الحمد لله ذي البطش الشديد الفعال لما يريد وصلى الله وسلم على نبينا محمد
القائل : بعثت بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل
الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ، صلى الله عليه وعلى
آله وصحبه أجمعين .
أما بعد . .
فإنه مما لا شك فيه أن إعلان أمريكا الحرب على حكومة طالبان في أفغانستان ظلم
وعدوان وحرب صليبية على الإسلام كما ذُكر ذلك عن رئيس الولايات المتحدة
الأمريكية ، وأن تخلي الدول في العالم الإسلامي عن نصرتهم في هذا الموقف
الحرج مصيبة عظيمة ، فكيف بمناصرة الكفار عليهم ، فإن ذلك من تولي الكافرين ؛
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم
أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) وقد
عدّ العلماء مظاهرة الكفار على المسلمين من نواقض الإسلام لهذه الآية ،
فالواجب على المسلمين نصرة إخوانهم المظلومين على الكافرين الظالمين ، قال
صلى الله عليه وسلم : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه " .
وليس من نصر المسلمين ولا من الجهاد في سبيل الله قتل المعاهدين والمستأمنين
ولا العدوان عليهم ؛ بل ذلك من أعظم المنكرات ، قال تعالى : ( وإما تخافن من
قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين ) وفي الحديث الصحيح
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة
" .
ومن المعروف أن الذنب الأول لحكومة طالبان لدى الولايات المتحدة أنها لم تخضع
لزعامتها ، ولم تلتزم بقانون هيئة الأمم الذي يعبر عنه بالشرعية الدولية ،
وهو يعطي للولايات المتحدة حق التحكم بالقرار ، ومن يخرج عن ذلك القانون تنزل
به العقوبات ، وتفرض الالتزام به على سائر الدول ، وهذا عين التسلط
والاستعباد .
فالواجب على الأمة الإسلامية أن تأخذ بأسباب العزة التي جعلها الله لعباده
المؤمنين كما قال تعالى : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا
يعلمون ) وما سبب ذل المسلمين وتبعيتهم لأعدائهم إلا إعراضهم عن دينهم ، وضعف
إيمانهم ، وتفرقهم حتى تركوا الجهاد في سبيل الله ، قال صلى الله عليه وسلم :
" إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا
ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " .
فهذا التجمع ضد حكومة طالبان مع ضعفها ومعاناتها ومعاناة الشعب الأفغاني
نازلة تستوجب نصرتهم ، ومدّ يد العون لهم ، وأقل ذلك الدعاء لهم ، والقنوت
برفع تلك النازلة التي لا يقتصر أثرها وضررها عليهم .
نسأل الله أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، ويجمع كلمة المسلمين على الحق ،
ويفرق جمع الكافرين ، وأن يدمر عليهم تدميرا ، إنه قوي عزيز ، وهو على كل شيء
قدير ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .