اطبع هذه الصفحة


منظمة الرفق بالحيوان . . . تصادم شريعة الرحمن

يحيى بن موسى الزهراني

 
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى ، وعلى آله وصحبه ومن بهداه اقتدى . . أما بعد :
فالكل يسمع بمنظمة الرفق بالحيوان ، وهي في الظاهر منظمة ترعى حقوق الحيوان ، كما يبدو للرائي والسامع حين يشاهد ويسمع ، إلا أن الحقيقة أن هذا الاسم بعيد كل البعد عن ظاهره ، فهي في ظاهرها تحمل الرحمة والرفق وفي باطنها تحمل القسوة والرق ، فمن تأمل حال الحيوان في الغرب لوجد عجبا إذ كيف يدعون للرفق وهم يصعقون الحيوان بالكهرباء ، ويصوبونه بالطلق الناري ، ويضربونه بالآلات الحديدية على أم رأسه حتى يخر ميتاً ، بل وتسلخ جلود الحيوانات وهي لم تمت ، وهذا ما شهدت به وسائل إعلامهم ، وما رآه الأطباء وأهل المعرفة من أبناء الإسلام ، الذين وفدوا إلى تلك الدول الغربية ، فأي رفق يدعونه ، وأي رحمة يزعمونها ، وهم أبعد ما يكون عن الرحمة والرأفة ، فكم طالعتنا وسائل الإعلام المختلفة بالهجمات الشرسة التي تقوم بها تلك المنظمات اليهودية والنصرانية التي تريد إبعاد المسلم عن عقيدته ، وتنحيته عن دينه . وذلك بتشكيكه في أعظم ما يعتقده المؤمن من دينه ، ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه ، ألا وهو الذبح لله ، والتقرب إليه بإراقة الدماء فقد قال جل شأنه " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين " وقال تعالى " فصل لربك وانحر " ، وقال تعالى " لن ينال الله لحومها ولا دمائها ولكن يناله التقوى منكم "

فلقد أمر الله تعالى عباده بأن يكون ذبحهم له سبحانه ، وأن يخلصوا في ذلك ، فيقول الذابح عند ذبح بهيمته " بسم الله ، اللهم هذا منك ولك " ، فهذه البهائم والنَعَم من فضل الله تعالى على عباده ، فمنها يأكلون ومنها يركبون ، وعليها يحملون أمتعتهم وبضائعهم .
قال تعالى : " ومن الأنعام حمولة وفرشاً كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين " ، وقال تعالى " والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون " وقال تعالى " أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون " فهذه الآيات دلت دلالة قاطعة على أن الله تعالى بحكمته البالغة ، وعلمه الذي وسع كل شيء قد خلق هذه الأنعام التي بين أيدينا وجعلها طعاماً لنا وجعل منها مركباً ، ومنها زينةً يتخذها الناس ومنها ما يحرث الأرض ، ومنها ما يحمى الزرع ومناه ما يستخدم في الصيد وغير ذلك كثير ، فمنافعها كثيرة جداً ، ومنها ما سخره الله تعالى لنا لنأكله ، ونتقرب بذبحه إليه سبحانه فالهدي والأضاحي والعقيقة والصدقة العامة ، كل تلك الأنعام تقع من الله بمكان قبل أن يقع دمها على الأرض ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وقدوة طيبة ، ومثالاً يحتذى به ، فهو أرحم بنا من أنفسنا ، وشفقته بنا عظيمة ، وحرصه علينا كبير . قال تعالى : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيراً " ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أعظم الناس رحمة بالبهائم ، واعطف عليها من الخلق جميعاً ، وسنته مليئة بذلك ، أخرج الشيخان وغيرهما من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا ، إِذْ حَبَسَتْهَا ، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ " ، وأخرج البخاري وأبو داود ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ ، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ ، فَقَالَ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي ، فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ ، فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ، فَغَفَرَ لَهُ " قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟ قَالَ : " فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ " ، الله أكبر ما أعظمه من دين إسلامي ، رعى حقوق الإنسان والحيوان ، وأعطى كل ذي حق حقه ، وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ : " لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ " ، وأخرج أبو داود ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا ، لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفًا ، أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ ، قَالَ : فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَإِذَا جَمَلٌ ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ ، فَسَكَتَ ، فَقَالَ : " مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ ؟ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ ؟ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَقَالَ : " أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا ، فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ " ، فهل هناك أعظم من هذه الرحمة منه صلى الله عليه وسلم ، الذي يمثل الإسلام وصورته المشرقة ، بل ومن اهتمامه صلى الله عليه وسلم بالبهائم أنه حث على سرعة ذبحها ، وإزهاق روحها ، حتى لا تتألم ، فعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه قَالَ : " ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " [ أخرجه مسلم وغيره ] ، دين عظيم ، دين كامل من لدن حكيم حميد ، دين صالح لكل زمان ومكان ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، حث على الرحمة والتراحم ، والمحبة والألفة ، أمر بالتكافل الاجتماعي بين المسلمين ، وحذر من أذية الإنسان والحيوان ، ومن عظيم اهتمام الإسلام حتى بالحيوان أنه نهى عن قتل بعض الحيوانات ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ النَّمْلَةُ وَالنَّحْلَةُ وَالْهُدْهُدُ وَالصُّرَدُ " [ أخرجه أبو داود وابن ماجة واحمد والدارمي ] ، وعلى العكس من ذلك فقد أمر الإسلام بقتل دواب وحيوانات أخرى لما تسببه من مفاسد وأضرار ، ولما تلحقه من أذى بالناس كافة ، عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ ، يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " [ أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له ] ، وفي لفظ لمسلم : قال صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْحَيَّةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْحُدَيَّا " ، فشرع قتل هذه الدواب لما يتحقق به مصلحة الناس ، لا سيما إذا صدر منها أذى لبني آدم ، والغالب على هذه الدواب أنها مؤذية بطبعها ، فإذا لم يصدر منها أذى فلا حاجة لقتلها ، وإزهاق روحها .

ومع هذه الرحمة العظيمة التي كان يوليها النبي صلى الله عليه وسلم للحيوان ، ومع ذلك العطف الكبير عليها فقد كان يذبح الهدي والأضحية ويأمر بذلك ، وليس في ذلك أي تعد على الحيوان ، وليس في ذلك أي ضرر عليه ولا على نسله ، فالبشرية منذ بدء الخليقة وهم يتغذون على الحيوان والنبات ، ومع ذلك فهي في تكاثر وتنامٍ وتزايد ، ما لم يكن القتل عشوائياً ، بلا هوادة ولا رحمة ولا تؤدة بالحيوان ، فإن حصل ذلك فلا غرو أن تباد بعض السلالات ، وتنقرض أخرى ، وتتناقص ثالثة ، لكن لما كان الأمر من الله جل وعلا ، العالم بحقائق الأمور ، وخفايا الصدور ، واتباعاً لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلا شك أن هناك حكمة علمها من علمها ، وجهلها من جهلها ، ومن أعظم ذلك أن في إزهاق روح بعض الحيوان تقرباً إلى الله ، وفي بعضها دفعاً لأذاها ، وهكذا تتضح الحكمة ، وتزال الغشاوة .

ولقد أمرنا الله بذبح الهدي للقارن والمتمتع في الحج ، قال تعالى : " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي " ، ولقد ذبح النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة من الإبل نحر منها ثلاثة وستين بيده ، وأعطى الباقي لعلي بن أبي طالب لينحرها ، وذبح عن نسائه البقر ، وكان يقلد الغنم ويشعرها ويرسلها إلى بيت الله تقرباً إلى الله عز وجل ، ومنذ بزوغ فجر الإسلام وحتى يومنا هذا والمسلمون في كل مكان يؤدون هذه الشعائر العظيمة متبعين كتاب ربهم ، ومقتفين سنة نبيهم ، وما زالت أعداد تلك البهائم في نمو وتناسل طبيعي .

