اطبع هذه الصفحة


اعترافات الدكتور ( محسن عبدالحميد ) بأن الأمة فرّطت في ابن تيمية

سليمان بن صالح الخراشي

 
الدكتور محسن عبدالحميد - وفقه الله - هو رئيس الحزب الإسلامي ( جماعة الإخوان المسلمين ) في العراق - حاليًا - ، وصاحب الكتاب الشهير " أزمة المثقفين تجاه الإسلام في العصر الحديث " . ألف كتابًا آخر قبل سنوات بعنوان " تجديد الفكر الإسلامي " قال فيه ( ص 66-76) - متحدثًا عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - :

( أعتقد جازماً أن المسلمين في عصر ابن تيمية وما تلاه من عصور لو أدركوا حقيقة ما رمى إليه ابن تيمية من مراجعته التاريخية، لنفضوا حينئذ عن أنفسهم غبار العصور ، ولأدركوا حقائق الإسلام ، ولنهضوا نهضة حضارية علمية اجتماعية كبيرة، ذلك لأن ابن تيمية
أراد أن يعيد إلى أذهان المسلمين أن الإسلام فرَّق بين عالم الغيب وعالم الشهادة،
وأنه أراحهم في عالم الغيب عندما وضع أمامهم الحقائق الغيبية الكلية جاهزة، ثم دعاهم في عالم الشهادة (المادة) إلى تحريك طاقاتهم وتسخير ما في الوجود من القوى، لأنهم خُلقوا من أجل الصراع في عالم المادة، لا الولوج في جزئيات عالم الغيب بأدوات لا يستطيعون أن يتحركوا فيها برؤية واضحة يقينية، زيادة على أن الانشغال بها ضياع للجهد وتمزق في عقيدة الأمة لا دخل له بالصراع في الأرض لإنشاء الحضارة والحفاظ على كرامة الإنسان ومحاربة قوى الطغيان.

إن حركة ابن تيمية إذن أرادت أن تضع المسلمين على خط المنهج الواقعي التجريبـي لصياغة المجتمع المسلم من جديد، ولعدم إدراك علماء زمانه لهذه القضية المصيرية، وتعصبهم ، وانشغالهم بالرد عليه في بعض القضايا الجزئية، فوتوا تلك الفرصة التاريخية الناهضة على المسلمين، وكرَّهوا كتاباته إلى الأجيال المتلاحقة ، حيث ظلت في تأخرها، تفتك بها عوامل الانحطاط والتخلف في مساحات الحياة كلها ) .


قلتُ :
صدق الدكتور محسن وأنصف ؛ فقد فرط كثير من الأمة - زمن الشيخ ، بسبب أعدائه -  فيمن يريد تحريره  من الخرافة ، والنأي به عن التشقيقات الكلامية المنشغلة بأمور الغيب ، وتوفير طاقته فيما ينفعه ؛ بعقيدة سلفية ميسرة ، وعمل صالح ، ونصيب من الدنيا ، وجمع كلمة المسلمين على هذا  . ولكن ؛ حيل بين الأمة وانطلاقتها .

ثم كانت الفرصة التاريخية الثانية زمن الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - ، الذي أيضًا ناله مانال شيخ الإسلام من تشويه لدعوته السلفية ؛ من أعداء خارجيين أو منتفعين داخليين يريدون للأمة أن تبقى في تخلفها وخرافاتها وتشرذمها .

يقول الأستاذ محمد جلال كشك - رحمه الله - :
( من حق التاريخ أن يقول : إن الوهابية كانت الفرصة الوحيدة لتوثيق عرى اتحاد المسلمين ، بتوحيد كلمة الإسلام ، وتجديد الدولة ، وإفشال الأوربيين ) . ويقول عن محمد علي باشا الذي حارب الدعوة بأمر من الدولة العثمانية الغارقة في وحل التصوف والتخلف والخرافة : ( إنه يمكن القول بأن محمد علي عندما انتصر في تلك الجولة على الحركة الوهابية ، إنما كان يسحق الإمكانية الوحيدة المتاحة وقتها لتحقيق بعث عربي - إسلامي ، قيام وحدة عربية في دولة مستقلة ، إن لم نقل نواة عربية لدولة إسلامية كبرى ، تُنقذ الشرق كله من المصير الحالك الذي كان يتربص به .. على يد الغرب الاستعماري ) . ( السعوديون والحل الإسلامي ، ص 182، 154 ) .

لهذا :
ينبغي للأمة - كي لا تُعيد التجربة المرة وتُكرر الخطأ وُتفرط فيما ينفعها - أن يهب منها علماء وعقلاء وسياسيون يركزون على أمرين :

1- جمعها على عقيدة سلفية ؛ مستقاة من الكتاب والسنة ، بعيدة عن الكلاميات ، والبدع ، والخرافات ، والأخذ على يد من يخالفها . مع الاعتبار بالتاريخ .

2- تشجيع الأمور الدنيوية النافعة ، وفتح باب الاجتهاد فيها ؛ لتنافس الأمة الآخرين ، أو على الأقل يتهيأ لها ما يُغنيها عنهم ، ويحفظ جنابها من تحرش الأعداء وتسلطهم ..

والله الهادي ..


تنبيه :
لا حرج في استعمال لفظ " الوهابية " إذا كان للإخبار لا للمز ؛ انظر " دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب " للدكتور عبدالعزيز آل عبداللطيف - وفقه الله - ( ص 76) .

 

سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية