اطبع هذه الصفحة


خطر الامتيازات الأجنبية في دول الخليج العربي

عبدالهادي الخلاقي


بسم الله الرحمن الرحيم


تشهده دول الخليج العربي انفتاح ونمو اقتصادي وتوسع عمراني كبير أحدث نقله نوعية للمواطن الخليجي بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ المنطقة، هذا النمو جاء نتيجة طردية للتوسع في عمليات التنقيب وتصدير النفط والغاز الطبيعي ومشتقاتهما مما زاد في نسبة دخل الفرد ليصل إلى أعلى نسبة دخل عالمياً.

هذه الطفرة التي شهدتها المنطقة تبعها نمو كبير في جميع المجالات وأكثرها نمواً هو النمو العمراني أو كما يطلق عليها البعض حضارة "الحجر" حيث انتصبت تلك الأبراج الشاهقة لتعانق السماء وأصبحت من أعلى وأغلى ما شيده الإنسان في عصرنا الحاضر.

البعض يرى بأن لا حضارة ولا تقدم سوى بتنمية الإنسان والاستثمار في المورد البشري الذي لا ينضب والبعض الأخر يرى بأن لِحضارة "الحجر" دور كبير في رقي الإنسان ويُستدل على ذلك بحضارة الفراعنة التي جسدت تاريخ عريق ظلَ حاضراً منذ ألاف السنين والذي أعطا مصر ميزة دون غيرها من بلدان العالم والأمثلة كثيرة على هذه الحضارات التي اتخذت من الحجر ركيزة للانطلاق إلى العالم.
ونحن بلا شك نتمنى لمنطقتنا الخليجية أن تزدهر وتنافس الدول الاقتصادية العالمية فنماء منطقتنا بلا شك هو نماء لنا ومكسب يضاف لتاريخنا العريق ، ولكن تعصف بنا الأفكار يمنة ويسره حول من يسكن هذه الأبراج الشاهقة ؟! ومن المستفيد منها؟!
البعض يرى بأن الشركات الاستثمارية والمصارف المالية هي من يستثمر هذه المباني ويسكنها، ولكن كثير من هذه الأبراج والمجمعات السكنية أنُشأت بغرض السكن الحر أو التملك الحر؛ هذه المناطق السكنية تمنح الأجنبي حق الإقامة مدى الحياة في حالة امتلاكه عقاراً سكنياً سواء كان شقة أو فيلا سكنية وقد ازداد عداد الأجانب الذين تملكوا في هذه المناطق بشكل ملحوظ ومازال العدد في تزايد، وهذا بلا شك سيسهم في نمو الاقتصاد ونمو المنطقة، ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ضريبة تدفعها الدول ويدفعها المواطن نتيجة هذه السياسات؛ ونحن هنا ﻻ‌ نقصد ضريبة إي بمعنى مبالغ مالية ﺑﻞ ضريبة مستقبلية ﻭﻫﻲ: خليط ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎفات تؤدي إلى ضياع العادات والتقاليد وطمس الهوية العربية وحتى ضياع اللغة والانتماء.
فإن كان التمليك يقتصر على أبناء منطقة الخليج العربي أو جنسيات عربية فالأمر يختلف بل لأضير منه فنحن ننتمي إلى كيان عربي واحد ونتشارك باللغة والدين والانتماء العروبي ولكن الطامة ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﻲ الجاليات الأجنبية سواء من شرق آسيا أو إيران أو من الدول الأوروبية التي تخالفوننا في المعتقد والانتماء والثقافة وكذلك في الأعراف والتقاليد.
تزايد أعداد الأجانب ملاك العقارات والعاملين في دول الخليج العربي يشكل خطراً ديمغرافياً وقد يتطور إلى خطر سياسي في السنوات المقبلة إذا ما بدأت المطالبة بالحقوق السياسية بجانب الحقوق النقابية والمهنية المشروعة ومنها المشاركة في التشريع والرقابة وقد تطالب هذه الفئة في المستقبل بتحديد المصير- كل هذه المخاوف محتملة وخاصة في تنامي هذه الظاهرة الخطيرة وخاصة مع التعهدات والاتفاقيات التي تبرمها دول الخليج العربي مع منظمات حقوق الإنسان والمنظمات العالمية في مختلف المجالات.
الغزو الأجنبي لم يعد كالسابق ينفذ عن طريق القوة العسكرية بل أصبح أكثر رقياً وحداثة فاحتلال الأمس لبلداننا كان استعمار غير شرعي، أما احتلال اليوم فبات يأخذ صفة الشرعية وبترخيص رسمي بل أصبح المحتل يحضا بحرية كاملة وله ما للمواطن من حقوق ﺑﻞ ﺇﻥ الاحتلال ﺍﻟﻤﺮﺧﺺ ﺃﺧﻄﺮ ﻣﻦ الاحتلال العسكري ﺇﺫ ﺃﻧﻪ اكتسب ﺷﺮﻋﻴﺔ الاحتلال ﻭﻻ‌ يمكن المطالبة باستعادة الأراضي المستملكة ﻓﻲ هذه الحالة بعكس الاحتلال غير المرخص حيث يمكن استعادة الأراضي المحتلة.

وقفة تأمل:
يقول احد الكتاب الإماراتيين في مقالاً له: إن ﺍﺣﺪ ملاك البنايات في إمارة دبي (وهو من الجنسيات الآسيوية) رفض تأجير شقة سكنية ﻷ‌ﺣﺪ المواطنين قائلاً: "أنا ما ﺃﺟﺮ ﺣﻖ مواطن" فهل يأتي يوماً ﻧﺮﻯ ﻓﻴﻪ بيوتنا بيوتهم، إذا ما استمرت هذه الظاهرة بهذا التنامي المخيف؟؟.


 

منوعات الفوائد