اطبع هذه الصفحة


عندما يعجز الأديب عن تجريد المرأة بكلماته!

د. إسلام المازني


تأتيني صور نساء جميلات فاتنات، مع القصائد والخواطر كل أسبوع من شتى المنتديات ...
يلوم عينيه أحياناً بذنبهما *ويحمل الذنب أحياناً على القدر
فهل فتح كتاب القدر، ورأى فيه نصيبه مسطورا وقضاءه مبرما؟
أم يخلط في القضية ليبرر المعصية؟

والسؤال للأدباء :
أحين يعجز الأديب عن تجريد المرأة بكلماته يضع صورة تختزلها في غريزة ؟
ولو سكتنا عن النصح، أنقدر على كتم الخبر ونحن بشر؟
ولا بد أن الضيف يخبر ما رأى ... مخبر أهله أو مخبر صاحب

كنا نتساءل :
هل من أوبة للأدباء المرابطين على ثغور النساء!
وهم يصفوننا بالرجعية ؟ ويحتكرون الوعي لأنفسهم!
ما الناس عندك غير نفسك وحدها ... والناس عندك ما عداك بهائم

هذا مع بعدهم عن كل حوار عاقل متأدب، وحبهم للمجون كحبهم لأعينهم .. ولو كانت الرجعية في الخلق والتقدمية في العلم فما العيب يا أهل الحلم؟

ثم سنت بعض صالوناتنا الأدبية الرقمية سنة سيئة جديدة، كادت تنسينا المشكلة الأولى ، وهي : وضع صورة امرأة سافرة بجوار الكلمات ...
حيث تصلني رسائل من عدد من المحافل الأدبية، وباتت كل قصيدة أو خاطرة رومانسية مدعمة بصورة بامرأة في فراش، أو هيئة موحية بالألوان الطبيعية...

لقد كتبت سابقا مبينا شر ( وشرر) الصياغة الحسية (والمغرقة في الوهم المحرم كذلك)، واليوم أكتب بمشرط الطبيب عن هذه البدعة الأدبية التي حلت، أخطها بالمبضع لا القلم، لأنها واجبة البتر، قبل أن تستفحل وتنتشر أكثر، وأراها فاحشة تسوق عبر الشابكة، ومحنة جديدة لأهل القيم، فهؤلاء يقولون هي ليست عارية تماما!! ويغضبون لغضبتي! أنحرمها أنوثتها!

وكفاني جد لنا:
هم أشبه بمن قال:
إني على شغفي بما في خمرها ... لأعف عما في سراويلاتها!
فقيل له :
وكثير من العهر أحسن من هذا العفاف.. !

والمخاطب بالأصالة هم:
مجموعات (جروبات) الياهو الأدبية، والمجلات الأدبية، ووالروابط الثقافية، والرسائل من المنتديات ( لعرض الموضوعات المميزة – توصيل للمنازل )، وهي من جميع دولنا العربية للأسف، ومن العرب في المهجر كذلك، فهل تسمعون؟ و(من لم يصبر على كلمة سمع كلمات!)

السؤال :
لماذا تقوم بعض هذه المجموعات الأدبية بتوزيع صورة لامرأة تعري شيئا من جسمها فوق كل قصيدة أو خاطرة نثرية عاطفية؟
نعم ...
كانت الغريزة هي التي تروج لمقالات البعض، فلم تعد شيئا يشار إليه، بل صار الأدب هو الحرف الخجول وسط هذا الغبار الأزرق، وكتبنا مناشدة للضمائر مقالة ( حرية الأدب وقلة الأدب )، وكتب أخ حبيب عن
( الترويج للبضاعة الأدبية بالجنس) وغير ذلك ... والله المستعان ...
ثم صارت الألفاظ البذيئة ومعاني الرفث لا تكفي لتفريغ الشحنة القلقة داخل البعض !
فوضعت الصور الملونة ( تأسيا بأهل الهوت ميل ، وكما قال أجدادنا : من خفيت علينا بدعته لم تخف علينا إلفته!)
... فماذا يريدون؟ لقد كان أهلنا يتعففون حتى في المنام!!

بأيّهما أنا في الحب بادي ... بشكر الطَّيف أم شكر الرقاد
سرى وأرادني أملي ولكن ... عففت فلم أنل منه مرادي
وما في النوم من حرج ولكن ... جريت من العفاف على اعتقادي

هل هذه ضرورة أدبية ثقافية فكرية؟ أن أرى امرأة تجردت من ستر الله عليها أمام الملايين، ورفضت خصوصية الكرامة، وتدنت عن رقي قصر المكاشفة على الكيان الأسري المحترم ؟

فعلى صحة الوفاء تعاقد ... نا وصون النفوس والأعراض
وعلينا من العفاف ثياب ... هن أبهى من حاليات الرياض

وكشاعر أو كاتب :
هل يجب في الصالونات مستقبلا أن أحضر (موديلا ) أعرضها أثناء الإلقاء ؟ تأسيا بهذه الصالونات الرقمية...!
لأدعم خاطرتي أمام أعين الناهشين؟
نريد أن نخبر هؤلاء الأدباء أن المرحلة الجديدة ليست تطورا، بل هي تدهور وعصيان! وأنتم تعلمون !

قال ابن المقفع:
عمل الرجل بما يعلم أنه خطأٌ هوىً، والهوى آفة العفاف، وتركه العمل بما يعلم أنه صوابٌ تهاون، والتهاون آفة الدين .

أيها العقلاء
هذه ليست إنجازات، بل خدوش فى ظهر الأمة، وموزع هذه السوءات جاهل ظلوم أتى حاملا ثقالا.

هل هي حرية كذلك ؟؟
بل الحيوانات هي التي تتعرى في الشوارع، ومنّ الله على بني ءادم بستر يزينهم بزينة الوقار بين المخلوقات، مع منته تبارك وتعالى عليهم بالعقل، وغيره مما لا يحصى من أنعم الكريم... أفهذا شكر؟ أم كفر للنعمة
أم هو رفض للنعمة أصلا! وتدني لسوءات المخلوقات الأدنى المحرومة منها ؟

أحبتي
فلنعمل على مراسلتهم ونصحهم قبل أن تستفحل الظاهرة وتفحش، فنرى (البورنو - أدب ) كما رأينا (البورنو - كليب ) في الفضائيات، فهل سيصبح التعري دين القرن الجديد ومحور كل شيء؟
كفانا من عقيدة فصل الدين عن الدولة والحياة!
يخلعون ثيابهم ثم يقولون تأصيل الجسد! ( وللعلم فقد قيل لغويا: "الجسد هو ما لا روح فيه، أما الجسم فما فيه روح" ..... فتأمل واعقل! )

أحبتي :
تغطية الجسد هي الرقي والنظافة، وإلا فلماذا نأكل المخبوزات ونركب السيارات ونتداوى من الأمراض ؟
لماذا لا تحيون كالسوائم بقية أمركم ما دام هذا يريحكم!
أم الهدف فقط هو تبرير الفواحش باسم المدنية ؟
لقد صار العامة يظنون الشعر هو الهيام، من كثرة ما سُخِّر له وحُكِر عليه ..
وكادت دولة الشعر تذوي، ولو هوت ربما هوينا، وأعجبني القائل :
إذا لم تقم للشعر فى الشعب دولة*تيقنت أن الشعب ماتت مشاعره

أيها الأحبة
هل جربتم سواد الوجه فى الدنيا؟
أعيذكم مما هو أسوأ ...

لابد أن نخرج من غيابات الجب الأدبي، فهو عالق بأجسامنا جميعا، ولن تتحرر الأمة من ذلها دون أدب محترم، ألا ترون الشباب الذين ناموا أمام المطربات، وبيض الأماني الذى رقدوا عليه؟ أين دوركم ؟ هل هذه هي الرومانسية الراقية الحلال، التي توقظ الشعور بين الزوجين، وترد فيه الروح بعد رتابة الجفاف والملل؟

أمامكم غزل الزوجية الذي لا يذر حتى الدموع !
نثر الدموع على الخدود فخلتها ... درّاً تناثر في عقيق أحمر
دعوكم من التحليق الفقاعي بالشباب، هل تحسبون تأصيل الخيال الضارب فى المتاهات هو الأدب الجميل؟
ولو أني عشقت امرأة فهل أجعل من هذا محورا للكون؟
ثم أزيد الطين بلة بوضع صورة سافرة متبرجة فوقها؟
هل هذا هو علاج العقم الأدبي ؟
أن نوقد نارا تحت النص بصورة حالمة متزينة؟
كفانا تبادل ترديد أربعين مرادفا للعشق، وكل مرة يتم مزجهم بشكل مكرر
أما تخشون البغتة والأخذة والبطشة !
بينما أضحك مسروراً به ... إذ تقطعت عليه كمدا

