اطبع هذه الصفحة


باقات شكر وامتنان .. لقناة ( الحرة )

ماجد بن جعفر الغامدي 


لا يمكن لأي إنسان إلا وأن يمر في فترة من فترات حياته بعيش دافئ لذيذ تحت رحمة أمه الحنونة بعطفها ورأفتها ومشاعرها المتتالية ثم تكتمل هذه المرحلة بما فيها من رضاعة ورعاية لينتقل لمرحلة أخرى يصبح فيها فتى يافعاً بعد فطامه .. يواجه خلالها حياته بمفرده واعتماده الذاتي .. ونحن أبناء الأمة الإسلامية نحمد الله تعالى أن هيأ لنا أماً حنونة من تكون ؟ طبعاً إنها ( ماما أمريكا ) فهي القائمة بمصالحنا وشؤوننا فهي ترضعنا السوائل من حليب وغيره ولا تريدنا أن نغص بأي نوع من أنواع الأكل .. ومن أنواع الرضاعة ( الرضاعة الإخبارية ) وهي تعني أخذ الأخبار مجردة كما هي دون مضغ أو تقطيع أو تحليل أو حتى اللسان يقلبها فقط تشرب الأخبار عفواً ... الحليب كل صباح سواء مع الجريدة أو مع الإذاعات المرئية والمسموعة المهم أنك كل يوم ستشرب الحليب ( وتبلعه ) كما هو وإياك أن تشمأز منه أو تحاول تذوقه وتطعمه لتميزه وتتعرف على مقدار جودته فقط ( ابلع ) والحمد لله أن الكثير من المسلمين والعرب وكذلك قد أتجرأ لأقول أن عدداً ليس بالقليل من المثقفين يجيدون فن الرضاعة ويستلذونها .

إن الأم الحنونة على أبنائها هي من تتابعهم في كل شيء حتى في أفكارهم فهي تمارس ( حق الوصاية ) عليهم ولابأس أن تصل إلى حد الوصاية الفكرية حتى ، فهي لا تريد أن يخدش عقولنا الطرية والبدائية النمو أي خادش من إرهاب أو إسلام يعلمنا الكراهية والبغض للآخرين بولاء أو براء أو غيرهما .. فنشكر لها حديثاً حرصها على حفظ عقولنا من الأخبار الزائفة والانحيازية .. بأن أرسلت لنا ( ولنا نحن فقط ) قناة الحرة لترضعنا الديمقراطية والحرية في كل شيء .. فشكراً يـ ( ماما أمريكا ) ولكن ألا تسألون معي : متى سيكون الفطام ياماما ؟!

وها أنا اهتبل الفرصة بأن أشكر القائمين على القناة بأن أحسنوا الاختيار بهذا الاسم الرائع ( الحرة ) والذي يرمز للحرية المطلقة في كل شيء شعار رائع جميل .. يذكرني بشعار الثورة الفرنسية عام 1770م ( الإخاء والحرية والمساواة ) ثم فعلت ما فعلت هذه الثورة من دمار وهلاك حتى جرّت على الفرنسيين أنفسهم الفقر والبؤس تحت هذا الشعار الرنان .. فشكراً على هذه الشعارات البراقة .. وحتى أكون أكثر صدقاً معكم ومع نفسي فقد اغتر الكثير بهذه الشعارات وصدقها ومن المشرّف أن بعضهم تبنّاها .

ثم من واجبنا كمسلمين أن نقدّر لأهل الفضل والاحسان فضلهم ، وأن نتجاوب معهم فهم يسهرون ويتعبون كل ذلك ( لسواد عيوننا طبعاً ) فقد بذلوا من الأموال الشيء الكثير حتى إن الميزانية المبدئية لهذه القناة 40 مليون دولار والحمد لله أننا استطعنا أن نساهم معهم في هذا المبلغ الضخم ولم يتكبدوا الخسائر فيه فقد أخذوه كاملاً من المبالغ المخصصة لأعمار العراق .

إن بؤس الأوضاع التي يعيشها العالم العربي من عنف وإرهاب وظلم للمرأة وعدم الخروج حتى من عنق الزجاجة يفرض على جميع أصدقائنا ومحبينا ومن أراد الخير لنا أن يعمل لخدمتنا وأن يقدّم أقل القليل من الديمقراطية حتى لو فقط ( قناة الحرة ) ، فكما نعلم جميعاً أن العقلية ( الامبريالية ) تريدنا أن نتحرر من السلطوية المقيتة وأن نعيش في رغد من العيش كما حررت هي الآن أرض العراق من ديكتاتورية العنف .. لتجعل أرض الرافدين تعيش في رفاهية لم يسبق لها مثيل وتستمتع بأجمل أيام حياتها هذه الأيام .. وبعد أن حررت أرض العراق .. هي بثت لنا ( الحرة ) حتى تحرر عقولنا من أحادية التفكير .. فما أروعك يـ ( ماما أمريكا ) .

كم بذلت من أجلنا ولكن البعض وللأسف الشديد لا يقدّر هذا الجهد العظيم .. ألم تكن تبث قناة ( صوت أمريكا ) باللغة العربية وأُغلقت لأنها لم تصل ببرامجها إلا بنسبة 2% فقط من المستمعين العرب .. وبعد ذلك بثت إذاعة الراديو ( سوا ) بقنواتها الثلاث ثم الآن تطبع وتنشر مجلة ( هاي ) بالالآف .. ثم اقف لأتسائل هذا العمل الجاد والدؤوب أليس هو للإستيلاء على العقل العربي عفواً... لتحرير العقل العربي !!

وها هي الحرة تبدأ بثها لترعانا حتى من معركة المصطلحات فقد فنّدت لنا الألفاظ بوضوح تام وحتى أكون أكثر صدقاً فها أنا أنقل لكم الكلام النقي الزلال لمؤسس القناة الرجل الشريف النزيه : موفق حرب ( اللبناني الأصل الأمريكي الجنسية ) حيث يقول : ( فلسطين المحتلة مصطلح غير صحيح والأجدر أن نقول : أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية .. وكذلك بدلاً من أن نقول المقاومة العراقية فالصحيح أن نقول : أعمال التخريب فيما يرتبط بالمقاومة العراقية ... ) ونحن في هذا المقام لا نملك إلا أن نتقدم ممتنيين لسعادته بالشكر الجزيل على هذا التصحيح الهام .

وفي الختام .. لا أملك إلا أن أزف خالص آيات الشكر والامتنان لهؤلاء الثعالب الأشاوس على ما يقومون به من خدمة ديننا الاسلامي وحفظ حقوق كل إنسان دون أدنى تمايز .. وأقلّ ما أقدم لهم هذه المقطوعة الشعرية لأمير الشعراء أحمد شوقي حيث يقول – واللبيب بالإشارة يفهم - :

برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظينا
فمشى في الأرض يهذي ويسبّ الماكرينا
ويقول : الحمدلله إله العالمينا
ياعباد الله توبوا فهو كهف التائبينا
وازهدوا في الطير إن العيش عيش الزاهدينا
واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا
فأتى الديك رسول من إمام الناسكينا
عرض الأمر عليه وهو يرجو أن يلينا
فأجاب الديك : عذراً يا أضلّ المهتدينا
بلّغ الثعلب عني عن جدودي الصالحينا
أنهم قالوا وخير القول قول العارفينا
مخطئٌ من ظنّ يوماً أنّ للثعلب دينا

بقلم /
ماجد بن جعفر الغامدي – الطائف
كاتب إسلامي
صباح الثلاثاء 4/1/1425هـ
mmjaafr@hotmail.com

 

منوعات الفوائد