صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







اللهـم احفظ الملك عبدالعزيز إلى نِـصْـفُـوو ... !

سليمان بن صالح الخراشي

 
قرأتُ في أحد الكتب أنه أثناء نشوب الحرب بين السعودية واليمن زمن الملك عبد العزيز والإمام يحيى حميد الدين ؛ كانت القبائل التي على  الحدود بين الطرفين تدعو وتقنت في صلواتها بهذا الدعاء - بلهجتها القريبة من اللهجة اليمنية -  :  " اللهم احفظ عبدَ العزيز إلى نِصـْـفُـوو ، واحفظ يحيى إلى نِصْـفُـوو " !!

أي لا تجعل أحدهما ينتصر على الآخر !  بل اجعل الحرب تستمر ؛ لأن هذه القبائل الحدودية كانت مستفيدة  من بقاء الفتنة بين الطرفين ؛ سواء ببيع الأسلحة أو التهريب أو غير ذلك من المنافع ..

وهكذا هم " تجار الحروب " و " مرتزقة الفتن "  في كل مكان وزمان  ، لا يطيب لهم العيش إلا وسطها .  وقديما قال السلف فيمن هذا وصفهم :
( قبح اللهُ هذه الوجوه التي لا تُرى إلا في الفتنة ) .

تذكرتُ هذا وأنا أتأمل ما تمر به بلادنا من أزمة طارئة منذ أحداث ما يسمى  11 سبتمبر ، وظهور أفراد هذه الفئات المستفيدة من استمرار الفتنة ، ممن اتحدت أهدافهم ، وتباينت مصالحهم ومنافعهم .


وبعد التأمل خرجتُ بنتيجة تقول بأن المستفيد من استمرار هذه الفتنة في بلادنا ؛ ممن لايهنأ لهم بال إذا ما انطفأت نارها وخمدت ؛ عدد من الجهات ( قليلة العدد ، كثيرة الصخَب ) ؛ يمكن حصرها في التالي ؛ مع ذكر الحلول المناسب لكل فئة - بإيجاز :


الفئة الأولى :
  بعض الدول الكافرة - ذات التأريخ الاستعماري البغيض- التي ما فتئت تذكي أوار هذه الفتنة بعدة طرق ؛ لأنها لاتريد لهذه البلاد الاستقرار ؛ لعل ذلك يُحدث فجوة في وحدته تنفذ من خلالها لزحزحته عن دينه ، وإخضاعه وترويضه ، ثم تجعله محتاجًا لها - حكومة وشعبًا - في كل وقت – كما فعلت بغيره - .

والحل مع هذه الفئة :
أن يقابل مكرها بمزيد من الاعتصام والتقوى والإصلاح النافع ؛ كما قال تعالى : (  وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} .

 الفئة الثانية
: أهل البدع ( وهم قلة من الشيعة أو بقايا الصوفية ) ممن ظهرت قرونهم في هذه الفتنة ؛ واستشرفت نفوسهم الحاقدة ؛ لعلها تجلب كسبًا لأبناء طائفتها ، أو تستقل بإقليم أو منطقة ؛ مستنصرة  لتحقيق هذا بدول النصارى ، مستقوية بأهل البدع في الدول المجاورة . وهذه الفئة تلعب بالنار – كما سيأتي إن شاء الله في مقال قادم - .

والحل مع هذه الفئة :
أن يُحزم معها ، ولايُتهاون في شأنها ؛ لأن ولاءها لغير هذه البلاد ؛ مع تذكيرها بنعمة الله عليها ؛ من حيث أمنها على دمائها وأموالها وأعراضها ؛ فمن العقل - إن لم تؤمن بالشرع - أن لاتغير هذا كله بتصرفاتها الحمقاء ؛ خشية أن تقول فيما بعد : ربّ يومٍ بكيت منه فلما * صرتُ في غيره بكيتُ عليه !

 الفئة الثالثة :
 المنافقون من العلمانيين وأتباعهم العصرانيين المنتكسين ( الطابور الخامس للأعداء ) ؛ ممن طاروا فرحًا بهذه الفتنة الطارئة ؛ لكي يتسلقوا من خلالها إلى أهدافهم التي صبروا في سبيلها عشرات السنين ، فاستغلوا هذه الفتنة لتصفية حساباتهم ، أو مهاجمة الشرع ، ومحاولة تغيير الدين الحق  بدعوى " الحرص على الوطن " و " محاربة الإرهاب " ! ، ثم مطالبة الدولة – بمكر – أن تتخلى عنه ، وأن تتنكر لمبادئها ومناهجها التي قامت عليها . ولكنّ الدولة – وفقها الله – لم تنسق لأقوالهم – وإن كثرت وتعددت – لأنها تعلم علم اليقين أن تمسكها بهذه المبادئ هو مصدر عزها وأمنها – بعد الله - ، وأنها إن تنازلت عن شيئ منها فإنما تخون الأمانة ، وتستجلب سخط الله وتخليه عنها ؛ لأنه تعالى ليس بينه وبين الناس نسب ، وقد بين العلماء أنه كلما عظمت المنة والنعمة على العبد أو الأمة ، ثم فرّط بدّل اشتد عذابه . وعلمتْ الدولة – أيضًا – من خلال التجارب الماضية في تاريخها ( فتنة السبلة - فتنة جهيمان - فتنة دعاة التهييج ) أنه لامنجى لها – بإذن الله -  من هذه الفتن إلا بمواصلة السير على المنهج السلفي الوسط ، وتصدير العلماء الثقات والرجوع إلى مشورتهم . 

والحل مع هذه الفئة :
أن تعلم الدولة - وفقها الله - أن أفرادها وإن تمسحوا بالوطنية لتحقيق أهدافهم كما سبق - فإنهم لو دارت الدوائر - لا قدّر الله - سيكونون أول راكب على دبابات الأعداء المتربصين ؛ كما فعل أشياعهم في دول كثيرة ؛ والسعيد من وعظ بغيره . ولهذا فإن من مصلحة بلادنا أن لاتتجذر هذه الفئة فيها وتتمدد . وخير حل معها أن تُبعد وتُنحى عن مصادر التأثير ( الإعلام ) ، وتُبذ كما تُنبذ الجرباء ، وأن يُساءل كل من يُمكن لها أو يدعمها في مطبوعته أو وسيلته الإعلامية ؛ لأنه بهذا يكون " خائنًا " لبلاده ، ممن قيل فيهم  :

تود عدوي ثم تزعــم أنني * حبيبك إن الرأي عنك لعازب

الفئة الرابعة : أصحاب المنافع والمصالح الدنيوية ؛ ممن يدعون الوطنية ، ويتظاهرون بها أمام الدولة ؛ لمكاسب وقتية دنيئة ؛ ممن قال الشاعر في أمثالهم :
فكم أذري الدموع لنهب مالٍ * وكم أبدي الخشوع لنيل جاهٍ
وهؤلاء لاخطر منهم ! والحل أن يعاملوا كما يعامل المؤلفة قلوبهم !


الفئة الخامسة :
بعض الشباب المستقيمين ممن يُظهرون أنفسهم بمظهر " السلفية " ، متصدين  لمن يسمونهم الحزبيين المعادين للدولة ، ممن يدعمون الفئة الضالة ؛ ولكنهم في تصديهم لهذا الأمر خالفوا نهج كبار العلماء في هذه البلاد ؛ بتصرفات غير مسؤولة ، أضرت بالسلفية وبالدولة أيضًا ؛ ومن ذلك أنهم أصبحوا يُنكرون أعمال الخير المتنوعة ( تحفيظ القرآن ، المكتبات ، المراكز ، أعمال الإغاثة والتبرعات ، وسائل الإعلام الجادة .. الخ )  ؛ بدعوى مواجهة الإرهاب ومواجهة الحزبيين المتسترين ! تُسيّرهم الظنون والوساوس ، حتى أصبح من يخالفهم في مسلكهم الضار هذا : ( حزبي متستر ) ! أو ( خارجي قعَدي ) ! .. وجعل الواحد منهم يتكلف في محاولة إظهار أنه " حامي حمى البلاد " ! في الوقوف بوجه أعداء الدولة السعودية ( من الحزبيين فقط ! ) ؛ والأصل عنده أن الجميع " خونة " لا ولاء عندهم لبلاد التوحيد ماعداه وأصحابه ، . بل وصل الحال ببعضهم أنهم وقفوا في " خندق واحد " مع الفئة الثالثة المنافقة - بجهل أو عمد - فتشابهت قلوبهم - والعياذ بالله - ، وهذا دليل مرض القلب .


ويغلب على هذه الفئة الانشغال بما سبق على حساب نشر الخير والدعوة إليه ، وجمع كلمة أهل الحق ، والتواصي معهم بالحق والصبر .


والحل مع هذه الفئة :
أن يُبين لهم أن طريقتهم هذه تهدم ولا تبني ، وتُفسد ولاتُصلح ، وتذكي ولا تُطفي ، وأنهم فارقوا بهذا أهل العلم الثقات في هذه البلاد ، ممن بارك الله فيهم ، وانتفع بهم القريب والبعيد ، وكانوا يفرحون بأي خير ينشأ ، ويشدون من أزر فاعله ويحسنون الظن به مادام لم تظهر منه مخالفة ، ويسددونه إذا أخطأ أو انحرف ، دون أن تستولي عليهم " الوساوس " و" الظنون " التي استولت على هؤلاء ؛ ممن يصدق فيهم قول الشاعر :

إذا أنت لم تبرح تظن وتقتضي * على الظن أردتك الظنون الكواذب

وأن العلماء وإن بينوا فساد التحزب لغير الحق ، وأنكروه على أهله ، إلا أنهم لم يقفوا حجر عثرة أمام انتشار الخير ، أو يبالغوا في هذا الأمر ، ويضخموه ، في مقابل نشر العلم النافع ، والتصدي لأهل الفساد من المنافقين .

ومن الحل : أن ُتنبه الدولة إلى أن غلوّ هؤلاء لن يجلب من  شباب البلاد سوى الغلو المضاد - كما هو مشاهد - نكاية بهذه الفئة الظالمة ، وأعرف كثيرًا من الشباب الذين لاعلاقة لهم بالحزبية ، بل ينكرونها ويبغضونها ، لكنهم يحبون الخير وانتشاره ، ويحبون كل داعية له ؛ مع عدم انسياقهم مع أخطائه ؛ إلا أنهم لم يسلموا من هذه الفئة " الموسوسة " التي ألجأتهم لمواجهة الغلو بالغلو . ولهذا ينبغي على الدولة - وفقها الله - أن لا تُعول في علاج الانحراف على هذه الفئة ، وأن تكتفي بالعلماء العقلاء ممن يعالجون الأمور بحكمة و " ديانة " لايبتغون من أحد جزاء ولا محمدة .
 



بقي أن يقال بأن هذه الفئات الخمس - وإن علت أصواتها - إلا أنها قليلة العدد كما سبق ، وأن أهل هذه البلاد - ولله الحمد - قد عافاهم الله من مسلكهم جميعًا ، ووفقهم للطريق المعتدل الذي يدعوهم لإنكار أفعال " الفئة الضالة " والتحذير منها ، وإنكار التحزب ، وإنكارالعلمنة والفساد ... وأيضًا إنكار واستسماج أفعال الفئات الخمس الآنف ذكرها .

وحُقّ أخيرًا أن تقول هذه البلاد للجميع :

وكلا يدعي وصلا بليلى * وليلى لا تُـقر لهـم بذاكا

بل تُقر للمخلصين من أبنائها ، الحريصين على " دينها " و " أمنها " ، الفرحين بكل قول أو فعل يقضي على أسباب الفتنة فيها .. أسأل الله أن يجعلني وإخواني منهم .

والله الهادي والموفق .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية