اطبع هذه الصفحة


سقوط بغداد أم سقوط أخلاق؟!!!

يسري صابر فنجر

 
لما سقطت بغداد ودخلها العلوج أصاب كل مسلم إعصارٌ من الهم والغم والنكد والهزيمة والانحطاط والسقوط ؛ لفقد عزيز وأي عزيزٍ،وفقد قريبٍ وأي قريب،وكم لنا في العراق من آباءٍ،وأمهاتٍ،وأبناءٍ إنه ضياعٌ لمستقبل شعب، واحتلالٌ لأرقى دولة من دول الإسلام، وسألت نفسي سؤالاً ما هو حال من عاصر سقوط القدس؟ وهل الألم الذي أصاب كل مسلم من سقوط بغداد أم من الطريقة التي سقطت بها؟ إنها سهام متعددة،وطعنات موجعة:

ولو كان سهماً واحداً لاتقيته ولكنه سهمٌ وثانٍ وثالث

ولكن لا بد من الابتلاء، ويقابل الابتلاء بالصبر والرضا،حتى يفرز هذا الابتلاء جيلاً يأتي على يديه النصر،والأيام دول .
وسقوط بغداد -وقبلها القدس والخلافة الإسلامية- هو نتيجة حتمية لسقوط المبادئ والقيم والأخلاق،وضياع الدين بين فلسفات المتكلمين،وماديات الطبيعيين،فالقضية ليست سقوط دولة بل سقوط الشعوب الإسلامية في مستنقع من المادية الزائفة والشهوات الزائلة سواءٌ كانت تلك الشهوات قلبية(عاطفية) أو عقلية أو جسدية،وفي ظل ذلك فالحديث عن النصر وهم وسراب،والواقع يحس به كل مسلم ويكابده في ليله ونهاره.

أما أسباب التفاعل مع هذا الواقع،والارتقاء به إلى الفضيلة، وتكوين العدة الإيمانية التي تكون بها النصر،فذلك بأسبابٍ منها:

الرجوع إلى الدين بجميع جزئياته كما قال –صلى الله عليه وسلم-:" سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" رواه أبو داود(3462) وغيره وصححه الألباني فإذا تم الرجوع إلى الدين تمت العزة للمسلمين وأزيل الذل المسلط عليهم،ولا بد من لفظ كل الفوارق العرقية،والأهواء العقلية.

إن الإسلام أخذ في أحكامه بمبدأ الوقاية خير من العلاج،فلا بد من الوقاية قبل استئصال الداء،ولن يصَفَّى الصف المسلم من العملاء والخونة والمنافقين إلا بتربية الصف المسلم والارتقاء بمستواه إلى تطبيق مبادئ الإسلام،وقتها لن يجد العملاء والدخلاء مرتعاً خصباً في الصف المسلم يرتعون فيه، ولن تكون سمومهم ذات تأثير.

عدم التباغض والتحاسد بين الصف المسلم بسبب أمور الخلاف فيها واسع،قد وسع السلف الصالح خلافهم فيها، والعمل على تكوين الوحدة الإسلامية وإحياء مبدأ الولاء للمؤمنين وإلانة الجانب لهم وتآلف القلوب وإشاعة جو من هضم الذات،وظهور الأمثلة الحية من الإيثار" ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" [الحشر:9].

عدم التكالب على الدنيا فهي حقيرة مهما عظمت،جيفة مهما تزينت،عفنة مهما تعطرت،فانية مهما بقيت،وطالبها في غفلة فإن أفاق قبل حلول الأجل وإلا ندم يوم لا ينفع الندم.

إعداد العدة والأخذ بأسباب القوة والأخذ بالأساليب العلمية الحديثة في أمور الدنيا بتكوين قوة إعلامية وحربية واقتصادية وطبية وغيرها تظهر عليها الروح الإيمانية والمظاهر الإسلامية.

6- العمل الجماعي والدولي يحتاج إلى مرجعية تفصل في الأمور وتتحدث بلسان الكل ويكون لديها من الإمكانيات ما يؤهلها لتحقيق ما قامت لأجله.

تنمية المؤهلات والقدرات التي تدفع الفتور أو اليأس في مسيرة العمل الإسلامي.

تربية الأجيال الصاعدة على تحمل المسؤولية، وإعداد الكوادر المستقبلية وإعطائها الفرصة لتحقيق الذات.

تربية الأفراد على الجلد والاجتهاد فالطريق شاق محفوفٌ بالأشواك وكلمة الجهاد ليست سهلة والمجاهد لا يعرف اليأس ولا القنوط بل يعيش بين الكر والفر وتتشعب لديه المسالك والضروب،وتكوين العقلية التي تملك القرار الصائب والمناسب لا يأتي من فراغ.

10ـ إقامة الاحترام المتبادل بين الكبير والصغير،والابن وأبيه،وحفظ حقوق العلماء وسماع نصحهم وإرشادهم والتأدب في الحديث معهم وعنهم.

وختاماً فإن النصر من عند الله ابتداءً وانتهاءً نسأل الله الصدق في القول والإخلاص في العمل والله المستعان وعليه التكلان ونصلي ونسلم على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

يسري صابر فنجر

  • كتب
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية