اطبع هذه الصفحة


نصرت بالرعب!!

أبو مهند القمري


بسم الله الرحمن الرحيم

 

كل ما ورد في السنة النبوية من أثر بل ومن كلمات، غنيٌ بالعبر والمعاني!!
فحين أشار
النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل أبي بصير بقوله :

(ويح أمه مسعر حربٍ لو كان معه رجال)!!

لم يفهمها أبو بصير بفهم الدراويش أبداً، وإنما حلل ذمة النبي صلى الله عليه وسلم من وعده الذي جاء في نص صلح الحديبية، ومضى راجعاً مع المشركين إلى مكة؛ حسبما اقتضت الاتفاقية.
لكنه استفرد بمرافقيه في الطريق، وجعلهم يندمون ليس على
مقدمهم لأخذه فحسب، وإنما على اليوم الذي ولدوا فيه!!
حيث استطاع الإفلات منهما، بل وقتل أحدهما وهدد الآخر بسيفه، حتى رجع يحبو مذعوراً يستغيث
بالنبي صلى الله عليه وسلم من فتك أبي بصير!!
ثم جنح رضي الله عنه إلى دهاليز الجبال بين مكة والمدينة، مفعلاً مضمون ما أشار إليه
النبي صلى الله عليه وسلم، من تسعير الحرب على قريش؛ من خلال قطع الطريق على قوافلها، بعدما كوَّن أول كتيبة لحرب العصابات في الإسلام، لتشن هجمات مؤثرةٍ على المشركين، ولكن - لا تقع توابعها أبداً - على المسلمين، حيث وفَّى لهم النبي صلى الله عليه وسلم بوعده تماماً، وسلمهم أبا بصير، ولكنه هرب منهم، وأضحت توابع أعماله تقع عليه فحسب، وليس على عامة المسلمين!!
حتى أرضخت هذه
الهجمات وحدها مع مرور الزمن قريشاً!! وجعلتها تذعن من تلقاء نفسها لطلب التنازل عن شرط استرجاع الفارين بدينهم من مسلمي مكة، وكانت بمثابة اللبنة التي انهار بعدها بينان المشركين، وبدأت بشائر الفتح المبين لمكة المكرمة!!
هذه الإشارة وغيرها مما ورد في
السيرة النبوية، بل وفي صريح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في صحيح مسلم : (نصرت بالرعب مسيرة شهر)!!
كفيلة بأن تجذب انتباهنا كأناسٍ ندعي فهمنا للدين ومحاولة العيش في ظلاله؛ كي نتفنن في استثمار هذا الجانب من (
الحرب النفسية) على أعداء الله، ولا نكن كالأصماء في فهم السيرة والتعامل معها!!
فلو نظرنا إلى الساحة المصرية الآن، وما يملأ سماءها من إعلانات وتصريحات تتطاير هنا وهناك، ولا تعرف لها مصدراً، بل ولا تستطيع التأكد من مصداقيتها، وما إذا كانت بالفعل منسوبة لقائليها أم لا
؟!

تجد أن هناك فرصة لاستخدام اللفظ العام لكلمة (
الثوار) حيث لا يمكن لأحد حصرها في جماعة أو فكر أو أشخاص بأي صورة من الصور، وذلك لأن الشعب المصري بأكمله قد نسب نفسه إلى الثورة على النظام السابق!! فبالتالي لن تقع تبعاتها أبداً على فئة بعينها!!

وعليه فلو استثمرنا استخدام هذه الكلمة الفضفاضة في شن (
حرب نفسية) على أعداء الثورة، من خلال (هذه الفكرة التي جاءتني على سبيل المثال، ولا أدعو أبداً لتطبيقها، وإنما فقط أضربها كمثال، حيث يرجع الحكم على المصالح والمفاسد لأولي العلم بالواقع هناك) وتتمثل في الخروج ببيان ينسب إلى (الثوار) يهددون فيه بأنه ما لم تتوقف فلول الحزب الواطي وأذنابهم عن تدبير المزيد من المحاولات للالتفاف على الثورة، والحيلولة دون الشعب وجني ثمار ثورته، فإنهم سيشكلون محاكم خاصة، للتعامل المباشر مع كل متورط في هذه المحاولات، وسوف يدرجون أسماءهم واحداً تلو الآخر، بمن فيهم رجال الأعمال الذين يقومون بتمويل تحركاتهم، سواء عن طريق الإعلام والقنوات التلفزيونية المشبوهة، أو من خلال التمويل المباشر للبلطجية، ويحذرون من أن العواقب الوخيمة التي قد تلحق بهؤلاء، لن تفقدهم مراكزهم الاجتماعية والمالية فحسب، وإنما قد تفقدهم أعز ما يمكلونه!!

وتخيلوا معي لو انتشر مثل هذا البيان، ولم يقصر (
الشعب المصري) كعادته في تضخيمه، فأتوقع أن ترتعد له فرائص كل وغد من هؤلاء الأوغاد، وسوف يجعله يفكر ملياً قبل الإقدام على المزيد من السفاهات، هذا إن لم يفكر جدياً بالنفاد بجلده، والهروب من مصر كلياً؛ قبلما يأتي عليه الدور بالهلاك!!

هذا المثال طرحته لا للتطبيق، ولا لتشكيل محاكم خاصة مطلقاً
!!

وإنما لضرب مثل عن كيفية استثمار (
الحرب النفسية) على الأعداء، حسبما يتناسب مع ما يدور الآن على الساحة من تطورات، حيث أضحى واضحاً للبيان، أن فلول النظام السابق وأعوانه من رجال الأعمال، هم من يحاولون بالفعل وسعهم للحيلوية دون اقتطاف الشعب لثمار هذه الثورة!! والرجوع بنا إلى نقطة الصفر؛ حماية لمصالحهم التي تلاقت مع مصالح النظام السابق!!

لذا وجب أن تخيم عليهم ظلال الرعب لعلهم يرتدعون!!

 

منوعات الفوائد