صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هذا أوانه .. فماذا ننتظر ..؟!!

ممتعض


من حكمةِ الخالقِ سُبحانهُ أن أودعَ هذهِ الأرضَ سُنناً كونيةً لها . ثُمّ وَلِكَمَالِ حِكمَتِهِ وَاستِحقَاقِ أُلوهيتهِ أطّرَّ سُبحانَهُ هذه السننَ الكونيةَ بسننٍ شرعيةٍ تتساوقُ معها ولا تَتَضاد .
ومن يقرأُ سيرةَ سيدِ الخلقِ عليه الصلاةُ والسلامُ يَجِدُ هذا التساوقَ وَاضِحاً جَلياً لا تعارضَ فيه ولا مُضادة ، وما حديث ( اعقلها وتوكل ) إلا شاهدَ هذا التساوقِ ودليلَه !
ومن يتأملُ حالَ الأمةِ اليومَ في استعجالِها النصرَ ، واستشرافِها القيادة ، وتَطَلُعَها التمكينَ ؛ ليجدُ فيما سبقَ الكثيرَ من جوانبِ الخللِ ، وهفواتِ النقصِ ، وتسارعِ الخُطوة ، وأخصَّ ما أقصِدُهُ هذا الإغفالُ وتلك اللا مُراعاةُ في تدبرِ وتمعنِ سننِ اللهِ الكونيةِ ( فلن تجدَ لسنةِ اللهِ تبديلا ولن تجِدَ لسنةِ اللهِ تحويلا ) !
فلقد جَرَتِ السُنةُ والعادةُ الكونيةُ ، بأنَّ النصرَ يتدرجُ ، وأنَّ الحقَّ يُغالَبُ ثُمَّ يَغلِبُ ، وبأنَّ النقصَ يسيرُ إلى الكمالِ ، وأنَّ الكمالَ يسيرُ إلى النقصِ ، وان الأيامَ يُدَاوِلُهَا اللهُ بيّن الناس ( وتِلكَ الأيامُ نُدَاوِلُهَا بين الناس ) ، وأنَّ هذِه المُداولةَ تحتاجُ لانبثاقها بُعدَاً زَمَنياً ، وَتَرَاكُماً تربوياً ، وَحِرَاكاً بَطِيئاً ، وَتَهيئَةً وَإرهَاصَاً ، وَسَبَبَاً وَمُسَبِبَاً .
وتأسيساً على ما سبقَ : فهل الأمةُ اليومَ في مرحلةِ مواجهةٍ وصِدامٍ أم في مرحلةِ بناءٍ وترميم ؟!!
وللإجابة على مثل هذا التساؤلِ فما على أحدِنا إلا أن يُقلب نَظَرَهُ في أرجاءِ عالمنا الإسلامي ليجدَ بأنَّ ما أصابَنا قد كانَ من أنفُسِنا ، وأنَّ اللهَ قد عفا عن كثير !
وأمةٌ هذا سببُ وهنِها ، وهذا تراكمُ مأساتِها ، لجديرة بأن يُعاد النظرُ في صيغةِ بنائِها من جديدٍ ، على أن يكونَ هذا البناءُ أصيلاً مؤصلاً كما كانَ أولَ مرةٍ !
وعلى هذا فإن مظنةَ انتشالِ الأمةِ من حالِها المؤسفةِ ، وأوضاعِها المُترديةِ ، لم ولن يكون بضربةٍ خاطفة ، ولا بمعركةٍ هكذا تأتي حاسمة ، فإن هذا عين المُضادةِ لسننِ اللهِ الكونيةِ والشرعيةِ في التدرُجِ والابتِلاءِ .
ولعلي أُمَثِلُ بمثالٍ من التاريخِ ، ولمرحلةٍ كانت مشابهة لمرحلتنا هذه التي نُعايشها ؛ فهذا صلاحُ الدين – رحمه اللهُ تعالى – محررُ الأقصى ، وهازمُ الصليب ، وقاهرُ أوروبا ، لم تأتِه ( حطينُ ) جذلةً طريةً لسانُ حالِها ( هَيتَ لَكَ ) !! ، بل كانَ لها سابقَ إرهاصٍ ، وجذوةَ صحوةٍ ، وشديدَ مخاضٍ ، قادَ بعضَهُ ( عمادُ الدين زنكي ) وأكملَ بعضهُ الآخرَ ( نورُ الدين محمود ) ثم جاءَ ( صلاح الدين ) فكلّلَ المسيرةَ بتاجِ النصرِ ، ودخلَ المسجدَ كما دخلهُ سلفُهُ ابنُ الخطاب أولَ مرةٍ ، ولسانُ حالِهِ : ( ربنا اغفر لنا ولإخوانِنا الذينَ سبقُونا بالإيمان ) !
وقبلهُ كان سيدُنا وقدوتُنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم يهادنُ يهود ، ويُصالحُ قريشاً ، وينصرِفُ عن ثقيف ، ويستميلُ بالعطاءِ غطفان ، في أساليبَ شتى بها من ثباتِ المبدأِ ، وسعةِ التعامُلِ ، وتقديرِ الظرفِ ، وشمولِ الإحاطةِ ، وفقهِ المرحلةِ ، ما يدلُ على حكمةٍ عظيمةٍ ، ونظرةٍ ثاقبةٍ ، وتروٍ محمود ، تجلى في شخصهِ عليه الصلاة والسلام .

وحِمى الفكرةِ ، ولبابُ المقصَدِ ، بأنَّ هذا أوانُ التَفَكُرِ ، ومرحلةُ التدَبُرِ ، في تحديدِ الأولوياتِ ، وتشييدِ الأسُسِ ، وتهيئةِ المرحلةِ لأُخرى أشملَ منها ، في استيفاءٍ تامٍ للواجبِ شرعاً ، والمُستطاعِ واقعاً ، مع عدمِ استعجالِ النتيجةِ ، وتحقيقِ الأمنيةِ ، وأن يستصحبَ كلَ هذا صدقَ توكلٍ ، وسعةَ صبرٍ ، وخلاصةَ يقينٍ ، لا نقصَ فيه ولا شكَّ بموعودِ اللهِ ونصرِهِ ( كَتَبَ اللهُ لأغلِبنَّ أنا وَرُسُلِي ) .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

منوعات الفوائد

  • منوعات الفوائد
  • الصفحة الرئيسية