اطبع هذه الصفحة


راياتٌ ترفع , وطبولُ تُسمع

بندر بن عبدالله الثبيتي


حينما تنحرف المرأة عن جادة الصواب , وعن طريق الله الذي امرها بالقرار في بيتها , وأمرها بالحجاب الذي يسترها , وأعطاها مالها ومنعها مما هو لايستقيم مع فطرتها , اقول حينما تنحرف عن ذلك , فإن عواقب انحرافها ستهدم من حولها , سيصبح المجتمع بأسره نحو الضياع دليلاً , ولا يبالي لطريق الخير سبيلاً .
وجاءت المرأة المسلمة من بين النساء جميعاً أكملهن حقوقاً , وأوفرهن حظاً بالحقوق المشروعة , فأبى داعاة الفساد والرذيلة أن يجعلوها كما هي , وجاؤوا على ظهر معين خارجي ينادونها لما هو شر لها في دينها ودنياها , فلحق العالم الاسلامي والعربي بعد الاستعمار حملات مسعورة للقضاء على عفاف المرأة المسلمة , فجاء السفور يدق أبواب الدول الاسلامية , وظهر العري والعار بعد أن قدر الله أمراً كان مفعولاً .

إلا أن بلاد الحرمين الشريفين ظلت ومازالت في منأى عن هذا التفسخ والتحرر الجسدي للمرأة , فالحجاب سمة ظاهرة في أماكن شتى , والعفة مصانة مطهرة , وداعاة الانحلال وارباب الشهوات يقضون وطرهم بليلٍ يخافون فيه , فلا زالت معالم الخير ظاهرة , لكن يخشى العقلاء والحكماء أن تؤول هذه البلاد لما آلت إليه جاراتها من الدول , فهناك تحرك مشبوه أصبح بصبغة رسمية يسعى لفرض أجندة غربية بوصفة اسلامية تفرض على الناس من باب (قرار حكومي) فجاءت أمورُ يحتار فيها اللبيب , ويتقاذف لها الجاهل البليد , لم تكن معهودة من قبل , ولم تكن مأمولة قط , لكنها حربٌ قوية تعمل في الخفاء , لاينتبه لها الا من أتاه عقلاً راشداً وعلماً ثاقباً , وهذا لن تجده إلا في العلماء الربانيين , والدعاة الصادقين .

جاءت علينا في هذه البلاد أمورٌ حذر منها علماءنا ورجونا أن يصرف الله عنا شرها , لكن رأينا وشاهدنا كيف تشكف لنا الأيام ما كنا غافلين عنه منذ أمد ليس بالقريب , وكيف اتضح لنا وتقرر صدق تحذير هؤلاء الأخيار مما قالوا وطالبوا به , فظهرت معالم التغريب في بلادنا واضحة , وأصبح للتغريب رايات مشرعة ومنصوبة في كل جانب , وتطرقت حركاته معظم مناحي الحياة إن لم يكن جلها .

مع التنبيه على أن طريقة للتغريب لم تؤتي أكلها بعد , فالألوف التي تم إرسالها بحجة الابتعاث لن تعمل ضد بلادها إلا بعد أُشبعت تغريبياً , وهذا لن يتحصل أكله إلا بعد عودة هؤلاء , مع بيان ليس كلهم , لكن يكفي أن واحدا منهم يقف ضد منهج بلاده فما ظنكم بمئات نعلمهم الآن يتربعون على عرش التعليم يحاربونها بعد عادوا من بلاد الكفرٍ عميانا.
كما أن هناك قرارات حكومية تحاول فرض بعض الاجندة الغربية لن تنفذ كما يجب إلا بعد سنوات من اقحام الناس إليها , وهناك إعلام متسلط أصبح لايتخفى أن يكشف عورته أمام متابعيه , فأصبح الإعلام الداخلي مسموماً بسهام التغريب لايتحرج في إظهاره والدعوة إليه .

كل هذه المؤشرات دليلٌ واضح على بروز رايات التغريب وسماعنا لطبول مشرعيها لاتكاد تخفى عنا ولا تختفي عن أنظارنا , فصار المستحيل سابقاً ممكنا الآن , وغير الممكن متحققاً , ولاحول ولا قوة إلا بالله العظيم .

ومع ذلك سنة المدافعة ماضية , وقبطان الأمة واقفون على أعلى هرم السفينة , فما زالت هناك جوانب كثيرة لم نستفد منها وندخل من خلالها , ونسعى لأن نوصل صوت الحق من خلالها , وهناك جوانب لم يصل لها التغريب أو يتطرق لها.
لو علمان أن هذه الدولة قائمة على الكتاب والسنة ونص النظام الاساسي للحكم في ذلك كما نص على أن لجنة الافتاء هي لجنة الفتيا في البلاد , نعلم أن هذا مؤشر نظامي قد يغفل أن نستفيد منه .
إن تقوية العلاقة مع علماءنا وايصال مطالباتنا لهم واجب حتمي الآن . والاتصال بالعلماء الذين لهم صلة بأصحاب القرار أمرٌ ملح .

لذا لابد أن نركز على أخطر مواطن التغريب في بلادنا والتي يجب أن نحذر منها وهي بمختصر مفيد إن شاء الله /

1- دعاة قاسم أمين /
واعني بهؤلاء الذين ظهروا بلباس الخير والصلاح واستغلهم دعاة الشر لأن يكون أداة لهم في تشريع باطلهم , وهؤلاء أخطر ما يمكن أن نقول , فلن يأتي الشر بمثل مجيئه من قبلهم . لذا الحذر الحذر والبدار البدار لأن يكون هناك في كل مدينة جهة تتولى التعليم الشرعي على اصوله .
2- جانب التعليم /
سواء التعليم العالي أو الحكومي فالمطلوب مزيد من الاحتساب , كما نطلب إقامة دعوى قضائية على هذه الوزارات ومطالبتها بتطبيق الانظمة الاساسية للحكم ونقض كل قرار يخالف .
3- جانب الصحة /
لابد من وضع البديل حتى لو لم يستجب القطاع الحكومي , فإن أيدي الخير لن تتوانى في إقامة مستشفيات خاصة بالنساء , مع الاستمرار بالمدافعة وشن القوانين التي تحمي المرأة .
4- جانب الاعلام /
وهو اخطرها وأسرعها نفوذا , والواجب علينا إقامة اكثر من دعوى ولانقف عن حد معين , مع محاولة تطويع الصحافة الالكترونية لصالح خير هذه البلاد , وتشريع أكثر من صحيفة الكترونية واسعة المدى .

وهناك جوانب لاتقل أهمية عما ذكر, لكن لابد أن نستشعر خطر مايقوم به هؤلاء , القضية ليست شهوة عابرة عند أحدهم بل كما قال الله تعالى عن رؤوسهم الذين تربوا في أحضانهم (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ )
ونعلم لن يدخل الغرب بدبابته إلينا ليقول (حرب صليبية جديدة) بل سيفعل مافعله في بلاد الاسلام وبلاد العرب المجاورة (تطبيع الاسلام بطابع الغرب).

ولنتأمل ما قال الأستاذ محمد أديب كلكل في كتابه " حكم النظر في الإسلام " ( ص 134 ) بعد أن أورد مارواه مسلم في صحيحه عنه صلى الله عليه وسلم قال : "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا". مشيراً إلى فوائد هذا الحديث : ( وفيه ربطٌ بين الاستبداد السياسي "قوم معهم سياط"، والانحلال الخُلقي "ونساء كاسيات عاريات"، وهذا ما يصدقه الواقع، فإن المستبدين من الطغاة والمتسلطين من الفراعنة يُشغلون الشعوب عادة بما يقوي الشهوات، ويزينها، ويلهي الناس بالمتاع الشخصي عن مراقبة القضايا العامة، لكي يبقوا سادرين في غفلاتهم، غارقين في شهواتهم، لا يهتمون بطغيان، ولا يسألون عن انحراف، ولا يقاومون ظلماً ولا عدواناً ) .
إنها بالفعل حربٌ وراياتٌ تقام , فهل نريد أن يتمكن هؤلاء المستبدين والمتسلطين منا , والله لن يراعوا فينا إلاً ولاذمة!
فالبدار البدار لأن يكون هناك صحوة لما يجري من حولنا , وتجنيد لكل وسيلة مشروعة لأن تقف في وجه هذا المد الهائل من الشرور .

والله الموفق وعليه الرجا والمقصد ..

بندر بن عبدالله الثبيتي -الطائف المأنوس

 

منوعات الفوائد