اطبع هذه الصفحة


أزمة تقبل !!

عايش بن ماجد الديحاني


بسم الله الرحمن الرحيم


في البداية ربما يتحدث المتحدث عن أمرٍ يؤرقه ويكون عادةً في محيطه القريب أو البعيد ! لكن بعد تتبع واستقراء , وجدت أن أغلب المشاكل الصغيرة والكبيرة على مستوى الأفراد أو الأمم هي أزمة تقبل ! دعني في البداية نذكر أمثلة عن هذه الأزمة في مجال الحياة العادية أو حتى المسائل الفقهية التي يتكلم عنها الفقهاء لست أنا ! ربما من الأزمات في الحياة العادية , يتضايق الشخص بشكل مبالغ فيه من أحدهم يتابع فُلان في مواقع التواصل ! ومبرره الوحيد "ليش تتابعه أنا ما بلعته !" والآخر يكاد ينفجر من سلوك صاحبه في إدارة وقته دون تبرير لتضجره ! والآخر يتضايق أنه يتناول قهوته اليومية من أحد المقاهي العالمية دون ايضاً مبرراً مقنعاً لتضايقه ! أنت لا تشجع فريق الكرة الذي أشجع إذاً أنت ضدي , حروب بين أصحاب جوالات ( الآيفون والجلاكسي ) اختلافات بسيطة وتافهة وأخرى ليست بالهينة ! وربما لو فصّلنا في مواقف الحياة اليومية لوجدنا أمثلة كثيرة ! غير أنني أريد أن أوضح ان العالم أكبر من المحيط الذي نعيش فيه ! بيوت الناس ليست كبيتي سلوك الناس يختلف عن سلوكي هذه الفكرة يجب أن نعيها ونتقبلها ! التضايق والحنق والزعل والضجر لن يضر إلا نفسك ! وصدقني سعة صدرك لتقبل الآراء والأفكار سينعكس أثره الإيجابي على نفسك, وفي ذكر المسائل الفقهية , والتي أحرص أن لا أتكلم فيما لا أفقه ! غير أنني متأكد أن الدين أوسع وأشمل مما نعرفه نحن , دعوني أنقل لكم قصة قصيرة عايشتها قبل سنتين تعلمت منها الشيء الكثير ونقلتها كثيراً , القصة في أحد اللقاءات خارج المملكة , وفي إجتماع كبير حضره عددٌ كبيرٌ من مختلف انحاء العالم الإسلامي , وأحد الاصدقاء المغربيين , لطيف سهل المعشر طالب علم ورئيس جمعية إسلامية في بلده , استأذن منّا ليذهب إلى الخلاء ليقضي حاجته , وبعد دقائق عاد لنا وهو غضبان ومتضايق , ويحكي لنا الموقف بلهجته المغربية التي تعجبني كثيراً , فيقول : كنت في الحمام , وجاءني إتصالاً اضطررت إلى الرد عليه , وبعد ما أنتهى خرج و أقبل إليه أحد الشباب منكراً عليه مغلظاً عليه بالقول محرماً ومجرماً فعلته أمام الناس ! فتضايق الصديق المغربي وقال له القاعدة المعروفة ( من قل علمه كثر إنكاره ) وقال لنا تتبعت مسألة الحديث في الخلاء أكثر ما قيل في حكمها الكراهة ! لا أدري ذكر هذه القصة في أزمة التقبل لها مجال , لكن خذوا موقفاً آخر لأحد الأصدقاء منكراً محذراً محرماً مجرّماً كل من يتابع قناة بداية , وأسماها النهاية , وشغله الشاغل عيوبها وسوؤها ! وقد غفل عن خيرها وفضلها ودعوتها وإيجابياتها , يا صاحبي الذي لا تتقبله أنت لا تلزم الناس أن يكون رأيهم مثل رأيك ! أنت تريد أن لا تتابع كما تريد لا تتابع , الناس مالم يفعلوا حراماً واضحاً لا تضيق عليهم إيّاك أن تكون ممن لديهم (أزمة التقبل ) قيسوا مثل هذه المواقف كثيراً ما تجدها في حياتنا اليومية , أنا لا أدعوا إلى التمييع , أنا أدعوا إلى تقبل الرأي الآخر ما دام في إطار المباح ! تــعرفون كلمة الإمام الشافعي رحمه الله تعالـــى المعروفة ( الا يصلح أن نبقى إخواناً ولو اختلفنا ) والقصص في حياة الصحابة والسلف كثيرة , تعضد مسألة تقبل الرأي , فعلاً لو استطعنا أن نحل أزمة التقبل , سنكون بخير بإذن الله ,
والحمد لله رب العالمين


عايش بن ماجد الديحاني
جنوب المملكة 11/ 3 / 1438هـ

 

منوعات الفوائد