صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







سوق الصومال


الصومال بلد عربي يقع في القرن الأفريقي الجنوبي الشرقي، وهو ينقسم من الناحية الإدارية إلى ثلاثة أقسام:

الشمال (الصومال لاند)، ثم تليها (الصومال برولاند)، ثم في الوسط والجنوب (الصومال) والتي عاصمتها :مقديشو.
كانت الصومال في عهد (الإستعمار) مقسمة إلى قسمين : شمالي تحت سلطة بريطانيا، وجنوبي تحت سلطة ايطاليا.
والصومال منذ واحد وعشرين سنة تأن تحت وطأة الحرب، وذلك بعد سقوط الحكومة المركزية عام 1991م بقيادة محمد سياد بري، وهو وإن كان فاسدا ظالما إلا أن الناس هناك مازالوا يذكرون عهده وكأنهم يتمنون رجوعه لأن الحروب مزقتهم وأكلت الأخضر واليابس بداية بما يعرف بأمراء الحرب ثم عهد المحاكم الإسلامية - ستة أشهر وهي العهد الزاهر- ثم اجتياح القوات الأثيوبية- دمرت خلاله البلاد- ثم تعيين حكومة صومالية ، وأخيرا قيام حركة الشباب. ولم تضع الحرب أوزارها إلا قبل ثلاثة أشهر عندما خرجت حركة الشباب من مقديشو وتراجعت إلى المناطق الأخرى (ما يمثل 70% من أرض الصومال) وبقيت مقديشو بيد الحكومة الضعيفة تحت حراسة القوات الأفريقية. ولذلك من الناحية السياسية الإدارية في الوقت الراهن يمكن تقسيم الصومال إلى أربعة أقسام هي:

1- الصومال لاند : في الشمال وهي متاخمة لجيبوتي وهي منطقة آمنة مستقرة ولم تدخل في الحروب التي أنهكت الصومال طوال الواحد وعشرين سنة الماضية.
2- الصومال برولاند : وهي مستقرة نسبيا ولها إدارة منفصلة.
لكن كلا من الصومال لاند وبرولاند لم يعترف بهما من قبل الدول الأخرى مع أن أهلها يرغبون في الإنفصال لتكوين كيان مستقل يستفيد من العلاقات الدولية ويعمل على التنمية الحضارية ولا يكون رهن منطقة مضطربة لا يعرف لها مستقبل (صومال الجنوب).
3- مقديشو : وتبلغ مساحتها ما يقارب 50 كم وتتواجد فيها الحكومة الحالية برئاسة شيخ شريف، وهذه الحكومة حكومة ضعيفة تخضع لإملاءات خارجية كثيرة وفي نفس الوقت يكتنفها الخوف من حركة الشباب في الداخل، زد على ذلك اتهام عدد من رموزها بالفساد، ولذلك يمكن القول بأنها حكومة غير فاعلة أو مؤثره في الواقع .
4- المناطق الأخرى المتبقية تخضع تحت سيطرة حركة الشباب.

*الوضع الحالي والمجاعه:

ضربت الصومال مجاعة واجتاحه قحط وذلك بسبب قلة الأمطار وهلاك الماشية، وكان هذا الأمر موجودا خلال السنوات الماضية إلا أنه اشتد هذه السنة مما اضطر مئات الآلآف من الناس إلى النزوح من جنوب وغرب الصومال إلى ثلاث مناطق : مقديشو والحدود الكينية والحدود الأثيوبية. وقد تسبب هذا الأمر في وفاة عشرات الآلآف من الناس وانتشار الأمراض المختلفة، ووجود المخيمات المتفرقة في المناطق التي نزح إليها الناس مما أدى إلى ظهور المشكلة وتفاقم الكارثة.
* مقديشو : أتكلم عن مقديشو لأنها محط نظر العالم خلال هذه المشكلة، وذلك لنزوح عشرات الألآف اليها بسبب المجاعة والجفاف، وإن كان كمون المشكلة في مقديشو لا يمثل إلا 30% فقط من المشكلة التي تعم الصومال إلا أن الجهود المبذولة موجهة اليها بنسبة كبيرة.
_ ومقديشو (عاصمة الصومال) يقطنها ما يقارب مليوني نسمة، وهي مدينة دمرتها الحروب من يسير فيها يرى بوضوح آثار الدمار وتهالك البنية التحتية وكأنه في بلد أصبح خبرا بعد أثر، ومما زاد الأمر شدة وجود النازحين فيها وإقامتهم في مخيمات حولها.
* المخيمات: ما يزيد على 600 مخيم في مقديشو، في ظروف معيشية صعبة ، تتقاسمها المنظمات والهيئات الخيرية للإشراف عليه ، ولا يزال الناس يتوافدون ويشكلون مخيمات لكن بشكل أقل من ذي قبل.
- ما ينقص المخيمات:
1) لا تزال بعض المخيمات لا تصلها المساعدات ولا يوجد من يشرف عليها.
2) عدم وجود أنشطة دعوية وتعليمة في أغلب المخيمات مع شدة الحاجة إليها.
3)عدم وجود رعاية صحية كافية، لصعوبة الظروف وقلة العاملين وشح الأدوية.

- حاجة المخيمات :

1) برامج دعويه.
2) زيادة حجم العمل في الجانب الصحي.
3) عمل محفزات معنوية للناس ومحاولة إشغالهم داخل مخيماتهم وتقوية روح العمل والأمل في نفوسهم.
4) إعادة تأهيل هؤلاء النازحين لإرجاعهم الى مناطقهم في أسرع وقت وذلك بعمل مشاريع تنموية في تلك المناطق مع سد الحاجة من ناحية الأطعمة فيها، لأن استمرار المخيمات يفاقم المشكلة ويعود الناس يوما بعد يوم على الكسل وترك العمل والتكسب.

* الحالة الصحية :
ولأنني طبيب كتبت عن هذا الجانب الهام ، فالأمراض منتشرة والرعاية الصحية ضعيفة والأدوية شحيحة والعاملين قلة والعمل الإغاثي والطبي ليس على حجم الكارثة ، ويمكن تلخيص النقص في هذا الجانب في عدة أمور :
 1)عدم وجود مستشفيات مجهزة : ولذلك صارت كأنها ملاجىء بسبب ضعف الإمكانيات وعدم وجود المعدات اللازمة.
2) ضعف الكادر الصحي مع قلة الأطباء الصوماليين خاصة وعمل كثير منهم بدون مقابل.
3)ضعف العمل الطبي العالمي متمثلا في منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف، فهناك تباطؤ في توزيع اللقاحات الخاصة بالأطفال، كما أن هناك روتينية في اتخاذ القرارات مع أننا نتعامل مع كارثة ، وكثير من المعونات العالمية تحول إلى تلك المنظمات.

* المخرج :

1) أن يعلم أهل الصومال أنه لن يخرجهم بعد الله تعالى مما هم فيه من الحرب والقحط والمرض إلا أنفسهم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وذلك بالرجوع إلى الله تعالى ومجاهدة أنفسهم والتنازل عن أهوائهم لقطع الطريق على أعداء الإسلام الذين يريدون لهذا البلد استمرار التمزق والإضطراب والخراب، وأن يجتهدوا غاية الإجتهاد في الإصلاح فيما بينهم.

2) ألا يركن أهل الصومال إلى وجود هدوء لمدة بسيطة في مشكلتهم فالأمر يستدعي عملا جادا طويلا، وكذلك لا يركنوا إلى المساعدات التي تأتيهم فيدعوا العمل ولا يقوموا بواجبهم المتحتم لإصلاح بلدهم.

3) لا بد من وجود سلطة مركزية تأخذ بزمام الأمور في تنسيق العمل بين الجهات الإغاثية والدول المختلفة ، وإيجاد مشاريع جاهزة لتقديمها حسب الأولوية لمن يريد أن يشارك في البناء، وألا يكون الصومال حما مستباحا يعمل فيه من يريد بأي شىء يريد ،لأن هذا يضيع الأموال ويشتت الجهود وتتلاشى فيه الأولويات.
أما إذا غابت الحكومة أو غيبت فإن هذا الأمر فرض كفائي يتعين على أهل الصومال القيام به كل في تخصصه وذلك عن طريق إقامة لجان عاملة في كافة المجالات، فالأطباء مثلا يكون لهم لجنة من خلالها ينسقون العمل الطبي ويحددون النقص الموجود ويقدمون للآخرين احتياجاتهم على شكل مشاريع جاهزة ، وقل مثل ذلك في التعليم والمجالات المدنية الأخرى. ومن باب الإنصاف وحتى تكتمل الحقيقة فإن منظمة التعاون الإسلامي لها جهد مشكور في محاولة التنسيق بين الهيئات الإغاثية والطبية العاملة هناك عن طريق عقد اجتماع اسبوعي للهيئات الإغاثية وآخر للهيئات الطبية، لكن هذا الجهد يظل ضعيفا لسببين :
 1- قلة أو عدم حضور الصوماليين المتخصصين في تلك الإجتماعات ، مع أنهم هم الأجدر بالحضور و ذكر مايحتاجه بلدهم.
 2- غياب متخذي القرار في تلك الإجتماعات ، فكل هيئة يمثلها مندوب لا يستطيع في الغالب البت في الأعمال المقترحة إلا بعد الدراسة والمشاورة بينما الواقع في الصومال يحتاج إلى عمل عاجل لا يقبل التردد ولا التأخر.

4) أن تعمل الدول الإسلامية الممولة للصومال على تقديم مشاريع جاهزة تخدم في التنمية وإصلاح البنية التحتية سواء في مقديشو أو خارجها ، وألا تكون المساعدات على شكل أموال تقدم للحكومة أو إلى الهيئات العالمية المتواجدة هناك فقد أثبت الواقع عدم جدوىهذه الطريقة وضاعت كثير من الأموال دون الإستفادة منها في بابها الصحيح، ولذلك ينبغي أن تتظافر الجهود لإقامة مشاريع جديدة مع ترميم البنية التحتية الموجودة مما يوفر لأهل الصومال الإفادة منها على المدى البعيد. ومن ذلك على سبيل المثال: توحيد الجهود في تشغيل المستشفيات الموجودة بما في ذلك توفير الأجهزة اللازمة وكذلك الكادر الطبي الكافي مع دفع رواتب العاملين . _ ومن ذلك أيضا إعادة تأهيل النازحين عن مناطقهم وذلك بإقامة مشاريع تنموية في تلك المناطق تساعدهم على اجتياز مشكلتهم كحفر الآبار والعمل على إنشاء شبكة تحلية مبسطة مع توفير الأسواق الدائمة في تلك المناطق لتغطية الإحتياجات المعيشية اللازمة ._ كذلك بناء المدارس والجامعات والتكفل بلوازمها ولو لمدة مؤقتة. _ كذلك إصلاح الطرق والمطار . إلى غير ذلك من المشاريع الضرورية.
ومما يذكر ويشكر لحكومة تركيا سبقها في هذا المضمار ولا كرامة في ذلك فإن هذا من أبسط دلائل الأخوة الإسلامية.

5) أن يتذكر أهل الصومال مع كل هذه المصائب والمشاكل المنسية أن الله تعالى قد حباهم بكثير من الخيرات والتي تحتاج إلى من يحسن استغلالها والعمل على الإستفادة منها ومن ذلك :
- الساحل البحري الطويل مع الإشراف على مياه دولية مهمة.
- المحاصيل الزراعية الجيدة لعدد من الثمار والفواكه.
- المناظر والأجواء الجميلة مما يجعل من الصومال بلدا سياحيا إذا عم الأمن أرجاءه بإذن الله .
- الصحراء الشاسعة والتي يمكن التنقيب فيها عن المعادن والخيرات. وقبل كل ذلك وبعده العقول النيرة في كافة المجالات والتي كبتتها الحروب وأرهقها الفقر والمشاكل وأحزنها غياب المؤازرة الجادة من قبل إخوانهم المسلمين.

هذه كلمات متناثرة وأفكار بقيت في الذاكرة كتبتها أثناء عودتي من مقديشو ووسمتها ب\"سوق الصومال\" ، لأن من يذهب هناك فيرى الجنسيات المختلفة والأعمال المتوزعة يتذكر السوق الذي يتقابل فيه التجار من نواحي عديدة وتختلط فيه السلع المفيدة وغير المفيدة، ويستنفقها الناس بدون تخطيط ولا نظرة بعيدة، وكعادة السوق يرتفع فيه ناس ويسقط آخرون وهكذا هي المصائب والشدائد تكون على قوم الآما مفجعة وربما تكون لآخرين فرصا ثمينة. كتبت ذلك واصفا للواقع الذي رأيته تقديما لواجب النصح ومحاولة لإرشاد الجهود المبذولة (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله)، والله من وراء القصد. أسأل الله تعالى أن يكشف عن إخواننا هناك ما حل بهم وأن ينشر الرخاء والإطمئنان في ربوعهم إنه خير مسؤول.
 

كتبه :طبيب عائد من الصومال
6/11/1432 ه
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

منوعات الفوائد

  • منوعات الفوائد
  • الصفحة الرئيسية