بسم الله الرحمن الرحيمأرسل الموضوع إلى صديق

التحذير من الكذب
على الرسول صلى الله عليه وسلم
الـوصـية المـكـذوبـة
وصية المدعو أحـمد خادم الحجرة النبوية
تأليف فضيلة الشيخ :
عبد العزيز محمد السدحان
إعـــداد :
عبد الحميد الحمدان


الوصية المكذوبة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ......... وبعد :
فلقد أوضح الله سبيل الخير والفلاح وبرهن عليه بالدلائل الواضحات لمن أراده وابتغاه وجعل من شرط قبول العمل والعامل الإخلاص والمتابعة في العمل يخلص في عمله ويبتغي وجه ربه ومولاه ويتخلص من الشوائب التي تكدر توجهه إلى خالقه.
قال تعالى :
{ ومَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصيِن لَهُ الدّيِنَ } [ البينة : 5 ] .
قال تعالى :
{ قُل ِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي } [ الزمر : 14 ] .
ولا يكون إخلاص العبد سليماً إلا إذا كان متبعاً في عمله لنبيه صلى الله عليه وسلم مقتفياً أثره .
قال تعالى :
{ وَمَا آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتهُوا } [ الحشر : 7] .
قال تعالى :
{ لَقَدْ كَان لَكُمْ فِي رَسُول ِ اللهِ أُسْوَة ٌ حَسَنَةٌ } [ الأحزاب : 21 ] .

فإذا كان الإخلاص والمتابعة شرطين لقبول العمل كان لزاما على المسلم أن يجعل ذلك نصب عينيه وفي سويداء قلبه وليحذر كل الحذر من أن يكون عمله مدخولا إمّا في مقصده أو في طريقة عمله فعلى العبد أن يبحث عن الحق أينما كان ومع من كان فإذا عمله لزمه وحمده الله تعالى على هدايته له و إرشاده إليه ، وجماع الخير كله في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وجماع الشر كله في الإعراض عن هديه وسنته . ومع كثرة طرق الخير ويسرها وعظيم أجرها فقد سلك بعض من المسلمين طرقاً يبتغون بها الخير على غير هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم بل بمجرد استحسان عقلي حسنه الشيطان له فتشبث به وعض عليه وكان من نتيجة ذلك البعد عن الحق والقرب من الباطل ونذكر من ذلك مثالاً واحداً تشبثت به نفوس كثير من المسلمين وحافظوا عليه أشد من محافظتهم على بعض الواجبات الشرعية ، اغتروا بما ورد فيه من الأجر العظيم لمن عمل به وحذروا مما جاء فيه من الوعيد الشديد لمن تركه ، ولم يعلموا أو تجاهلوا أن صحة العمل مرهونة بشرطين الإخلاص والمتابعة . شاهد المقال أن مجرد الاستحسان العقلي وعدم سؤال أهل العلم الموثوقين عن أمور الشريعة يورد صاحبه موارد الضلال والغواية .

وعوداً على بدءٍ يقال : أننا اعتدنا بين فينة وأخرى على وجود ورقة تتضمن في ثناياها موعظة ترغّب عاملها بالأجر الجزيل وتتوعد مهملها بالوزر العظيم تلكم الورقة تتضمن خبراً مكذوباً ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاع ذلك الخبر في أوساط كثير من الناس وتعلقت به قلوب بعض الجهال فبادروا إلى التذكير به وتوزيعه وترويجه [ ذلك الخبر المزعوم ما يسمى (( بوصية أحمد خادم الحجرة النبوية )) .
ومفاد الخبر ما يروى عن رجل يسمى أحمد زعموا أنه كان خادماً للحجرة النبوية التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويزعم ناشر الخبر أن أحمد هذا لما تأهب للنوم ذات ليلة رآى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وزعم أن النبي عليه السلام ناداه باسمه وشكى إليه خجله من ربه تعالى ومن ملائكته بسبب ذنوب أمته ، وجاء في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بأنه قد مات في أسبوع واحد ستون و مائة ألف على غير دين الإسلام وجاء في الخبر المزعوم أن النبي عليه السلام أوصاه بنشر هذه الوصية وعدم كتمانه ، وأن من كتبها ونشرها غُفِرَ ذنبه وذنب والديه وبُني له قصر في الجنة وقضي عنه دينه وأغناه الله من الفقر وإن لم يقم بنشرها وتوزيعها تصيبه أنواع من البلاء والفتن ] إلى آخر ذلكم الخبر .

وقد تسابق كثير من الناس إلى قراءته والوعظ به دون سؤال أهل العلم عن أصله وصحته بل حرص بعض الناس عليه أشدّ من حرص على مواعظ القرآن الكريم والسنة المطهرة .
قال تعالى :
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } [ النساء : 66 ] .

وقد بين غير واحد من أهل العلم بطلان هذه الوصية من وجوه كثيرة منها :

* الوجه الأول : زعمت الوصية أن المدعو أحمد رآى النبي عليه السلام في اليقظة وكلّمه ، وهذه الدعوى باطلة لأن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم كذب وزور باتفاق العلماء .
* الوجه الثاني : زعمت الوصية أن النبي عليه السلام خرج من قبره وهذا يخالف النصوص الصحيحة التي تخبر أن القبر النبوي لا ينشق عنه صلى الله عليه وسلم إلا عندما يقوم الناس لرب العالمين كما جاء في الحديث (( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع )) أخرجه مسلم عن أبي هريرة
* الوجه الثالث : جاء في الوصية المزعومة أن النبي عليه السلام كان خجلاً من ربه ومن الملائكة بسبب ذنوب أمته وهذا الزعم الباطل يلزم منه عدم إكمال النبي صلى الله عليه وسلم إبلاغ رسالة ربه وهذا منكر من القول وزور وهو واضح البطلان فلقد قام النبي عليه السلام بواجب الرسالة على أتم وجه ، فبلغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته ، ويؤكد هذا الأصل ويقرره قوله تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ديِنَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضيِتُ لَكُمُ الإسْلامَ ديِناً } [ المائدة : 3 ] .
* الوجه الرابع : جاء في الوصية أن النبي عليه السلام أخبر المدعو أحمد بأنه قد مات في أسبوع واحد ستون و مائة ألف على غير الإسلام ، وهذا من آكد الأدلة في بطلان تلك الوصية إذ أن ذلك من خبر الغيب ومرد ذلك إلى الله تعالى .
قال تعالى :
{ قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن ِ فِي السَّمَوَات ِ وَالأرْض ِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون } [النمل : 65 ].
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم :
(( إني فرطكم على الحوض انتظر من يرد إليّ فو الله ليقتطعن دوني رجال فلأ قولن : أي رب مني ومن أمتي فيقول إنك لا تدري ما عملوا بعدك مازالوا يرجعون على أعقابهم )) أخرجه مسلم .
* الوجه الخامس : يدل على بطلان تلك الوصية المزعومة أن ما ذكر فيها من الثواب المترتب على نشرها جعلها في منزلة أفضل من نشر القرآن والسنة كما أن العقاب الوارد فيمن أهملها أعظم من العقاب المتوعد به من ترك بعض الواجبات الشرعية .
* الوجه السادس : زعمت تلك الوصية أن من أهملها أصيب بعقوبات متعددة وهذا مما يدل على اختلاقها ونكارتها ، فكثير أولئك الذين أهملوها بل مزقوها وكذبوها ولم يحصل لهم مثقال ذرة من أذى كما زعمت تلك الوصية الباطلة بل إنهم في إهمالها وتكذيبها وتمزيقها مأجورون مشكورون ، لأن فعلهم هذا من إنكار المنكر الذي أمر الله – سبحانه وتعالى – بتغييره .
* الوجه السابع : ركاكة أسلوب الوصية والتكلف في سرد ثوابها وعقابها مما يؤكد أنها من وضع الكذابين الأشرين ، أمّا كلام مشكاة النبوة فجلي واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ليس دونها سحاب .
* الوجه الثامن : ومن الأدلة على بطلان تلك الوصية أيضاً ما كتبه وقرره غير واحد من أهل العلم المعتبرين من تكذيب تلك الوصية والتحذير منها وكشف عوارها وزيفها ، ومن أبرز أولئك في هذا العصر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – عندما سئل عن تلك الوصية المزعومة أجاب بقوله : ( هذه النشرة وما يترتب عليها من الفوائد بزعم من كتبها وما يترتب على إهمالها من الخطر كذب لا أساس له من الصحة ، بل هي من مفتريات الكذابين ، ولا يجوز توزيعها لا في الداخل ولا في الخارج، بل ذلك منكر يأثم من فعله ، ويستحق عليه العقوبة العاجلة والآجلة لأن البدع شرها عظيم وعواقبها وخيمة . وهذه النشرة على هذا الوجه من البدع المنكرة ، ومن الكذب على الله سبحانه وتعالى .
وقد قال الله سبحانه :
{ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكذِب َ الَّذين َ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَات الله ِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذبُونَ } [ النحل : 105 ] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) رواه مسلم في صحيحه .

فالواجب على المسلمين الذين تقع في أيديهم أمثال هذه النشرة تمزيقها وإتلافها وتحذير الناس منها وقد أهملناها وأهملها غيرنا من أهل الإيمان فما رأينا إلا خيراً .
وإن من كتبها ووزعها ومن دعا إليها ومن روجها بين الناس فإنه يأثم لأن ذلك كله من باب التعاون على الإثم والعدوان ، ومن باب ترويج البدع والترغيب في الأخذ بها .

نسأل الله لنا وللمسلمين العافية من كل شر وحسبنا الله على من وضعها ، ونسأل الله أن يعامله بما يستحق لكذبه على الله وترويجه الكذب وإشغاله الناس بما يضرهم ولا ينفعهم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ) انتهى كلامه بحروفه رحمه الله تعالى وجعل الفردوس الأعلى مثواه .

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين ، وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الصفحة الرئيسة      |     منوعات