أخي المحب :
تكتب عن رموش كبلتك وقيدت خطاك، وبسمات تصلبت ككقضبان من حولك!
وأنفقْتُ عمرِي في تعشُّق فَرْعِه ... فلم أتنَشَّق شَمَّةً من عَبِيرِهِ
خذ منها ما شئت ودع ما شئت! ...هذه نصيحتي، سأبني محبتي بيدي، والرجال مشاعرهم في أيديهم، فليسوا أضعف أمام الحب منهم أمام الشرف ...أقدر الضعف الذى أصابك ساعتها، ولكني أرجو أن تفهم أن العقوبات – بتأديب النفس - أحيانا هي التى تجبرالكسر وتزيل الضعف، ثم تسيطرعلى النفس وتداويها، فيبرد لهيبها! ومهما عصيت فتب إلى الله، فهو الطبيب وهو الشافي ...

مع القرءان، مع السنة، مع الأدب الطاهر النقي حلق غير ملوم

وبدائع تدع القلو ... ب تكاد من طرب تطير
في كل معنى للغني ... يحويه محتاج فقير
أو كالفكاك يناله ... من بعد ما يأس أسير
أو كالسعادة أو كما ... يتيسر الأمر العسير

أحبتي
يجب تصويب كل معنى ليرد لأصله الكريم، ولحقيقته القابلة للتطبيق، ولا تغرن كاتبة الغرور! فالحق باق والوهم محاق!
ثم لو تركن الرجال وحدهم لانفض المجلس ( لذا بدأت موعظة سورة النور بذكرهن)، فلو أنهن صمتن وامتنعن، ثم اعتزلن تلك المحافل وبعدن، لخمدت النيران! وليغضب الغضبان!
ومن لم يرضَ لم أصفعه إلاّ ... بحضرة سيدي القاضي التنوخي

أحبتي
حين نقول أننا ننشر فكرا حرا، أى متحررا من الثقال، حرا من العبودية للمال والشهرة والذات والمجاملات ووو... وليس آبقا..!
فليس الأدباء هم الذين يتلونون كالحرباء، ولا الأديبات هن اللواتي بلا أدب.. كفاها زوجا يناشدها ستر جمالها كي لا تفتن الخلق !

نور الخمار ونور وجهك تحته ... عجباً لوجهك كيف لم يتلهب
وجمعت بين المذهبين فلم يكن ... للحسن عن ذهبيهما من مذهب
فإذا بدت عينٌ لتسرق نظرةً ... قال الشعاع لها اذهبي لا تذهبي

لا أربعين أديبا يراسلون حرفة!

أحبتي :
أنتم قادة لبث النور أو الشرور...

أما ترون أمتكم تكبو وهي تحبو! فكيف لو سارت! أو جرت... أو فكرت أن تطير !

أم تريدونها كما هي ! نحن نصنع الحساء بماء الذل، ونطبخ طعامنا بمرق الهزيمة! القديمة! فلا زال في القدر منه الكثير، و لا نريد غسله، فنحن نتقشف في الخير ونسرف في المر !

عليكم بمحو هذه الصور التي تخلخل مفاصل شبابنا فنلين لغزاتنا، قبل أن تروها حمما فوقكم يوم بعثكم
يا نفس قد حق السفر ... أين المفر من القدر
كل امرىء مما يخا ... ف ويرتجيه على خطر
من يرتشف صفو الزما ... ن يغص يوماً بالكدر

يخاطبني الشباب بأن الوسادة تتوسل إليهم ليناموا!
فإن قاموا فصلاة بالجسم وحده! والفكر شارد والقلب غائب... لأن الصور في المخيلة تتزاحم وتتراكم وتتلاطم !

((أشرق نور الله، وظهر كلام الله، وثبت أمر الله، ونفذ حكم الله، استعنت بالله، وتوكلت على الله، ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، تحصنت بخفي لطف الله، وبلطيف صنع الله، وبجميل ستر الله، وبعظيم ذكر الله، وبقوة سلطان الله، دخلت في كنف الله، برئت من حولي وقوتي، واستعنت بحول الله وقته، اللهم استرني في نفسي وديني وأهلي ومالي وولدي، بسترك الذي سترت به ذاتك، فلا عين تراك، ولا يد تصل إليك، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليماً كثيراً دائماً أبداً إلى يوم الدين، والحمد رب العالمين.))

 

منوعات الفوائد