اطبع هذه الصفحة


مقارىء القرآن بين الواقع والمأمول
 25-09-2010

الشيخ :- محمود شمردن *

 
كلما دخلتَ بيتاً من بيوت الله تبارك وتعالى أخذتك الفرحة الغامرة وشعرتَ بسعادة عظيمة عندما تطالع عيناك هذه الأجساد الطاهرة وهي تمسك كتاب ربها تتلوه وتتعلمه وتتمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول :- خيركم من تعلم القرآن وعلمه.رواه البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

. جمَّلها الشباب:

وصارت حلقات التلاوة تجذب لها كل يوم أفراداً جدداً ينضمون إلى إخوانهم الذين سبقوهم في هذا الباب الطيب ,والشيء الجميل أن تلك الجلسات الربانية لم تعد قاصرة على الشيوخ وكبار السن وأصحاب المعاشات وإنما ظهر فيها العنصر الشبابي وهو سر قوتها وانتشارها وجمالها فهذه القلوب الرقيقة التي لم تلوثها المعاصي بعد وعندها شوق إلى التعرف على أحكام دينها ,وهذا ما يجعل سعادتنا لا توصف لأن هؤلاء الشباب هم الذين سيحملون راية الإسلام إلى الدنيا كلها لإخراجها من ظلماتها إلى نور ربها .

عطَّرها إتقان المشرف:

ومن فضل الله أن القائمين على هذه المجالس القرآنية يتقنون أحكام التجويد ولدى الكثير منهم علم غزير ولا يضنون به على المحتاج إليه وتنتشر دروس تعليم القرآن خاصة بعد صلاة العصر أو الفجر ثم يقرأ ون جزءاً من القرآن الكريم في كل جلسة ويختمون على حسب ظروف وأحوال الحاضرين ,وصار المتردد على هذه المجالس يتحصل على علم ميسر وبأسلوب سهل لا يصعب عليه فهمه أو تحصيله.

فضلها ظاهر وبيّن:

وكان لهذه الحلقات فضل كبير على عدد هائل من المسلمين الذين كانوا لا يجيدون القراءة الصحيحة وكانت قراءتهم تمتمة وربما تعذَّر على أحدهم قراءة آية واحدة قراءة سليمة ودون خطأ, أمَّا الآن فقد تغير الحال وأصبح الداخل بعد مدة وجيزة يشعر بمقدار التحسن الذي طرأ عليه في تلاوته لكتاب الله تعالى.

الواقع الملموس والمشاهد:

ويتم التركيز في رحاب الحلقات على شيء واحد فقط وهو حسن التلاوة وإتقان أحكام التجويد بحيث يستطيع القاريء أن ينطق بالكلمة القرآنية وينطق بها بطريقة صحيحة وسليمة وخالية من اللحن سواء كان ظاهراً أو جلياً وبالتالي فقد أصبحت تهتم بأمر واحد وهو تصحيح التلاوة لا غير ,وهذا هو شغلها الشاغل سواء كان ذلك في رمضان أو غيره فالوضع ثابت لا يتبدل ولا يتغير وانشغل الحاضرون بالتركيز على النطق السليم للقرآن المجيد , ولاشك أنه أمر غاية في الأهمية وهام جداً لأنه لا يُقبل من أحد أن يخطيء في القراءة أو لا يراعي أحكام التجويد المعلومة والمقررة ولكن ليس هذا هو المقصود والمطلوب والمأمول مِن مثل هذا العمل العظيم والقيم ,وإنما هي البداية وليست النهاية أو هكذا يظن البعض أو يعتقد عند حضوره لمثل تلك الحلقات القرآنية فلابد من وجود حلقات متتابعة وخطوات أخرى على الطريق من التدبر لآيات الكتاب الكريم والعيش مع حلاوته وجماله وتناسق اللفظ القرآني البديع المعجز
وهنا يأتي دور المشرف على المقرأة أو المصحِح للحاضرين معه في أن يلفت نظر الموجودين إلى أن الأمر لا يقف عند حد تصحيح التلاوة ثم ينتهي الموضوع ولا يتجاوز تصويب الأخطاء فقط بل يبين أن التصحيح مرحلة أولى, فالطفل في المدرسة في السنة الأولى يأخذ ما يتناسب مع عقله وإدراكه وفي السنة التالية لا يعيد ما أخذه في العام المنصرم وإنما يُقرر عليه منهج جديد وإلا صار التعليم لا يضيف شيئاً جديداً له وإنما يحدث نوع من التدرج في تلقين الطفل كل عام الجديد من المعارف والعلوم ,فلو أخذ في السنة الأولى جدول الضرب 2- في السنة التالية ينتقل إلى جدول 3- وهكذا ارتقاء وتقدم وهذا هو المأمول والمطلوب الذي ننشده ونبغي الوصول إليه .

التركيز على الجانب العملي والسلوكي:

وعلى المشرف على المقرأة أن يلفت أنظار الحاضرين إلى أهمية الترتيل وتدبر الآيات والعيش معها بالقلب ثم تأتي مرحلة العمل والتطبيق وهذا مقصد هام وعظيم أن يتحول الحاضرون في أخلاقهم إلى الصورة التي رسمها القرآن الكريم ,فليست العبرة بكثرة الختمات ,بل أن يغير القرآن واقعنا فنتمثل أخلاقه في معاملاتنا وسلوكنا ,سواء في بيوتنا أو في شوارعنا أو مجالسنا ,في وسائل المواصلات ,فالسيدة عائشة رضي الله عنها تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن
ولو حدث هذا لتغير حال المجتمع إلى الوجهة الطيبة ولاختفت المظاهر السلبية في حياتنا سواء أمراض القلوب أو فساد العلاقات بين الناس بعضهم البعض ,وهذا يتطلب التركيز على الجانب العملي بعد انتهاء الحلقة ,فإذا شرح الشيخ حكما ً من أحكام التلاوة كالنون الساكنة أو التنوين أو التفخيم والترقيق أو صفات ومخارج الحروف أو أحكام المد وحثهم على تطبيقه في بيوتهم ,انتقل إلى جزئية هامة وهي أن يشير إلى خُلق من أخلاق الإسلام أشارت إليه الآيات ويطالبهم بتطبيقه والالتزام به ,فلو فرضنا أن الآيات تتحدث عن صلة الرحم أخذ الشيخ هذا الخُلق كواجب عملي يلتزم به الجميع حتى الموعد الآخر ثم يأخذ مظهراً أو وسيلة لتعميق الخلق في النفوس ,كأن يتواصى الحاضرون بأن يتصل كل واحد بأحد أقاربه أو يسأل عنه في البيت ,أو كانت الآيات تتحدث عن بعض صفات المتقين فيختار صفة واحدة منها فلو كان الورد مثلا في سورة المؤمنون فنخرج بوصية واحدة مثل محاولة الخشوع في الصلاة أو الإعراض عن اللغو مثلاً,أما إذا كانت الآيات تتحدث عن خُلق ذميم فيحذِّر الحاضرين منه وينفِّرهم من القرب منه ,ويتواصى الحاضرون بعدم الغيبة أو السخرية من الآخرين وهكذا.
فيخرج كل واحد وقد استفاد شيئاً وعاد إلى بيته بوجه غير الوجه الذي ذهب به فتشعر زوجته بتغيّر في معاملته معها فبعد أن كان سريع الغضب أو يشتم ويضرب إذا به رقيق وكريم على أهله وألاده وهكذا مع جيرانه وأقاربه وأصحابه ,تخيَّل معي أخي القارىء الكريم حجم التغيير الذي سيحدث في أخلاق وسلوكيات الحاضرين.

هل يُعقل أن نقيم حروفه ونضيّع حدوده؟:

لأنه ما الفائدة في أن يتقن المسلم القرآن وأحكامه ثم بعد ذلك نرى معاملاته وأفعاله تتعارض تماما ً مع القرآن لاشك أننا سنعطي صورة سيئة للإسلام لغير المسلمين فالمهم أن يكون القرآن هو المحرك لنا في كل أمور حياتنا .
وهذه الصورة المأمولة تحتاج إلى صبر ولكنها ستؤتي ثمارها بإذن الله تعالى .

إعداد وتحضير:

وهذا يقتضي من القائم على المقرأة أن يعد الجزء الذي سيُقرأ ويركِّز على الجانب العملي ويعطيه أولوية لا تقل عن جانب النطق اللفظي للآيات القرآنية ويمكن أن يستصحب معه في الحلقة كتابا ً في شرح بعض كلمات القرآن العظيم حتى إذا اشكِلت كلمة على الحاضرين فتحوا الكتاب وقرأوا معناها فمعرفة المعنى تساعد على التركيز وتذوق حلاوة القرآن المجيد .

الاستفادة من أصحاب التخصصات:
وحبَّذا لو استفاد المشرف من أصحاب التخصصات التي معه في المقرأة لأنه يثري المقرأة وتزداد الفائدة ,ففي الحلقة أهل اللغة والطب والقانون وغيرهم ,ولكن فليحذر المشرف على الحلقة أن تتحول إلى ساحة للخلاف والاتهامات أو الجدال العقيم الذي لا طائل من ورائه إلا التنافر والتباغض والتقاطع فيستفيد ممن درس اللغة العربية في بيان جمال اللفظ القرآني البديع وتناسق كلماته وجمله ويستفيد من الطبيب في توضيح إعجاز القرآن في مجال الطب وأنه سبق العلم الحديث في هذا الباب ويعطي مثالاً على صدق ما يقول وهكذا يفعل مع أصحاب التخصصات الأخرى,ولكن يراعى أن يكون مع الإيجاز وتبسيط المعلومة ليستفيد غير المتخصص أو غير المتعلم.

النموذج المقترح:
وهذا هو النموذج المقترح للمقرأة وهو قابل للزيادة أو الحذف منه أو الإضافة عليه .
التطبيق حول أوائل الآيات من سورة البقرة

م

اليوم

حكم التلاوة

الجانب العملي

معنى بعض الكلمات

سبب النزول

متابعة التوصيات

1

السبت

أحكام الاستعاذة

الإيمان بالغيب وأنه حق لاشك فيه .

كلمة غشاوة-كصيب أزواج مطهرة

يذكر سبب نزول بعض الآيات إن كان لها سبب نزول ويختصر ولا يطيل على الحاضرين

تشجيع وتحفيز المنفذين والاهتمام بهذا الجانب العملي

2

الأحد

البسملة مع الاستعاذة

إقامة الصلاة والتركيز لتحقيق الخشوع.أو نتواصى بالصلاة في الصف الأول أو التبكير للمسجدأوالمحافظة على سنن الصلاة القبلية والبعدية.

فرقنا -يسومونكم

وشرح ذلك بأسلوب بسيط

إعطاء وقت لأصحاب الأصوات الحسنة للقرآن لأن الجميع عطشى للقرآن.

3

الاثنين

الإظهار

الصدقة ولو قليلة .نتواصى أن يتصدق كل واحد بما تيسر لديه ولو جنيه واحد في الشهر.

استسقى-عوان-لاشية

مراعاة الفروق بين الحاضرين

 

4

الثلاثاء

الإدغام

التحذير من صفات المنافقين.نتواصى بعدم الكذب هذا الأسبوع مهما كانت الظروف.

أميون –أحاطت به خطيئته

اختيار مَن يحسن القراءة والعرض

 

5

الأربعاء

الإقلاب

التفكر في خلق الله.5دقائق نتفكر في خلق الله سبحانه وتعالى.

أشربوا في قلوبهن العجل

في كل مرة نختار أية واحدة فقط

 

6

الخميس

الإخفاء

التعلق بالجنة والعمل لها.بعد صلاة المغرب نحافظ على :اللهم إني أسألك الجنة 7مرات.

هاروت وماروت

الحذر من التطويل في عرض الفقرة

 


ولا مانع من عمل مسابقة بين الحاضرين حول معلومات تتعلق بالقرآن الكريم وخاصة في الجزء الذي تمت قراءته مثل: ما معنى كلمة :كصيب –غشاوة –فأزلهما –فارهبون-لا يؤخذ منها عدل- ما معنى الإظهار وما هي حروفه؟ما نوع المد في كلمة السماء وكلمة الضآلين؟ما هي أول سورة نزلت بالمدينة؟ماهي أطول آية في القرآن الكريم؟
هذه بعض التصورات التي أسأل الله تعالى أن تكون خالصة لوجهه الكريم وأن يرزقنا تلاوة كتابه الكريم على الوجه الذي يرضيه عنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


* إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية

 

حلقات القرآن
  • بحوث علمية
  • ملفات تنظيمية
  • برامج وأفكار
  • حفظ القرآن
  • الحفل الختامي
  • الحلقات النسائية
  • منوعات
  • التجويد وعلوم القرآن
  • الصفحة الرئيسية