اطبع هذه الصفحة


ماذا قال ابن باز فيما نشرته (الحياة) بالأمس؟ ومناشدة للأمير خالد بن سلطان

سليمان بن صالح الخراشي

 
قالت جريدة الحياة في عددها بالأمس ( الأحد  19/5/1426) على لسان محررها :
( " المرأة ناقصة عقل ودين " مقولة يرددها المجتمع الذكوري دائمًا في مناسبات عدة للتعبير عن مواقفهم الصارمة حينًا والناقصة حينًا ، حتى أن كثرة تكرارها أصابت السعوديات فآمنّ بها أكثر من الرجال في أحايين كثيرة ، خصوصًا الأجيال السابقة ، لكن نتائج البنين والبنات في الثانوية العامة هذا العام كسرت حدة هذه المقولة إلى حد كبير  ) !! 

وقال الشيخ العلامة المجاهد بقلمه عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - :
( الحمد لله.. والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه: أما بعد: لقد اطلعت على ما نشرته مجلة الدعوة في عددها الصادر في يوم الاثنين الموافق 27 / 1 / 1397هـ تحت عنوان "صحيفة محلية تسخر من القرآن وأهله" ثم ذكرت تحت هذا العنوان ما نصه: وطلعت علينا الصحيفة المشار إليها - عكاظ - في عددها الصادر بتاريخ 7 / 4 / 1396هـ لتسخر من القرآن وأهله ولتقول ما نصه:

"والرجال يعتقدون أن المرأة كائن آخر, والمرأة في تعبيرهم ناقصة عقل ودين وهم يعتقدون أن الرجال قوامون على النساء". انتهى ما نقلته مجلة الدعوة.

ولقد دهشت لهذا المقال الشنيع واستغربت جدا صدور ذلك في مهبط الوحي وتحت سمع وبصر دولة إسلامية تُحَكِّم الشريعة الإسلامية وتدعو إليها، وعجبت كثيرا من جرأة القائمين على هذه الجريدة حتى نشروا


هذا المقال الذي هو غاية في الكفر والضلال والاستهزاء بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والطعن فيهما
، وليس هذا ببدع من القائمين على هذه الصحيفة، فقد عُرِفَت بنشر المقالات الداعية إلى الفساد والإلحاد والضرر العظيم على المجتمع, كما عُرِفَت بالحقد على علماء الإسلام والاستطالة في أعراضهم والكذب عليهم؛


لأنه ليس لدى القائمين عليها وازع إيماني ولم تردع بوازع سلطاني
؛ فلهذا أقدمت على ما أقدمت عليه من الكفر والضلال في هذا المقال الذي لا يقوله ولا ينشره من يؤمن بالله واليوم الآخر.
ولا يقوله وينشره من يحترم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

ولمزيد التثبت والرغبة في الوقوف على أصل المقال ومعرفة من قاله، طلبتُ الصحيفة المذكورة المنشور فيها هذا المقال، فأحضرت لي، فألفيتها قد نشرت ما نقلته عنها مجلة الدعوة حرفيا ونسبت ذلك إلى ما سمت نفسها (أمل بنت فلان) ولم تعلق الصحيفة شيئا في إنكار هذا المقال فعلم بذلك رضاها به وموافقتها عليه. ومعلوم أن الذي جعل الرجال قوامين على النساء هو الله عز وجل في قوله تعالى في سورة النساء : ( الرجال قواموان على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )  فالطعن في قوامة الرجال على النساء اعتراض على الله سبحانه وطعن في كتابه الكريم وفي شريعته الحكيمة وذلك كفر أكبر بإجماع علماء الإسلام كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم منهم القاضي عياض في كتابه (الشفاء) ، 
كما أن الذي وصف النساء بنقصان العقل والدين هو النبي صلى الله عليه وسلم وذكر عليه الصلاة والسلام أن من نقصان عقلها أن شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل الواحد وذكر أن من نقص دينها أنها تمكث الليالي والأيام لا تصلي وتفطر في رمضان بسبب الحيض، وإن كان هذا النقصان ليس عليها فيه إثم، ولكنه نقصان ثابت معقول لا شك فيه ولا اعتراض على الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ لأنه أصدق الناس فيما يقول وأعلمهم بشرع الله وأحوال عباده.


فالطاعن عليه في ذلك طاعن في نبوته ورسالته ومعترض على الله سبحانه في تشريعه
وذلك كفر وضلال لا ينازع فيه أحد من أهل العلم والإيمان، والأدلة النقلية والعقلية والشواهد من الواقع ومن معرفة ما جَبَل الله عليه المرأة وميزها به عن الرجل، كل ذلك يؤيد ما أخبر الله به سبحانه من قوامة الرجال على النساء وفضلهم عليهن، وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من نقصان عقل المرأة ودينها بالنسبة إلى الرجل.

ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون كل فرد من أفراد الرجال أفضل ولا أعقل من كل فرد من أفراد النساء، وكم لله من امرأة أفضل وأعلم وأعقل من بعض الرجال، وإنما المراد تفضيل الجنس على الجنس وبيان أن هذا أكمل من هذا والأدلة القطعية شاهدة بذلك كما سبق.

وقد اتضح من كلام صاحبة المقال (أمل المذكورة) أنها أرادت من طعنها على قوامة الرجال على النساء ومن اعتراضها على نقصهن في العقل والدين أن ذلك يسبب انقسام المجتمع وعدم ترابطه وتعاونه وذلك يؤيد ما ذكرناه آنفا من كون المقصود بالمقال المذكور هو الطعن في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتهامهما بأنهما سبب التخلف وانقسام المجتمع وعدم تعاونه.


ولا شك أن هذا من أوضح الكذب وأبطل الباطل, وليس في اعتقاد ما دل عليه كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في قوامة الرجال على النساء ونقص عقول النساء ودينهن ما يوجب الضرر على المجتمع الإسلامي وانقسامه وعدم ترابطه وتعاونه، بل ذلك من تزيين الشيطان وإيحائه إلى أوليائه من الجهال والمشركين ومن سار في ركابهم، كما أنه لا يلزم من ذلك إهدار المرأة من حساب المجتمع, ولا إعفاؤها من المشاركة فيما يصلح المجتمع من النصيحة لله ولعباده والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الحق, وغير ذلك من الأمور الواجبة على الجميع بل هي مأمورة بذلك ومفروض عليها القيام بما تستطيع في هذا السبيل كما قال الله عز وجل : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) ،  وقال سبحانه ، ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ) والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم مشورة أم سلمة يوم الحديبية وحصل بذلك نفع كبير, وقصة خديجة رضي الله عنها في بدء الوحي وما حصل بها من الخير والتفريج عن النبي صلى الله عليه وسلم معروفة لدى أهل العلم, والوقائع من هذا النوع في التاريخ الإسلامي كثيرة.

وإنه لعجب عظيم أن يجترئ أصحاب هذه الصحيفة على نشر هذا المقال مع انتسابهم للإسلام

وقبضهم المعونات السخية من دولة الإسلام لتشجيع صحيفتهم واستمرار صدورها. ولكن لا عجب في الحقيقة فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن مما أدرك من كلام النبوة إن لم تستح فاصنع ما شئت . وفي الأمثال السائرة المتداولة:


من أمن العقاب أساء الأدب
, وقد روي عن
"عمر وعثمان رضي الله عنهما أنهما قالا : إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن "  وإن هذه الصحيفة قد تجاوزت الحدود واجترأت على محاربة الدين والطعن فيه بهذا المقال الشنيع جرأة لا يجوز السكوت عنها،

ولا يحل لوزارة الإعلام ولا للحكومة الإغضاء عنها بل يجب قطعا معاقبتها معاقبة ظاهرة بإيقافها عن الصدور ومحاكمة صاحبة المقال والمسئول عن تحرير الصحيفة وتأديبهما تأديبا رادعا واستتابتهما عما حصل منهما؛ لأن هذا المقال يعتبر من نواقض الإسلام ويوجب كفر وردة من قاله أو اعتقده أو رضي به
لقول الله سبحانه : ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن ؟ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) .. الآية فإن تابا وإلا وجب قتلهما لكفرهما وردتهما.

ولا يخفى على ذوي العلم والإيمان أن هذا الإجراء من أهم الواجبات لما فيه من الحماية لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وشريعة الله الكاملة ولما في ذلك أيضا من ردع كل من تسول له نفسه أن يفعل ما فعلته هذه الصحيفة ويجترئ على ما اجترأت عليه, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ) . ( فتاوى الشيخ 3/165-169) .
 

تــعــلــيــق

1- رحم الله الشيخ عبدالعزيز رحمة واسعة ؛ فقد كان عالمًا ربانيًا ناصحًا ، متنوع المواهب ، لم تشغله قضية عن غيرها ، متابعًا لمايدور من حوله ، صادعًا بالحق ، ممتثلا ( مذهب السلف ) حق امتثال ؛ أسأل الله أن يعوضنا من يسير سيرته ، ويسد مكانه .

2- منذ توجه ( جريدة الحياة ) إلى مجتمعنا المحلي ، وأنا - وغيري - نلحظ انسياقها وراء الفتنة ، وسعيها ( الواضح والمبطن ) لتهوين الفساد في هذا المجتمع ؛ خاصة في قضايا المرأة ، التي تُصدّر وتُضخم بطريقة " صبيانية " توحي للقارئ أن وراء هذا العبث مجموعة من " المراهقين " الذين لم يحسنوا الصنعة الصحفية ، ولم يجدوا في المقابل من يوقفهم عن هذا العبث . وقد أرسلت كغيري رسائل مناصحة لهم ؛ لكن لا حياة لمن تنادي ! فقد استمرأ القوم هذا الطريق ، ولم يبق إلا ( الوازع السلطاني ) عند غياب الإيماني - كما ذكر الشيخ - .

3- أناشد صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان - وفقه الله للخير - ، أن يتدخل شخصيًا لإنقاذ الجريدة من هذا العبث الذي سببه لها هؤلاء المراهقون ، واستبدالهم بغيرهم ممن لايرضى بتجاوز الشرع والأخلاق . وأظن الكثير يذكرون موقف الأمير القديم عندما طرد أحد الصحفيين من الجريدة بسبب تطاوله على الدين ، وهو موقف يُشكر له ويُذخر - إن شاء الله - عند رب العالمين . أسأل الله أن يوفقه ويجعله سببًا في تبديل حال هذه الجريدة إلى الأحسن .

 

سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية