قد جاء في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( نعى النَّجاشي )
بل بوب البخاري – رحمه الله تعالى – ( باب الرجل يَنْعِي إلى أهل الميت بنفسه
)
قال شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالى – في ( الفتح ) معلقاً
عل هذا الباب :
( قال الزين بن المنير :
وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن
النعي ليس ممنوعاً كله ، وإنما نهى عمَّا كان أهل الجاهلية يصنعونه فكانوا
يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق .
وقال ابن المرابط :
مراده أن النعي الذي هو إعلام الناس بموت قريبهم مباح ، وإن كان فيه إدخال
الكرب والمصائب على أهله ، لكن في تلك المفسدة مصالح جمة ، لما يترتب على
معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته وتهيئة أمره والصلاة عليه ، والدعاء له ،
والاستغفار وتنفيذ وصاياه ، وما يترتب على ذلك من الأحكام .
وأما نعي الجاهلية فقال سعيد بن منصور
: ( أخبرنا ابن عُلَيَّةَ عن ابن عون
قال : قلت لإبراهيم : أكانوا يكرهون النَّعي ؟ قال نعم .
قال ابن عون :
كانوا إذا توفي الرجل ركب رجل دابة ثم صاح في الناس : ( أنعي فلاناً )
وبه إلى ابن عون قال : قال ابن سيرين : لا أعلم بأساً أن يؤذن الرجل صديقه
وحميمه .
وحاصله أن محض الإعلام بذلك لا يكره ، فإن زاد على ذلك فلا .
وقد كان بعض السلف يشدد في ذلك حتى ( كان حذيفة إذا مات له الميت يقول : لا
تؤذنوا به ، أحداً ، إني أخاف أن يكون نعياً ، إني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم بأذني هاتين ينهى عن النعي ) أخرجه الترمذي وابن ماجه بإسناد
حسن .
قال ابن العربي :
يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات :
الأولى :
إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذا سنة .
الثانية :
دعوة الحفل للمفاخرة فهذا تكره .
الثالثة :
الإعلام بنوع آخر ، كالنياحة ونحو ذلك . فهذا يحرم . انتهى
كتاب القول الصائب في حكم
صلاة الغائب
أبي حفص سامي بن العربي