اطبع هذه الصفحة


تنبيه ولاة الأمور ... إلى خطر التساهل في السماح بالشرور .. للشيخ ؟!

سليمان بن صالح الخراشي

 
علاقةُ العلماءِ الربانيين بولاة الأمور في بلادنا منذ انطلاقة الدعوة السلفية علاقةٌ فريدةٌ متينة ، تجمع بين أمرين معتمِدَين على الكتاب والسنة : الولاء الشرعي والنصيحة . فبالولاء الشرعي فارقوا أهل " الخروج " أو " التهييج " أو " التحزبات " على الحاكم المسلم ، وبالنصيحة فارقوا أهل " التزلف " و " السكوت عن الأخطاء " وإن ألصقوا مواقفهم هذه بالسلفية ! ولا والله ، ماكان علماؤنا - ولله الحمد - يدينون بمثل هذه السلفية التي لا تنكأ عدوًا ولا تُفرح صديقًا . ومن طالع كتاب " الدرر السنية " أو فتاوى اللجنة أو فتاوى الشيخ ابن إبراهيم أو الشيخ ابن باز - رحمهما الله - - مثلا - وجد من المواقف المشرّفة للعلماء الشيئ الكثير في مناصحتهم لولاة أمرهم ، مع التزامهم - مقابل ذلك - بالبيعة والولاء الشرعي ، والرد على أهل الغلو ؛ مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم : " الدينُ النصيحة .. " .  وقد سار على منوالهم من جاء بعدهم من الربانيين - ولله الحمد - .

قد يُقال :
ولماذا النُصح لولاة الأمور ؟

والجواب :
 للحديث السابق ، ولأنهم يستطيعون ما لايستطيعه غيرُهم ، ولأن الله يزع بهم  من الشر ما لايزع بغيرهم ، كما قيل : " إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن " . ولأنهم بكلمة أو ورقة واحدة يصدّون عن البلاد منكراتٍ عظيمة - بإذن الله - ، ولأن أهل الشر والفساد يهابونهم .
 

تنبيه الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ولاة الأمور
إلى خطر التساهل في السماح بالشرور

 

 قال - رحمه الله - في شرح " رياض الصالحين " ( 3/211-212 ط دار الوطن ) :  ( الواجبُ على ولاة الأمور أن يُزيلوا الأذى عن طريق المسلمين ، أي أن يُزيلوا كلّ داعية إلى شرّ ، أو إلى إلحاد ، أو إلى مجون ، أو إلى فسوق ، بحيث يُمنع من نشر ما يُريد من أي شيئ كان ، من الشر والفساد ، هذا هو الواجب  . لكن لا شك أن ولاة الأمور الذين ولاهم الله على المسلمين في بعضهم تقصير ، وفي بعضهم تهاون ، يتهاونون بالأمر في أوله حتى ينمو ويزداد ، وحينئذ يعجزون عن صده وكفّه . فالواجب أن يُقابل الشر من أول أمره بقطع دابره ، حتى لا ينتشر ، ولايضل الناسُ به  ) .

وقال - رحمه الله - في موضع آخر ( 5 / 7-8 ) :
(استدل المؤلف رحمه الله بقول الله تعالى : ( إن الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة( ، هؤلاء الذين يحبون أن تشيع، فكيف بمن أشاع الفاحشة والعياذ بالله؟! ولمحبة شيوع الفاحشة في الذين آمنوا معنيان:

المعنى الأول:
محبة شيوع الفاحشة في المجتمع المسلم، ومن ذلك من يبثون الأفلام الخليعة، والصحف الخبيثة الداعرة، فإن هؤلاء لاشك أنهم يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم، ويريدون أن يفتتن المسلم في دينه بسبب ما يشاع من هذه المجلات الخليعة الفاسدة والأفلام الخليعة الفاسدة أو ما أشبه ذلك.

وكذلك تمكين هؤلاء مع القدرة على منعهم
، داخل في محبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فالذي يقدر على منع هذه المجلات وهذه الأفلام الخليعة، ويمكِّن من شيوعها في المجتمع المسلم، هو ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا . )لهم عذابٌ أليم في الدنيا والآخرة( أي عذاب مؤلم في الدنيا والآخرة.

المعنى الثاني:
محبة أن تشيع الفاحشة في شخص معين، وليس في المجتمع الإسلامي كله، فهذا أيضاً له عذاب أليم في الدنيا والآخرة، فمن أحب أن تشيع الفاحشة في زيد من الناس لسبب ما، هذا أيضاً له عذاب أليم في الدنيا والآخرة، لاسيما فيمن نزلت الآية في سياق الدفع عنه، وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. لأن هذه الآية في سياق آيات الإفك ) . اهـ 
 

تعليق
 

رحم الله الشيخ ابن عثيمين ، فقد أحسن النصيحة ، ودل ولاة أمره على خير ما يحفظ لهم دينهم ودنياهم ، ولا شك أن الشرّ في أوله يكون صغيرًا يُمكن القضاء عليه ودفعه ، لكنه إذا ما كبُر وانتشر صعُب الخلاص منه ، وترتب عليه من الآثار ما لايُتوقع . وقد قيل : " ومعظمُ النارِ من مُستصغرِ الشرَرِ " .

والعاقل لا يُعين عدوّه على إضعاف المجتمع أو اختراق البلاد بواسطة أذنابه من المنافقين ومرضى القلوب ؛ لأنه سيكون من ضمن الخاسرين في النهاية إذا ما تمكن العدو - لاقدّر الله - .


وخيرُ ما يفعله ولاة الأمر - وفقهم الله - لصد الشرور التغريبية المستعرة الآن على بلاد التوحيد :


1- الضغط على القنوات والوسائل الإعلامية الأخرى المملوكة لأبناء هذه البلاد أو تتلقى الدعم منها أن تكف عن بث الفكر التغريبي العلماني " المركز " ، وأن تتوجه إلى نقل صورة مشرفة لهذه البلاد المسلمة .

2- إلزام الإعلام الداخلي بتنفيذ السياسة الإعلامية المكتوبة .

3- إيقاف الكتاب والكاتبات الذين يناوئون شريعة هذه البلاد وأخلاقَ أهلها ، ويتصلون بأعدائها ، عند حدهم ، وتطهير وسائل الإعلام منهم ، وإيكال إدارة الوسائل الإعلامية إلى الأمناء على دين البلاد ووحدتها .

4- الحزم مع كل من يتصل بالقنوات أو الوسائل المعادية ممن هو معينٌ لها على إفساد بلده   ، فقد رأينا بعض المرضى يتصدرون تلك القنوات مستبشرين بها وبمن وراءها لعلها تُمكنُ لفسادهم وانحرافهم في هذه البلاد  ، ومن أمن العقوبة أساء الأدب .


حمى الله بلادنا من الشرور ، ووفق ولاة الأمور إلى الإصلاح النافع الذي يحفظ للبلاد دينها وأخلاقها ، مع التطور الدنيوي في جميع المجالات .

 

سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية