اطبع هذه الصفحة


وطن أم وثن

عيسى بن مانع


الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وبعد:

بلادي و إن جارت علي عزيزة === وأهلي و إن ضنوا علي كرام

دائما الحديث عن الوطن والمواطنة و الوطنية يسبب حرجا عند أناس و يعجب آخرين. و بما أن أغلب القضايا يدخل فيها ميزان يتكون من وسط وطرفين, فإن هذه القضية(الوطنية) من أكثر القضايا التي يتخبط فيها عموم البشر. و لكن حديثي هنا سيكون عن الوطنية عند العرب بشكل عام و عند السعوديين بشكل خاص.
على السعوديين أن يحمدوا الله أن جميع المواطنين السعوديين مسلمين(رسميا) وأن دين الإسلام هو الدين الوحيد الذي يعتنقه أهل السعودية, فلو كان هناك سعوديون لهم ديانات أخرى لكانت القضية خطيرة، ولوقعنا في حرج و خطر عظيم.

وفي الوطن العربي ظهر مع بداية القرن الماضي مفهومان للوطنية:
1- المفهوم العاطفي الانتمائي ذي الوجه الإسلامي الذي كان في أذهان بعض المفكرين والساسة مثل مصطفى كامل وحزبه الوطني الداعين إليها الذين لا يستهدفون بها مناهضة الإسلام أو استبدالها به بل نصره من خلالها.

2- المفهوم الوطني الوثني المحارب للإسلام منهجاً و انتماءً وعلاقة مع الآخرين وقد تمثلت في مصر في صحف و أحزاب ورموز مثل لطفي السيد وغيره.
و لتعلم -رحمك الله- أن حبك لوطنك لا يتنافى مع حبك لإخوانك المسلمين فوق أي أرض وعلى قدر طاعتهم لله و اجتنابهم لزواجره. فمفهوم (الأمة) يشمل المسلم -أي مسلم- مهما كان جنسه أو عرقه أو نسبه أو وطنه, وأنت وهو داخلان تحت مظلة الأمة الإسلامية لك ما له وعليك ما عليه.

ولم تمثل قضية الوطنية و المواطنة مشكلة في المجتمع السعودي الحاضر (فقط قليل من الجدل و النقاش) لأن الوطنية عند السعودي لا تأمره بالتبرؤ من غير السعودي ولا بالشوفينية وهي العصبية الوطنية المقيتة المنتشرة عند بعض الأحزاب الغربية اليمينية المتطرفة, والتي تنادي بحرق وقتل وطرد ونسف كل مالا ينتمي لها.
وعند تصفحك لنظام الحكم السعودي ترى جلياً و واضحاً أن نظام الحكم يحث على توثيق العلاقة و الولاء و البراء على أساس من الدين الإسلامي .

لكن القضية أم القضايا هي تعظيم غير شعائر الله التي لها علاقة بالوطن و الوطنية فهي بروتوكولات و مراسيم دولية أسس لها الغرب الكافر و نشرها بواسطة الاستخراب(ما يسمى زورا بالاستعمار) فأصبحت في نظر كثير من الناس دليل على الوطنية وعلى حب المرء لوطنه. إن الخلاف والنقاش الجاري بين الناس الآن هو في هذه القضية(((((تعظيم غير شعائر الله))))) وليس حب الوطن بل حب النبي صلى الله عليه وسلم لمكة أكبر دليل على حب المرء لوطنه الذي ترعرع فيه ودرج فوق بطحاه و شرب من زلاله وكثير من المهاجرين في عهد النبي حنوا إلى مكة و إلى ديارهم ولم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هناك من الوطنيين العرب من باعوا أسرار بلادهم للعدو الصهيوني, و هناك من الأمريكان من باع أسرار عسكرية و استخباراتية للإتحاد السوفيتي و لا ترى أكثر من حب الأمريكي لوطنه.(في الإعلام والسينما, وربما في الواقع) لا أعتقد أن ترديد النشيد الوطني أو الوقوف له أو إجازة يوم واحد ستكون مانعاً لرئيس البلدية من اختلاس مليون ريال سعودي من خزينة الوطن.


 

منوعات الفوائد