صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







التركيبة السكانية لدول الخليج العربي

عبدالهادي الخلاقي


بسم الله الرحمن الرحيم


علم السكان يعتبر من العلوم المهمة التي تبني عليها الدول خططها التنموية والإستراتيجية، فدراسة أعداد السكان لم تكن من ابتكار عصرنا الحديث بل هي قديمة قدم التاريخ فقد اهتمت بها الحضارات القديمة، كالفراعنة والبابليين والأشوريين كما أن رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم طلب حصر أعدد المسلمين في المدينة عندما قدم إليها فلمعرفة أعداد السكان أهميتها في الحرب والغزو وكذلك الدفاع الدين.
إسرائيل تعمل بكل جهدها وطاقتها على تشجيع الهجرة إلى فلسطين وتمنح كل عائلة يهودية مسكن وتؤمن لهم الوظائف، كما تشجع الأسر على زيادة الإنجاب وقد وضعت جوائز تحفيزية لكل امرأة تستطيع أن تنجب أكبر عدد ممكن من الأبناء، وذلك لإيمانها بان زيادة أعداد اليهود في فلسطين يعتبر ضمان لاستقرارها ويعزز أحقيتها في أرض فلسطين المحتلة ولكي تصبح أمة وليست مجرد أقلية في بلداً محتل.
بمنظور سياسة دول الخليج العربي إزاء زيادة أعداد السكان التي تعني لديهم (بطالة، فقر، مشاكل، تدني جودة الخدمات المقدمة للمواطن ... الخ) بعكس ما تراه إسرائيل التي ترى بأن زيادة أعداد اليهود في فلسطين تؤدي إلى يهودة الأرض العربية - فنحن في دول الخليج العربي لدينا بعض المتحاذقين الذين يرون بأن زيادة أعدد السكان يشكل خطراً كبيراً على المنطقة متعللين بمحدودية الموارد والمساحة الجغرافية، وبأنها تزيد من نسبة البطالة والفقر وتحد من حصول الفرد على القدر الكافي من الخدمات التي تقدمها الدولة، وهذا من تأثيرات العولمة على الوعي الثقافي الخليجي، التي اتخذت بعداً سياسياً لهذه القضية حيث إنه من مصلحة الغرب أن تظل نسبة أعداد مواطني دول الخليج العربي مقننة ومحدودة، مع العلم أن دول الخليج العربي تمتلك ثروات طائلة ولديها انفتاح كبير في الاقتصاد ومجال الاستيراد والتصدير وأصبحت تشكل نقطة مالية مهمة في خارطة العالم وتتمتع ببنى تحتية متطورة فالخوف من محدودية الموارد ليس سبب مقنع وليس هناك مجال من المصداقية لمن يرى بأن الفقر والبطالة يحولان دون زيادة عدد السكان، وتستخلص كثير من الدراسات أن أسباب ازدياد العمالة الأجنبية في دول الخليج العربي يعود إلى قلة عدد السكان، وبمقارنة الكثافة السكانية الحالية لدول الخليج العربي وأمريكا: نجد أن في الخليج العربي تقدر بـ(19نسمة/لكل كيلو متر مربع) مواطنين ووافدين (إحصائية الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي لسنة 2011م)، بينما تبلغ الكثافة السكانية في الولايات المتحدة الأمريكية بـ(31 نسمة /لكل كيلو متر مربع )، إذا نحن بحاجة إلى ضعف عدد السكان في الأعوام القادمة ، كما أن نسبة المساحة غير المأهولة بالسكان في دول الخليج العربي تقدر بما يقارب 68% من المساحة الكلية للمنطقة.

اتجهت دول الخليج العربي إلى تقنين عدد السكان دون إدراك منها بخطر هذا السياسة بطرق غير مباشرة من خلال غرس المفاهيم التي توحي بأن نصيب الفرد في الأسرة الواحدة يزداد في حالة أن الأسرة محدودة العدد والعكس وكذلك تهويل قضية تربية الأبناء وتلبية متطلباتهم، كل هذه الإيحاءات التي تصل للمواطن الخليجي تؤثر في تفكيره وتجعله يعيد النظر في عملية زيادة الإنجاب. كما أن عزوف الشباب عن الزواج و تأخرهم وكذلك الحوادث المميتة التي يذهب ضحيتها أعداد كبيرة منهم بالإضافة إلى الشيخوخة والأمراض الخبيثة والأمراض الوراثية وحالات العقم التي تزداد بشكل ملحوظ كل هذه الأسباب تؤدي إلى الحد من النمو السكاني في دول الخليج العربي ومن المتوقع في الأعوام القليلة القادمة أن تقل نسبة الخصوبة ويتوقف عدد السكان عن النمو.
كثر من الوظائف التي تشغلها العمالة الوافدة في دول الخليج العربي كان من الأولى أن تكون من نصيب مواطني الخليجي وليس الوافدين حتى تقل نسبة الأموال التي تحولها هذه العمالة الأجنبية إلى الخارج والتي تقدر حسب أخر إحصائية بـ 18% من إجمالي الناتج المحلي لدول الخليج العربي وهذه من الحلول التي تسهم في توطين هذه الأموال بدلاً من تحويلها للخارج .
يجب على القيادات الخليجية أن تنظر إلى قضية التركيبة السكانية من منظور أمني يمس الصالح العام لدول المنطقة ولها تداعياتها في الحاضر وستلقي بظلالها السلبية على مستقبل المنطقة، ومن ثم فمن الضروري أن يعيد الساسة قراءتهم لهذه المسألة بشكل جدي والتعامل معها بجهود مشتركة كمنظومة خليجية واحدة.

ولزيادة عدد سكان الخليج العربي لابد من مساعدة الشباب على الزواج، تشجيع الإنجاب، تخصيص مبلغ مالي لكل طفل في الأسرة حتى سن البلوغ، بالإضافة إلى أن فكرة "تجنيس" العرب الذين عاشوا لعقود طويلة في دول الخليج العربي ونشأ أبنائهم وترعرعوا واكتسبوا ثقافتها وتطبعوا بأعرافها وتقاليدها واندمجوا في نسيجها الاجتماعي وموروثها الفكري والثقافي تعد من الحلول التي يمكن الأخذ بها في إستراتيجية المواجهة ، خاصة أن المواطن العربي أقل خطرًا من العمالة الوافدة من حيث اللغة والدين والهوية العربية والتاريخ.
لأن العدد الكبير من السكان سوف يزيد هذه الدولة مزيداً من العزة والمنعة وخاصة مع الانفتاح الذي تشهده دول مجلس التعاون الخليجي التي باتت منتشرة بسياساتها واستثماراتها خارج الحدود العربية وأصبحت سفاراتها وشركاتها تغزو العالم، فمن الواجب الوطني أن يكون المواطن دور بارز في إدارة هذه المؤسسات والمشاريع وكذلك تمثيلها في الدول الغربية والعربية كذلك وكما يقال:" ما حك جلدك مثل ظفرك" وهذا لن يتحقق إلا بكثرة أعداد السكان وتأهيلهم وتمكينهم لخدمة وطننا الخليجي الواحد والحفاظ على ثرواته ومكتسباته.



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

منوعات الفوائد

  • منوعات الفوائد
  • الصفحة الرئيسية