اطبع هذه الصفحة


هلاك شنودة و حكم الاستغفار للمشركين

جمع وترتيب سمير السكندرى


بسم الله الرَّحمن الرَّحيم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد ؛

ظن كثير من النصارى ان الههم وطاغوتهم ( نظير جيد ) شنودة انه سوف يخلد في الأرض وانه لا يموت ولعل هذا يعتبر غباءا لا نظير له من النصارى الحيارى لان كل نفس سوف تفنى وتموت كما قال ربنا عزوجل

{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }


ولعل ما جعلنى اكتب هذه المقالة هو سماعي لأحد المسلمين حينما سمع بخبر وفاة رأس الكفر الطاغوت شنودة فوجدته يترحم عليه ويقول انه كان رجلا مؤمنا حقا

فقلت له انه لا يجوز ذلك

فجرائم شنودة لاتخفى على احد من محاربة لدين الله

فتاريخ الرجل اسود ولا يجوز الترحم عليه او الاستغفار له

فالذي مات على الكفر لا يستغفر له ولا يدعى له،.
أما سبهم فلا يُسبون بعد الموت لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا) رواه البخاري

فالاستغفار للمشرك حرام بدلالة الكتاب والسنة والإجماع .


أدلة القرآن :

أما أدلة القرآن الكريم فهي :
قوله تعالى :} مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ 113 وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ { [1].
قال ابن حجر رحمه الله :\" قوله } ما كان للنبي ...{ : خبر بمعنى النهي\" . [2]
وسبب نزولها ما جاء عن سعيد بن المسيب عَنْ أَبِيهِ قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ )). فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ : يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ : هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :(( أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ)). فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :} مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ{ [3].
وورد في سبب نزولها كذلك [4] عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَتَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْكَ وَهُمَا مُشْرِكَانِ ؟! فَقَالَ : أَوَلَيْسَ اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ ؟ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ:} مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ { [5] .
ومن الأدلة القرآنية قوله تعالى :} اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ { [6] .
فهي ظاهرة الدلالة على عدم جواز الاستغفار للكفار .

قال الإمام الطبري[7] :\" ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حين نزلت هذه الآية قال : لأزيدن في الاستغفار لهم على سبعين مرة ؛ رجاءً منه أن يغفر الله لهم ، فنزلت } سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ{ [8] \".
ومن الآيات قوله تعالى :} وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ{ [9].
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه ، وصلِّ عليه ، واستغفر له . فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه ، فقال : ((آذني أصلي عليه )) ، فآذنه ، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه فقال : أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين ؟ فقال :((أنا بين خيرتين . قال :}استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم{))، فصلى عليه فنزلت :}ولا تصل على أحد منهم مات أبداً{ . [10]

أدلة السنة النبوية :

سبقت الإشارة إلى بعضها في أسباب النزول .
ومن أدلتها ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي)) [11] .
قال النووي رحمه الله :\" وفيه النهي عن الاستغفار للكفار . قال القاضي عياض [12]رحمه الله : سبب زيارته صلى الله عليه وسلم قبرها أنه قصد قوة الموعظة والذكرى بمشاهدة قبرها ، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث :((فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت)) \" [13] .

وقد دلت الآثار على ذلك :
أورد الإمام الطبري بإسناده عن عصمة بن راشد عن أبيه قال سمعت أبا هريرة يقول : رحم الله رجلاً استغفر لأبي هريرة ولأمه . قلت : ولأبيه . قال : لا إنَّ أبي مات وهو مشرك [14].

أقوال علماء المذاهب الأربعة :

نص علماء المذاهب بما قضت به هذه النصوص ، وإليك أقوالهم :
قال القرطبي المالكي رحمه الله : \"فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز\" [15] .
وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله :\" وأما أهل الحرب فلا يُصلى عليهم ؛ لأنهم كفار ، ولا يَقبل فيهم شفاعة ، ولا يُستجاب فيهم دعاء ، وقد نهينا عن الاستغفار لهم ، وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :} ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره{ ، وقال :} إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم{ \". [16]
وقال السرخسي الحنفي :\" وإذا وُجد ميتٌ لا يُدرى أمسلم هو أم كافر ؛ فإن كان في قرية من قرى أهل الإسلام فالظاهر أنه مسلم فيغسل ويصلى عليه ، وإن كان في قرية من قرى أهل الشرك فالظاهر أنه منهم فلا يُصلى عليه إلا أن يكون عليه سيما المسلمين \" [17].
وقال النووي الشافعي :\" ولا تجوز الصلاة على كافر حربياً كان أو ذمياً \" [18]

شبهتان والرد عليهما :

للذين يحاولون التشويش على المسلمين شبهتان :
الأولى : قالوا : ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استغفر للمشركين في غزوة أحد لما قال :((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)) [19].
والجواب : هذا الحديث يفيد جواز الدعاء للمشرك حال حياته ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :(( الله اهد دوساً وات بهم)) [20] . وكانوا وقتها على الإشراك .
وموضوع بحثنا : الكافر الذي يموت على كفره ، هذا لم يقل عالم ألبتة بجواز الاستغفار له ، أو الترحم عليه.

الشبهة الثانية :

قالوا : قد علمنا أن الاستغفار للمشركين لا يجوز . ولكن أهل الكتاب ليسوا بمشركين ، وقد قال تعال :} لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ{ [21]. فعطف الله المشركين على أهل الكتاب ، والعطف يدل على التغاير .
والجواب :
أولاً : لا نسلم بأن العطف دليل التغاير بإطلاق ، فقد يفيده وقد لا يفيده . ألم يقل الله تعالى :} تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ{ [22] . وجبريل عليه السلام من جملتهم .
ثانياً : النصارى مشركون بنص القرآن والسنة .

قال تعالى :} اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ{ [23] .
فقد ورد عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ ، فَقَالَ يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ . وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ }اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ { ، قَالَ :((أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ)) [24].
وفي قوله تعالى :} لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ{[25].
ونعتهم بالشرك نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي سئل فيه عن سبب صيامه يومي السبت والأحد ، فقال :((إنهما يوما عيد للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم)) [26].

------------------------------
[1] / سورة التوبة ، الآية : 14 .
[2] / فتح الباري : 8/508 .
[3] / أخرجه الشيخان .
[4] / قد يكون نزول الآيات القرآنية بلا سبب ، وهذا هو الأكثر ، وقد تنزل الآية لسبب ، وقد يتتعدد الأسباب في الآية الواحدة . انظر ((مناهل العرفان )) للزرقاني : 1/76 ، 1/83 .
[5] / أخرجه الترمذي ، وحسنه الألباني .
[6] / التوبة : 80 .
[7] / تفسير الطبري : 10/198-199 .
[8] / سورة المنافقون : 6 .
[9] / التوبة : 84 .
[10] / أخرجه الشيخان .
[11] / صحيح مسلم .
[12] / من أئمة المالكية .
[13] / شرح مسلم : 7/45 .
[14] / تفسير الطبري : 11/44
[15] / الجامع لأحكام القرآن : 8/273 .
[16] / المغني : 2/220.
[17] / المبسوط : 2/54 .
[18] / روضة الطالبين : 2/118 .
[19] / أخرجاه في الصحيحين .
[20] / متفق عليه .
[21] / سورة البينة ، الآية الأولى .
[22] / المعارج : 4.
[23] / التوبة : 31 .
[24] / أخرجه الترمذي وصححه الباني
[25] / المائدة : 72.
[26] / مسند أحمد ، وقوَّاه ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ، والألباني في صحيح ابن خزيمة .
 

 

منوعات الفوائد