اطبع هذه الصفحة


خطبة عيد الأضحى 1426

يحيى بن موسى الزهراني

 
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كلما رجع مذنب وتاب ، والله أكبر كلما ندم عبدٌ وأناب ، الله أكبر كلما وسّد الأموات التراب ، الله أكبر ما وقف الحجيج بصعيد عرفات ، وباتوا بمزدلفة في أحسن مبات ، ورموا بمنى تلك الجمرات ، الله أكبر كلما ارتفع علم الإسلام ، الله أكبر كلما طيف بالبيت الحرام ، الله أكبر كلما صعقت دولة الكفر والأصنام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد ، لا إله إلا الله ذو العرش المجيد ، رب السموات والأرض وهو على كل شيء شهيد ، لا إله إلا الله يبدئ ويعيد ، والحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً ، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً ، وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً ، وسبحان الله العظيم ، في السماء ملكه ، وفي الأرض سلطانه ، وفي البحر عظمته ، وفي الجنة رحمته ، وفي النار سطوته ، وفي كل شيء حكمته وآيته ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، بعثه الله بالدعوة المحمدية ، فهدى به الإنسانية ، وأنار به أفكار البشرية ، وزلزل به كيان الوثنية ، اللهم صلّ وسلم على صاحب الحوض المورود ، واللواء المعقود ، والصراط الممدود ، خاتم الأنبياء ، وخير الأولياء ، وأبر الأصفياء ، تركنا على المحجة البيضاء ، لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . . . أما بعد :

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله ، فاتقوا الله تعالى واشكروه على نعمه العظيمة ، وآلائه الجسيمة ، وأطيعوا ربكم في السر والعلانية ، في المنشط والمكره ، في العسر واليسر ، في كل حال وفي كل زمان ، واحذروا الغفلة عن الله والدار الآخرة ، أو الاغترار بالدنيا وشهواتها الزائلة ، ولا ينفعكم إلا الأعمال الصالحة ، فعما قليل تنقلون من دوركم وأموالكم ، إلى حفر ضيقة ، إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار : " إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ * وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَـٰتُ ٱلْعُلَىٰ " .

أمة الإسلام : إن المستقرئ لأوضاع الأمة الاجتماعية ، وأحوالها الأسرية ، ليدرك خطورة الفضائيات ، ويعلم مدى الدمار والضرر التي خلفته وراءها ، شباب في الشوارع إلى بزوغ الفجر ، ثم نوم ولا صلاة ، وآخرون يسطون على المنازل ، ويسرقون المحتويات ، بيوتهم الطرقات ، هيئات غريبة ، وقصات عجيبة ، مضاربات وملاعنة ، ومقاتلات وملاسنة ، قتل وطعن ، نهب ولعن ، خطف وغصب وأعمال مشينة ، تحرشات وتحركات مشبوهة مهينة ، تشويه لصورة الإسلام ، وتعطيل لكثير من الأحكام ، شباب لم يعرفوا من الإسلام إلا اسمه ، ولا من الدين إلا رسمه ، من المسؤول ؟ أهم الشباب وحدهم ؟ أم أن المسؤولية واسعة ، مشتركة شاسعة ، فيجب تكثيف الجهود ، والشعور بالمسؤولية ، حتى تعود الأمور إلى نصابها ، والأمة إلى طريقها ومعتقداتها ، شباب باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل ، هجروا المساجد ، وأشغلوا القائم والساجد ، تجمعات شللية فاشلة ، وتغيرات عقدية فاسدة ، تفككات أسرية ، ضياع للراعي والرعية ، بيوت معطلة ، وأمانات متنصلة ، فرحماك ربنا رحماك ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .

أيها المسلمون : الأمة اليوم تعاني من نقيضين ، ووجهين متباينين ، وجه مضى ذكره ، وآخر ينتظر ذكره ، إفراط وتفريط ، بعد عن الدين ، وتشدد متين ، فلابد من رأب الصدع ، وترميم الصرح ، لا بد من سد الفجوة ، وتعديل الهفوة ، نعم يا عباد الله ، في خضم الحياة المادية ، ومعترك الدنيا الفانية ، ظهرت بوادر انحراف كثيرة ، متعددة الأطراف ، ومن أشدها إثارة ، وأكثرها خطورة ، ظهور فئة الخوارج الذين زعزعوا الأمن ، وأثاروا الفتن ، وأوقدوا نار المحن ، خربوا البلاد ، وأرعبوا العباد ، قتلوا الأنفس البريئة ، وأسالوا الدماء المعصومة ، والله تعالى يقول : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } ، ثلة ضلت طريق النجاة ، ودخلت سراديب التيه والضياع والبوار ، اغتيال وانتحار ، وقد قال الواحد القهار : " وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً " ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا أَبَداً ، وَمَنْ شَرِبَ سَمّاً فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً ، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً " [ متفق عليه ] ، أوضاع منكوسة ، وفطر معكوسة ، الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة وأصيلاً .

أمة الإسلام : المرأة تلك الجوهرة المكنونة ، والياقوتة المصونة ، أحاطها الإسلام بسياج منيع ، وسد بديع ، أوامر ونواهي ، ومطالب ومناهي ، حفظ لها كرامتها ، وصان عرضها ، وأعطاها كامل حقوقها ، بعد أن كانت جزءاً من الأثاث ، وتركة من الميراث ، هكذا هي المرأة في الإسلام ، عزيزة أبية ، شامخة علية ، كفل لها الإسلام مهرها وإرثها ، ومنع ظلمها ، وحرم عضلها ، فباتت المرأة في أعلى مكانة ، وتسنمت أرفع منزلة ، وسميت باسمها في القرآن سورة ، سورة النساء ، تعظيماً لها وتشريفاً ، واحتراماً لها وتقديراً ، فهي مربية الأجيال ، ومعدة الأبطال ، هذه هي المرأة في الإسلام ، ولما أدرك أعداء الإسلام من اليهود والنصارى ، والمنافقين والعلمانيين ، هذه المكانة العظيمة للمرأة في الإسلام ، ودورها الخطير في صلاح الأمة الإسلامية واستقامتها ، أو فسادها وضلالها ، خططوا لها الخطط ، ونصبوا لها الشباك ، وأبرموا أمراً ، ومكروا مكراً كباراً ، علواً واستكباراً ، فرموا المرأة عن قوس واحدة ، وأوهموها بأنها ذليلة محتقرة ، وأن حقوقها مهضومة ، يريدون فسادها ، وهتك عفافها ، وسلب كرمتها ، يريدونها عارية ، كاشفة سافرة ، تختلط بالرجال ، والله تعالى يقول في محكم المقال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } ، هذا شرع الله ، وذاك أمر الله ، أمر بلبس الحجاب ، وارتداء الجلباب ، ويريد أهل الشهوات ، ودعاة الشبهات ، من العلمانيين ، أن تميل المرأة ميلاً عظيماً ، وتخرج عن تعاليم شرع ربها ، حتى تكون ألعوبة لأهل الزيغ والضلال ، دعاة الأهواء والانحلال ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .

أيتها الأخت المسلمة : لا يغرنك ما تشاهدين من مشاهد العري والسفور ، ومناظر العهر والفجور ، حركات ماجنة ، وكلمات محرمة ، عبر الفضائيات ، وصفحات المجلات ، فما هو إلا غزو فكري وعقدي ، لإخراجك من بيتك الشامخ الشديد ، وقصرك المشيد ، وإنه على الأعداء لبعيد ، فإياك أن تنخدعي ، وتذهبي وراء سراب خادع ، وشيطان مخادع ، واسمعي لقول الله جل وعلا : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون " ، َواسمعي لقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في دعاة التغريب ، وأبواق الدعارة ، علمانيو الأمة ، المنبطحين للغرب ، الراضخين لقوانينهم ، الراضعون لحضارتهم ، فقد جاء في الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه وفيه : " فهل بعدَ ذلك الخير من شرّ ؟ قال : نعم ، دُعاةٌ على أبوابِ جهنمَ ، مَن أجابهم إليها قَذَفوهُ فيها ، قلتُ : يا رسول الله ، صِفهم لنا ، قال : هم من جِلدَتنا ، ويتكلمون بألسنتنا ، قلتُ : فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : تَلزمُ جماعة المسلمين وإِمامَهم " ، فعلينا التمسك بكتاب الله تعالى ، والاقتداء بهدي نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، واتباع العلماء الربانيين ، عضوا على ذلك بالنواجذ ، تلاحموا وتراحموا ، وكونوا عباد لله إخواناً ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .

أخوة الإيمان : صلوا خمسكم ، فالصلاة عماد الدين ، وفسطاطه المتين ، قال تعالى : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " ، وفي الحديث الصحيح ، قال صلى الله عليه وسلّم : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " ، أدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم ، وإياكم والبخل والشح ، فهما مطية إلى النار ، وجسر إلى جهنم وبئس القرار ،

قال تعالى : " وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمۖ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ " ، واجتنبوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، أدوا الحقوق لمستحقيها ، وأدوا الأمانات لأهلها ، أوفوا الأجراء والعمال حقوقهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله عز وجل : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ، ومن كنت خصمه خصمته : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره " [ أخرجه البخاري ] ، وإياكم أن تأكلوا أموال اليتامى ظلماً ، فأكلها يورث ناراً ، ويعقب خساراً ، قال تعالى : " إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًاۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا " ، اعدلوا بين النساء ، ولا تميلوا لإحداهن على الأخرى ، قال صلى الله عليه وسلّم : " مَنْ كانَتْ لَهُ إمرأتانِ ، فمالَ إلى إحداهُمَا ، جاءَ يومَ القيامةِ وشقُّهُ مائلٌ " [ أخرجه أبو داود وابن ماجة وصححه الحاكم ] ، اعدلوا بين أبنائكم في الهدية والعطية ، واتقوا الله في ميراث البنات والنساء ، فهذا حكم الله ، وتلكم سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : " للذكر مثل حظ الأنثيين " ، ثم اعلموا رحمكم الله ، أن وجوهكم اليوم ، وجوه مؤمنة بالله ، مطمئنة لأمر الله ، فلا تغيروا خلق الله ، ولا تبدلوا فطرة الله ، قال صلى الله عليه وسلم : " أعفوا اللحى ، أرخوا اللحى ، وفروا اللحى ، خالفوا اليهود ، خالفوا المشركين ، خالفوا المجوس " ، فاتقوا الله أيها المسلمون وأطيعوه ، واخشوه ولا تعصوه ، قال الله عز وجل : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۤ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْۗ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِينًا " ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، أقول قولي هذا ، وأستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .


الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله وبحمده بكرةً وأصيلاً ، الحمد لله معيد الجمع والأعياد ، ومبيد الأمم والأجناد ، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه ، إن الله لا يخلف الميعاد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولا ند له ولا مضاد ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المفضّل على جميع العباد ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد ، وسلم تسليما كثيراً . . . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، فالتقوى وصية الله للأولين والآخرين ، التقوى لباس أهل الإيمان ، وزينة أهل الإحسان .

