- * رحمة التسخير . .
جعل الله حياة الخلق قائمة بين
بعضهم البعض على سنة التسخير ، قال الله تعالى : " نَحْنُ قَسَمْنَا
بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ
فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا
وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ "
فالآية وضحت بجلاء سنة التسخير واتخاذ بعض الناس بعضهم سخريا وخاصة في أمور
معاشهم ومعاملاتهم وتبادلاتهم .
واللطيف في الأمر أن الله تعالى نبه إلى أمر أهم في سبيل الاستفادة من هذه
السنة - سنة التسخير - أشار إليها بقوله في ختام الآية : " وَرَحْمَتُ
رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ " فنبه جل وتعالى إلى أن هذه السنة أكمل
وجه في الاستفادة منها أن تكون جمعا وطلبا لرحمة الله في تعاملاتنا عموما مع
الآخرين أكانت مبادلة أو شراء وبيعا وتجارة وغير ذلك . .
أما حين تُتخذ هذه السنة لنشر المنكرات واستجلاب العداوات وضياع الأوقات
فإننا حينئذ نكون قد أسأنا التعامل فيما جعله الله تعالى لنا نعمة حتى صار
نقمة - نسأل الله الحماية - .
ومن هنا . . ولمّا صار التسوّق والضرب في الأسواق بيعا وتجارة قضاء واقتضاء
أمرا نكاد أن نقول أنه - سنة إلهية - كان لابد من معرفة هذه السنة وما تقتضيه
من الشكر والعمل في سبيل السمو بها حتى تتحقق الرحمة التي دعا الله تعالى
إليها بقوله : " ورحمت ربك خير مما يجمعون " .
ومن هذا الباب كتب الأئمة الكرام في باب البيوع والأسواق أسفارا من الأحكام
والآداب على ضوء أنوار الشريعة الغراء . .
وفي هذه الأسطر ما يكاد قلمي أن يتجرأ ليجاري ما خطّته يراع الأئمة الفضلاء
والسادة النبلاء . . ومالي إلا الوقوف على ما وقفوا والاستنان بهديه صلى الله
عليه وسلم .
إنما غرض هذه الأسطر هو المشاركة ببعض الأفكار التربوية الدعوية التي تفيد
المسلم والمسلمة حال خروجهما إلى السوق وأماكن البيع والشراء في سبيل أن يكون
تسوّقنا متميّزاً . .
منتجاً . .
نافعاً . .
أفكارا عامة يمليها جهد المقل والموفق من وفقه الله تعالى ففتح عليه من أبواب
رحمته وفضله ما لا يخطر له على بال .
-
* هذه المعاني والأفكار . .
ليست
. . دعوة إلى التسوق والخروج للأسواق ..!!
كما أنها ليست
. . تبريرا للولاّجين والولاّجات المتسكعين في الأسواق والطرقات . .!!
وليست
. . هي أفكارا تسويقية للربح والتجارة والضرب في الأسواق . . !!
إنما هي . .
أفكار لاستغلال هذه الفترة الزمنية ، التي صارت واقعا - ما منه بد - عند كثير
من المسلمين والمسلمات . .في مواسم وأزمنة تعارفوا عليها . .!
فهي إملاء من ضرورة الواقع وواجب الوقت . .!
فإن حياة المؤمن ينبغي أن تكون كلها لله على أي حال وهيئة وفي أي مكان وجهة ،
تلك دعوة القرآن : " قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَه " وأن لا ينقضي من وقت المؤمن أو
المؤمنة شيئ هدر !
لأجل هذا وغيره كانت هذه الأفكار . .
-
* قبل أن تخرج إلى السوق . . . وحتى لا تخسر المعركة ! !
هناك ثلاثة معاني تربوية مهمّة
ينبغي عليك ( أخي / أختي ) الوعي بها قبل أن تخرج إلى السوق :
أولاً : الأسواق ميدان الشيطان . .
!!
جاء عند مسلم من حديث سلمان رضي
الله عنه : لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها ،
فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته !! إنه ينبغي أن نعي هذا البعد التربوي
في ذواتنا وفيمن حولنا ، البعد الذي يجعلنا نتربى على أن الأسواق ليست أماكن
للترفيه والترويح وقضاء الأوقات فيها هدراً !
إنما هو مكان لا يجمل بالمؤمن طول المقام فيه ، وإنما هو يقصده في حال من
الضرورة الملحة ، وهو مع ذلك يتأهب له أهبته بحكم أنه ذاهب إلى ميدان مواجهة
ومجابهة مع الشيطان .
إنه حين يتربى المؤمن والمؤمنة على هذا الوعي بأن الأسواق إنما هي ميدان
معركة مع الشيطان في أرضه فسيحرص اشد الحرص على أن يأخذ أهبة الحرب والمواجهة
. حتى لا يخسر هذه المواجهة الضارية التي نصب لها ابليس رايته .
سيما إذا علم أن هذه المنازل والبقاع - أعني الأسواق - هي أبغض البقاع إلى
الله كما روي في بعض الآثار ، فإن هذا سيجعل المؤمن يخرج للسوق بنفسية غير
نفسية ذلك الراتع الآمن المطمئن المستبشر المترفّه بمثل هذه الأماكن - حمانا
الله وإياكم من كل سوء -
على هذا ينبغي أن نربي أنفسنا ونعلّم ذلك ابناءنا وبناتنا وزوجاتنا ومن لهم
حق علينا وأن ننشر مثل هذه التربية فيمن حولنا من الجيران والإخوان . وان
نستشعر قبل الخروج إلى السوق أننا إنما نخرج للمواجهة ، فمن كان متأهبا
للمواجهة فليعدّ عدته ، ومن لم يكن كذلك فليكن حلس بيته حتى لا يخسر المعركة
وتسقط رايته !!
ثانياً : بين الضرورة والولع . . !! . . !!
الناس عندما يخرجون للسوق فهم أحد
فريقين :
إما فريق له حاجة ضرورية فيه .
أو فريق ليس له فيه حاجة إلا التجول والإيذاء والولع .
الفريق الثاني منهم المعاكس المؤذي لعباد الله تعالى وخلقه ، ومنهم الولع
الوله بهذه البقاع ليكون له شأن بين أقرانه وجيرانه ، ليقال أنه قد جال سوق
كذا وكذا مئين المرات ، ودخل سوق كذا الذي لا يدخله إلا المترفين من العباد
همّه في ذلك ترداد النظرات ، والانبهار بالصرخات والصرعات والموديلات ومماكسة
التجّار والعمال في أسواقهم . . إشباعاً لشهوة التميّز على الأقران والقرينات
والجيران والجارات في تشبير الأسواق وارتيادها . .!
فهذا فريق إنما هم سبهللة الناس ، البطالين منهم - أعاذنا الله وإياكم منهم -
.
أما الفريق الأول فهو الفريق الذي استشعر حقيقة المكان الذي هو فيه ، وعلم
أنه في ابغض البقاع ، فما أخرجه لها إلا ضرورة وضرورة ملحّة ، لكن أحيانا قد
يقع بعض أصناف هذاالفريق في شهوة الولع - أعني ولع التسوّق - من حيث لا
يشعرون . .
وحتى
لا نقع في الولع إليك ( أخي / أختي ) هذه الأفكار :
- حدد غرضك . . . .
الذي تريد قبل أن تخرج إلى السوق . .
( ملابس - أواني منزلية - ديكورات - مستلزمات تغذية ) . ( كمية الاحتياج -
المقاسات ) . .
- إذا حددت غرضك . . . .
حاول ما أمكن أن يكون مكتوبا في ورقة
، فإن الإنسان مع زحمة الناس في الأسواق ومع الإنبهار ببعض العروضات قد ينسى
غرضه . . !!
- اقصد سوقا جامعة . . . .
يجمع في جنباته كل ما يمكن أن يحتاجه
الناس في معايشهم .
- اختر وقتاً مناسباً . . . .
ومن أفضل أوقات التسوق هو الوقت الذي
يجمع بين خصلتين :
1 -
مضيّق من جهة الوقت. كأن يكون بين صلاتين أو مضيق بموعد مهم وهكذا . .
2 -
موسع من جهة مرتاديه ، فلا تختر وقت ازدحام الناس وخروجهم للأسواق ، فكلما
كان تواجد الناس وازدحامهم في السوق أخف كلما كان ذلك أنفع لك في حفظ وقتك
وستر أهلك .
- اقرب الطرق. . . .
ذا حددت غرضك ووجهتك وتحيّنت الوقت
المناسب فاختر أقرب الطرق اليه ، فلا تقصد شارعا مزدحما أو طريقا تملؤه
إشارات المرور ، فحاول جهدك أن يكون الطريق الذي قصدته طريقا سهلا مرناً في
حركته . الأمر الذي يساعدك كثيرا في ضبط وقت التسوّق وأخذ الكفاية .
- أيتها المرأة لا تخرجي . . .
إلى السوق إلا مع ذي محرم لك - رجلا -
، فإنك خارجة إلى بقعة يركز الشيطان فيها رايته ، وتعلمين أن المرأة من أخطر
حبائل الشيطان ووسائله ، كما أخبر الصادق المصدوق بقوله : " المرأة عورة فإذا
خرجت استشرفها الشيطان "
" فاتقوا الدنيا واتقوا النساء " !!
قال سعيد بن المسيب : ما أيس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء !!
وعن عبد الله بن دينار قال : خرجت مع عبد الله بن عمر إلى السوق فمر على
جارية صغيرة تغني فقال : إن الشيطان لو ترك أحدا لترك هذه !!
وفائدة وجود المحرم ( الرجل ) معها
أمور :
1 -
قطع مكيدة الشيطان التي قد تحصل حين يستشرفها .
2 -
عدم تعريض المرأة لمخاطبة الرجال ومبايعتهم ومماكستهم في البيع والشراء ،
الأمر الذي لو حدث فإنه قد يضعف قلب السامع والمتكلم فيقع الذي ركز إبليس
الراية من أجله .
3 -
حين تخرج المرأة مع رجل من محارمها أفضل من أن تخرج مع مجموعة نساء مثلها ،
لأن النساء قد يشتتن الذهن عن مطلوبها وغرضها بانشغال كل واحدة منهن بالبحث
عن حاجتها الأمر الذي يهدر الوقت كثيراً إضافة إلى استجلاب نظر الرجال إليهنّ
.
-
وقبل أن تخرجي . . .
ينبغي عليك :
1 -
أن لا تخرجي متطيبة متزيّنة متعطرة ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اخبر
بقوله : " أيما امراة استعطرت فخرجت ليجد الناس ريحها فهي زانية " .
2 -
أن تلتزمي الحجاب الشرعي الذي يستر زينتك ويمنع الفتنة بين المسلمين ، فإنك
تخرجين من بيتك ولا تدريين أترجعين إليه محمّلة بالجديد ، أم ترجعين وقد
ورّثت بعدك الجديد .
فعلى المرأة أن تتخيّر اللباس الساتر ظاهرا وباطناً قبل الخروج أمنة مما قد
يطرأ أو يحدث .
3 -
أن تغلقي جهاز جوالك عند التسوّق قطعا لذريعة الشيطان في لفت انظار الناس
إليك من خلال مكالماتك مع المتصل . فقد تكون المتصلة زميلة أو صديقة فلا يحسن
بالمرأة مباسطة الكلام معها في مكان عام .
-
لا تصحب أطفالك . . .
فإن الطفل ، تلك البذرة الطاهرة
النقيّة لا تكدّر صفو فطرته بمشاهد الأسواق والمنكرات التي قد يألفها حين لا
يرى من والديه نكيرا لها .
أضف إلى أن الأطفال مشغلة في الأسواق ، فقد يشتتون عليك انتباهك وجهدك ، وقد
يتعرضون للضياع أو السرقة والاختطاف .
- نحي الشيطان . . .
جاء عند الترمذي أن الرسول صلى
الله عليه وسلم قال : " من قال حين يخرج من بيته : بسم الله توكلت على الله
لا حول ولا قوة إلا بالله يقال له : كفيت ووقيت وهديت وتنحى عنك الشيطان "
-
* فإذا وصلت إلى السوق . .
-
أكثر من ذكر الله تعالى في السوق . . . . .
فقد جاء عند الترمذي وحسنه الألباني
في دعاء دخول السوق : " لاإله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد
يحيي ويميت وهو حي لايموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير " والمقصود من
إدامة الذكر وإظهاره في هذه المنازل - الأسواق - هو طرد كيد الشيطان وتذكير
الغافل فإن الشيطان لا يحب مواطن الذكر ، وقد كان من عادة بعض السلف رفع
الصوت بالذكر في الأسواق كمان كان يفعل ذلك ابن عمر رضي الله عنهما .
رفعا لراية الملك الذي خرج معك فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
مامن خارج يخرج من بيته إلا ببابه رايتان ، راية بيد ملك وراية بيد شيطان ،
فإن خرج لما يحب الله عزوجل اتبعه الملك برايته فلم يزل تحت راية الملك حتى
يرجع إلى بيته ، وإن خرج لما يسخط الله اتبعه الشيطان برايته فلم يزل تحت
راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته " . .
ولاحظ أن صورة المواجهة بين الإنسان والشيطان ، هذه الصورة القتالية التي
يمثلها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصورة تحفّز نفس المؤمن على قوة
المواجهة والقتال مع الشيطان .
ورفع الصوت بالذكر إنما هو في الرجال خاصة - أما النساء فإن انشغال اللسان
والقلب بالذكر يجعل المرأة أكثر حرصاً وأدق في تحصيل بغيتها من غير ذهول عنها
بترهات الأسواق ومجونها . وحفظا لراية الملك الذي خرج يتبعها .
-
لا توقف سيارتك . . . . .
في مكان عام يحتاجه الناس ، أو في
موقف تضر به غيرك من الناس ، فإنك إن فعلت هذا أشغلت ذهنك بموقع السيارة أو
آذيت غيرك بسوء وقوفك .
-
احجب عينك بالنور . . . . .
تذكر أنك ( أخي / أختي ) مأمور
بالحجاب ، وهو حجاب غير حجاب البدن ، إنما هو حجاب النفس الأمر الذي بدا الله
تعالى به في آية الحجاب فقال : " قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ . ." " وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ
.." هذا الحجاب النفسي الذي به زكاة القلب وطهارته وعفّته .
فإنه لا يغني المرأة أن سترت عن الناس بدنها لكنها أطلقت في الحرمات بصرها ،
فإنها هتكت الستر الأعظم . . ستر النفس وحجابها ، ولذلك بدا الله تعالى
بالأمر به في بداية آيات الحجاب وذلك لعظم أمره وشأنه .
وهذا الحجاب هو الحجاب الذي يشترك في الأمر به الرجال والنساء على السواء .
وهو الحجاب الذي يورث في القلب نوراً .
-
لاتشغلك . . . . .
عروضات الأسعار ودعايات الأسواق عن أن
تقضي غرضك الذي جئت من أجله ، فإن لهذه الدعايات إبهارا ولفتاً للنظر
وإشغالاً .
- لا
تصرف مالك . . . . .
