اطبع هذه الصفحة


طاح مجدي؟ أخفّ للسما

دلال عبدالعزيز الضبيب


المشهد يبدأ باحتفالية ضخمة، بصوت تصفيق عالٍ من يد واحدة ضخمة. مشهد يمتلئ اعتزازاً وفخراً، يمتلئ غروراً، ينبضُ حقداً! المشهد يبدأ باستعراض واضحْ، وفرقعة أصابع لشد الانتباه، همسٌ خافت في الصدور عن الرهبة كيفَ يُمكن أن تصنع صنعاً لا أن تتواجد من نفسها! يبدأ بـإثبات أنّ الموازين في نطاقهم مقلوبة! وأنّ صدى الثقة يضرب في طبول كـالجبالْ. يبدأ عندما يتجسّد الشيطان بصورة إنسانْ. هكذا ببساطة وباختصار مشهَد ترك الصحافي الايطالي المصري الأصل مجدي علام الإسلام .. واعتناقه المسيحية. محنياً رأسهُ كـ أول دلالة على الخيبة أمام البابا بندكتيوس السادس خاضعاً لحكمه، آذناً لروحهِ بالانصياعْ .. بالهلاكْ

تاريخ هذا الصخافي المعادي للإسلام .. والمُناصر للصهاينة، يجعلنا أكيدون بالمثَل الشعبي القائل'ماطاح من نجوم .. أخفّ للسما'. بالأخذ بشدة تحريم فعلته، وبتحليل إهدار دمه كـمُرتدْ .. وبِـشنيعة فعلته في تركِهِ للديانة العقلانية إلى ماحرّفهُ البشر، نضيف إلى ذلك الأمر الجلل في مشهَد الكنيسة والتقديس الحاصل أمام مرآنا في شاشات التلفزة.

المنظر يفضح بشدة قوله تعالى: (ولن تَرْضى عَنْكَ اليَهُودُ ولا النّصارى حتّى تتّبِعَ ملّتهُمْ)، والعدواة ضدّ الإسلام برغم كل الأقوال والأفعال المزيفة في التقريب بين الدنيات وماإلى ذلكْ، إلا أن الموقف يقول لكلّ مسلم تملّكته الخيبة في الدنيا وصارَ مشكك: 'إنّ الأمر أبسط مما تتوقع، مجرد قرار يقودك بدون أية مشاكل! قرار ينقلك من دوائر الفقر والذّل الذي تعيشه في دائرة الإسلام إلى عالم الذهب والأوشحة البيضاء المزخرفة والمباني العالية الطّراز'. هذا مايُقلق في الموضوعْ، وهو إشارة من الكنيسة أنّ الجرأة ستفتح أبوابها أمام من يُنازعها، وأنْ لا خوفْ!

في وقت .. يمتلئ عالمنا بنسبة عالية من الشباب، تتلاشى هويّتهم يوماً بعد يومْ، حتى أن الشئ الوحيد الحقيقي في حياتهم ..وهوَ ديانتهم .. أصبحَ مهزوزاً ومشوّشاً تحت كلمات وشعارات زائفة وقويّة، تحت مسميات عنيف، إرهاب، تعسّف، لا رحمة بالإنسان، عدوانية، حقْد، ظلم، كبت للحريّات .. والقائمة تطول. يتلقّون ولا يوجد في المقابل من دافع للبحث عن الحقيقة والتنقيب عن الجذور المطمورة! في وقت يحتاج الجميع إلى هزة عنيفه .. تفيقهم مما همْ منشغلون فيه، كلّ في شغلٍ يعيشون، في خضمّ معاركْ ودسائس تحاك كلّ دقيقة.

عندما رأيت مشهد الكنيسة، بحثت في عقلي عن مقالات وأسماء كثيرة من أشخاص تركوا المسيحية ودخلوا للإسلام، قساوسة، مبشّرين، عامّة! قصص وحكايات لا نقرؤها إلا في رسائل البريد الإلكتروني، أو كنقاط عابرة في بعض البرامج الدينية! الموضوع صار شبه منافسة .. لديكم مسلم يترك الإسلام؟ لدينا ألف نصراني ويهودي يعتنق دينَ النّور، الدين الحق، دين المنطق، الدين الذي يجيب على كلّ الأسئلة التي تنغرس في الأنفس التي خلقها بارئها.

بالتأكيد هوَ مشهدٌ مؤلم، يخنقُ القلب، ويوجع الروح، وأنْ تأخذ مثل هذا المشهد .. وتجعله يتمخّض عن وعي أكبر، إدراكْ أعمقْ، نظرة مستقبلية أوسعْ هُوَ الجانب الممتلئ في هذا الكأسْ.
 

منوعات الفوائد