أمة الإسلام : احتبست الأمطار ، وقل الخير المدرار ، منعت السماء بركتها ، وأمسكت الأرض خيراتها ، كل ذلك بما كسبت أيدي الناس ، ذنوب ومعاصي ، خضع لها الداني والقاصي ، كبائر وجرائر ، مهلكات وصغائر ، آثام وإجرام ، محاربة لله ، معاداة لأولياء الله ، مجاهرة بالجرائم ، ومظاهرة بالعظائم ، خمور ومخدرات ، دخان ومسكرات ، زناً ولواط ، رباً وسحاق ، رشوة وزور ، عقوق للوالدين ، قطع لصلة الرحم ، حرب للجار ، مجاهرة بالأغاني والموسيقى عبر الطرقات ، وفي بيوت رب البريات ، عبر جوالات محمولة ، وهواتف منقولة ، وياللعجب ، لا منكر ولا متمعر ، أين الغيرة على حدود الله ؟ أين الحمية على محارم الله ؟ أنكروا المنكر ، أزيلوا الضرر ، وإلا زاد الخطر ، وحاق بكم أمر الملك المتكبر ، يريد الناس المطر ، ويطمعون في خير منهمر ، سبحان الله ! يسألون الله وهم يعصونه ، ويطلبونه وهم ينكرونه ، يا عجباً لأمر الناس ، لا حياء ولا إحساس ، ليست المعاصي من أسباب الإجابة ، ولا من دواعي الاستجابة ، اسمعوا لقول أبي حفص عندما استسقى للناس ، خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستسقي ، فما زاد على الاستغفار ، ثم رجع فقالوا : يا أمير المؤمنين ما رأيناك استسقيت ، فقال : لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر ، ثم قرأ : " اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إنَّه كانَ غَفَّارا * يُرْسِل السَّماءَ عَلَيْكُم مِدْرَاراً " ، ذلكم عصر النصر ، ودهر الفجر ، قال صلى الله عليه وسلم : " لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، قبل أن تجدبوا ، فتستسقون فلا تسقون " ، الأمة اليوم ، تدعوا فلا يستجاب ، وجل أمرها في تباب ، فاللهم سلم ، سلم ، أخرج أبو داود في سننه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " ، الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة وأصيلاً .

أمة الإسلام : إن من أعظم ما يتقرب به إلى الله في هذه الأيام الأضاحي ، يقول عز وجل : " لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ " ، ويبدأ وقت ذبحها من بعد صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق ، ولا يجزئ من الإبل إلا ما تم له خمس سنين ، ولا من البقر إلا ما تم له سنتان ، ولا من المعز إلا ما تم له سنة ، ولا من الضأن إلا ما تم له ستة أشهر ، وتجزئ الشاة عن الرجل وأهل بيته ، والبدنة والبقرة عن سبعة من المضحين ، وأفضل كل جنس أثمنه وأغلاه ثمنًا، والسنة أن يذبحها المضحي بنفسه ، ولا يجوز أن يعطي الجزار أجرته منها ، ولا يجزئ في الأضاحي المريضة البين مرضها ، ولا العوراء البين عوره ا، ولا العرجاء التي لا تطيق المشي مع الصحيحة ، ولا الهزيلة التي لا مخ فيها ، وكلوا من الأضاحي واهدوا وتصدقوا ، وانبذوا عن أنفسكم الشح والبخل ، وإذا عجزت عن الأضحية فاعلم أن رسول الهدى قد ضحى بكبشين أملحين أقرنين ، أحدهما عن نفسه وأهل بيته ، والآخر عن أمته ، ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه عالي الذكر والتبجيل ، صاحب الغرة والتحجيل ، المذكور في القرآن والتوراة والإنجيل ، فقال سبحانه في محكم التنزيل ، ومعجزة التأويل : " إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً "، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون ، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، اللهم آمنا في أوطاننا ، واحفظ ولاة أمورنا ، وسدد على الخير خطاهم ، اللهم ارزقهم بطانة صالحة ناصحة ، تعينهم على الخير ، وتدلهم عليه ، اللهم سلم الحجاج والمعتمرين ، وردهم إلى بلادهم سالمين ، غانمين ، مأجورين غير مأزورين ، اللهم انصر عبادك الموحدين ، يارب العالمين ، اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار ، اللهم تقبل من المضحين ضحاياهم ، ومن الصائمين صيامهم ، واجعل ذلك ذخراً لهم ، اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ، ومن فوقنا ونعوذ بك أن نغتال من تحتنا ، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، واهدنا سبل السلام ، اللهم رد عنا كيد الكائدين ، وحسد الحاسدين ، وأعين العائنين يارب العالمين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية