صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







خبايا صراع النفس!! (1-3)

أبو مهند القمري


بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

خبايا صراع النفس!!

سلسلة هامة

(
الحلقة الأولى)

في النفس البشرية مزيج من المتناقضات المتناحرة!!

فما
تهواه النفس يعارضه العقل!! وما في الجسد من شهوات وغرائز، يحاول العقل والقلب مجتمعين مغالبتها، غير أن طغيان الغفلة، وسطوة الإغراءات أضحى يمثلان أكبر العوامل المساعدة للشيطان في استثارة تلك الشهوات والغرائز داخل النفس، لاسيما وهو الذي يجري في العروق مجرى الدم من الجسد!!
فيواجه
العبد الصالح الكثير من معاناته . . ويقع العبد الطالح أسيراً لشهواته!!
إذاً فكلُّ واحدٍ منا يُعاني في طيَّات نفسه
- ودون أن يشعر به أحد - آثار تلك المعركة الحامية الوطيس بين جنبات نفسه صباح مساء!!
وكغيرها من المعارك، فغالباً ما تكون (
سجالاً) يوم لك ويوم عليك!!
ولكن لماذا لا نحاول سوياً
الغور في دهاليز أحداث هذا الصراع وتلك المعارك، فما فيها من أعماق، يحوي خبايا مذهلة!! لا يمكن لأحد حصرها إلا الله تبارك وتعالى!!
وعلى الرغم من ذلك؛ دعونا
نلقي الضوء على أهم وأخطر تلك الخبايا، لعل الله أن يكشف لنا من مفاتيح الخير ما يعيننا على تهذيب أنفسنا ومغالبتها، وعسى أن يكون ذلك سبباً في أن يمنَّ علينا بحسن الخاتمة سبحانه وتعالى . . إنه جواد كربم

الوقفة الأولى :

فالنفس تنعم بكثير مما أحله الله لها، تماماً كما كانت الجنة بطولها وعرضها
حلالاً لأبينا آدم عليه السلام، غير أن الشيطان استطاع أن يزين له شجرة واحدة فقط!! من بين مليارات الأشجار التي تمتلئ بها الجنة، وهنا لابد لنا من تساؤل!!

ما الشي الذي استطاع الشيطان
به أن يقلل الحلال على كثرته، ويعظم الحرام على ندرته في عين نبي الله آدم؟!
إنه
المفتاح الأول الذي نكاد أن نضع أيدينا عليه الآن . . فبمعرفته يمكننا الحذر من تكرارا نفس السيناريو المؤلم معنا . . إذاً . . أتدرون ما هذا الشيء؟!

إنه الأماني!!!!
التي تمثل
خيالاً لا حدود له!!
و
أوهاماً لا أرض لها!!
و
نسيجاً لا ملمس له!!
و
وعوداً لا وفاء لها!!
و
أحلاماً لا يقظة منها سوى بالموت الذي ليس منه فوت!!

فبالأماني يستهوي الشيطان العبد لإدراك متعة وهمية سريعة الزوال!!
وبالأماني يُسوِّف الشيطان التوبة لدى العبد أملاً في عمر مديد طويل المآل
!!
وبالأماني يُزهَّد الشيطان العبد فيما بين يديه من الحلال أملاً في الحصول على لذةٍ أكثر متعة في
الحرام!!
وبالأماني يَدفع الشيطان العبد إلى الإفراط في إحسان الظن بنفسه؛ حتى يقع في وحل الغرور بالله . . فيكون هلاكه عياذاً بالله
!!
وبالأماني يُوهمُ الشيطان العبد أن بإمكانه تأخير الحقوق، ريثما يوسع الله عليه بالمزيد، لعله يكرم أصاحبها بزيادة على حقوقهم، فتتخطفه سياط الموت على حين غرَّةٍ، فيقضي؛ ولما يوف ما عليه من حقوق العباد
!!
الأماني . . إنها أخطر سلاح يستخدمه الشيطان لإهلاك بني آدم، حيث تنتشر خلاياها في النفس البشرية تماماً كما تنتشر خلايا السرطان عياذاً بالله؛ لتهوين كل معصية، وإضعاف العزيمة عن القيام بأي طاعة
!!

فضعها دوماً نصب عينيك
يرحمك الله . . وابذل وسعك في البحث عنها بين خبايا نفسك. . فحيث تكون؛ يكمن الشر عياذاً بالله!!
وهذا هو
مفتاح الخير الأول الذي أمكننا بفضل الله الوصول إليه، ووضع أيدينا عليه؛ للحيلولة دون خداع انفسنا بهذه الآفة العظيمة . . ألا وهي الأماني الكاذبة!!

فتابعوا معي بقية المفاتيح خلال الحلقات القادمة أحبتي في الله
. .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . .
 


 

خبايا صراع النفس!!
سلسلة
هامة
 
(الحلقة الثانية(


لا زلنا نواصل الغوص في خبايا النفس؛ للتعرف على متداخلاتها، والوقوف على تفاصيل صراعاتها، بعدما وفقنا الله في الحلقة الأولى لإدراك أخطر أمراضها، والذي كان على ضآلته؛ سبباً رئيساً في نزولنا ونزول أبينا آدم من قبلنا إلى ساحة (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً)!! فحُقَّ علينا الاختبار، وما يتبعه من موتٍ ثم بعثٍ ثم حسابٍ!! إنه مرض الأماني الكاذبة . . الذي يعتبر على حقارته وضألة حجمه، من أعظم بوابات النفس ولوجاً إلى عالم الأوهام!!

وقد شاهدنا كيف
عمل هذه المرض عمل السحر في النفس البشرية؛ فحقَّر لديها العظيم على كثرته (الحلال) وعظَّم لديها الحقير على ندرته (الحرام)!! فكانت العاقبة هي الحرمان!!

واليوم مع
الوقفة الثانية :

وهي تتعلق بالآثار المباشرة المترتبة على هذا المرض، وأسرعها حدوثاً (
المخالفة) فالأماني الكاذبة تمثل المخدر الذي يحدث في النفس نوعاً من الاسترخاء، كي يهون عليها قبول ارتكاب تلك (المخالفة) فتتغافل عن حجم العاقبة، التي لم يتصور آدم مطلقاً أن تكون بهذه الفداحة الشنيعة، وهي (الطرد من الجنة)!!

ولو قمنا بالتدقيق في نوع وحجم (
المخالفة) فسوف نجدها لم تتعد (الأكل)!! أي أنها ليست كفراً ولا فجوراً ولا ارتكاب فاحشة!!

ولكنه
التأصيل الرباني، الذي يضع أول بند في دستور هذا الكون، وهو أنه ينبغي علينا العلم بأن لهذا الكون إله عظيم في ملكه . . عظيم في سلطانه . .  ولا ينبغي لأحدٍ أن ينازعه في أمره، وعليه فلا ينبغي علينا النظر إلى حجم (المعصية) ولكن علينا أن ننظر إلى عظمة وجلال من (عصينا)؟!

وعليه أصبحت (
لمخالفة) والمقصود بها (المعصية) تمثل محوراً أساسياً، وبؤرة صراع مركزية في الحرب الدائرة بين قوى الخير والشر في النفس البشرية!!

فقوى الشر
تريد إيقاع العبد في أكبر قدر منها، كي تصيب قلبه بالقسوة والغلظة التي تهيئه لارتكاب المزيد؛ كي يسهل عليها تدميره، وضياع فرصة العمر عليه، فيكون ضمن حزب الشيطان في نار جهنم!!

أما
قوى الخير، فتريد إمداده بالزاد الإيماني الذي يجعله يقوى على مواجهتها، ويبتعد عن ساحاتها؛ كي يسلم من شرورها، ويواصل مسيرته إلى الله في مأمن في سخطه وعقابه، حتى يدركه الموت على فعل الطاعات وترك المنكرات، فيكون ضمن حزب الله في جنات النعيم!!

وبالوصول إلى محور الصراع بين
الخير والشر(المعصية) نكون قد حصلنا على المفتاح الثاني الذي سيتيح لنا دخول عالم غريب!! مليئ بالأحداث المؤلمة والمفرحة على حدٍ سواء!! حيث سنقف من خلاله على تفاصيل أحداث هذا الصراع، أثناء عرض مباشر؛ لساحة معركة كبيرة، قد تجهز فيها جيشان (جيش الخير وجيش الشر) كلٌ بجنوده ومؤونته وعتاده!!

حيث ستجد نفسك مشدوهاً في متابعة أحداث تلك المعركة
!!

أتدري لماذا؟!

لأنك ستجد نفسك هناك
!! مطروحاً على أرضها، يتنافس عليك الجيشان، حيث تمثل نفسك بكل ما فيها من خفايا ساحة تلك المعركة الكبيرة!!
فإياك أن
تتخلف عن مشاهدة الحلقة القادمة، وما يتبعها من حلقات!! ففيها تفاصيل ما يدور في خلجات نفسك!!
ومنها ستعرف كيف تقود المعركة معنا بإذن الله نحو النجاة
!!
تابعوني أحبتي في الحلقة القادمة
بإذن الله
في أمان الله
 



خبايا صراع
النفس!!
سلسلة
هامة
 
(الحلقة الثالثة(


بالوصول إلى محور الصراع بين الخير والشر(المعصية) تخيلوا معي ما يلي :
* ساحة معركة كبيرة!!
* يتوسطها القلب!!
*
وعلى الجانب الأيمن منه يقف جيش الخير بلباسه الأبيض الزاهي!!
*
وعلى الجانب الأيسر منه يقف جيش الشر بلباسه الأسود المقيت!!

غير أن جنود
جيش الخير قد احتلوا إضافة لذلك؛ مواقع في منتهى الحساسية تمكنهم من تغطية ساحة المعركة تماماً سواء من فوقها أو من تحتها خلال ثوانٍ معدودة؛ مما يمنحهم امتيازات واسعة، وفرص رائعة؛ لحسم المعركة لصالحهم؛ حال استطاع جيش الشر تحقيق الغلبة في أي مرحلة من المراحل؛ كما سنشاهد أثناء نقل أحداث تلك المعارك!!

وقبل أن ننتقل بكم إلى التفاصيل، تعالوا معاً نستعرض
جنود كل جيش من الجيشين على حدا؛ وطبيعة المهام المكلفين بها!! بالإضافة لما لدى كل جيشٍ من عدة وعتاد ومصادر مؤونة؛ لتزويد كل جيش عند الحاجة، لذا فعلينا أيضاً عدم إغفال تلك المصادر؛ نظراً لأهميتها البالغة وقت اشتداد القتال!!

فجيش الخير
:

تقوده
رحمة الله تعالى بالعبد!!
حيث هيأت له من
الجنود ما يعينه على النجاة بإذن الله؛ لو أحسن بالفعل استخدامها، والاستعانة بها بعد الله تعالى؛ لتحقيق تلك النجاة، ومن هذه الجنود:

* العقل : الذي يميز بين طيب الأعمال وخبيثها، ولا تختلط عليه الأمور أبداً؛ ما لم يسهم صاحبه في طمس نوره؛ بكثرة المعاصي!!

* الروح : وهي التي تتوجع ظمأً؛ كلما ابتعد العبد عن ساحات ربه، وتعكس هذا التوجع عليه تعاسة في حياته، لعله يتشوق يوماً إلى السعادة، فيوصل روحه بمنابعها الحقيقة، حيث (الالتصاق بالله تعالى) فتسعد وتسعده، وتهنأ وتبهجه، لأنه بحياتها قد صار بالفعل حياً!!

* النفس اللوامة : وهي التي تقوم بدور المؤنب الثائر دوماً على كل ما وقع فيه العبد من الخطايا والذنوب، الصغير منها قبل الكبير!! فلا والله لا يهدأ لها بالٌ أبداً؛ حتي يتوب ويرجع!!

* الملائكة : وهم الذين يستغفرون للعبد المؤمن بنص كتاب الله، قال تعالى : (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً؛ فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم) ويتقدم عموم الملائكة هذا الرائع الواقف على يمين العبد، والذي يبادر بكتابة حسناته على الفور!! كما يقف حائلاً أمام الملك الموكل بكتابة السيئات، فيطلب منه إمهال العبد ساعة تلو الأخرى؛ كي يمنحه الفرصة؛ لعله يتوب أو يرجع!!

* الصحبة الصالحة : وهم قارب النجارة للعبد، حيث يحمولنه معهم فيه، فلا وربي لا يتركون مجالاً للشيطان؛ كي ينفرد به، بعدما أقحموه معهم فيما هم عليه من فعل الخيرات، فتنشغل النفس بالخير عن وساوس الشر، فتسمو بخيرها، ويخمد شرها بأقل قدر ممكن من المعاناة، حيث يأخذه هذا الجو العام في أجواء خيرٍ بعيدة كل البعد عن بيئات الشر؛ فيسهل على العبد صياغة نفسه من جديد في عالم يحب الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم)!!  

وسوف نستعرض تفاصيل
العدة والعتاد والمؤنة الخاصة بهذا الجيش، أثناء وصفنا لأحداث الصراع؛ حتى يعلم القارئ موقع وأهمية كل منها، حسبما تقتضيه مجريات تلك المعارك!!

أما جيش الشر :


فيقوده (
إبليس) عليه لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة!!

حيث
حشد لنفسه جنوداً يسعى من خلالهم إلى استدراج بني آدم؛ للوقوع في مستنقعات المعاصي والآثام، ومن هذه الجنود

* القرين : وهو رسول الشر إلى نفس العبد، يعمل بلا ملل ولا كلل على إغوائه، ولا يكاد يفوت فرصة للوسوسة إليه بالشر؛ كلما سنحت له سانحة لذلك، ورث عن جده اللعين إبليس خبرة منذ عهد آدم عليه السلام!! يتعاظم على العبد حال غفلته، ويخنث إلى حد الزوال حال استعاذة العبد بالله منه!!

* الشهوة : وهي تلك الغريزة الحيوانية، التي لو طغت على عقل بني آدم؛ لأفسدته، ولطمست فيه نورالبصيرة!!

* الهوى : هو ذلك المتمرد الذي تسوقه النفس الأمارة بالسوء أمامها سوقاً؛ لتحقيق رغباتها، فيقوى كلما أطاعه العبد؛ ويضعف كلما خالفه العبد!!

* النفس الأمارة بالسوء : هي تلك العمياء الدميمة، التي لا تستأنس إلا في أوساط الشر وأهله!! فلا يهدأ لها بالٌ؛ حتي تخالط الشهوات والغفلات، ثم تتجرع ذل المعصية وألمها على الفور؛ فتضيق منافذها على قلب العبد؛ فتتعس بعملها وتتعسه معها، حتى يصير الشقاء لهما قريناً!!

* صحبة السوء : وهم أعوان الشيطان من الإنس!! فهم كجنوده تماماً من الجن؛ غير أن سيطرته عليهم أشد وأقوى، كما أن أثرهم على العبد أشد وأنكى!!  فهم الذين يزينون له الشر عملياً، ويسوقنه إليه سوقاً!! وهم النماذج الساقطة فعلياً، والتي تريد أن تجره معها إلى نفس مستنقع السوء، نكاية في عجزها تارة (حتى لا تهلك بمفردها)!! أوتنفيذاً لتعليمات شيطانها الذي يهيمن على كل حواسها تارة أخرى!!

وسوف نستعرض كذلك
العتاد والعدة والمؤنة الخاصة بهذا الجيش الخبيث، والتي يستعين بها الشيطان عادة في حربه على بني آدم، وذلك أثناء وصفنا لأحداث هذا الصراع؛ كي يبرز أمام القارئ مدى خطورة تلك العدة والمؤونة على قلب العبد!!

************************

وبعد هذا الاستعراض السريع لجنود الجيشين، لم يبق إمامنا سوى الخوض في أحداث وتفاصيل تلك المعارك الشرسة، والتي انحسرت أسماؤها تحت مسميين لا ثالث لهما!! معركة الشهوة!! ومعركة الشبهة!!

تابعوني أحبتي في الحلقة القادمة
بإذن الله؛ حيث تبدو معركة الشهوة حامية الوطيس!!

في أمان الله


تابع ...

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

منوعات الفوائد

  • منوعات الفوائد
  • الصفحة الرئيسية