اطبع هذه الصفحة


لا أنا أنت ولا أنت أنا !..

محمد بن محه الغويدي


بسم الله الرحمن الرحيم


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ..

أصابع الاتهام والتشكيك في الدوافع والتصرفات؛ يرفضها كل من عرف مآلها وعواقبها المترتبة عليها؛ سواءً اجتماعياً أو قانونياً أو حتى في نطاق الأسرة والأصدقاء ..

الماء يتقولب في أي إناءٍ ينزاح إليه ويتغير لوناً وطعماً ورائحةً حسب ما يمزج معه، كذلك النفس البشرية؛ في أصلها فطرية؛ تنشأ حتى إذا ما نضج فكره وإداركه؛ تبدأ تتشكل لديه التساؤلات والأسئلة؛ فيبدأ حينها يبني عقيدةً أو قناعةً أو ثقافةً أو ما إلى ذلك ..

في طور الحياة والحضارة والتمدن لا غنىً عن المحيطين بنا والتواصل والتحاور معهم؛ أو مشاركتهم الدراسة والأعمال أو بعض الفعاليات، من كانت فطرته وقناعاته على سليقتها لا يشوبها شائبة تزداد الجماعة به كماً وكيفاً؛ ارتقاءً وتفانياً بالمستوى المؤمل منه وبه، أما من كان كالماء ! هنا حينها يتلون ويتشكل حسب ما هو بصدده من موقف مع من تتلاطم بهم أمواج قناعاتهم وتصرفاتهم؛ خاصةً إن لم تكن سوية بدون قناعة منه؛ أو تحكيم عقل؛ وكأنه يتبنى ما هم عليه، هنا حينها تتوجه إليه أصابع الاتهام والتشكيك بكل ما يبدر منه، قد يواجهه من يعنيه أمره أو إذا ما وصل إلى أمور لا تحمد عقباها؛ فتتساقط الأقنعة؛ فلا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى .!

وكذلك الإمعة ! كما جاء في الحديث «عن حذيفة وابن مسعود رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يكن أحدكم إمعة، يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا ألا تظلموا. أخرجه الترمذي ».

التعقل مطلب، والتقليد الأعمى بإطلاقه مُضر قد ينعق بما يعقل ولا يُعقل، وتحكيم العقل وأن يعي بالأهواء مبتغى لمن يريد السلامة لدينه وعرضه.

كُن أنت بعقيدتك الوسطية وقناعاتك الراسخة السليمة وموروثك الأصيل، دون تكلف أو إرضاءً وتملقاً لأحد؛ فإرضاء الناس غاية لا تدرك؛ فأترك ما لا يُدرك إلى ما يُدرك؛ حتى لا تخسر نفسك فتصل إلى نقطة ما دون الصفر؛ إلى أن تشير حتى أنت لنفسك بأصابع الاتهام والتشكيك بذاتك وكيانك .

كُن معتزاً بما تتبنى إن كان سليماً فالأرواح جنودٌ مُجندة؛ ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، كُن راقياً مع من حولك إن كان ثمة اختلاف فالاختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية؛ وخاصةً ود الأقربين؛ أما خلافهم من غير الأقربين فالاختلاف والتنافر فيما يتبنى أحدنا قد يتحتم عليه الانسحاب التكتيكي .

فتجارب المرء غنائمه وخير للمرء أن يغنم لا يغرم؛ لست في حاجة أن تبرر وتخلق الأعذار لأحد .

محمد بن محه الغويدي