ثم يأتي الكفار والمنافقون والمرجفون في الأرض ليثنوا الناس عن عقيدتهم ويشككوهم في دينهم ، ويبعدوهم عن ثوابتهم ، ومن أعظم ذلك ما تزيفه منظمة الرفق بالحيوان وما تدعيه باطلاً وزوراً من أن المسلمين يريدون أن يفنوا السلالة البهيمية ، وسبحان الله ، كيف لم تفن منذ أكثر من 1400 سنة ، حتى تفنى الآن ، لقد أمرنا الله بذلك ، وأمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وهو إراقة الدماء تقرباً إلى الله تعالى في الحج بالهدي والأضاحي ، وعند ميلاد المولود بالعقيقة ، وغير ذلك من الأمور والعادات والتقاليد العربية الأصيلة ، كقدوم الضيف ، ووليمة العرس وغير ذلك .
فهل نتبع قول الله وقول رسوله ، أم نركن إلى قول اليهود والنصارى وأذنابهم وأعوانهم لا كثرهم الله ، قال تعالى : " وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله " ، وقال تعالى : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " .
إنهم يخفون وراء ذلك أموراً كثيرة ومن أهمها وأعظمها شأناً ، تشكيك المسلم في دينه ، وزحزحته عن ثوابته ، فمن شك في دينه وخصوصا" ما هو معلوم من الدين بالضرورة مثل أركان الإسلام وأركان الإيمان فقد كفر والعياذ بالله .

إن ما تدعيه مثل تلك المنظمات التنصيرية والتبشيرية ما هو إلا حقد وحسد على المسلمين ، يريدون من ورائه أن يشرعوا لنا شرعاً غير شرعنا وقد قال تعالى : " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " . فالشرع شرع الله ورسوله ، والحكم حكم الله ورسوله ، والحلال ما أحله الله ورسوله ، والحرام ما حرمه الله ورسوله .

وما يثلج الصدور ، ويذهب غيظها ويزيد في ألم العدو ، ما تراه من تفاعل المسلمين في كل مكان مع كتاب ربهم وتمسكهم بهدي نبيهم ، ونبذهم لشعار عدوهم ، وعدم الاكتراث بأوهامهم وشبههم التي يدسونها ويبثونها . قال تعالى " وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون " ، وقال تعالى : " ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً " ، فالمؤمن صادق مع ربه ، مخلص في إتباعه ، متوكل على ربه ، طائع لأمره ، حذر من نهيه ، قال تعالى " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون " .
فمن تأمل الآيتين السابقتين وجد أن الله تعالى علق الفلاح والرحمة والفوز بالجنة لمن اتبع كتاب ربه العزيز ، وتمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

وعلى النقيض من ذلك ، فمن خالف الكتاب والسنة واتبع أهل الأهواء والزيغ والفساد ، أهل الكفر من النصارى واليهود وغيرهم ، فقد وقع في الإثم والمعصية ومأواه النار وبئس المصير ، قال تعالى : " ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً " .

فإلى ماذا يرمون ؟ وإلى ماذا يخططون ؟
إن المسلم العاقل الحصيف ، المنصف المقدر للأمور قدرها ، ليعرف حق المعرفة ، أنهم يخططون لإبعاد المسلم عن دينه شيئاً فشيئاً ، فإذا تخلى المسلم عن أي أمر من أمور دينه التي لا تقبل مساومة ، فليس ببعيد أن ينخلع من دينه ، ويخرج من عقيدته .
فمن ترك الذبح لله ، فلا شك أنه سيترك دعاء الله ، ويتجه لدعاء المخلوقين ، وربما أشرك بالله شركاً أكبر ، فمن تنازل عن قدر أنملة من دينه ، فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً والعياذ بالله .

وإني في هذه العجالة التي لا تحتمل الإطالة أنبه جمع المسلمين لخطورة الوضع القائم اليوم ، فالأعداء قد كثروا ، وكشروا عن أنيابهم ، وأبانوا عن نواياهم ، وأوضحوا مخططاتهم ، فلم يبق إلا أخذ الأهبة والاستعداد لمواجهة خطر الأعداء واستحضار قول الحق تبارك وتعالى : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوا الله وعدوكم " ، والحذر كل الحذر من الشبهات التي يلقونها في روع المسلمين ، ويقذفونها في نفوس الضعفاء منهم ، ويبثونها بينهم ، فلا عز ولا فوز ولا نجاة إلا بالتمسك بشرع الله تعالى وشرع نبيه صلى الله عليه وسلم .

وعلى الجميع أن يكونوا قلباً واحداً في مواجهة مدلهمات الأمور ، وسد باب الشرور ، وأن يلتف الحكام والمحكومين حول العلماء الفضلاء الربانيين من هذه الأمة ، فهم المخرج بعد الله من كل مأزق ، لأنهم ورثة الأنبياء .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الرحمين ، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، برحمتك يا عزيز يا غفار ،سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .

 

يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية