صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







اعترافات محمد أركون !

سليمان بن صالح الخراشي

 
يقول مراد هوفمان في كتابه ( رحله إلى مكه ) : ( إن الغرب يتسامح مع كل المعتقدات والملل ، حتى مع عبدة الشيطان ، ولكنه لا يظهر أي تسامح مع المسلمين . فكل شيئ مسموح إلا أن تكون مسلمًا ) . ( انظر : كتاب : ربحت محمدًا ولم أخسر المسيح ، للدكتور عبدالمعطي الدالاني ، ص 30 ) .

وبين يدي اعتراف مهم لمفكر من رموز مفكري العلمنة في عصرنا ؛ هو المتفرنس محمد أركون الذي تشرب الثقافة الفرنسية منذ نشأته ؛ حتى أنه يكتب كتبه عن الإسلام بهذه اللغة ! يبين في اعترافه بحسرة أنّ الغرب لم يرض عنه رغم ما قدم لهم وتآمر معهم على دينه وبني قومه . وقد أحببت نقله لتكون عبرة للمعتبر ممن لا زال في بداية هذا الطريق .

يقول جورج طرابيشي – مؤكدا هذا - : ( إن محمد أركون، بعد نحو من عشرة كتب وربع قرن من النشاط الكتابي، قد فشل في المهمة الأساسية التي نذر نفسه لها "كوسيط بين الفكر الإسلامي والفكر الأوروبي" . فأركون لم يعجز فقط عن تغيير نظرة الغرب "الثابتة"، "اللامتغيرة" إلى الإسلام، وهي نظرة "من فوق" و"ذات طابع احتقاري" ، بل هو قد عجز حتى عن تغيير نظرة الغربيين إليه هو نفسه كمثقف مسلم ( ! ) مضى إلى أبعد مدى يمكن المضي إليه بالنسبة إلى من هو في وضعه من المثقفين المسلمين في تبني المنهجية العلمية الغربية وفي تطبيقها على التراث الإسلامي، يقول أركون : ( على الرغم من أني أحد الباحثين المسلمين المعتنقين للمنهج العلمي والنقد الراديكالي للظاهرة الدينية، إلا أنهم – أي الفرنسيين - يستمرون في النظر إليّ وكأني مسلم تقليدي! فالمسلم في نظرهم –أي مسلم- شخص مرفوض ومرمي في دائرة عقائده الغريبة ودينه الخالص وجهاده المقدس وقمعه للمرأة وجهله بحقوق الإنسان وقيم الديموقراطية ومعارضته الأزلية والجوهرية للعلمنة... هذا هو المسلم ولا يمكنه أن يكون إلا هكذا!! والمثقف الموصوف بالمسلم يشار إليه دائماً بضمير الغائب: فهو الأجنبي المزعج الذي لا يمكن تمثله أو هضمه في المجتمعات الأوروبية لأنه يستعصي على كل تحديث أو حداثة) .

ويبدو أن واقعة بعينها هي التي أوصلت "سوء التفهم" هذا إلى ذروته. ففي 15 آذار/ مارس 1989 نشر أركون في صحيفة "اللوموند" الفرنسية مقالة حول قضية سلمان رشدي أثارت في حينه "لغطاً كبيراً ومناقشات حامية الوطيس". وقد طورت ردود الفعل التي استتبعتها شعوراً حقيقياً بالاضطهاد لدى أركون. وعلى حد تعبيره بالذات، كانت (ردود فعل هائجة بشكل لا يكاد يصدق) سواء في الساحة الفرنسية أو الأوروبية، و(كان الإعصار من القوة، والأهواء من العنف، والتهديدات من الجدية بحيث أن كلامي لم يفهم على حقيقته، بل صُنِّف في خانة التيار المتزمت! وأصبح محمد أركون أصولياً متطرفاً!! أنا الذي انخرطت منذ ثلاثين سنة في أكبر مشروع لنقد العقل الإسلامي أصبحت خارج دائرة العلمانية والحداثة) .

ولا يكتم أركون أن تلك الهجمات العنيفة قد أشعرته (بالنبذ والاستبعاد، إن لم أقل بالاضطهاد... وعشت لمدة أشهر طويلة بعد تلك الحادثة حالة المنبوذ، وهي تشبه الحالة التي يعيشها اليهود أو المسيحيون في أرض الإسلام ( ! )عندما تطبق عليهم مكانة الذمي أو المحمي) ...

إن تلك الحادثة كانت شديدة الإيلام لمحمد أركون إلى حد أنها حملته على الكلام عن العلاقة بين الغرب والإسلام على نحو ما يتكلم حسن حنفي مثلاً، أو حتى محمد عمارة. وعلى هذا النحو نجده يقول: (إن مقالة اللوموند كلفتني غالياً بعد نشرها. وانهالت عليّ أعنف الهجمات بسببها. ولم يفهمني الفرنسيون أبداً، أو قل الكثيرون منهم، ومن بينهم بعض زملائي المستعربين على الرغم من أنهم يعرفون جيداً كتاباتي ومواقفي. لقد أساءوا فهمي ونظروا إليّ شزراً... ونهضوا جميعاً ضد هذا المسلم الأصولي(!) الذي يسمح لنفسه بأن يعلن أنه أستاذ في السوربون، ويا للفضيحة!! لقد تجاوزت حدودي، أو حدود المسموح به بالنسبة لأتباع الدين العلمانوي المتطرف الذي يدعونه بالعلماني، ولكني لا أراه كذلك. وفي الوقت الذي دعوا إلى نبذي وعدم التسامح معي بأي شكل، راحوا يدعون للتسامح مع سلمان رشدي. وهذا موقف نفساني شبه مرضي أو ردّ فعل عنيف تقفه الثقافة الفرنسية في كل مرة تجد نفسها في مواجهة أحد الأصوات المنحرفة لبعض أبناء مستعمراتها السابقة. إنها لا تحتمله، بل وتتهمه بالعقوق ونكران الجميل... فنلاحظ أن اكتساب الأجنبي للجنسية الفرنسية في فرنسا الجمهورية والعلمانية يلقي على كاهل المتجنس الجديد بواجبات ومسؤوليات ثقيلة... فالفرنسي ذو الأصل الأجنبي مطالب دائماً بتقديم أمارات الولاء والطاعة والعرفان بالجميل. باختصار، فإنه مشبوه باستمرار، وبخاصة إذا كان من أصل مسلم) .

انتهى كلام طرابيشي من كتابه ( من النهضة إلى الردة ، ص 133-134) . وكلام أركون منقول من كتابه ( الإسلام-أوربا- الغرب ، ص 101،126،45،139،105،106).

قلت : فهل يعتبر بعد هذا من لازال يؤمل على الغرب النصراني خيرا أونفعا له أو لبلاده ؟!

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية