اطبع هذه الصفحة


طلاب مبادئ ولسنا طلاب مناصب!!

أبو مهند القمري


لا يزال هناك فهم خاطيء عن الحركات والاتجاهات الإسلامية، لدى العامة من الناس
!!  وهذا الفهم ناتج دون شك عن حملات التشويه الإعلامية التي تولى القيام بها رموز الفساد، سواء في العهد البائد، أو فيما سبقه من عهود الظلم والطغيان؛ بقصد تشوية صورة الإسلاميين لدى العامة!!

 ويتلخص هذا الفهم في أن الحركات الإسلامية على اختلاف أنواعها؛ ليس لديها هدف أو غاية سوى الاستيلاء على السلطة؛ لأنهم أحرص ما يكونون عليها
!! ويستغلون الدين كوسيلة للوصول إلى تحقيق هذه الغاية!! وهذا الادعاء هو أبعد ما يكون عن الحقيقة، بل هو محض كذبٍ وافتراءٍ!!

وأكبر دليل على ذلك، هو ما شهدت به مختلف العصور على أن الحركات الإسلامية لم ترفع خلال مسيرتها الطويلة في مواجهة كافة الأنظمة المستبدة سوى شعار واحدٍ فحسب، ألا وهو (
إن الحكم إلا لله) والمراد برفعهم لهذا الشعار؛ هو إظهار قناعتهم التامة من أن حكم الله فيه من الخير العدل والإنصاف والأمان والحرية؛ ما يكفي لرفع المعاناة عن الناس، مما وقع بهم من ظلم وطغيان العهود السابقة، وما كان فيها من سرقة ونهب لخيرات البلاد، وقهر العباد!! وبالتالي فهو السبيل الوحيد لتوفير حياة كريمة للناس.

وعليه فلا ثقة مطلقاً في حكم غيره من الأنظمة والقوانين الوضعية الهزيلة التي ما زادت الناس إلا عناءً
!! ولا في حكم الأفراد؛ الذي ما عرف الناس عنه إلا سلب حقوق العباد، واستباحة ثروات البلاد، وجعلها نهباً لأسرة هذا الحاكم أو ذاك!!

وعليه فلقد تحملت تلك الحركات في سبيل نشر دعوتها بين الناس، ومحاولة توعيتهم لما فيه صلاح دينهم ودنياهم
شتى أنواع الظلم والبطش والتنكيل في كافة المعتقلات والسجون، وشنَّ الفاسدون على دعوتهم الطاهرة النقية أقصى حملات التشويه والتضليل؛ لطمس معالمها وصرف الناس عنها!! حتى لا تبدد بصفاء معانيها ما أقامه الطغاة من امبراطوريات الظلم والجور والطغيان التي قهروا الناس بالعيش تحت ظلالها، فكان الاتهام لنا كإسلاميين بأننا طلاب سلطة، هو الركيزة الأساسية التي جعلوها محور حملاتهم المضللة!!

والآن
. . وبعد أن زالت تلك الأنظمة، وسقطت كافة الأقنعة، وانكشفت كل المؤامرات، وأصبح للإسلاميين الحرية المطلقة كغيرهم للمشاركة في الحياة السياسية!!

دعونا نقولها لكم وبمليء أفواهنا . .

لسنا والله طلاب مناصب، وإنما نحن أصحاب مبادئ!!

فهذا الدين قد حملنا أمانة أمام الله أولاً، ثم أمام شعوبنا بأن نكون أمناء على  إقامة العدل بين الناس فحسب، ولا نحرص مطلقاً لا على احتلال مناصب ولا على نيل مكاسب، حيث ينحصر مكسبنا الوحيد في إقامة حكم الله العادل في الأرض!!

أما نحن كأشخاص أو أفراد؛ فإن موقعنا يتحدد بحسب مصلحة هذا الدين، فإن اقتضى أن نكون في المؤخرة كنا في المؤخرة، وإن اقتضى أن نكون في المقدمة، قدمنا والله أرواحنا في الصفوف الأولى، رخيصة في سبيل الدفاع عن ديننا ومقدساتنا
!!

وما مشاركة
بعضنا حسب جهة نظرهم الخاصة في الأحزاب والفعاليات السياسية إلا نوعاً من ضمانة آلية تأدية هذه الأمانة؛ أما الحكم فيتولاه من كان له أهلٌ، ممن توفرت فيه أهلية الحاكم العادل، وأجتمعت على أهليته آراء المصلحين؛ شريطة أن يقيم فينا الحق والعدل، ويحكمنا بشرع الله الضامن لكل معاني إرساء هذا العدل بين الناس، وعليه فإن مهمتنا تنحصر فقط في تحقيق مطلب واحد، لا يختلف عليه اثنان من أفراد هذا الشعب، ألا وهو (أن يحكمنا من يخاف الله).

وعليه فإن تلك المطامع المزعومة في الحكم والمناصب منعدمة لدينا، وإنما نريد لشعبنا وبلدنا فقط حاكماً لا يسرق قوت شعبه، ويوفر العيش الكريم لمجتمعه، ويصون كرامة أبناء وطنه، ولن يكون هذا إلا في ظلال شريعة الله العادلة الوافية -
هذا فقط هو غاية ما نصبوا إليه - ولكن نظراً لأن كافة مطالبنا كانت ولا زالت تصطدم مع مصالح المفسدين، بل وتصيب الحكام الظالمين في مقتل!! حيث تتعارض مع مصالحهم وسرقاتهم لقوت شعبهم؛ فقد واجهونا بهذه الحملات المستعرة من التشوية والتضليل، والاتهام الباطل بأننا طلاب سلطة ومناصب!!

وها نحن اليوم كإسلاميين، نقول لكل من يحاول مجدداً ترديد نفس الاسطوانة المشؤومة، ويسير على نهج البائد (مبارك) لتخويف الناس من أهل الدين، وصرفهم عنهم،
حاولوا استخدام أقل قدر ممكن من عقولكم!! فيكف تكون مطامعنا دنيوية وقد شهدت لنا جدران السجون على مر العصور، على مواجهة الظلم والظالمين، لأننا لم نرض الدنية في ديننا، حيث وهبنا حياتنا كلها لله، وعقدنا العزم منذ الوهلة الأولى على نصرة هذا الدين، الذي علمنا أول ما علمنا :

*
بألا نكون طلاب سمعةٍ . . . لأن الله يحب العبد الخفي التقي!!
*
وألا نكون طلاب مناصب . . . لإنها حسرة وندامة يوم القيامة!!
*
وبألا نتكلم بلسانين . . حتى لا يكون لنا لسانان من نارٍ يوم القيامة!!

وفي المقابل . .
*
ألا نصمت في وجه الظلم والطغيان أبداً . . لأن الساكت على الحق شيطان أخرس!!
* وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر . . . لأنه الامتياز الذي شرَّف الله به هذه الأمة؛ لتكون خير أمة أخرجت للناس!!
*
وبأن نكون دعاة خير ورحمة على الأمة . .  لأن خير الناس أنفعهم للناس!!

كما لا ينبغي علينا أبداً أن نكون بلهاء :

*
ونمكن أعداءنا بأيدينا من مقومات بلادنا!!
* أو نسمح لوكلاء العمالة في أرضنا باعتلاء المناصب مجدداً في حكوماتنا لتنفيذ مخططات أعدائنا!!
* أو ننخدع بشعارات الزيف والتضليل التي يرفعها طلّاب السلطة الذين يصطبغون بكل لون، ويتحدثون بألف لسان؛ حتى يحصلون على مرادهم من نيل تلك السلطة، ثم يفجعونا بواقع أليم مفاده أننا قد نزعناها من مخلوع سارق، لنضعها في أيدي سارق أو محتال بديل!!

وعليه فلتتحد جهودنا جميعاً يا أبناء شعب مصرنا الحبيبة، على القيام بدور الراعي المؤتمن على مصالح البلاد والعباد،ونحسن اختيار من يخاف الله فينا ويحكمنا بكتاب الله، فإن أحسن أعنَّاه وإن أساء قومناه، فإن أبى عزلناه
!!

ودعونا نرفع من اليوم شعاراً واحداً:

لن نولي بعد اليوم أمرنا . .  إلا لمن يتقي الله في شعبنا وبلدنا!!

فلن نوليها لخائن أو سارق يعبث بمقدرات وثروات شعبنا!!
ولن نوليها لعميل تنحصر مهمته في تنفيذ مخططات أعدائنا على أرضنا
!!
ولن نوليها لفاسق يسير بنا نحو هلاك ديارنا بعصيان ربنا
!!

وإنما نوليها


لمن هو أهل لها بأمانته وخوفه من الله.
ولمن هو أهل لها بخبرته وقدرته على القيام بحق المنصب وأداء حقوق العباد والنهضة بالبلاد أمام الله.

فإن تحقق العدل بين الناس، وكانت ولايته فاتحة خير وبركة على مصرنا الحبيبية، وازدهرت بلادنا اقتصادياً واجتماعياً ونهضت في كل مناحي الحياة، فسوف يشهد لنا التاريخ بأننا كنا بحق . . طلاب مبادئ ولسنا والله طلاب مناصب!!


محبكم

أبو مهند
القمري


 

منوعات الفوائد