صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







10 إشارات حول حفظ القرآن

ماجد الغامدي
@majed405

 
بسم الله الرحمن الرحيم

 

بين يدي الإشارات :

( من تعلَّم القرآن عظُمتْ قيمته ) الإمام الشافعي .

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على المصطفى، وعلى آله وصحبه الشرفاء، وبعد:

لا يدخلك شك أو ريب أن أكثر أبناء مجتمعنا يوقرون حامل القرآن، وأن عددًا كبيرًا يتمنى صحبة قافلة حامليه، وإذا سألتهم عن المانع سردوا لك حواجز وعقبات، بعضها من قبيل الوهم، والبعض الآخر يسير لكن أُعطي أكثر مما يستحق، ومن خلال تجربتي في حلقات القرآن طالبًا ومعلمًا ومشرفًا تكونت لديَّ خبرة في حل واقتحام هذه العقبات، وهذه إشارات مختصرة أبعثها لكل راغب في الالتحاق بزُمَر النور، ولكل من يقدِّم رِجْلًا ويؤخر أخرى، أرجو أن تكون نافعة.


الإشارة الأولى :

حفظ القرآن سهل ومُيسَّر


قال تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر).
أكبر دليل على ذلك حفظ صغار السن والكبار والأعاجم للقرآن.
قال ابن جُزي في تفسيره بعد هذه الآية: وهذا معلوم بالمشاهدة؛ فإنه يحفظه الأطفال الأصاغر حفظًا بالغًا، بخلاف غيره من الكتب.
أعرف أعجميًا يحفظ القرآن بإتقان، ومن شدة إتقانه إذا قُرئت عليه آية يأتي بالتي قبلها!
ولو تجوَّلت بين (مقاطع الفيديو) الخاصة بالمسابقات العالمية للقرآن في (اليوتيوب) ستجد نماذج من الأعاجم الذين يحفظون بإتقان، وبأرقام الآيات!
أما كبار السن فأخبارهم كثيرة، تعلَّم ابن الجوزي القراءات العشر وهو ابن ثمانين سنة، ومن المعاصرين والدة أحد الأصدقاء، سبعينية عمياء، حفظت القرآن كاملًا وتجاوزت اختباره بامتياز.


الإشارة الثانية:

(فإذا عزمت فتوكل على الله).


إن آنستَ من نفسك رغبة وإقبالًا على الحفظ فلا تُفرِّط في هذه الفرصة، فللنفس إقبال وإدبار، وقد أحسن الأول حين قال:

إذا هَـبَّتْ رياحُك فاغتنمْها = فإنّ لكل خافقـةٍ سكونُ
ولا تزهَدْ عن الإحسان فيها = فما تدري السكونُ متى يكونُ
وإن دَرَّتْ نياقك فاحتلبها = فما تدري الفصيل لمن يكون

وكل آيات وأحاديث المسارعة والمبادرة للخيرات يصلح أن نضعها تحت هذه الإشارة، وهل شيء أعظم من كلام الله؟
لا تُنفق وقتًا كبيرًا في الاستشارة ورسم الخطط للحفظ، ولا تتردد.

إذا كُنتَ ذا رأيٍ فكُنْ ذا عزيمَةٍ = فإنَّ فسادَ الرأيِ أنْ تَترددا


الإشارة الثالثة:

أفضل طُرق الحفظ.


من الأسئلة الشائعة: ما هي أفضل طريقة لحفظ القرآن؟
في اعتقادي هذا السؤال لا يصح، لا توجد طريقة هي أفضل الطُرق على الإطلاق، فما يصلح لي قد لا يصلح لك، وما يصلح لك قد لا يصلح لغيرك.
من المهم عند استشارة من تثق به حول منهج وطريقة الحفظ أن يكون عارفًا بقدراتك، وطبيعة عملك وشُغلك، وكم هي الساعات التي يكون فيها ذهنك صافيًا؟ ونحوها من العوامل التي يختلف فيها الناس، فالموظف ليس كالطالب، ورب الأُسرة ليس كالأعزب، وهكذا.


الإشارة الرابعة:

تأكد من النُّطق الصحيح للكلمة قبل أن تحفظها.


ما أكثر الذين يكررون ذات الأخطاء في بعض الآيات، وإذا سألته عن السبب قال: حفظتها قديمًا هكذا وبقيتُ زمانًا لم يصححها أحد لي!
اقرأ على شيخ متقن قبل الحفظ، أو استمع لقارئ مُجيد، والوسائل كثيرة ومُتاحة.


الإشارة الخامسة:

لا تستعجل الثمرة.


ليس المهم في كم حفظت ، المهم كيف حفظت.
في ديننا التربية على إتقان العمل، وإجادته، وقليلٌ مُتقَنٌ خيرٌ من كثيرٍ مُترَهِل.
تأمل (هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا) أحسن، وليس أكثر!
ما حُفِظ سريعًا= نُسِيَ سريعًا.
ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مكث أربع سنين في تعلُّم سورة البقرة، قال ميمون بن مهران: إن ابن عمر تعلَّم سورة البقرة في أربع سنين.
قال الزرقاني مُعلِّقًا: ليس ذلك لبطء حفظه؛ بل لأنه كان يتعلم فرائضها وأحكامها وما يتعلق بها، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم كراهة الإسراع في حفظ القرآن دون التفقه فيه.
قلتُ: من دخل بستانًا أو جنة لا يستعجل الخروج منها، وأنت حين حفظ القرآن تعيش في جنة الدنيا، فلِمَ تستعجل الخروج؟!


الإشارة السادسة:

لا تقل: فات الأوان.


مهما كان عمرك، وعملك ووظيفتك؛ فأنت تستطيع تحفظ القرآن كله أو أكثره.
مَرَّ بنا أن ابن الجوزي تعلَّم القراءات العشر وهو ابن ثمانين سنة، وجارنا الحمصي تعلَّم القراءات السبع وهو ابن ستين سنة!
أخبار العجائز وكبار السن من روَّاد دور التحفيظ كثيرة ومُبهجة.
هذا على صعيد العُمر، أما أصحاب المهن فأخبارهم كثيرة وعجيبة.
أعرف أحد الأعاجم يعمل خادمًا لأحد المساجد، أعرف شغله في المسجد ومع أهل بيته، تصفو له سويعات قليلة، استثمرَها، وبشَّرني في أحد الأيام أنه أتم حفظ القرآن!
وآخر يعمل في غسل السيارات، يحفظ القرآن، ومعه صحيح البخاري ومسلم!
من لاح له فجر الأجر= هانت عليه مشقة التكليف، قاله ابن القيِّم.

الإشارة السابعة:
لا تنشغل بالأثاث قبل اكتمال البيت.


يُنفق بعض الناس وقتًا كبيرًا وجُهدًا في تعلِّم التجويد ومسائله الصغيرة والكبيرة أثناء الحفظ، ومحاولة التعرُّف على دقائق التفسير ولطائف الاستنباطات، وكل هذا على حساب إتقان الحفظ وتثبيته.
نعم، التجويد مهم، ومعرفة معنى الآيات المحفوظة مطلب ويساعد على الحفظ؛ لكن الخطأ هو تعلُّم المستويات العُليا في التجويد وقراءة التفاسير المطوَّلة والكبيرة.
يكفيك في البداية النطق السليم للكلمة، وتعلم الأحكام الأساسية في التجويد والتي تتكرر كثيرًا في القرآن، وفي المعاني يكفيك كُتب غريب القرآن المختصرة.


الإشارة الثامنة:

ليس شرطًا أن تحفظ كل القرآن.


مما يُزهِّد بعض الناس في حفظ القرآن أنه يعلم من نفسه عدم قدرتها على حفظ القرآن كاملًا، فيترك الحفظ بالكُليَّة! وهذا حرمان للنفس من خير عظيم.
لم يحفظ الصحابة كلهم كل القرآن، منهم من حفظ البقرة وآل عمران، ومنهم من حفظ المُفصَّل (من سورة ق إلى الناس)، ولم يحرموا أنفسهم من بركة القرآن بحُجة عدم الاستطاعة، ونحن نعلم ما الذي منعهم من حفظه وإتقانه كاملًا، رضي الله عنهم.
قد لا يُسعفك وقتك لحفظ القرآن كاملًا، وقد تكون ذاكرتك ليست بتلك القوة بسبب تقدم العمر وغيره، فاحفظ وأتقِن ما تقدر عليه، وحاول حفظ السور ذات الفضائل كالبقرة وآل عمران، والكهف، وتبارك، ونحوها، أو المُفصَّل.
وتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخَرِب).


الإشارة التاسعة:

حفظ القرآن للجميع.


من بلايا العصر تقسيم المجتمع لفئتين: صالحين، وغير صالحين، أو باللغة الدارجة (مطوع، وغير مطوع)، وهذا أمر ما أنزل الله به من سلطان.
القرآن كتاب هداية للجميع؛ بل إن آيات التدبر خُوطِب بها الكفار، ومن حفظ القرآن غمرته البركة والأجور، ومن يزهد في البركة والأجر؟
فلا تعتقد إن كنت مُفرِّطًا –ومن يسلم من التفريط؟- أن حفظ القرآن ليس لك، أو أنك لا تصلح له؛ بل اقترب منه واحفظه، وسيكون باب هداية وتغيير للأفضل بإذن الله.
حفظ القرآن شرف وفخر ورِفعة في الدنيا والآخرة، وهذه المنزلة يسعى لها المسلم الحصيف، بغض النظر عن التصنيفات.

حامد، شاب عادي، يجلس على رصيف الحارة بلا هدف ولا إنجاز، همه مضاحكة الأصدقاء ولعب الكرة كغيره من الشباب، قرر يومًا أن يُجرِّب حفظ ما تيسر من القرآن بعد أن شعر بظمأ روحه وقَتَله الملل، بدأ، وحفظ، وكلما قطع شوطًا استقامتْ أحواله وزانتْ، أتم حفظه كاملًا، لم تشبع نفسه من مورد القرآن، انتظم في حلقة شيخ مُتقن لينال السند الموصل للنبي صلى الله عليه وسلم، وفعلًا؛ نال ما تمنى، واصل قراءته على المشايخ حتى أتقن الأداء والحفظ بصورة مُلفتة، وِرده اليومي لا يقل عن خمسة أجزاء، وهو الآن مسؤول عن أحد فروع المقرأة القرآنية بجدة!
سبب هذه النقلة الجميلة والكبيرة في حياته= حفظ القرآن.
فلا تحرم نفسك.


الإشارة العاشرة:
الدعاء.


أخَّرتُه لأهميته، وتذكر (ولا ينفعكم نُصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يُغويكم).
تأكد.. لن تحفظ القرآن بمحض جُهدك وقُدراتك.
أُعيذك أن تكون مثل قارون الذي قال (إنما أُوتيته على علمٍ عندي).
إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى = فأوَّل ما يجني عليه اجتهاده

تلك عشرة كاملة (وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين).

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
حلقات القرآن
  • بحوث علمية
  • ملفات تنظيمية
  • برامج وأفكار
  • حفظ القرآن
  • الحفل الختامي
  • الحلقات النسائية
  • منوعات
  • التجويد وعلوم القرآن
  • الصفحة الرئيسية