في كل ما اشتهيت شراءه بل لاحظ فيما
تشتري أموراً :
1 -
حاجتك الملحة له . فهناك ( مستلزمات رئيسية ضرورية - حاجية - تكميلية تحسينية
)
2 -
جودة صناعته .
3 -
صلاحيته .
4 -
وسطية ثمنه .
5 -
مناسبته لك في هيئته وطوله ومقاسه حتى لا تضطر للرجوع مرة أخرى للسوق لغرض
استبداله .
6 -
أن يكون من المباح وأن لايكون محرماً ( مأكولا كان أو مشروباً أو ملبوساً أو
يوطأ أو للزينة الذاتية أو لزينة البيت )
-
أجّل . . . . .
شراء الأغراض التي تعيق سرعة تنقلك في
السوق إلى حين انتهاءك من بقية الأغراض . واجعلها آخر مشترواتك .
أو استخدم عربات نقل البضائع المتوفرة ولو بإيجار معلوم ، فإنك إن تدفع شيئا
من مالك للمحافظة على مكتسبات وقتك خير من إهدار وقتك على حساب بعض دراهمك !
-
اصحب معك . . . . .
بعض الأشرطة المسموعة النافعة إلى
السوق وعوّد نفسك وأهلك على دعوة الآخرين عبر إهداء الشريط الإسلامي المؤثر .
فإنك لاشك واجد في السوق من يستحق أن تهديه هذاالشريط .
وبعض الكروت الدعوية مما يهم الباعة والتجار والتي تبصرّهم بأساسيات فقه
البيع والشراء وأخلاق البائع المسلم وأدبه . فكلما دخلت محلا وضعت فيه كرتا
أو كرتين .
-
* قد تضطر فتصحب أطفالك ، فلضبطهم في
أثناء التسوّق :
-
لا تترك ابناءك في السيارة بمفردهم ، فقد يحصل امر يستدعي إسعافهم ولا يجدونك
!!
-
لا تضرب الطفل على عناده في السوق فإن الضرب لن يزيده إلا عنادا على عناده
خاصة إذا تجمهر حولك الناس ووجد من يدافع عنه ويلومك على ضربه .
-
حتى لا يشغلك أولادك في طلبات - طفولية - أشغلهم بمساعدتك ، بحمل بعض أكياس
المشتروات أو دفع عربة النقل .
-
أظهر أمام الأبناء إنكارك بعض المنكرات الظاهرة تربية لهم وتوجيهاً .
-
اشركهم معك في توزيع وإهداءات بعض الأشرطة على مرتادي الأسواق رجالا ونساء .
-
وجّه طلباتهم واختيارهم لملبوساتهم وألعابهم توجيها سليما من غير تنفير أو
شدة قد تربكك أمام الناس في السوق .
فحين تريد الطفلة ملبوسا معينا لكن هذا اللبس لا يتفق مع أدب الإسلام فبيّن
لها ذلك على مسمع من صاحب البضاعة علّه أن يتعظ .
-
عِدْ أولادك بهدية مجزية عند الوصول إلى المنزل لمن يلتزم الأدب في السوق
وعدم العبث واللعب .
ثالثاً : لا
للإسراف . . لا للتبذير . . !!
يقول الله تعالى في وصف عباد
الرحمن : " وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا
وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا " فجعل القاعدة العامة للمؤمنين في نفقتهم
وإنفاقهم على نفسهم وعلى من يعولون أن تكون نفقة بالقسط والعدل ، بين الإسراف
والتقتير .
والإسراف :
إنما هو خاص بالسرف في شراء المباح الزائد عن حاجة الإنسان - رجلا كان أو
امرأة - وسواء كان هذا المبيع مأكولا أو مشروبا أو ملبوساً أو زينة .
فإن المؤمن والمؤمنة يربئان بأنفسهما ، يكونا من المسرفين الذين ذمهم الله
تعالى .
أما التبذير
فهو إنفاق المال في المحرم ، سواء كان المال المنفق فيه قليلا أو كثيراً ،
فطالما أنه محرم فهو تبذير حتى لو رخصت قيمة السلعة . فإن كانت هذه السلعة
المحرمة زائدة عن حاجة العبد صار شراؤها أشد تحريما وأعظم وإن اجتمع مع ذلك
غلاء ثمنها اشتد الأمر فداحة وعظما.
والتبذير اشد من الإسراف لأن الله وصف المبذرين بوصف تنفر منه النفوس فقال :
" إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ
الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا " فجعل المبذرين إخوانا للشياطين وبيّن أن
عاقبة التبذير هو الجحود والكفر - نسأل الله الحماية - .
وإن كان الإسراف والتبذير كلها من حبائل الشيطان ؛ والرسول صلى الله عليه
وسلم قد حذّر أمته من أن ياخذ أحدهم ما يزيد عن حاجته فقال : " فراش للرجل
وفراش لامرأته وفراش للضيف وفراش للشيطان " .
ويقول فيما زاد عن حاجة الإنسان في الدواب - المركوب - : " تكون إبل للشياطين
، وبيوت للشياطين ، فأما إبل الشياطين فقد رأيتها يخرج أحدكم بخبيثات معه قد
أسمنها فلا يعلو بعيراً منها ، ويمر بأخيه قد انقطع به فلا يحمله ، واما بيوت
الشياطين فلم أرها " يقول أبو سعيد : ولا أراها إلا هذه الأقفاص التي يستر
الناس بالديباج !!
فعلى كل مؤمن ومؤمنة حين يخرجون إلى السوق أن يلاحظوا هذا المعنى في إنفاقهم
، وفيما يشترونه ويطعمونه أويلبسونه زوجاتهم وأبنائهم .
تلك ثلاثة معاني مهمة ينبغي على كل
مؤمن ومؤمنة أن يتأملها وأن يعيها وعياً فاعلا في حياته وسلوكه :
أولاً : الأسواق ميدان الشيطان . . !
ثانياً : بين الضرورة والولع . . !!
ثالثاً : لا للإسراف .. لا للتبذير !
* أفكار لمراكز الدعوة ورجال
الحسبة والهيئة في الأسواق .
لفت انتباهي في بعض الأسواق أن
على مدخلها " كشك " صغير تابع لمكتب من مكاتب الدعوة ، وكان الذي بداخل الكشك
يعرض مبيعات لبعض الأشرطة الإسلامية والكتب النافعة ، وعلى بوابة الكشك "
مكبر صوت " ينبعث منه صوت قارئ للقرآن . . فأعجبني تواجد هذا المكتب الدعوي
الصغير في هذا المكان ، فخطر في نفسي لماذا لا تُطور فكرة هذا الكشك ليكون
مكتب دعوة بدل أن يكون مكتب مبيعات فقط !!
ويلفت انتباهك - ولله الحمد - التواجد ( غير الكافي ) لبعض رجال الحسبة
والهيئة في الأسواق لمنع المنكرات فيها . فكنت أقول لماذا لا يتطور دور رجال
الحسبة لأعظم من الدور الرقابي إلى الدور التوجيهي المتنقل .
فمن الأفكار :
1-
أن يكون البث المسموع على مكبر الصوت عبارة تقول :
( هل تريد أن تعرف شيئا عن الإسلام ؟
أيتها الفتاة ماذا تعرفين عن الحجاب ؟
أيها الزوج هل تعرف كيف تعامل أبناءك وزوجتك ؟ )
ونحو هذه العبارات تتكرر سواء بعدة لغات أو باللغة العربية ، ويكون في "
الكشك " بعض المطويات والكتب النافعة والأشرطة المفيدة في المواضيع المعلن
عنها .
2 -
أن يُبث على مكبر الصوت نصيحة مدبلجة قصيرة للنساء والرجال يسمعها كل داخل
إلى السوق في وقت دخوله من غير أن يضطره طولها للوقوف حتى يكمل سماعها ،
فكلما كانت النصيحة قصيرة ومبدعة في الدبلجة كانت جاذبة .
3 -
التنسيق مع بعض محلات السوق بعمل دعاية دعوية من خلال المحل فأي مستهلك يشتري
من المحل الفلاني يحوز على بطاقة تخوّله اختيار مجموعة من الأشرطة الإسلامية
من مكتب الدعوة المتواجد عند باب المركز أو السوق ، وتكون هناك نسبة معينة
يتفق عليها بين المحل ومكتب الدعوة .
4 -
استحداث خط هاتفي مباشر للفتوى داخل المكتب . بالتنسيق مع بعض الدعاة في ذلك
.
5 -
مشاركة العنصر النسوي في مباشرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأسواق
والإحتساب في توجيه فتيات المسلمين بالطريقة المثلى والدعوة الحكيمة والحدّ
من منكرات الأسواق قدر المستطاع . بالنصيحة وتوزيع الأشرطة وتوزيع قفازات
اليد ( الجونتيات ) .
6 -
أن يوضع مكبر صوت على سيارة ( الهيئة ) ويبث من خلاله بعض النصائح والتوجيهات
على مدار دوران السيارة في شوارع السوق .
أحدهم قد لا تلحظه عين المحتسب لكن تقرعه سياط الموعظة فيتعظ !!
7 -
عمل مركز ( حضانة للإطفال ) في السوق يضع فيه المتسوق ابنائه ، ويجهز هذا
المركز ببعض وسائل الترفيه والتعليم ، وأن يقوم على المركز بعض المربين أو
المربيات حسب المصلحة ، وعلى أن يكون لهذه الحضانة رسوم رمزية .
وجود هذه الحضانة التربوية الدعوية يحل كثير من مشكلات بعض المتسوقين الذين
يتسوقون بأبنائهم .
8 -
عمل استراحات نسوية في السوق يستغل فيها النساء اللاتي يجلسن أثناء إقفال
السوق وقت الصلاة ، أو حال انتظار السيارة التي تقلّهم وهكذا ، وأن تجهز هذه
الإستراحات ببعض المشاركات الدعوية النافعة كالتوجيه والنصيحة وتوزيع الأشرطة
وما إلى ذلك .
تلك جملة من الأفكار جمعتها بمشاركة بعض الناصحين من إخوة وأخوات ، غرضها
توجيه ظاهرة وواقع - ما منه بد - فكان الأولى توجيه هذه الظاهرة وترشيدها
ترشيدا يحقق المصالح ويدفع ما استطاع من المفاسد ، إذ أنه من غير الممكن أن
تمنع الناس من الأسواق لكن بإمكان المرء أن يبذل جهده - ولو كان في نظره
ضئيلا - في أن يرشّد هذا الواقع على ضوء ما يستفيده من نور الوحي والنبوة .
إننا نستقبل في
أيامنا هذه اياما هي أغلى ما يكون على المؤمن والمؤمنة أيام شهر رمضان
المبارك .
وإن كان الناس للإسف قضوا جزءا ليس بالقليل من أوقات هذا الشهر في ردهات
الأسواق وأزقة المراكز والمحلات ، حتى لقد صار الشهر موسما للتباري وازدحام
الناس في أسواقهم على مأكولاتهم وملبوساتهم . . وما سلف من الأسطر لم تكن
لتبرر لهم هذا الإنكباب ، إنما جاءت لترشّد هذا الإنكباب الذي صار من واقع
الناس .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى . .
وبالله التوفيق . .
والحمد لله رب العالمين .
أخوكم : أبو أحمد ( مهذب )
التسوّق بين الفتنة والمتعة
أكياس المشتريات رسالة
للمجتمع