني ولو قتلت نفسها ، ما كان يُعرف الزنا قديماً إلا في بعض العبيد والإماء .
قال تعالى : { وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ النور33 ] .
جاء في تفسير ابن كثير : " كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَمَة أَرْسَلَهَا تَزْنِي وَجَعَلَ عَلَيْهَا ضَرِيبَة يَأْخُذهَا مِنْهَا كُلّ وَقْت فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام نَهَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ عَنْ ذَلِكَ وَكَانَ سَبَب نُزُول هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة فِيمَا ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف فِي شَأْن عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ إِمَاء فَكَانَ يُكْرِههُنَّ عَلَى الْبِغَاء طَلَبًا لِخَرَاجِهِنَّ وَرَغْبَة فِي أَوْلَادهنَّ وَرِيَاسَة مِنْهُ فِيمَا يَزْعُم " .
ألا وإن عقوبة الزنا عقوبة غليظة عظيمة في الدنيا والقبر ويوم القيامة :
أما في الدنيا كما في الأحاديث الصحيحة ، فعقوبة الزاني والزانية إن كانا متزوجين أن يرجما بالحجارة حتى الموت ، عذاب لا يطيقه أحد ، لكنه مناسب لجريمة الزنا ، وإن كان الزاني والزانية غير متزوجين فالجلد مائة جلدة والسجن لمدة عام .
وأما في القبر ، فكما في صحيح البخاري ، يوضع الزناة في فرن أسفله واسع وأعلاه ضيق ، يوضعون فيه وهم عراة ، وتأتيهم نار من أسفل منهم ، فيصرخون ولا منقذ لهم ، وهذا عذابهم إلى يوم القيامة ، ويوم القيامة هم تحت مشيئة الله إن شاء غفر لهم ، وإن شاء عذبهم ، وما ربك بظلام للعبيد .
ألا فاتقوا الله أيها الناس واصبروا عما حرم الله عليكم ، واعلموا أن ثمرة الصبر لا يعرف قدرها إلا الله تعالى ، وتوبوا إلى الله لتحصلوا على النجاة والفلاح يوم القيامة ، فالجنة مثوى الصابرين ، والنار مأوى المتكبرين والعاصين .

وفي ختام حديثي هذا أُذكر كل مسلم ومسلمة يريد التخلص من المعاصي للأبد ، ويريد كراهة الذنب ، بآية في كتاب الله تعالى فيها دعاء عظيم يغفل عنها الكثير من المسلمين ، ألا وهي قوله تعالى : { وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ } [ الحجرات7 ] .
فادعوا الله بهذا الدعاء : اللهم حبب إلي الإيمان وزينه في قلبي ، وكره إلي الكفر والفسوق والعصيان واجعلني من الراشدين ، اللهم كره إلي الزنا ، واجعله أبغض شيء إلى قلبي ونفسي ، اللهم كره إلي الحرام ، اللهم حبب إلي طاعتك وأهل طاعتك ، وكره إلي معصيتك وأهل معصيتك ، اللهم اغفر ذنبي ، وطهر قلبي ، وحصن فرجي .
واظبوا وداوموا على هذا الدعاء وأمثاله ففيه خير كثير لمن دعاء به ، فهو مجرب ونافع بإذن الله تعالى ، وإياك أن تدعو به من باب التجربة ، بل من باب التوكل والاعتصام بالله وأنه سوف يجيب دعاءك ، فهو سبحانه قريب يجيب دعاء من دعاه ، ولا يرد يدي عبده صفراً إذا رفعهما إليه ، فهو أرحم الراحمين ، ومجيب دعوة المضطرين ، وقابل التائبين .
اللهم جنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، اللهم احفظ فروجنا ، واستر علينا في الدنيا والقبر وفي الآخرة يارب العالمين .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .


 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية